“نتائج تتبع الأفاعي تسير بسرعةٍ مذهلة.”
أثناء خروجها بعد تناول الطعام، ابتسمت الرئيسة برضا وأثنت وهي تنظر إلى ظهر تاي جوون الواقف عند المحاسبة.
“بالفعل، عندما نجمع اثنين من أصحاب القدرات، تكون النتيجة مذهلة. كنت أظن أننا إن حالفنا الحظ سنعثر على ثلاث أو أربع أفاعٍ من المستوى المتوسط أو الأعلى، لكننا بالفعل كشفنا العلاقة بين الطائفة والأفاعي.…”
“بهذا النسق، أظن أننا سنتمكن من القبض على الأفاعي السوداء. بالتأكيد قبل نهاية هذا العام.”
أعربت سيان عن عزمها بحزم. فهزت الرئيسة رأسها موافقةً بجدية.
“نعم…..إن كانا لي سيان وتاي جوون يعملان كفريق، فبالتأكيد يمكنهم ذلك.”
“في الحقيقة، السيد تاي جوون هو من يقوم بكل شيء تقريبًا. لقد كان هو من اكتشف كل النقاط الأساسية.”
لكن الرئيسة اعترضت بلطف.
“لا، سيان، أنتِ المفتاح الأهم في هذه العملية.”
“أنا..…”
“أنتِ من يدفع تاي جوون للتحرك بحماس. بصراحة، بدونكِ، لم يكن بمقدوره أبدًا الاقتراب من حقيقة الأفاعي السوداء بمفرده.”
حين ابتسمت سيان بتعبير متردد، كأنها تقول “لست متأكدة”، تذكّرت الرئيسة شيئًا فجأة وغيرت مسار الحديث.
“صحيح. في اليوم السابق لإجازتكِ، أخذتِ الللوحة التي رسمتها كاهنة الوحش، الضفدع، أليس كذلك؟ هل تم حلّ مشكلة شبح الألفية؟”
ارتجفت سيان للحظة، لكنها أجابت بهدوء.
“نعم. السيد تاي جوون أقام حاجزًا معززًا، بالإضافة إلى أن المسدس الجديد الذي استلمته يتمتع بقوة اختراق عالية ونارية ممتازة.”
“أفهم…..و لم يكن هناك أي خطر؟”
في الحقيقة، كان الأمر في غاية الخطورة. لو لم يقم جوون بإنشاء درع باستخدام أرواح الكوابيس، لكانت قد مزقت حتى الموت.
لكنها أجابت بإيجاز، حتى لا تقلق الرئيسة بشأن أمر قد انتهى بالفعل.
“أقل مما توقعت. سأرفع تقريرًا عن شبح الألفية خلال هذا الأسبوع.”
“حسنًا. على أي حال، الآن يمكننا أن نطمئن.”
ربما كانت تدرك أن هناك شيئًا لا تقوله لها سيان…..لكنها لم تسأل أكثر. فقط بدت مرتاحةً لأن أكثر ما كان يقلقها قد تم حله. فقد كانت تشعر بقلق كبير بشأن مشكلة روح الألفية.
لا تدري لماذا لا يخبر جوون الرئيسة بسرّه المتعلق بأرواح الكوابيس.
ليس لأنه لا يثق بها بالطبع…..ربما ببساطة، لأنها رئيسة فرع كوريا في منظمة أوتيس. ولو علمت بسرّ جوون وقدراته الخاصة في الشعوذة، فستضطر إلى الصراع بين إبلاغ المقر الرئيسي أو كتمان الأمر.
أو ربما…..لأنه يريد فقط أن تكون علاقته مع هذا الشخص، على الأقل، علاقةً بشرية طبيعية، مليئة بالمشاكسات العادية.
بالنظر إلى طفولته، وإلى الأشخاص في ماضيه الذين كانوا يرمقونه بنظرات ممزوجة بالاشمئزاز والاحتقار والخوف، قد يكون هذا السبب.
