زحفت يون جو على ركبتيها ببطء، تزحف كأنها حيوان، والتقطت هاتفها. ثم أرسلت ردًا إلى جو يون.
<~: الساعة تجاوزت منتصف الليل، لا يصح أن تبقي وحدكِ.>
كانت دموعها غزيرةً على خديها، لكنها مسحتها بظهر يدها بلا مبالاة، ثم عضّت على شفتيها بقوة.
<~: لماذا لم تتواصلي معي مباشرة، جو يون؟>
<~: ألم تقولي أنكِ مريضة يا يون جو؟ لقد غبتِ عن المدرسة منذ أن خرجتِ مبكرًا قبل أربعة أيام.>
“ههه….هه….هاها.…”
خرجت منها ضحكةٌ باردة وبكاءٌ حزين في الوقت ذاته.
<~: هل السبب لأنني مريضة؟ جو يون، أنتِ المفضلة الوحيدة عندي.>
كانت يون جو تكتب الرسالة بينما تحدّق في انعكاس ذلك الشيطان القابع في ظلام المرآة المتشققة.
<~: أين أنتِ؟ سآتي إليكِ حالًا.>
***
ذهبت يون جو مترنحةً لتجد جو يون، وأصغت إليها بجدية تامة، تستمع لحديثها بكل اهتمام.
وحين شعرت جو يون بالبرد، سارعت يون جو لخلع معطفها ووضعتْه عليها. فتفاجأت جو يون في البداية من تصرفها، لكنها قبلته لاحقًا وكأنه أمرٌ بديهي.
حتى حين خرجت يون جو من بيتها ليلًا، وهي مصابة بالإنفلونزا وقد تغيبت عن المدرسة طوال أربعة أيام، وخلعت معطفها لها……اكتفت جو يون بقول: “لا داعي.” بالكلام فقط، لكنها استمرت في ارتداء المعطف بلا اكتراث، وكأن الأمر حقٌ لها.
‘يا لها من أنانية.’
يا لهذه العاهرة الحقيرة.
بهذا الموقف، تأكدت يون جو أن هوانغ جو يون لم تكن يومًا فتاة طيبة من الأساس.
كانت بارك يون جو بالنسبة لها مجرد دميةٍ مريحة للاستغلال، مجرد وسيلة تتباهى بها أمام الآخرين لتُظهر أنها طيبة.
ومع ذلك، بقيت يون جو إلى جانب جو يون حتى صباح ذلك اليوم.
تذمّرٌ تافه لا نهاية له. و أحاديثٌ مملة فارغة. و شكاوى تافهة، وتفاخرٌ مزعج، واستعراض مملّ عن والديها، استمعت يون جو لكل ذلك حتى النهاية، بينما كانت تغرس لهب الشياطين المتصاعد شيئًا فشيئًا في عينيها وقلبها، وهي تبتسم في وجه جو يون.
“سأذهب إلى دورة المياه، يبدو أنني شربت الكثير من المشروبات.”
قالت جو يون أنها ستتوقف عند دورة المياه العامة في طريق عودتها إلى المنزل بعدما تصالحت مع والدتها عبر الهاتف. فما كان من يون جو إلا أن انتزعت حقيبة جو يون من يدها برفق، كخادمة مطيعة.
“حسنًا، اذهبي، سأحمل حقيبتكِ.”
وقفت يون جو بهدوء تام أمام باب مقصورة المرحاض التي دخلتها جو يون، تنتظرها. و سمعت صوت جو يون وهي تتحدث من الداخل.
“اليوم تحدثتُ معكِ كثيرًا فعلًا، لم أكن أتوقع أن أرى هذا الجانب منكِ يا يون جو.”
“أنا، فقط أكون في قمة سعادتي عندما أكون معكِ، جو يون.”
ردّت يون جو بخجل مصطنع، بينما كانت تحدّق بتركيز في باب الحمام، واقفةً على مسافة قريبة حتى كاد ظلها ينعكس عليه.
ظلت واقفةً كالشبح، بلا حركة، بلا رمشة عين.
في الأسبوع الماضي، شاهدت بالصدفة فيلمًا قديمًا بعنوان “الشمس ساطعة بالكامل”. و كان البطل فيه شابًا فقيرًا يُدعى ريبلي، ولديه صديق شديد الثراء.
