جو يون كانت تضع هذا القرط وذاك على شحمتَي أذنها وهي تنظر في المرآة، ثم عبثت بشعرها بضيق.
منذ أن كانت في الصف الأول من المتوسطة وهي تملك شعراً طويلاً، لذا لم تألف قصة الشعر القصيرة التي جربتها لأول مرةٍ في حياتها.
لا، لم يعجبها الأمر إطلاقاً.
وفوق ذلك، حرّ الصيف في أوائله زاد من شعورها بالضيق. وكأن هناك جمرةً داخل قلبها، فقد كانت حرارة جسدها تغلي طوال الأربع والعشرين ساعة.
حتى إن شربت ماءً بارداً، فذلك لا يدوم، والمكيّف لا ينفع.
كانت تتضايق من أبسط الأمور، ويتراكم عليها التوتر. لكن ما كان يخنقها ويجعلها تشعر بهذا القيظ، لم يكن بسبب الحرارة.
‘يون جو سرقت أشيائي؟’
ما إن خطرت لها هذه الفكرة، حتى علِقت في رأسها ولم تفارقها.
و صارت تدرك واحدةً تلو الأخرى ما سُلب منها، ولم ترَ سوى الأدلة.
“آه، حقاً……”
تنهّدت جو يون بصوت مسموع ثم اختبأت خلف مرآة محل الإكسسوارات. بينما كانت يون جو تمرّ أمام محل الإكسسوارات وهي تتحدث بسعادة مع فتاتين.
جو يون كانت تحاول طوال الفترة الماضية أن تتفادى الاصطدام ببارك يون جو قدر الإمكان، وكان ذلك يمنحها بعض الراحة، لكن أن تراها منذ أول يوم في يونيو……
فووو-
هذا الشعور وكأن النار اشتعلت بداخلها.
مجرد وجود بارك يون جو كان يثير أعصابها ويشعرها بالضيق.
حدّقت جو يون فيها بعينين غاضبتين.
رغم أنها قصّت شعرها لتصبح مختلفةً عن يون جو من حيث المظهر، إلا أن ذلك لم يرِحها كما كانت تتوقع. بل على العكس، كلما رأت شعر يون جو الطويل الجذاب، كانت مشاعرها تغلي وتفور كحمض الكبريتيك.
كل ذلك كان مظهري، وتلك كانت تسريحتي……
لماذا؟ لماذا أنا؟
لماذا يجب أن أغيّر نفسي وأقصّ شعري بسببها؟
ذلك الغضب المشتعل كان كأنه يحرق قلبها وعقلها معاً.
دينغ دينغ-
رنّ إشعار رسالة، فتحته بتأفف، فكان من رقم غير معروف.
<~ : مرحباً، أنا لي سيان، مستشارةٌ نفسية للمراهقين.>
وكانت الرسالة تتضمن أنها تريد الحديث عن مشكلة تتعلق بكيم يون وو، زميلة الصف من أيام الثانوية.
وقالت أنها تود مقابلتها، إن لم يكن اليوم فمتى ما كان الوقت مناسباً.
كانت رسالةً مفاجئة تماماً.
“كيم يون وو؟”
لقد اعتنت قليلاً بكيم يون وو، تلك التي كانت منبوذة……
ألم تلتحق تلك الفتاة بالجامعة أصلاً؟
بل سمعتُ حتى أنها هربت من المنزل بعد فترةٍ قصيرة من تخرجها من الثانوية.
عدا ذلك، لم أكن أعرف الكثير عن كيم يون وو……هل يمكن القول أنني لا أحبها؟
“لا، لا بأس. من باب تغيير الجو فقط، سأقابلها قليلاً.”
على مدار السنوات الثلاث الماضية، كانت تقضي معظم وقتها مع يون جو، وكانت يون جو تعتني بكل تفاصيلها الصغيرة.
لكن فجأة، حين أصبحت مضطرةً للتعامل مع كل شيء بمفردها، شعرت بالضيق والانزعاج يتراكم في داخلها.
فأرسلت جو يون رداً تقول فيه أنها لا تمانع.
<~ : إن أتيتِ إلى هنا الآن، أعتقد أنني أستطيع تخصيص بعض الوقت لكِ.>
***
“آنسة هوانغ جو يون، شكراً جزيلاً لتخصيصكِ هذا الوقت.”
قالت المستشارة النفسية ذلك بتحية هادئة وجلست على الجهة المقابلة من الطاولة.
لقد التقتها في مقهى تابع لسلسلة شهيرة، وكانت المفاجأة أن المستشارة النفسية كانت امرأةً جميلة للغاية.
كانت طويلة القامة و رشيقة، وترتدي بدلةً سوداء بدت وكأنها صُممت خصيصاً لها، وكأنها عارضة أزياء.
وخاصة شعرها الطويل الناعم واللامع، كان جميلاً جداً.
كنت أملك شعراً تماماً كهذا……
عبثت جو يون بشعرها القصير وألقت تحيةً خفيفة.
