‘توأم’
في اللحظة التي أشار فيها “D” مباشرةً وجمعت بين جو يون ويونجو بهذه الطريقة، تجمد وجه جو يون من الانزعاج.
لسارعت يون جو بالرد وهي توبخ نفسها.
“متشابهتان؟! جو يون أطول مني بخمسة سنتيمترات! وفوق ذلك، هي أجمل بكثير. أما أنا، فنسبي الجسدي كارثة، هه……جو يون تبدو كعارضة أزياء.”
الوحيدة التي كانت تقول أن هوانغ جو يون ذات الملامح العادية والجسد العادي “تبدو كعارضة” كانت بارك يون جو.
لكن “D” لم ترد الدخول في جدال حول هذا التوصيف المبالغ فيه. بل راحت تضحك بخفة وتمازحها بأسلوب غير مباشر.
“بارك يون جو تحب جو يون فعلاً. سمعت أنكِ لحقتها حتى للجامعة؟”
“أجل، في الحقيقة أنا، أممم……”
ترددت يون جو قليلاً قبل أن تعترف بصوت خافت.
“كنت أتعرض للتنمر والعزلة في الثانوية. وقتها، جو يون وقفت بجانبي كثيراً، وظلت تساعدني.”
“آه، هكذا إذاً.”
“كانت جو يون الوحيدة حينها……الوحيدة التي حمتني.”
استعادت يون جو ذكرى الماضي المؤلم بوجهٍ كئيب، لكنها سرعان ما ابتسمت فجأة، وأمالت رأسها على كتف جو يون.
“هوانغ جو يون صديقتي المفضلة. إنها أطيب وألطف إنسانة في العالم……هوانغ جو يون هي المفضلة لدي في حياتي كلها.”
ابتسمت جو يون بحرج و سحبت شفتيها بابتسامةٍ مصطنعة.
كما قالت يون جو للتو، بدأت هوانغ جو يون تكون “المفضلة” لدى بارك يون جو منذ الصف الثاني الثانوي.
جو يون، التي كان والداها من الأثرياء، كانت تنتمي إلى مجموعة تتحكم في أجواء الصف. و وقتها، كانت تهتم أحيانًا ببعض الطلاب الذين تعرضوا للتنمر والعزلة……
وكان هذان الشخصان هما “بارك يون جو” و”كيم يون وو”.
ربما لأن يون جو كانت ممتنةً لتلك الرعاية، أو ربما بسبب طبيعتها التي تكرّس نفسها تمامًا لمن تحب، صارت بارك يون جو، التي كانت ضحية تنمر، تبذل كل جهدها في سبيل هوانغ جو يون.
عندما سمعت أن جو يون تشاجرت بعنف مع والدتها وغادرت المنزل، جاءت إليها فورًا تتعثر في خطواتها حتى بيت البخار رغم أنها كانت مصابةً بالإنفلونزا ولا تقوى حتى على الجلوس، وبقيت معها حتى الصباح.
كان لدى هوانغ جو يون دائمًا الكثير من الأصدقاء من حولها……ولكن في ذلك اليوم الكئيب، كانت الوحيدة التي بقيت بجانبها هي المنبوذة بارك يون جو.
تأثرت جو يون بذلك بشدة، وسرعان ما أصبحت صديقةً حميمة ليون جو.
لكن……ربما كانت بارك يون جو متعلقةً بها بشكلٍ مفرط……
إذ أنها كانت تتصرف وكأنها خادمة، تبذل كل جهدها وتعتني بها بكل التفاصيل، مما جعل أصدقاء جو يون الآخرين ينفرون منها واحدًا تلو الآخر ويبتعدون عنها.
وفي النهاية، لم يتبقَ بجانب جو يون سوى يون جو.
ومع ذلك، لم تشعر بأي رغبة حقيقية في تكوين صداقات أخرى. فبارك يون جو الواحدة كانت كافية لتسد مكان عشرة أو عشرين صديقة عادية.
كانتا صديقتين حميمتين منذ الصف الثاني الثانوي، ولم تحدث بينهما أي مشكلة حتى الآن.
لكن……
‘هل يمكن فعلاً أن يتم الخلط بيني وبين يون جو إلى هذا الحد؟’
بسبب شعورٍ مزعج وغير مريح، ألقت جو يون نظرةً خاطفة نحو الواجهة الزجاجية الأمامية للمقهى.