“لحظةً من فضلكِ.”
لأن الدفع كان يستغرق وقتًا، استأذنت سيان من الرئيسة واقتربت من جوون.
كان قد طلب كميةً كبيرة من الأطعمة مثل الحساء بالعظام، واللحوم المطهوة على البخار، واليخنات، وكلها لا تحتاج إلا إلى وضعها في الميكروويف لتسخينها.
ومن عدد أكياس التسوق، كان واضحًا أن بعضها للرئيسة وبعضها لها.
“يقال أن شرائح اللحم الباردة لذيذةٌ أيضًا، هل نشتري منها؟”
سألها جوون، فهزت سيان رأسها نفيًا.
“أنا لا أريد. دعنا نشتريها للرئيسة فقط، لتكون مع المقبلات.”
“لنفعل ذلك.”
أجاب جوون وهو يزيل بقعة من الغبار عن كتف سيان.
كان ذلك التلامس القصير غير متوقع لكنه لطيف. ربما لأن فيه شعورًا بالألفة، وكان طبيعيًا جدًا.
ثم وقفت بجانبه طوال الوقت بينما كان يطلب شرائح اللحم ويدفع الحساب.
في السابق، كانت لتستدير وتغادر فور انتهاء المهمة…..لكن منذ وقتٍ ما، باتت تشعر بالاطمئنان حين تراه، والآن باتت تشعر به أقرب وأوضح من أي شخص آخر.
حتى إن كان بين عشرات الظلال، فإنها كانت قادرةً على تمييز ظل تاي جوون وحده فورًا.
نظرت سيان بطرف عينها إلى يده الموضوعة على طاولة الحساب.
كانت كبيرةً وصلبة، وأصابعه الطويلة ممدودة بنعومة وأناقة. لا بد أن ملمسها دافئ.
فجوون كان رجلًا بيدين دافئتين بشكل غير متوقع.
لكن سيان أدارت بصرها بسرعة نحو الرئيسة، كأنها تتهرب من رغبتها في ذلك الدفء.
كانت الرئيسة بانتظار جوون وسيان عند مدخل المطعم الواسع، جالسةً على كرسيها المتحرك، مستقيمة القامة كالسيف، تحدق إليهما مباشرة.
في لحظة، جذبت عينا الرئيسة الخاليتان من التعابير نظرها بقوةٍ مفاجئة.
و عندما التقت نظرات سيان بها بارتباك، ابتسمت الرئيسة بخفة وكأنما تقول: “ذلك الجوون، يفعل أشياء من تلقاء نفسه مجددًا، أليس كذلك؟”
فبادلتها سيان الابتسامة كأنها ترد عليها.
***
الثالث والعشرون من مايو.
كان الجو قد بدأ يشعرها بالفعل بحرارة أوائل الصيف، مع رطوبة خانقة.
دخلت سيان إلى ملعبٍ صغير داخل مجمع سكني، وتوجهت نحو رجل في منتصف العمر كان يجلس منحنياً على أحد المقاعد في الزاوية، ثم حيّته.
“مرحبًا. حضرتكَ والد كيم يون وو، صحيح؟ أتيتَ مبكرًا.”
رفع الرجل، الذي كان يهز ساقه بعصبية، عينيه فقط ونظر إليها.
كيم يون وو، الشابة ذات العشرين عامًا التي قُتلت كأضحية بشرية في الفيديو المصور بالكاميرا. هذا هو والدها.
كان والد كيم يون وو يعمل محاضرًا بدوام جزئي، ووجهه بدا شاحبًا ومثقلًا بالإرهاق، وظلال التعب الداكنة تحت عينيه واضحة.
و كانت تفوح منه رائحة خفيفة من الكحول…..لم يكن الأمر كأنه شرب لتوه، بل بدا كمن يعيش حياته اليومية والكحول متغلغلٌ فيها باستمرار.
