سألت سيان دون أن تزيح عينيها عن يون جو في الصورة الفورية.
“هل الروح الخاصة بهوانغ جو يون ما زالت في هذه الشقة؟”
“لا.”
فأجاب جوون بجزم، وكأنه رآها بعينيه.
“لابد أنها تتشبث بالقاتلة بإصرار.”
كان لديها شعورٌ سيء منذ البداية…..وقبل أن تتفاقم الأمور، ينبغي عليها أن تنفّذ مهمة “أوتيس” وتتعامل مع روح هوانغ جو يون.
ولحسن الحظ، لم يمضِ على وقوع الجريمة سوى بضع دقائق، مما يجعلها لا تزال ضمن نطاق بحث لينكون.
فاستدارت سيان نحو جوون، ورفعت ذقنها قليلًا لتفعيل الرؤية الروحية.
“في هذه الحالة، دعنا نتعقب القاتلة فورًا.”
***
الحادي والعشرون من يونيو. كان الحرّ خانقًا تحت شمس الانقلاب الصيفي.
و بمجرد الإسراع في المشي قليلًا جعل بدلة سيان الصيفية تبتلّ بخفة.
أما جوون، فبدا أنه لا يحتمل الحر جيدًا، فخلع سترته وعلّقها على ساعده، بل وحتى فكّ الزر الأول من قميصه الأسود.
‘حتى هذا الرجل لديه نقاط ضعفٍ إذًا…..’
و سرعان ما صرفت سيان انتباهها عن تلك الفكرة، وركّزت على المهمة التي أمامها.
انطلق لينكون في اتجاهٍ محدد دون تردد، متتبعًا أثر الهدف ضمن النطاق القريب.
كان يتعقّب رائحة “الشخص الذي كان في هذه الشقة حتى قبل عشرين دقيقة، ثم نقل الجثة إلى دورة المياة وغادر المكان”.
ركض لينكون بخط مستقيم عبر حديقة واسعة، ثم اجتاز طريقًا بأربعة مسارات عند نهايتها، وتوجه نحو مخبز ومقهى يقع في الجهة المقابلة.
فوقف الاثنان عند إشارة المشاة، يراقبان المقهى الذي لم يكن بعيدًا.
كان مقهى واسعًا، تتوزع أمام واجهته الزجاجية أربع طاولات خارجية على مسافاتٍ منتظمة. و قد توقف لينكون أمام إحدى تلك الطاولات، رافعًا ذيله باستقامة.
‘وجدها.’
القاتلة، كما كان متوقعًا، كانت امرأةً في أوائل العشرينيات من عمرها. ذات شعر قصير، كانت جالسةً تتحدث بلطف مع سيدة تبدو وكأنها والدتها.
“ما هذا…..؟”
ضاقت عينا سيان بحدة عندما تعرفت على هوية القاتلة.
‘مستحيل…..هوانغ جو يون؟’
لا يعقل. كيف؟ كيف يمكن أن يحدث هذا؟
تلك المرأة ذات الشعر القصير، القاتلة التي تعقّبوا أثرها حتى الآن، لم تكن سوى هوانغ جو يون نفسها.
لكنهم كانوا يطاردون “قاتلة هوانغ جو يون التي وجدت جثتها في دورة المياة”، أليس كذلك؟
فكيف تكون القاتلة هي هوانغ جو يون أيضًا؟
سادت الفوضى داخل عقلها، ولم تستطع فهم ما يحدث.
هل كانت لهوانغ جو يون أختٌ توأم؟
لا، مستحيل. العميلة “G” سبق أن أرسل لهم معلوماتٍ تؤكد أنها ابنةٌ وحيدة، فلا يمكن أن تكون لها أخت.
بينما نظر جوون إلى المشهد بوجه ينمّ عن سخرية، وكأن الأمر أصبح أكثر متعةً بالنسبة له.
“يا إلهي. إذا كان هناك شخصٌ يشبه الآخر إلى هذا الحد وليس توأمه، فلا بد أنه قرينه.”
شعور الشر ازداد قشعريرةً بشكل لا يُحتمل…..
‘يبدو أن عليّ الاتصال بذلك القاتل في أسرع وقت ممكن.’
رفعت سيان يدها دون تردد وأوقفت السيارات القادمة من الجانبين، ثم عبرت طريقًا رباعي المسارات بسرعة دون إذن.