ما الذي يجعلني أشبه يون جو إلى هذا الحد؟
و بدأت تتفحّص ملامح وجهها بعينين متجهمتين، وفجأة شعرت بقشعريرة وتوقف أنفاسها للحظة.
ابتسامة-
فجأة، رأت انعكاس وجهها على زجاج الواجهة وهو يبتسم ابتسامةً عريضة. وما إن وقع نظرها على ذلك “الوجه المبتسم”……
……حتى
مهلاً؟
شعرت وكأن قلبها قد سقط من مكانه. فالوجه الذي كانت تظنّه “وجهها” لم يكن وجه هوانغ جو يون، بل كان وجه بارك يون جو.
كانت يونجو، التي تقابلت عيناها مع انعكاس جو يون في الزجاج وهي تبتسم بلطف، تتابع حديثها مع “D” كأن شيئاً لم يحدث.
نبض… نبض…
راح قلب جو يون ينبض بعنف حتى شعرت بصدى النبض في أعلى رأسها، وبدأ شعور قوي بالنفور والانزعاج يغلي بداخلها.
“سأغادر أولاً.”
دَفَعَت يون جو التي كانت ملتصقةً بها كما لو كانتا توأمين ملتحمين، ونهضت من مكانها فجأة.
وحين ساد جوٌ من البرود المفاجئ، نظرت إليها “D” بنظرةٍ مستغربة وكأنّها تقول: “ما الذي أغضبها الآن؟”، ثم ابتسمت ابتسامةً مقتضبة و لوّحت لها.
“حسنًا، لن أفتح موضوع اللقاء مرة أخرى. آسفة لإزعاجكِ.”
***
أسرعت يون جو تحمل أمتعتها على الفور، ولحقت بجو يون كجرو صغير مرتبك.
“جو يون، ما بكِ؟ لماذا انزعجتِ فجأة؟”
“…….”
“همم……هل تكرهين موضوع اللقاء إلى هذا الحد؟”
“المشكلة ليست في اللقاء بحد ذاته……”
كان صوت “همم” الذي يصدر من الأنف عادةً مألوفة عند جو يون، فقد كانت يون جو تكررها أحيانًا.
حتى الحاسوب المحمول الصغير الذي تحمله يون جو الآن هو من نفس الطراز الذي تستخدمه جو يون، ومن نفس الشركة المصنعة.
والفستان الكتاني الذي ترتديه يشبه في تصميمه ما ترتديه جو يون أيضًا.
وأشارت جو يون إلى ذلك مباشرة.
“فستانكِ……يشبه فستاني، أليس كذلك؟”
“أجل، جميل، أليس كذلك؟ فكرت أنه سيعجبكِ تمامًا، لذا جمعت أجر عملي المؤقت واشتريته. سأعيركِ إياه لاحقًا إن أردتِ.”
“لا، همم……”
تماسكت جو يون بصعوبة لتهدئة نبرة صوتها، ثم تحدثت بصرامة،
“من الآن فصاعدًا، لا تشتري ما تظنين أنه سيعجبني……بل اشتري ما يُعجبكِ أنتِ.”
وبما أن النبرة كانت حادة، لم يكن من الممكن ألا تلاحظ يون جو ذلك، فارتبك وجهها وبدت عليها الحيرة.
“لماذا فجأة……؟ منذ أيام الثانوية، كنا دائمًا نشتري الأشياء ونستخدمها معًا. كنا نشتري أشياء متطابقة كأنها قطعٌ للأصدقاء……هل فعلتُ شيئًا خاطئًا؟”
“ليس هذا بالضبط……”
“جو يون، أنتِ حقًا……المفضلة لديّ.”
‘من الطبيعي أن أرغب في التشبّه بك ما دمتِ مفضّلتي.’
لكن الشعور المزعج الذي راودها قبل قليل كان أقرب إلى رعبٍ يهز أعماق القلب.
كأنها فجأة انتبهت لوجود مرآةٍ أمامها، واكتشفت أن الانعكاس لا يتحرك مثلها، بل يتحرك بطريقة مختلفة تمامًا……
تلك القشعريرة……كان هذا الشعور مشابهًا لها تمامًا.
