ثم صدر صوت ارتطام شيء بأسنانها، وتدفقت المياه فجأة إلى داخل فمها من العبوة.
“ما…..هاا، ففوت!”
بصقت جو يون الماء بسرعة، وهزّت رأسها بعنف رافضةً تمامًا، لكن يون جو أمسكت بعنقها بالقوة وأجبرتها على شرب المزيد.
“كوخ!”
ومع كل مرة يُسكب فيها الماء، كانت جو يون تحاول يائسةً ألا تبتلعه، تختنق وتقاوم. فأصدرت يون جو صوتًا غاضبًا ثم ضغطت الوسادة على وجهها مرة أخرى بعناد.
فأخذت جو يون تركل بعنف وتنهش ذراع يون جو بكل قوتها.
“كوخ!”
كانت تتلوى بجنونٍ محاولةً أن تتنفس، لكن لا فائدة. فقد بدأ نفسها ينقطع بسرعة.
وفي وسط الرعب الذي جمد دمها، لم تعد تسمع سوى صوت يون جو الممتلئ بالكراهية.
“والديكِ سيصلان من براغ بعد ثلاثة أيام، أليس كذلك؟ هوانغ جو يون ستغادر البلاد قبلها، أي غدًا. وطبعًا، لن تكونين أنتِ من يسافر، بل أنا.”
“أ…..أغمف!”
“أنتِ تصرفتِ كالمجنونة تمامًا في المدرسة. ثم توقفتِ عن الحضور كليًا، بل وحتى لحقتِ بي في مكان عملي وافتعلتِ فضائح هناك. هناك الكثير من الأدلة على أن هوانغ جو يرت فقدت عقلها.”
“أ…..أرجو…..أغمف!”
“وبما أنكِ في حالةٍ نفسية لا تسمح لك حتى بلقاء والديكِ، سأطلب منهم فقط أن يحوّلوا لي مبلغًا من المال، وسأقول أنني سأعيش بهدوء في الخارج. و أُجري لهم مكالمات فيديو من حين لآخر، ثم في الوقت المناسب….هممم…..بعد حوالي خمس سنوات مثلًا؟”
قالت يون جو ذلك وهي تشد قبضتها بقوة وتتابع كلامها من بين أسنانها.
“حين أعود إلى كوريا في ذلك الوقت، سيكون والداكِ مطمئنين وسعيدين برؤيتي. لذا، كل ما عليكِ الآن هو أن تموتي هنا بهدوء.”
كان حديثًا مرعبًا عن سرقة حياة هوانغ جو يون بالكامل.
“هاهاها.”
انحنت يون جو وهي تبتسم ببشاشة، ثم همست في أذن جو يون التي كانت تبكي بشدة وتشهق بأنفاس مقطوعة.
“جو يون، من الآن فصاعدًا، أنا صرت أنتِ.”
***
“كوخ! كُوخ!”
انحبس نَفَسها وأظلمت رؤيتها بالسواد. و كان ذلك الظلام أشبه بمستنقع بلا قاع يسحب روحها إلى الأسفل بشكل مرعب.
جمعت جو يون كل قواها وراحت تتخبط بعنف، ثم دفعت الوسادة التي كانت تغطي وجهها في النهاية.
مدّت يون جو ذراعها بسرعة وجذبت دفعةً واحدة عدة قطع من الملابس المرمية على أرضية غرفة المعيشة.
وقبل أن تهوي كتلة الملابس على وجهها، آخر ما امتلأت به رؤية جو يون كانت عيني يون جو.
حدقتا يون جو كانتا تلمعان كالجن، تتأجج فيهما ألسنةُ لهب زرقاء وسط بريق مرعب. ومن تلك العينين المليئتين بالكراهية، سقطت دموعٌ ساخنة، قطرة تلو الأخرى.
“في كل مرة كنتِ تبيتين خارج المنزل بعد شربكِ للكحول، كنتِ تختلقين أعذاراً لأمكِ وتقولين أنكِ معي.”
“أغ، أغغ! كااخ!”
ما إن أُغلقت فتحات أنفها وفمها حتى بدأ نفسها ينقطع خلال أقل من ثلاثين ثانية، وقلبت عيناها إلى الأعلى.
أخذت تتلوى بيأس وتحرك يديها بشكل هستيري.
“و ماذا كنتِ تقولين..…؟”
ثم امتزجت قهقهة يون جو بالبكاء.