“نعم……مرحباً.”
قدّمت المستشارة النفسية بطاقة عملها وعرّفت عن نفسها، وقالت أنها تعمل في مجال الاستشارات النفسية للمراهقين منذ مدة طويلة، و أن علاقتها بيون وو امتدت لنحو أربع سنوات.
“أها، فهمت……”
ثم ذكرت المستشارة تاريخاً من العام الماضي وسألتها إن كانت قد تواصلت مع كيم يون وو في ذلك الوقت أو حوله.
“آه، نعم، رأيتها.”
“رأيتِها؟”
“نعم. أنا أعيش وحدي في شقةٍ قرب الجامعة، وقد جاءت يون وو في ذلك اليوم الذي ذكرتِه وباتت عندي ليلة، ثم غادرت في اليوم التالي. أتذكره جيداً لأنه كان قبل ميلاد أمي بيوم.”
“آه……هل بدت يون وو وكأن لديها ما يشغل بالها؟”
“همم، قليلاً؟ لكننا لم نكن مقربتين جداً……فلم أكن أعرف تفاصيلها الشخصية كثيراً، ولم أحاول أن أستجوبها عمداً.”
أومأت المستشارة النفسية برأسها بجدية.
حينها، أدرجت جو يون اسم يون جو في الحديث بخفة. فهي على أية حال، لن ترى هذه المستشارة مجدداً.
“كيم يون وو التي تحدثتِ عنها من أيام الثانوية……كانت هناك فتاةٌ اسمها بارك يون جو أيضاً. كنت أغطي عنهما، إن صح التعبير.”
“تغطين عنهما……؟”
“أعني، همم، كيم يون وو وبارك يون جو كانتا منبوذتين في الثانوية. أما أنا، فكان لدي بعض الشعبية في الفصل.”
“يون وو ويون جو، كلتاهما من أسرٍ مطلقة، وشخصيتاهما كئيبتان……في الحقيقة، الفتيات اللواتي يعانين من خلل أسري يكنّ عادةً……كما تعلمين. لم يكن لهما أي صديقاتٍ غيري.”
تسرّب الحقد من بين شفتيها كالسُمّ.
“بل إن تلك الفتاة، بارك يون جو، ظلت تقلدني طوال فترة المرحلة الثانوية، ثم لحقت بي حتى إلى الجامعة.”
“آه……يبدو أن الآنسة جو يون كانت تشكل دعماً كبيراً لهما.”
ابتسمت المستشارة النفسية بإعجاب، فرفعت جو يون كتفيها بلا مبالاة.
طقطقة، طقطقة-
أخذت جو يون تحرّك الثلج في كوب شرابها بقشة بشيء من الانفعال، ثم تحدثت فجأة بدافع لحظي،
“كيم يون وو، إن أردتِ الصراحة، كانت تستحق أن تُنبذ……كان لديها جانبٌ يبدو وكأنها……سايكو.”
“سايكو؟ ماذا تعنين بذلك؟”
“آه، ألا تعلمين؟ كانت قليلة الكلام في العادة، لكن أحياناً، كانت كيم يون وو تقول أشياء غريبة. كيف أشرح……همم، هذا شيءٌ قالته لي فقط.”
“قالته لكِ أنتِ فقط، يا آنسة جو يون؟”
“نعم. قالت لي شيئاً عن أنها تملك ما يُسمى بـ‘ثمرة الخلود’ أو شيءٌ من هذا القبيل.”
“ماذا……ماذا قلتِ؟”
“مضحك، أليس كذلك؟”
ضحكت جو يون بسخرية وتابعت،
“وكأنها مصابةٌ بهوس المراهقة……على أية حال، كانت تقول أنها ليست إنسانةً عادية، بل كائن مختار ومميز. بسبب هذا الهراء، كرهها الجميع.”
“حتى أنا……لم تخبرني أبداً عن ثمرة الخلود.”
“حقاً؟ حتى لكِ أنتِ لم تقل ذلك؟ إذًا فقد قالته لي أنا فقط.”
ضحكت جو يون وقد علت وجهها علامات الزهو والانتصار.
“هاهاهاها! يا للضحك. على كل حال، كانت تقول أنها ثمرة الخلود، وأنها ستصعد إلى النعيم حيث يوجد مصيرها الحقيقي قبل أن تبلغ الخامسة والعشرين. لكنها كانت تقول أنها لا تريد ذلك، وأن الأمر يخيفها.”
“…….”
“أمها كانت مهووسة بطائفة دينية متطرفة، لذا من الطبيعي أن تكون هي الأخرى كذلك.”
“صحيح……يبدو أن لديها جانباً كهذا.”
قالت المستشارة النفسية ذلك بابتسامةٍ رقيقة وهي تنظر إلى جو يون دون أن تُظهر أدنى حركة.
“شكراً جزيلاً لكِ على مشاركتك هذه المعلومات.”
***
“شكراً لكِ على تخصيص هذا الوقت اليوم.”