ما هذا؟ من هذه؟
هذه ليست أنا، فلماذا تتحدث وتتحرك مثلي تمامًا؟
نظرت يون جو إلى جو يون بحذر، ثم سألت بتردد،
“صحيح! رحلتنا التي قررنا القيام بها في يونيو……ماذا عنها؟ أليس علينا أن نبدأ التحضير؟”
كان هذا وعدًا قطعته جو يون ليون جو منذ أن أصبحتا صديقتين في الصف الثاني الثانوي، أن تسافرا معًا فور انتهاء الفصل الصيفي من السنة الثانية في الجامعة.
لكن فكرة أن تبدوان كأختين أو كتوأمين حتى في الخارج……كانت غير مقبولة. كانت مقززة. و لم ترغب جو يون بذلك أبدًا.
لذلك تهربت من الإجابة.
“لنتحدث في الأمر لاحقًا. أنا متعبة وسأعود للمنزل.”
“حسنًا، هل أشتري لكِ الآيس كريم الذي تحبينه ونذهب معًا؟”
“لا! قلت أنني سأذهب وحدي! لماذا أنتِ دائمًا تذهبين معي؟!”
صرخت فجأة، وبدا صوتها مرتفعًا بشكلٍ غير معتاد، فتفاجأت يون جو وبدت عليها الصدمة والخذلان.
“جو يون……”
“أنا……لا، لا شيء. سأتصل بكِ لاحقًا.”
ثم استدارت جو يون بوجه قاتم مبتعدةً بسرعة عن يون جو.
***
طلق-!
ألقت جو يون حقيبتها على أريكة غرفة المعيشة في شقتها ذات الغرفة الواحدة كما لو كانت ترميها.
شعرت وكأن جمرةً مشتعلة قد زُرعت في قلبها، وبدأت حرارةٌ خانقة تتصاعد في جسدها كله.
فذهبت مباشرة إلى الثلاجة، وملأت كوبًا كبيرًا بماء غازي بارد وشربته دفعة واحدة.
وحين بدأت تسترجع الأمر بهدوء……تذكّرت أن أول مرة اشترت فيها بارك يون جو شيئًا مشابهًا لهوانغ جو يون كانت في الصف الثاني الثانوي.
في أحد الأيام، جاءت يون جو وهي ترتدي سوارًا فضيًا يشبه تمامًا الذي كانت ترتديه جو يون.
كان نسخةً مقلدة ورخيصة، فرق السعر بينهما كبير، لكن من النظرة الأولى يصعب التفريق بينهما.
“كان سواركِ جميلاً جداً، فقررت أن أشتري مثله. هل يزعجكِ ذلك؟”
وقتها، لم تقل جو يون أنها لا تحب ذلك. بل أجابت: “لا، لا بأس.”
ومنذ تلك اللحظة، بدأت يون جو تدريجيًا تستبدل ممتلكاتها بأشياء مماثلة لتلك التي تملكها جو يون.
حتى عندما بدأ الناس يخلطون بينهما لأول مرة، اكتفيتا بالضحك والتعليق: “كم هذا طريف!”
رغم أن الأمر كان يسبب لها الضيق أحيانًا، إلا أن يون جو كانت تتعامل معها بلطافة شديدة، وتُرضي جو يون كما تفعل تربّت الأم على طفلها.
تمامًا……كضفدع بدأ يتخبّط بهدوء في ماءٍ بارد.
منذ وقتٍ ما، كانت جو يون تدرك أن الماء بدأ بالغليان، لكنها لم تكن تُدرك بوضوح ما الذي تمرّ به……على الأقل حتى قبل لحظات.
دينغ–
رنّ صوت إشعار الرسائل، وكما توقعت……كانت يون جو.
<~: “هل وصلتِ إلى الشقة بأمان؟ إذا لم ترغبي في البقاء وحدكِ، فقط قولي لي. سواءً كان في الليل أو الفجر، سآتي إليكِ في أي وقت.>
تجاهلت جو يون الرسالة وقرأتها دون رد.
لطالما كانت يون جو تضع كل شيء جانبًا حين تغضب جو يون أو تتضايق، وتفعل المستحيل لإرضائها……وكأن مشاعر جو يون أهم ما في هذا العالم.
حتى الآن، لو قالت لها “تعالي”، لركضت نحوها على الفور. ولو ذكرت لها شيئًا تشتهيه، فستحاول الحصول عليه بأي طريقة.
لأن هوانغ جو يون هي “المفضّلة” لدى بارك يون جو.
رفعت جو يون الكوب المغطى بقطرات الندى، وأخذت تدور بنظرها داخل شقتها. ولأول مرة لاحظت كم من الأشياء هنا كانت قد اشترتها مع يون جو.