***
‘أوه، كيم يون وو، لماذا ترسم أشياء كهذه بحق؟’
تصفحت جو يون دفتر رسومات يون وو بسرعة ثم ارتعشت اشمئزازًا.
لكن أمها التي كانت تراقبها بعناية أثناء ذلك شعرت بالاضطراب.
“كيف جرحتِ ظهر يدكِ؟ ولماذا رأسكِ وملابسك مبتلة؟ جو يون، هل أنتِ متأكدةٌ أن كل شيء على ما يرام؟”
“آه، قلت لكِ أنه لا يوجد شيء. وحتى لو كان، فقد انتهى الآن.”
بما أن ملامح جو يون كانت مشرقةً جدًا ونبرة صوتها خفيفة، لم تسأل الأم أكثر رغم قلقها.
ثم عندما التقطت دفتر الرسم ونظرت الى الوقت، كانت الساعة قد تجاوزت السابعة. و من المؤكد أن الأخصائية النفسية تنتظر أمام الشقة الآن.
فاستعدت جو يون للنهوض على عجل.
“سأعطي هذا الدفتر لأحد معارفي بسرعة وأعود. بعد ذلك، دعينا نذهب إلى المنزل معاً ونتحدث قليلًا عن براغ. سأعود بسرعة، لذا انتظريني هنا واشربي الشاي، أمي.”
“وماذا عن يون جو؟ هل ستذهب معكِ أيضًا؟”
“أمي.”
وضعت جو يون الدفتر على الطاولة بصوت طقطقة، وارتجف جسدها غضبًا واحتقارًا.
“لا تذكري اسم بارك يون جو أمامي مرة أخرى.”
“مهلًا، لماذا فجأة…..هل تشاجرتما؟”
“تشاجرنا؟! ألم تكوني تعلمين أن يون جو تغار مني بجنون؟”
“تغار؟”
“قلت لكِ! هي تغار مني لدرجةٍ مقززة تجعلني أشعر بالغثيان. كم ساعدتها منذ أيام الثانوية، وكم كنت أعتني بها! لكنها كانت تتملق لي لدرجة الذل آنذاك.”
فاشتعل الغضب مجددًا في صدرها.
“هل ظنت أنها ستصبح أنا لمجرد أنها تتصرف مثلي؟ لهذا السبب يتعرض البعض للتنمر، لأن لديهم سببًا واضحًا. لا تعرف قدر نفسها وتعاني من عقدة نقص مقرفة.”
“آه…..إذاً كل تصرفاتكِ الغريبة في الفترة الأخيرة كانت بسبب بارك يون جو؟”
“بالضبط.”
أجابت جو يون ببرود وهي تزفر بين أسنانها وتلعب بطرف شعرها القصير.
“على أي حال، أنا انتهيت تمامًا من علاقتي بيون جو. يمكنكِ نسيان اسمها إلى الأبد.”
ورغم أن الغضب لم يهدأ بعد، فقد تحوّل اهتمامها إلى شعرها.
الآن بعد أن اختفت يون جو…..هل أبدأ بإطالة شعري من جديد؟ نعم، يجب أن أستعيد بسرعة “هوانغ جو يون” التي سُلبت مني.
‘كيك’
فجأة، سمعت ضحكةً خفيفة قرب أذنها اليسرى. ففزعت واستدارت بسرعة، لتجد نافذة الكافيه الأمامية على بعد 30 سم فقط منها.
هل…..سمعت خطأ؟
لم يكن ينعكس على الزجاج الشفاف سوى صورة جو يون المتراقصة بهدوء.
ومع ذلك، في لحظة واحدة، اختلطت عليها تلك الصورة المنعكسة وظنتها بارك يون جو، مما جعل قشعريرةً تسري في جسدها.
ضحكت جو يون من نفسها لأنها بدت مضحكة.
‘يا إلهي، لقد أفزعت نفسي.’
فرفعت يدها إلى أذنها وأمالت ذقنها قليلًا، تتفحص انعكاسها في الزجاج من كل الزوايا.
صحيح، لا مجال للخطأ بعد الآن. بارك يون جو اختفت. و هذه هي صورة هوانغ جو يون الوحيدة والفريدة في هذا العالم.