“آه، نعم…..حضرتكِ المعلمة التي كانت تشرف على يون وو في الاستشارات النفسية، أليس كذلك؟”
“نعم. كنت قلقةً لأنني فقدت التواصل مع يون وو منذ مدة، لذلك تواصلت معك. أشكركَ حقًا على تخصيصكَ هذا الوقت.”
“… ..في المرة السابقة، جئتِ حتى إلى الجامعة، ثم ألغيتُ الموعد فجأة، أعتذر عن ذلك.”
“لا بأس. إذا حدث أمرٌ طارئ، فالأمر مفهوم.”
جلست سيان بجانبه بابتسامة هادئة. و ربما شعر الأب بالاطمئنان حين وجد أن من أمامه شخص هادئ ورزين، فظهر على وجهه ارتياحٌ متردد.
“لم تخبرني يون وو يومًا بأنها كانت تتلقى استشارات..…”
“هممم.”
تنفست سيان بعمق متعمدةً إظهار الحرج، ثم واصلت الحديث وكأنها تتحرى الحذر.
“كانت تمرّ بالكثير من المشكلات حتى قبل طلاقكما. أظن أنها وجدت صعوبةً في الاعتراف لكَ بأنها كانت تذهب للاستشارة النفسية.”
“ربما…..كانت فترةً صعبة على فتاة مراهقة.”
تمتم والد كيم يون وو بانزعاج وتحرك في جلسته بقلق.
في الأصل، موافقته على اللقاء في “ملعب الحي لدقائق فقط” كانت تعني أنه لا ينوي الحديث طويلًا.
لكن سيان لم تلتف حول الموضوع، بل طرحت الطُعم مباشرة.
“يون وو كانت تعاني كثيرًا أيضًا من ناحية دينية..…”
“هاه؟”
على الفور، انقبض وجه والدها باشمئزاز.
“أولئك الحمقى من الطائفة الدينية المجنونة..…”
نبض-
تسارَع نبض قلبها. إن كانت ردة فعله هكذا، فلا شك أن المشكلة تتعلق بدين الأم.
سيان سحبت خيط الصيد برفق.
“تقصد تلك الجماعة التي تحصد بذور القمح من البحر…..أليس كذلك؟”
“سواء كانت بذور قمح أو أرز، لا أملك ما أقوله عن ذلك. إن كنتِ تريدين لقاء يون وو، فمن الأفضل أن تبحثي عن والدتها.”
“هل يون وو تعيش مع والدتها الآن؟”
“غالبًا نعم. قبل أن تهرب من المنزل، قالت إنها ستذهب إليها.”
“إلى والدتها؟”
“لذا تركتها وشأنها…..و ربما أزعجها ذلك، لا أعلم، لكن حتى عندما أرسل لها رسائل بين الحين والآخر، لا ترد أبدًا…..و لا تفتح رسائلي إطلاقًا.”
لأنها قد ماتت بالفعل.
كان هذا الأب لا يعلم أن ابنته قُتلت منذ فترة.
“هاه…..ربما سمعتِ بهذا منها أثناء جلسات الاستشارة.”
تمتم الأب منهكًا وهو ينظر إلى قدميه.
“يون وو ليست ابنتي البيولوجية.”
ارتجفت سيان للحظة واتسعت حدقتا عينيها، لكنها أجابت بذكاء وبنبرة دافئة.
“قالت أنها تعرف أن والدها يحبها.”
“…..؟”
“وقالت أيضًا إنها كانت سعيدة لأنها اختارت البقاء معكَ بعد طلاق والديها.”
“آه…..”
أخفى الأب وجهه بين يديه وهو يتألم.
من الواضح أن العلاقة بينه وبين ابنته كانت قوية. فما دام لا يزال يرسل لها الرسائل رغم أنها لا ترد، فلا بد أن المودة بينهما كانت عميقة.
ولهذا السبب، حتى بعد أن علم أنها ليست ابنته البيولوجية، تكفّل برعايتها بنفسه.
لكن من المؤكد أن الأمور لم تَسِر كما كان يتمنى حين عاشا معًا.