في الواقع، كانت جو يون هي من اقترحت كثيرًا من تلك المشتريات، بل كانت تقول أحيانًا: “سأشتريه، ويمكنكِ استخدامه لاحقًا.”
وبعد كل هذا، من الصعب أن تعاتبها الآن.
لكن ذلك الشعور المفاجئ في المقهى قبل قليل……لم يكن له تفسير.
‘أن أعجز عن التمييز بيني وبين نفسي……’
ارتباك، غضب، انزعاج……لا، بل حتى شعورٌ طفيف بالخوف تسلل إليها.
طق–
وضعت جو يون الكوب جانبًا وتوجّهت إلى الحمّام، حيث بدأت تعبث بشعرها أمام المرآة.
كان شعرها الطويل، المنسدل حتى ظهرها، ممتلئًا بحرارة أوائل الصيف الخانقة.
‘هل أُقصّه بالكامل؟’
لكن سيكون ذلك مؤسفًا……
صحيح أن وجه جو يون عادي، لكنّها كانت واثقةً كثيرًا من هذا الشعر الناعم المفرود.
بصراحة، كان الشيء الوحيد الذي تفتخر به.
“الجو خانق على أي حال، سأقصّه وأحوّله إلى قصةٍ قصيرة.”
تمتمت بذلك وهي تحجز موعدًا في صالون التجميل.
“مستحيل أن تقلّدني في هذا أيضًا، أليس كذلك؟”
***
“جو يون! هل قصصتِ شعرك؟!”
فتحت يون جو عينيها بدهشة كبيرة.
“آه، لماذا؟! كان جميلًا حقًا! كنتِ تعتنين به كثيرًا، لماذا إذًا؟ كان يليق بكِ تمامًا……هل حدث شيء في البيت؟ هل هناك ما يزعجكِ؟”
“لا، فقط أردت أن أُغيّر من مزاجي.”
أجابت جو يون ببرود. ربما لأن فكرة “هل ستقصّه هي أيضًا؟” لم تغادر ذهنها، بدت ملامحها ونبرتها باردة هجومية بعض الشيء.
لكن يون جو، التي لم تلاحظ ذلك، بادرتها بلطف و مدحتها.
“حتى بقصة الشعر القصيرة تبدين جميلة. حسنًا، جو يون تبدو جميلةً بكل حالاتها.”
ستقول بعد قليل، “هل يمكنني أنا أيضًا أن أقصه؟”
كانت جو يون مستعدةً اليوم تمامًا للرد عليها بصرامة، لكن يون جو قالت شيئًا غير متوقّع.
“مؤسفٌ أننا لن نستطيع الجلوس جنبًا إلى جنب في الصالون لنقص شعرنا معًا لبعض الوقت.”
“لن تقصي شعركِ؟”
“آه؟ أنا؟”
بدت يون جو شديدة الارتباك، و رمشت بعينيها عدة مرات، وراحت تعبث بشعرها بتردد.
“آه……هل أقصه؟”
“لا! لماذا تقصينه؟!”
خرجت كلمات جو يون بنبرة قاسية تعبيرًا عن الرفض التام. فبدت يون جو في البداية مصدومة، لكنها سرعان ما تنفست الصعداء وابتسمت بخفة.
“حسنًا. أنا مرتاحة مع هذا الستايل حاليًا……أفكر في أن أطيل شعري أكثر.”
“همم.”
لماذا أنا غاضبةٌ هكذا؟
بدت وكأنها تُلمّح إلى أنها لم تكن تقلّد جو يون من تلقاء نفسها، بل لأن جو يون كانت تطلب منها ذلك.
صحيحٌ أن جو يون كانت أحيانًا من تبادر وتطلب منها أن تشتري شيئًا أو تفعل شيئًا مماثلًا……
“تبدين جميلةً جدًّا، جو يون. قصة الشعر موفّقةٌ فعلًا.”
قالت يون جو ذلك مجددًا بنبرة مليئة بالود، ثم ربتت على كتفها بلطف.
“أنت تعلمين أنني دومًا في صفكِ، صحيح؟ إن كان هناك ما يزعجكِ، يمكنكِ دائمًا الحديث معي.”
_____________________
هوس يون جو ذاه مره يع بس بنفس الوقت جو يون شكلها انجنت وبىًقتلها 😭
فصل بدون سيان وجوون ؟ نااااااه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 73"