لكن خلف قشرة تلك الصداقة، كان هناك احتقارٌ وسخرية خفية موجهة نحو ريبلي.
وفي النهاية، حين امتلأ بالغضب، قتل ريبلي صديقه الثري، وانتحل هويته، ليخدع الجميع من حوله بسهولة.
بالطبع، في النهاية يُفضح أمره، حين يعود إلى الميناء حاملاً جثة صديقه مربوطةً بالقارب.
ثم اقترحت يون جو بنبرة مشرقة،
“هيه، ما رأيكِ أن نقوم برحلة حقائب للخارج عندما نصل للسنة الثانية في الجامعة؟ ما رأيكِ؟”
“رحلة حقائب؟ ولماذا في السنة الثانية بالضبط؟”
“لأنها أنسب وقت، أليس كذلك؟ في السنة الأولى نكون صغارًا جدًا، وفي السنة الثالثة سيكون هناك الكثير من الالتزامات.”
“هممم……”
“لنبدأ بالادخار معًا من الآن، حسناً؟ فقط أنا وأنتِ، نحن الاثنتين وحدنا.”
ربما لأنها دللتها طوال الليل، أجابت جو يون بنبرة مستسلمة.
“حسنًا……لا بأس.”
“إذًا هذا وعد.”
“آه، صحيح……هل تحسنتِ من الإنفلونزا؟”
الآن فقط خطر ببالكِ هذا السؤال؟
نقرت يون جو على أسنانها بقوة، لكنها أجابت بخفة ومرح.
“آه، لا بأس، شُفيت تمامًا، وحتى لو مرضت مرة أخرى، لا يهم.”
“هاه؟”
كانت نيرانٌ زرقاء تلمع في عينيها، ذلك اللهب الأزرق الشيطاني كان يشتعل في جسدها كله، محوّلًا كل شيء إلى غضب مستعر.
ثم اعترفت يون جو بوجه شاحب خالٍ من أي تعبير، كأنها شبح.
“أنا حقًا……كنت، كلما رغبت بالموت، أتحمّل فقط من أجل أبي ومن أجلكِ، هوانغ جو يون.”
“حقًا؟”
“أجل، أعتقد أنه يمكنني الاستمرار في التحمل، طالما أفكر بكِ يا هوانغ جو يون.”
لماذا أموت أنا؟ بل، على العكس، سآخذ كل شيء كما فعل ريبلي.
كل تلك الأشياء التي كنتِ تتفاخرين بها الليلة وأنتِ تزدَرينني، كل ما جعلكِ تشعرين بالتفوق عليّ……سآخذها كلها.
سأسلب كل شيء، كل شيءٍ بلا استثناء.
لكنني، لن أرتكب حماقة ريبلي الغبية أبدًا.
***
طَق-
فجأة، وفي تمام السادسة مساءً، فُتح باب الأستوديو، ودخلت يون جو.
“أنتِ….ما….ماذا تفعلين هنا؟!”
ارتجفت جو يون بالكامل وكأنها رأت شبحًا، عندما رأت يون جو تظهر فجأةً أمامها.
و كانت قد ارتعبت، ووقفت نصف وقفة وهي تضم ثيابها إلى صدرها. فهي كانت تلمّ بعجلة الملابس المبعثرة في غرفة المعيشة، استعدادًا لقدوم الأخصائية النفسية عند السابعة مساءً.
“لقد غيرتُ كلمة المرور……كيف دخلتِ؟”
ردّت يون جو ببرود، وهي تغلق الباب خلفها دون أي تردد، وتقترب منها حتى دون أن تخلع حذاءها.
“أنا، كما ترين……أعرفكِ أفضل مما تتصورين.”
“اخرجي!”
صرخت جو يون بهستيرية وهي ترتجف من شدة الغضب،
“اخرجي فورًا! من سمح لكِ بالدخول؟!”
لردّت يون جو بنبرة هادئة وكأن شيئًا لم يحدث،
“جو يون، ما بالكِ؟ ألم نتفق أن نذهب معًا في رحلة حقائب هذا الصيف؟ لقد انتهى الفصل الدراسي، وجئتُ لأتحدث معكِ عن ذلك فقط.”
“ما أوقحكِ!”