حاول الأب أن يتمالك مشاعره وهزّ رأسه بأسى.
“على أية حال، من المرجّح أن يون وو مع أولئك الحمقى من الطائفة الدينية الآن. سمعت أنهم يعيشون حياةً جماعية، وأمها معهم هناك.”
“لكننا لم نتمكن من الوصول إلى والدتها إطلاقًا.”
“إذاً، حاولي التحدث إلى صديقتها. حتى لو قطعت يون وو علاقتها بي، لا بد أنها لا تزال على تواصل مع تلك الصديقة.”
“هل تعرف اسم أو رقم هاتف تلك الصديقة؟”
“رقم الهاتف لا أملكه…..لكنهما كانتا في نفس الصف في الصف الأول والثاني الثانوي، يمكنكِ البحث عنها من خلال المدرسة التي تخرجت منها أو عبر وسائل التواصل.”
“أفهم. وما اسمها..…؟”
“جو يون، مثل ’بطلة الحياة‘ أو ’بطلة فيلم‘، كانت يون وو تمزح هكذا يومًا. أعتقد أن اسم عائلتها…..هوانغ. نعم، هوانغ جو يون بالتأكيد. إذاً..…”
أومأ الأب برأسه كأنه أنهى كل ما لديه، وغادر على عجل.
راقبت سيان ظهره وهو يبتعد، ثم تمتمت لتتأكد،
“هوانغ جو يون.”
***
“جو يون! هوانغ جو يون!”
عندما سمعت النداء، التفتت بسرعة إلى الوراء، وما إن فُتح باب المقهى حتى اقتربت “D” نحوها.
كانت جو يون تجلس عند الطاولة الطويلة الممتدة بمحاذاة النافذة الأمامية في المقهى، كلوح خشبي مسطح، لكن “D” مرّت من أمامها مباشرةً وتوجهت بالحديث إلى “يون جو” الجالسة بجانبها.
“ماذا عن لقاء الغد؟ هل ستحضرينه؟”
فرفعت يون جو رأسها بسرعة وأجابت،
“جو يون بجانبي، على يساري.”
“آه، آسفة. كنتِ أنتِ يون جو؟”
انتقلت “D” بسرعة إلى جوار جو يون، ثم وضعت حقيبتها مستندةً إلى النافذة الأمامية وسألت،
“جو يون، حقًا لن تحضري اللقاء؟ بما أني أنا من نظمته، سيكون ممتعًا!”
“هممم…..لا أدري.”
ردت جو يون بنبرة متجمدة وصوت منخفض.
حينها، تدخلت يون جو الجالسة بجانبها وشجعتها بلطف،
“سيكون جيدًا لتجديد مزاجكِ. تعالي معنا، أليس كذلك؟”
لكن جو يون لم تجب، واكتفت بهز كتفيها.
لماذا أشعر بهذا الانزعاج؟
صحيحٌ أن بعض الناس كانوا يخلطون بينها وبين يون جو أحيانًا العام الماضي…..لكن هذا العام، الوضع أصبح مفرطًا، فقد تم الخلط بينهما بالفعل أربع مرات اليوم فقط.
“هل أنا ويون جو متشابهتان إلى هذا الحد؟”
سألت بنبرة متضايقة، فرمشت “D” بعينيها بدهشة.
“هاه؟ ألم تكونا توأمتين في الأصل؟ آه، صحيح! نسيت أن لقبيكما مختلفان، هوانغ جو يون، وبارك يون جو.”
توأمتان.
كانت تلك الكلمة كإزميلٍ جليدي حاد طعن قلب جو يون ببرودة.
____________________
ضحكت يعني هذي البدايه اجل مب شيطان مرايه؟ هذي جو يون قىًلت يون جو او العكس
ابو يون وو رحمته😔
المهم الرئيسة وش ذا النظره وش السالفه
صح مايقدرون يعالجونها ؟ مابيها تفطس
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 72"