كانت جو يون تعبث بطرف شعرها القصير المقطوع، ثم مسحت العرق المتجمع عند عنقها بيدها.
كان هذا العام حارًا بشكلٍ غير معتاد، حتى أن التنفس بات صعبًا. وعلى الرغم من أن الشهر لا يزال يونيو، فإن العرق ظل يتكوّن على عنقها طوال اليوم.
وبحركاتٍ سريعة ومتقنة، ضغطت على مفاتيح هاتفها المحمول.
<~: بما أن الأمر قديم، أمي لا تتذكر جيدًا أين وضعت دفتر رسومات يون وو. ستعود أمي من براغ يوم 24 يونيو، لذا سأتواصل معكِ مجددًا في ذلك الوقت.>
كانت ترسل هذه الرسالة إلى لي سيان، مستشارةٌ نفسية متخصصة في شؤون المراهقين.
<~: شكرًا لك حقًا على اهتمامكِ.>
وصل الرد خلال عشر ثوانٍ فقط، ثم تبعه ردٌ إضافي بعد ثلاثين ثانية.
<~: إذًا، هل نلتقي في نهاية يونيو أو بداية يوليو؟ سأذهب إلى المكان الذي يناسبكِ، في الوقت الذي يريحكِ يا هوانغ جو يون. ولنأكل تارتًا معًا مرة أخرى في ذلك اليوم.>
“ظننتُ أنها لن ترد سريعًا لأنها لا تنظر في هاتفها أبدًا أثناء اللقاءات……”
شعرت بشيءٍ من الزهو بسبب الرد السريع للغاية.
فحتى الآن، الشخص الوحيد الذي اعتاد أن يرد على جو يون بهذا الشكل الفوري والسريع كانت بارك يون جو.
“يون جو……”
راحت جو يون تلوّي طرف شعرها القصير بين أصابعها.
‘هل أتحدث للمستشارة النفسية عن يون جو عندما ألتقي بها في المرة القادمة؟’
منذ المرحلة الثانوية، كانت هناك فتاةٌ تشتري ما تشتريه جو يون من أقلام ودفاتر وإكسسوارات، لكن منذ دخول الجامعة، بدأت تُقلّدها لدرجةٍ مزعجة ومُنفّرة.
“لو أريتها صورًا قديمة وأنا أشرح لها، سيكون الأمر أوضح……آه! كانت هناك صورةٌ لنا نحن الثلاثة أيام الثانوية، أليس كذلك؟”
راحت جو يون تبحث في درج طاولة الزينة حتى أخرجت صورةً فورية.
كانت الصورة الوحيدة التي تجمع جو يون مع بارك يون جو وكيم يون وو، وهنّ يرتدين زي المدرسة.
كانت صورةً أُخذت في مقهى جديد افتتح مؤخرًا، كجزء من عرض ترويجي. وبما أن جو يون كانت قائدة هذه المجموعة الصغيرة، فقد حصلت على نسخة الخدمة الوحيدة من الصورة.
تلك الفترة كانت تقريبًا بعد مرور شهر على بداية الصف الثاني الثانوي. وكانت تلك هي المرحلة التي بدأت فيها يون جو تردد: “هوانغ جو يون هي أفضل شخص في العالم!”
ربما بسبب ضوء الفلاش عند التقاط الصورة، انعكس الضوء في عيني يون جو وأظهرتا بريقًا أزرق خافتًا.
“لا نبدو مقرباتٍ جدًا في الصورة، أليس كذلك؟ حسنًا، طبيعي……فقد كنا في عالمين مختلفين تمامًا حينها.”
يون جو ويون وو كانتا تبدوان باهتتين وكئيبتين، بينما بدت جو يون وحدها مشرقةً ومتألقة بشكل لافت.
“وجه يون جو……مختلفٌ تمامًا.”
عندما أمعنت النظر مجددًا في صورة أيام الثانوية، تأكدت تمامًا أن ملامح يون جو تغيرت كليًا عن الآن.
في الوقت الحالي قد يُقال أن يون جو تُشبه جو يون إلى درجة أنهما توأم، لكن في ذلك الوقت كان من السهل التمييز بين جو يون ويون جو.