وبينما كانت تستعد لرفع نظرها بعيدًا عن الزجاج وهي تشعر بالرضا، توقفت فجأة وتيبّست.
“هاه؟”
ما هذا؟
يد جو يون كانت لا تزال تمسك بطرف شعرها القصير. لكن الشكل المنعكس في الزجاج كان يسحب يده ببطء من تلقاء نفسه…..نحو الأسفل، كما لو كان ينزلق بسلاسة، ويجعل الشعر يبدو أطول وأطول.
عند رؤيتها لذلك، أدركت الحقيقة المروعة.
منذ البداية، كان الشعر في انعكاس الزجاج طويلاً، يصل إلى ما تحت الصدر.
‘هذه لم تكن…..أنا؟’
وفي اللحظة التي شهقت فيها فزعًا، ابتسم الشكل المنعكس في الزجاج، الذي كان بلا تعبير في السابق، وناداها بابتسامةٍ مشرقة.
“جو يون.”
كييييييك، طاخ-!
رمشت جو يون بعينيها مرة واحدة.
سماء المساء. و غروب يوم 21 يونيو الخانق انتشر بالكامل على الزجاج الأمامي للمقهى.
وفجأة، تحطم ذلك الزجاج بصوت فرقعة مدوية. وتناثرت السماء إلى شظايا تطايرت في كل الاتجاهات.
فأدركت جو يون أن جسدها قد ارتفع في الهواء. و جذعها انحنى كالوتر المشدود، وجسدها بأكمله ارتفع ببطء، ببطء، كما لو كان يطفو باتجاه سقف المقهى.
أثناء طيرانها، شعرت ببرودة جهاز التكييف، ثم ارتطمت بين غطاء محرك السيارة وعمود المقهى كالعلكة التي سُحقت.
“آآآآااااه!”
و لم تدرك أنها صدمتها سيارة إلا بعد أن سمعت صرخات الناس تنفجر في اللحظة نفسها من كل مكان.
مؤلم.
‘هذا مؤلمٌ جدًا.’
رغم أن إحساسها كان مشوشًا كما لو كانت مخدّرة، إلا أن الألم الرهيب اجتاحها بلا رحمة.
فبدأت جو يون تلهث بصعوبة، وقد سُحق خصرها وبطنها وحوضها بالكامل بين السيارة والعمود.
“جو يون!”
كان صراخ أمها حادًا يمزق القلب. لكن ذلك الصراخ البائس تلاشى سريعًا في البُعد، ولم يبقَ في أذنها سوى ضحكة يون جو القاسية تهمس بوحشية.
‘كيك. كيكيك…..كيك كيك كيك’
كانت بارك يون جو، التي ماتت، تحدق في هوانغ جو يون وتضحك أمام عينيها. بهيئتها تمامًا، وكأنها صارت نسخةً منها.
وبابتسامةٍ لا توصف من شدة السعادة.
وفي تلك اللحظة، تجمّد دم جو يون بالكامل من شدة الرعب.
“جو يون. من الآن فصاعدًا، سنبقى أنا وأنتِ معًا إلى الأبد، فقط نحن الاثنتين، كيك كيك…”
أمسكت يون جو بشعر جو يون المحتضرة بيدها الشفافة الباردة.
“أنا سعيدةٌ جدًا…..فنحن أعز صديقتين.”
‘لـ…..لا. هذا مرعب…..’
كانت تريد أن تصرخ وتقاوم بكل ما أوتيت من قوة، لكنها كانت محاصرةً داخل ظلام دامس لا تستطيع فيه حتى أن تتحرك.
و لم يكن يُسمع في الارجاء سوى صوت ضحكة بارك يون جو المعدنية،
“كيك، كيكيك… كيك كيك كيك.”
بينما ترتد أصداؤها طبقةً فوق طبقة داخل الظلام.
ثم تمتمت جو يون بشفتيها بعينين فارغتين تمامًا.
“أنقِ….ذوني..…”
***
“آآآآااااه!”
صرخت والدة هوانغ جو يون صرخةً مروعة.
ثم قفزت سيان إلى داخل المقهى فورًا، ومنعت الجميع من الاقتراب أو لمس مكان الحادث.
كان سائق السيارة التي تسببت في الحادث في حالة ذعر تام، و وجهه شاحب كالورق، و قفز من مقعد السائق على الفور وهو لا يعرف ما يفعل، واضعًا كلتا يديه على رأسه.