“يون جو هذه، فتاةٌ مسكينة فعلاً. أنتِ تعرفين يا أمي، أمها تنام مع الرجال كأنها بائعة هوى. يجب أن أبقى معها الليلة.’ أكنتِ تظنين أني لم أسمع ذلك؟”
ظلام.
ظلامٌ خانق.
في ذلك الظلام المريع، دوّى صوت قلبها ينبض بعنف، يرتجف من الرعب. و شعرت جو يون بغريزتها أنها ستموت خلال ثوانٍ معدودة.
‘لا!’
راحت تتخبط بعشوائية وتلوّح بذراعيها في كل اتجاه.
‘لا!’
لم تشعر بهذا القدر من الخوف طوال حياتها.
طَخ-
اصطدم طرف يدها اليمنى، التي كانت تتلوى بجنون، بشيء صلب. فأمسكته تلقائيًا بسرعة، لكنه كان كتلة قصيرة وسميكة لا تتحرك أبدًا.
وفي لحظة أوشكت أن تجن فيها من اليأس، ومضة مرت برأسها: “الأريكة”. و فورًا، دفعت جو يون يدها تحت تلك الأريكة الضيقة بكل قوتها.
“آغ، آآآآآه!”
‘يدي لا تدخل!’
“آه، آه، آآآآآه!”
دفعت يدها بعناد تحت الأريكة حتى تقشرت يدها واحمر ظهر كفها. ثم، تعلق طرف إصبعها البنصر بشيء غريب الملمس.
رفيعٌ كالسيخ، باردٌ وصلب…..دبوس شعر. كان دبوس شعر.
سحبت جو يون ذلك الدبوس المرتجف بيدها المرتعشة، و جذبته حوالي ثلاثة سنتيمترات، ثم قبضت عليه دفعةً واحدة.
طعنة-
حين لوّحت بدبوس الشعر بشكل دائري، سُمع صوت “طع” من مكانٍ ما في الهواء. فراحت جو يون، وقد انكشفت ملامح جنونها، تلوّح بذراعها بلا توقف.
طع. طع. طع. طع.
“آااه!”
صرخت يون جو متألمةً بعد أن باغتتها الضربات، وسرعان ما حاولت أن تمسك بمعصم جو يون في هلع. لكن جو يون صفعت يدها بقوة لتزيحها عنها.
بقي وجه جو يون مغطًى بالملابس، وهي تنهض بجذعها وتهوي بدبوس الشعر كوحش هائج.
“لا، تضحكي! قلت لا تضحكي! قلت لك لا تضحكي!”
شعرت بسقوط يون جو التي كانت جالسةً على بطنها.
فنهضت جو يون فجأة وكأن شبحًا يسكن جسدها، وانزلقت قطع الملابس التي كانت تغطي أنفها وفمها، ليظهر وجهها المتورم والمبلل بالدموع في هيئة شرسة.
ثم رفعت ذراعها عاليًا فوق رأسها، و طعنت يون جو بالدبوس دفعةً واحدة.
“آااه!”
حاولت يون جو صد الضربة برفع ذراعها، فغُرِس الدبوس في وسط كف يدها.
كانت تمسك بعنقها باليد الأخرى، لكن الدم المتدفق من بين أصابعها كان قد وصل إلى صدرها بالفعل.
انقضت جو يون عليها كما لو أنها تسقط بجسدها، وهي تهوي بدبوس الشعر بوجه مشتعل احمرارا.
“لا! تأخذي مني حياتي! أيتها اللصة!”
“آغ! آه! آااه!”
راحت جو يون تطعن يون جو بجنون، دون وعي، فيما كانت يون جو تحاول الرد والدفاع بشتى الطرق.
وكلما كانت يون جو تتلوّى من الألم وتدير رأسها، راحت جو يون تطعنها بالدبوس في رأسها وعنقها بوحشية وبشراسة مطلقة.
طع. طع. طع-
عندما طُعنت يون جو ثلاث مراتٍ متتالية في العنق، شهقت بصوت “كه!” واتسعت عيناها وتوقفت عن الحركة.
كااااك. كااااك. كااااك-
في مكانٍ ما داخل رأسها، كانت طيورٌ سوداء تصرخ. و ذلك النعيق المزعج لسرب الطيور السوداء كان يتردد في رأس جو يون كصوت رعدٍ قريب يهز أركان عقلها.