كانت دقات قلب جو يون تنبض بجنون، وبدأت تصرخ بهستيريا محاولةً أن تتصل بالشرطة فورًا،
“أنا لا أريد أن أفعل معكِ أي شيء! لا شيء إطلاقًا! لا أريد حتى أن أتنفس معكِ في نفس المكان! اخرجي من هنا فورًا!”
طَخ-!
و بسرعة خاطفة، انتزعت يون جو هاتف جو يون من يدها، ورمته على الأرض بلا تردد.وولم تكتفِ بذلك، بل داسَته بكعب حذائها مرارًا حتى تحطمت الشاشة تمامًا.
“أ……هل فقدتِ عقلكِ تمامًا؟ ما الذي تفعلينه الآن؟!”
ارتعبت جو يون للحظة وتراجعت خطوةً للخلف، لكن سريعًا ما انفجر الغضب الذي كانت تحبسه داخل قلبها.
‘كيف تجرؤ تلك الحقيرة بارك يون جو، الضحية المتنمَّر عليها، أن ترفع رأسها بهذا الشكل؟’
ظنّت أن طيبتها معها طوال الفترة الماضية جعلتها تتمادى وتتمادى حتى اعتلت رأسها.
فعزمت جو يون على إنهاء كل شيء معها اليوم مهما كان الثمن، و زمّت أسنانها بقوة و تحدثت بحدة،
“ألا ترين أنكِ تماديتِ في تقليدي؟! شعركِ! ملابسكِ! حقيبتكِ! حتى طريقتكِ في الكلام!”
“أقلدكِ؟”
تجعد وجه يون جو مستنكرة، وكأنها حقًا لم تفهم.
“أنا؟ أقلدكِ أنتِ؟”
“أتتسائلين عن ذلك بجدية؟ انظري إلى شكلكِ! أهذا لا يُعتبر تقليدًا لي؟!”
نظرت يون جو بهدوء إلى نفسها، تتفحّص مظهرها من رأسها حتى قدميها، ثم رفعت رأسها ببطء نحو جو يون و تحدثت بابتسامة باردة،
“ربما كل ما في الأمر أننا بدأنا نتشابه تدريجيًا.”
“ماذا؟!”
“لقد استعرْتُ سوار يدكِ من قبل، أليس كذلك؟ وكنا دائمًا نستخدم نفس طلاء الأظافر سويًا.
وبعد كل هذا، تثيرين هذه الضجة الآن؟ بصراحة، هذا أمرٌ سخيف وغريب حقًا.”
“يا إلهي، انظري إلى وقاحتكِ!”
عجزت جو يون عن النطق من شدة الصدمة. ثم تقدمت بخطواتٍ غاضبة نحو يون جو، ودفعَتْها بقوة في صدرها.
“الاستعارة أو المشاركة لا تعني التقليد! لكن وجهكِ هذا، تسريحة الشعر هذه، كلها تقليدٌ لي!
قولي الحقيقة، لقد خضعتِ لعملية تجميل، صحيح؟”
“عملية تجميل؟”
“بذريعة أنكِ تذهبين لرؤية والدكِ في كل عطلة، كنتِ تخضعين لعمليات تجميل صغيرة، أليس كذلك؟! أليس هذا صحيحًا؟!”
بدلًا من الرد، ألقت يون جو نظرة جانبية خاطفة نحو باب الشقة المغلق، ثم راحت تتفحّص المكان بعينيها وكأنها تراقب كل زاوية بهدوء شديد، و كان برودها مخيفًا.
ثم التفتت مجددًا نحو جو يون، وابتسمت ابتسامةً خافتة، تحمل شيئًا خفيًا خلفها.
“جو يون، ألا تعتقدين أن سؤالكِ سرًا عن مكان عمل والد صديقة مطلقة، وطلب رقم هاتفه……هو أمرٌ وقح للغاية؟”
“آه!”
“أو ربما……”
توهّج في عيني يون جو لهبٌ أزرق خطير، يتراقص ببطء.
“هل كنتِ ترينني حقيرة، تافهة مثل الحشرة إلى هذا الحد، يا هوانغ جو يون……لدرجة أنكِ لا ترَين مشكلةً في ارتكاب أفعال وقحة كهذه ضدي؟”
____________________
وااااااو يون جو تجنن من زمان ماحبيت سايكو كذا 😂
ذي تعتبر سايكو طبيعيه؟ لأنها بس تبي تنتقم 😔
هعهعهعهعهع وشكل صدق دخلها قرينها
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 81"