في البداية، كانت يون جو في تلك الفترة ممتلئة الجسم نوعًا ما. فقد كانت حتى بداية الصف الثاني من الثانوية لديها شراهةٌ في الأكل، ولذلك كانت تتعرض للتنمر.
لكن في لحظةٍ ما، اتبعت حميةً صارمة وفقدت الكثير من وزنها.
لكن هل يتغير الإنسان هكذا لمجرد أنه خسر بعض الوزن؟
صحيحٌ أنها كانت ترفع أنفها بالمكياج وتشُد خديها…..
“آه.”
في لحظة، اجتاحتها قشعريرةٌ مرعبة، وراودتها فجأةً فكرةٌ لم تخطر ببالها من قبل.
‘هل من الممكن أن يون جو أجرت جراحةً تجميلية لتجعل وجهها مثل وجهي؟’
كانت يون جو دائمًا تذهب إلى الريف في العطل لتقضي حوالي أسبوعين مع والدها المطلق.
و كلما انتهت عطلة الصيف أو الشتاء، تعود وتبدو أشبه بجو يون بشكل طفيف، بشكلٍ يصعب ملاحظته لكنه موجود.
“لا، مستحيل. حتى لو كانت تقلدني، فهذه فكرةٌ مجنونة.”
صحيح، كانت مجرد خيالاتٍ جنونية نابعة من تضخم الذات.
أن تقلدني صديقةٌ في كل شيء، ثم تصل لدرجة أن تُجري عملية تجميل لتنسخ وجهي؟ هذا أشبه بفيلم رعب.
حتى لو كانت تحبني كثيرًا، كيف لها أن تخضع لجراحة تمس وجهها؟
أليست تلك صفات السايكو الحقيقية؟
‘لا، لحظة.’
“جو يون، لا بد أنكِ محظوظة جدًا. لديك والدان غنيان يلبون لكِ كل ما تطلبينه، وتملكين كل شيء…..لو كنت مكانكِ، لكنتُ في قمة السعادة.”
تذكرت فجأة ما قالته يون جو سابقًا وهي تعبر عن غيرتها، وسرت قشعريرةٌ باردة على امتداد عمودي الفقري.
‘لو كنت…..مكانكِ.’
عندما أعادت التفكير في تلك الجملة، كانت بمثابة اعترافٍ مخيف.
ربما لم تكن بارك يون جو تحب هوانغ جو يون، ولم تكن تريد أن تشبهها بدافع الإعجاب فقط.
كانت تقول أنها المفضلة لديها، و أنها أكثر من تحبها في هذا العالم…..
لكن ربما كانت هناك رغبةٌ عارمة بداخلها لأن تكون “هوانغ جو يون” نفسها، فاشترت نفس الأشياء، وقلّدت طريقتها في الكلام، وأطالت شعرها لتحاكي تسريحة شعرها بكل دقة.
وحتى وصلت إلى حد الجراحة التجميلية…..
كانت جو يون تعض شفتيها بعصبية وهي تهمس بقلق،
“هل يمكن أن تكون يون جو قد خضعت فعلًا لجراحةٍ تجميلية من دون أن تخبر أحد؟ هل أتحقق من الأمر من هنا وهناك؟”
***
بوجهٍ أحمر يكاد ينفجر من الغضب، اندفعت جو يون خارجًا بخطى غاضبة.
التجميل.
كلمة “التجميل” راحت تتردد في ذهنها كأنها ألسنة لهب تشتعل في كل أرجاء عقلها.
أرادت أن تعرف بشكل مؤكد أكثر عن تلك الجراحة، لكن المشكلة أن يون جو كانت منبوذة في الأصل، ومنذ أن أصبحت جو يون صديقتها، ابتعد عنها كل أصدقائها السابقين.
لذلك لم يكن هناك تقريبًا من يمكن أن تسأله عن يون جو.
ومع ذلك، كانت تشعر بأن خضوعها للجراحة التجميلية كان حقيقيًا. فتلك الصورة الفورية كانت الدليل الأوضح على الإطلاق.
دليلٌ قاطع على أن وجه يون جو الحالي يختلف تمامًا عن وجهها في المرحلة الثانوية.