قالت المستشارة النفسية ذلك وهي تخرج من المقهى وتودّعها بأناقة. فردّت جو يون التحية بسعادة.
“لا، على العكس. أنا أيضاً استمتعت.”
ماذا لو التقيت هذه الأخت الجميلة في المرة القادمة حيث تكون يون جو موجودة؟
راودتها صورة يون جو التي رأتها قبل قليل أمام محل الإكسسوارات، وهي تضحك وتتحدث بسعادة وسط صديقاتها الجديدات.
تخيلت وجه يون جو حين تراها برفقة امرأةٍ جميلة بهذا القدر بدونها……مجرد تخيّل ردّة فعلها أشعرها بالارتياح والشماتة.
صحيح. حتى لو سرقت مظهري، فهي لا يمكنها أبداً تقليد الأشخاص الذين أرافقهم.
ولهذا السبب، قررت جو يون أن تقدّم خدمةً صغيرة للمستشارة النفسية.
“آه! يون وو عندما باتت في شقتي، نسيت دفتر الرسم الخاص بها. إن كنتِ ستقابلينها، هل أقدّمه لكِ لتعطيهِ لها لاحقاً؟”
“بالطبع، سيكون ذلك جيداً. سآخذه وأسلّمه لها لاحقاً.”
“لكن، فقط……يحتوي على رسومات مزعجة نوعاً ما……لم أرغب بالاحتفاظ به، لذا أعطيته لأمي في منزل العائلة.”
“آه……”
“وأمي سافرت في مهمة عمل إلى الخارج منذ البارحة، لذا سأستفسر منها عن مكانه، وسأعطيه لكِ في المرة القادمة.”
“آنسة هوانغ جو يون، شكراً جزيلاً لكِ على اهتمامكِ بكل هذه التفاصيل.”
قالت المستشارة النفسية ذلك وهي تبتسم بامتنان بالغ.
فأجابتها جو يون بابتسامةٍ مشرقة ووعدتها،
“سأتواصل معكِ بالتأكيد.”
***
طن-
بعد أن ودّعت هوانغ جو يون، عادت سيان إلى موقف السيارات المدفوع وجلست في مقعد السائق وأغلقت باب سيارتها.
“ثمرة الخلود، حقاً……”
في اللحظة التي سمعت فيها ذلك، تسلّل إليها شعورٌ مرعب من القشعريرة.
كان هذا يعني أن كيم يون وو كانت تدري إلى حد ما أنها ستكون قرباناً و ستموت قريباً.
“قالت أنها ستصعد إلى النعيم حيث يكون مصيرها قبل أن تبلغ الخامسة والعشرين، لكنها كانت تخاف هذا الأمر وتكرهه.”
النعيم……
تذكرت وجه كيم يون وو الذي مرّ بسرعة على الكاميرا، وعيونها التي كانت واسعةً من الخوف والرعب، ممتلئةً بالدموع.
كم كانت خائفة ومرعوبة حتى اللحظة التي فقدت فيها أنفاسها…..
اندمج الشعور بالشفقة والغضب في قلب سيان بعنف. و أغمضت عينيها لتهدئ مشاعرها، ثم فتحتها ببطء وببرود.
ثم حملت هاتفها على الفور وأرسلت رسالةً إلى جوون.
<~: لدي شيء لأتحدث عنه، هل يمكننا اللقاء الآن؟>
عادةً ما يرد جوون في غضون ثلاثين ثانية، لكن مرّت خمس دقائق دون أي رد.
“يبدو أنه يحاول فتح بوابة الذاكرة.”
خلال الشهر الماضي، كان جوون يغوص بين الحين والآخر في لاوعيه ليبحث في ذكرياته الماضية.
كان يفتح عشوائياً الكثير من أبواب اللاوعي، يبحث عن ذكرى “اليوم الذي أقيم فيه الاحتفال الطقسي قبل 21 عاماً”. وكان يشعر بحدسه أن بإمكانه العثور عليها خلال يومين أو ثلاثة.
لكنها كانت ذكرى من عمر السبع سنوات فقط. حدث ذلك قبل 21 عاماً. وبما أن الحدث كان في سن صغيرة جداً، فلم يكن من المؤكد ما إذا كان بإمكانه إيجاد غرفة تلك الذكرى……
على أي حال، جوون هو من نوع الأشخاص الذين ينجزون مهامهم دفعةً واحدة، لذا قد لا يخرج من اللاوعي حتى صباح الغد.
الوقت الحالي، الساعة الثامنة وعشر دقائق مساءً.
‘ماذا أفعل؟’
هل تنتظر قرب منزله، أم تعود إلى منزلها اليوم فقط؟
بعد صراع قصير بين الخيارين، قررت سيان أن تنتظر.
______________________
ياحظ جوون بسيان شف عاه حتى خققت النسوان😔✨
المهم جو يون ذي طلعت مجنونه بعد محد صاحي في ذا القضيه
والحين بدي اصدق ان شيطان المراية طلع بس تخيلوا تطلع جو يون قىًلته تحسبه يون جو😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 74"