اقتليها. اقتليها. اقتليها.
طع. طع. طع-
لم تعد جو يون قادرةً على كبح غضبها، فكانت تضرب بالدبوس كأنها تطعن بسكين.
“أنتِ! فعلاً كنتِ مسكينة! هل جرحت كرامتكِ عندما اعتنيت بكِ وواسيـتكِ؟ هكذا؟!”
كان الدبوس الذي تمسك به في يدها مغطى بالدم وأصبح زلقًا.
“لهذا السبب يتعرض المنبوذون للتنمر! الفقيرات عديمات الأخلاق! لا يجب أن نكون طيبين مع أمثالهن!”
قبضت جو يون على الدبوس بكلتا يديها، و رفعته فوق قمة رأسها، ثم طعنتها بكل ما أوتيت من قوة.
طعخة-
“هااه، هااه، هااه.”
أنفاسها، الغاضبة والخشنة والمتسارعة، ترددت في أذنيها. و كان جسدها غارقًا في العرق، والحرارة كانت تتصاعد من ظهرها وكتفيها.
طَنين، كَرن، كَرن-
بعد أن نزعت دبوس الشعر، بقيت جو يون تحدّق بصمت في يون جو الممددة أسفلها لأكثر من دقيقة.
كانت قطرات الدم تقطر من أطراف أصابعها الغارقة بالدماء، وكانت تلك القطرات تبلّل دبوس الشعر شيئًا فشيئًا.
بارك يون جو كانت قد ماتت وهي تحمل نفس وجه هوانغ جو يون، بعينين شاردتين وفم مفتوح قليلاً.
برررر-
ثم ارتجفت جو يون فجأة من قشعريرة سرت في جسدها، وبدأ كل جزء فيها، من أطراف أصابعها حتى قدميها، يرتعش.
لكن ذلك لم يكن بسبب الخوف أو الرعب من أنها قتلت إنسانًا. ولم يكن هناك ذنبٌ أيضًا. بل على العكس، اجتاحها شعورٌ بالارتياح وكأنها استردت شيئًا سُلب منها.
وكأنها بلعت حبّة نعناع باردة ملأت صدرها بانتعاش لا يوصف، إحساس كامل بالتحرر والصفاء.
ضحكت جو يون بهدوء، و نظرت إلى جثة يون جو وضحكت بارتياح كما لو أنها تحررت أخيرًا.
في منتصف مايو، حين كانت في المقهى، التبست عليها الأمور للحظة وظنت أنها هي نفسها يون جو. فقد كانت قد رأت انعكاس يون جو على الواجهة الزجاجية للمقهى، وظنّت أن ما تراه هو صورتها.
منذ تلك اللحظة، بدأ الاشمئزاز والغضب يغليان في داخلها كحمض الكبريتيك، حتى أن خفض مكيف الهواء لأدنى درجة لم يكن قادرًا على تهدئة ذلك الغليان المشتعل في قلبها.
لكن الآن، اختفت تلك الحمى تمامًا. و عادت هوانغ جو يون إلى طبيعتها السابقة، إلى نفسها الأصلية.
“هه…..الجو بارد.”
أرادت أن ترفع درجة حرارة المكيف، لكنها سرعان ما غيّرت رأيها.
“صحيح…..عليّ أن أتخلص من الجثة. لكن في الوقت الحالي، سأتركها.”
نهضت جو يون بتمايل مستندةً على ركبتيها وتوجهت إلى طاولة الزينة. و أخذت المقص، ثم عادت إلى الجثة، وأمسكت حفنةً من شعر يون جو الطويل.
صاحبة هذا الشعر الطويل والجميل في الأصل كانت جو يون. و بارك يون جو سرقته، لكنه كان في الأساس ملكًا لهوانغ جو يون.
قَص، قَص، قَص-
راحت جو يون تمسك شعر يون جو بعشوائية، وتقصه بجنون ليصبح قصيرًا.
“انتهيت.”
انتهى كل شيء. الآن، عاد كل شيء إلى طبيعته.
حينها فقط، شعرت جو يون بالرضا، ونثرت خصال الشعر المقصوص على وجه يون جو.
____________________
واو يالمجنونه😭
كان ابي العكس ليه يون جو هي الي فطست لااااااا كان ابيها تسوي خطتها😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 82"