عندما وصلت جو يون إلى قاعة المحاضرات وألقت نظرةً سريعة حول المكان، لم تكن يون جو قد وصلت بعد.
فتنفّست الصعداء، ثم توجّهت إلى الزاوية الأخيرة في الجهة اليمنى من القاعة، وضعت حقيبتها وأخرجت منها مستحضرات التجميل.
كان مزاجها سيئًا منذ البداية، ويبدو أن دورتها الشهرية قد بدأت أيضًا.
“آه.”
عادت مسرعةً من الحمّام، فإذا بعينيها تتجمّدان من شدّة الصدمة.
كانت يون جو جالسة في المقعد المخصّص لجو يون، ولا أحد يعلم متى وصلت.
فركضت جو يون نحوها دون تفكير، وأمسكتها من كتفها بعنف وأدارتها نحوها.
“أنتِ! ماذا تفعلين؟!”
“آه…..كنت أنظر إلى هاتفكِ.”
أجابت يون جو بعينين متوسعتين، وكأنها تفاجأت. فاندلع الغضب في عيني جو يون، و انتزعت الهاتف من يد يون جو بعنف.
“لماذا تنظرين في هاتفي؟!”
كانت على عجلة من أمرها، وخشيت أن تكون ملابسها قد تلطخت بالدم، فنسيت هاتفها هناك، وكان ذلك هو الخطأ.
نظرت إليها يون جو باستغراب، وسرّحت شعرها الطويل ثم بدأت تلمس أطرافه.
“لماذا أنتِ غاضبة؟ كنا دومًا نرد على هواتف بعضنا البعض بدلًا من الآخر.”
نعم، كانتا تفعلان ذلك سابقًا.
مثلًا، حين تقول يون جو: “هل تأخذين وقتًا طويلًا في الاستحمام؟ وصلتكِ رسالةٌ من عامل التوصيل، هل أجيب بدلًا عنكِ؟”، أو: “والدتكِ قالت أن وقت حجز المسرحية يجب أن يتغيّر، هل أخبرها بالموافقة لأنكِ على الأرجح لن تستيقظي؟”، وأمثال ذلك.
“من اليوم فصاعدًا، لا تلمسي هاتفي مطلقًا.”
أجابت جو يون ببرود، ثم انتقلت بعيدًا إلى المقعد الأخير في أقصى اليسار.
وكان من الواضح لأي ناظر أن الرسالة كانت: “لا أريد البقاء معكِ، فلا تتبعيني.”
دق، دق، دق-
كان قلبها ينبض بعنف، وقد جفّت شفاهها من شدة التوتر.
أخفت جو يون هاتفها تحت الطاولة جزئيًا، ثم فتحته بحذر وانزلق إصبعها لتفتح نافذة المحادثة.
كانت الرسائل التي تبادلتها بشأن يون جو في الأمس واليوم ظاهرةً بوضوح على شاشة الدردشة.
<~: كنتِ قريبةً من يون جو في المرحلة الثانوية، أليس كذلك؟ هل سبق وسمعتِ شيئًا عن عمل والدها أو أين يعمل؟>
<~: كيف لي أن أعرف مكان عمل والد شخص آخر؟>
<~: أقصد، هل يعمل في شركةٍ أو ما شابه…..>
<~: أليست علاقتكِ بيون جو أوثق؟ ألا يُفترض بكِ أن تعرفينها أكثر؟ لماذا تسألين أسئلةً كهذه؟>
<~: لا، يون جو كانت تقول أنها تزور والدها في كل عطلة. و كنت أود التأكد من صحة ذلك، وسؤال والدها مباشرة إن أمكن.>
<~: هل جننتِ؟ ما هذا الهراء؟>
<~: أنتِ تعرفين أيضًا كم تألمت يون جو بعد طلاق والديها. بدت بخير لفترة، لكن مؤخرًا…..هناك أمرٌ يقلقني، لهذا أسأل.>
<: لا أعلم شيئًا. اسألي شخصًا آخر.>
هل من الممكن أنها لم ترَ هذه المحادثة؟
قامت جو يون سريعًا بحذف نافذة الدردشة بأكملها.