“لـ…..لا! السيارة تحركت فجأة من تلقاء نفسها…..لا! هذا ليس بسببي…..آه! لا!”
هوانغ جو يون، التي صدمتها السيارة وسُحقت بين العمود، كانت قد فارقت الحياة بالفعل.
احتضنت سيان والدة هوانغ جو يون التي أغمي عليها، و بادرت فورًا بالاتصال بالشرطة.
كان المقهى، داخله وخارجه، غارقًا في صراخ وفوضى هائلة. وفي تلك الأثناء، خطا جوون بهدوء، متأخرًا بخطواتٍ قليلة، ودخل المقهى بهدوء، ثم التقط دفتر رسم كيم يون وو الذي كان ملقى على الأرض.
توك-
ببطء، نفض الدماء التي علقت به من هوانغ جو يون، ثم قلب صفحاته بسرعة.
و كل الرسومات فيه كانت مرسومةً بالحبر الأسود فقط…..
ارتجاف-
عينا جوون أصبحتا قاتمتين بعدما رأى تلك الرسومات. ثم قطّب حاجبيه وأغلق الدفتر بقوة، و أخفاه تحت سترته حتى لا يراه أحد.
رأته سيان وهو يفعل ذلك، لكنها كانت منشغلةً تمامًا بحمل والدة هوانغ جو يون المغمى عليها والحديث مع الشرطة.
“نعم. موقع الحادث هو المخبز-الكافيه على يسار الحديقة، واسم المكان هو…..”
كييييييييك… كيك، كيك، كيك…
و حتى في تلك اللحظة، لم تتوقف الأصوات الغريبة التي كانت تتسرب من السيارة.
رغم أن السائق أطفأ المحرك ونزل من السيارة مباشرة بعد الحادث، إلا أن السيارة كانت تهتز وحدها كأنها كائن حي ينبض بالحياة.
“مـ…..ما بال السيارة؟”
“ما هذا؟ ألم يطفئ المحرك قبل قليل؟”
الزبائن الذين شحبت وجوههم بدأوا يفركون أذرعهم المقشعرة من الرعب.
“أوه! هذا…..يشبه صوت ضحكة شبح، أليس كذلك؟”
وفي الحقيقة، كانت ضحكة شبحٍ بالفعل.
نظرت سيان إلى طيف بارك يون جو، التي كانت تضحك بصوت منخفض “كيك كيك” بوحشية.
وأمامها، كان طيف هوانغ جو يون جالسًا على الأرض منهارة، تصرخ في ذهول ويأس.
“لا، لا، مستحيل! لا أريد هذا! ليس هكذا!”
وفي النهاية، سُلب مظهر هوانغ جو يون منها، وأُحكم حبس روحها في صورةٍ مشلولة لا تتغير.
فالروح، حين تموت، تبقى على الشكل الذي كانت عليه لحظة الموت. و لم يكن باستطاعة هوانغ جو يون أو بارك يون جو تبديل مظهرهما بعد الآن.
وهكذا، بارك يون جو ذات الشعر الطويل و هوانغ جو يون ذات الشعر القصير، ستبقيان متشابهتين كالتوائم حتى تفني أرواحهما، كنُسختين طبق الأصل.
“آآآآآااااه!”
صرخت هوانغ جو يون بهستيرية. وحينها…..
كييييييييك… كيك، كيك، كيك.
بدأت السيارة تهتز مجددًا بشدة، تُصدر أصواتًا معدنية مخيفة.
كانت تلك ضحكة المنتصر، المفعم بالحماس والدمار.
قهقهت بارك يون جو، وهي تترنح طربًا في جنونها.
ذلك الصوت القارس المشؤوم، المليء بالرعب، استمر في الارتفاع شيئًا فشيئًا دون توقف، يرتجف فوق بركة الدم القاني لهوانغ جو يون، التي كانت تنتشر على الأرض بغزارة.
كييييييييييك…كيك، كيك، كيك.
_________________
السياره تضحك😭
الحادث ياروع ياعمري على امها
المشكله لاراحت لشقتها بتشوف جثة يون جو يوجع😭
الضحية في ذا الارك ام جو يون😔
وبكذا خلص ارك القرين~
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 84"