وبدا أن يون جو لم ترَ الرسائل، إذ كانت تتحدث بنبرة مشرقة مع اثنتين أو ثلاث من الزميلات.
أما جو يون، فجلست وحدها متظاهرةً بمشاهدة مقطع فيديو على هاتفها، دون أن ترفع نظرها.
في الفترة التي كانت جو بون تتجنب فيها يون جو، طرأ تغيرٌ مزعج. فحتى ذلك الحين، كان الآخرون يأتون إلى جو يون ويتحدثون إليها، فيما كانت يون جو تقف جانبًا تستمع فقط.
لكن الآن، بارك يون جو، تلك الفتاة الكئيبة المنبوذة التي كانت تلاحق جو يون كظلها، بدت وكأنها أصبحت شخصًا آخر، مشرقةً بشكلٍ غريب، وانتزعت الأنظار التي كان ينبغي أن تتجه نحو هوانغ جو يون.
وكان ذلك أشبه بأن فأرًا التهم أظافرها، ثم تحوّل فجأة إلى إنسان ليحلّ مكانها.
لا، كان الأمر أشبه بأن الفأر الذي كانت تطعمه و تقاسمه ملابسها و ترعاه، قد تحوّل فجأةً إلى نسخةٍ منها. وأصبحت تشاهده إلى جانبها، يتحدث ويتحرك بالضبط كما تفعل هي.
أمرٌ مزعج.
‘أكرهها. إنها تثير اشمئزازي.’
مشاعرٌ من النفور، والخوف، والانزعاج، اختلطت في قلبها كما تُخلط الألوان الزيتية، لتكوّن مزيجًا لزجًا ومضطربًا.
ثم تحوّل هذا السواد إلى شرارة تشعل الغضب مثل الزيت الذي يشتعل بالنار.
راحت جو يون تنظر إلى يون جو بنظرات ممتلئة بالاستياء، بالكاد منتبهة للمحاضرة.
تلك كانت طريقتي في الأساس…..
كانت هذه تسريحة شعري، والحذاء الذي اعتدت ارتداءه، والحقيبة، والسوار…..
لماذا أنا من يضطر لقص شعره بالقوة، ويرتدي ملابس لا تناسبه؟
لماذا؟
كلما ارتفعت حرارة مشاعرها، أخذ الغضب يغلي في صدرها كما لو كان حمضًا حارقًا.
وما إن انتهت المحاضرة، حتى أمسكت جو يون حقيبتها ونهضت واقفةً على الفور.
“آه، آه! يون جو، لحظة فقط! بخصوص ذلك اللقاء السابق..…”
قالت “D” ذلك بنبرة مشرقة بعد أن التقت بها مصادفة عند الباب.
لكن جو يون انفجرت بغضب، وصرخت بجنونٍ هستيري،
“لماذا تنادينني بيون جو؟!”
كان صوتها عاليًا إلى درجة أن الصمت خيّم على المكان للحظة، والتفت الجميع نحوها بدهشة.
لكن هذا لم يكن خطأ جو يون.
لقد قصّت حتى شعرها العزيز عليها ليصبح قصيرًا،
ومع ذلك، لا يزال الناس يخلطون بينها وبين الأخرى!
“إلى متى هذا اللَّبس؟! هل عيناكِ لا ترى؟ لماذا لا تستطيعين التمييز بين الناس؟!”
عندما بدأت جو يون تصرخ بغضب وبصوت مرتفع، تحوّل وجه “D” من الارتباك إلى الغضب بسرعة.
اعتذرت “D” بنبرة ساخرة فيها سخريةٌ واضحة، ثم استدارت بعنف ومضت في طريقها.
“أعتذر لأنني لم ألحظ وجودكِ كما ينبغي. يبدو أنني ارتكبت جريمةً كبيرة حين خلطت بينكِ وبين شخص آخر.”
_________________
بسرعه طيب من قىًلت الثانيه😭😭😭😭
يضحك سالفتهم غريبه بس حلوه وفيها اشياء تضحك😂
المهم خل نشوف وش بيصير بعدين
ترا التنزيل تغير صار يومين ايه ويوم لا ماعدا الجمعه خير شر مقدر انزل 😘
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 78"