– نقيضي داخل المرآة، و أنا الحقيقي. لكننا……متشابهان كثيرًا.
– المرآة،ليسانغ
***
كانت امرأةً شابة. شابّة إلى درجةٍ يمكن لأي أحد أن يلاحظ صغر سنّها من النظرة الأولى.
بشعرٍ قصير، وأظافر مطليةٍ بلون أزرق سماوي، وكانت ترتدي فستانًا من الكتان البنفسجي الفضفاض، بينما شفتيها مطليتان بلمسةٍ خفيفة من لون برتقالي لامع.
تلك المرأة الصغيرة الملامح، الشابة جدًا، كانت ميتةً داخل حوض الاستحمام، جالسةً وركبتاها مطويتان نحو صدرها.
“يبدو أنها قُتلت قبل وقتٍ قصير.”
قالت سيان بصوتٍ جاف وهي تنظر للأسفل نحو المرأة.
يبدو أن السبب الرئيسي للوفاة هو طعنةٌ في الشريان السباتي في الرقبة.
و وجهها أيضًا كان مليئًا بثقوبٍ حادة، وكأن شيئًا مدببًا يشبه المخرز طُعن به بعشوائية……
كانت عيناها مفتوحتين على اتساعهما، تحدقان مباشرةً في الفراغ، إلى درجة جعلت شكلها يبدو أقرب إلى مكياج مؤثراتٍ خاصة منه إلى جثة حقيقية.
حرّك جوون رأس الجثة بهدوءٍ إلى اليسار واليمن، ثم أدلى برأيه.
“الوجه، الصدغ، ومحيط العنق……جميعها طُعنت بدبوس شعر. سبعٌ وثلاثون طعنةً قوية، وسبع طعناتٍ أخطأت الهدف، ما مجموعها أربع وأربعون طعنة.”
‘أربع وأربعون.’
أربع وأربعون طعنةً مشبعة بالرغبة في القتل.
من هذا الرقم وحده، 44، كان بالإمكان الشعور بالكراهية العنيفة التي دفعت القاتل لطعن الجثة مرارًا وتكرارًا.
الضحية كانت تُدعى هوانغ جو يون، وكان من المقرر أن تلتقي بـسيان في هذا المكتب عند الساعة السابعة مساءً.
ولكن أن تكون قد قُتلت……كان أمرًا غير متوقعٍ تمامًا.
مررت سيان أصابعها في شعرها بتوتر، ثم ألقت نظرةً حول غرفة المعيشة.
كانت الفوضى تعمّ المكان. ملابسٌ شتوية وصيفية مكدّسة بجانب الأريكة، وحقائبٌ وأحذية مرمية عشوائيًا. وكان هناك خطٌ طويل من الدم يمتد من غرفة المعيشة حتى يصل إلى حوض الاستحمام.
من الواضح أن القتل حصل في غرفة المعيشة. و القاتل نقل جثة هوانغ جو يون إلى حوض الحمام، ثم غادر المكتب.
هل سيعود؟ لا أحد يعلم بعد. و ربما خرج مؤقتًا لشراء أدوات للتخلص من الجثة.
قشعريرة-
فركت سيان ساعديها عدة مرات.
لماذا الجو باردٌ هكذا؟ يبدو أن المكيف مضبوطٌ على درجة حرارة منخفضة للغاية، حتى أن جلدها اقشعر كأنها داخل ثلاجة.
في هذه الأثناء، خرج جوون من الحمّام واتجه مباشرة إلى سلة المهملات الموضوعة على طاولة الزينة داخل المكتب.
و غاص بيده وسط كرات القطن الملطخة بآثار المكياج، وأخرج شيئًا غير متوقع. كانت صورةً فورية ممزقةً إلى أجزاء طويلة.
هل أعطت الكوابيس تلميحًا ما؟
قام جوون بجمع أجزاء الصورة الممزقة بشكلٍ عشوائي، وألقى نظرةً سريعة عليها لمدة ثانيتين تقريبًا، ثم ناولها لـسيان.
فاقتربت سيان بخطواتٍ سريعة، و أخذت الصورة من يده، وبدأت تتفحصها بعناية.
“تبدو كصورةٍ تم التقاطها في مقهى كجزءٍ من فعالية ما.”
كانت صورةً لثلاث طالبات في المرحلة الثانوية، يرتدين الزي المدرسي ويجلسن جنبًا إلى جنب على أريكةٍ بجدار أحد المقاهي.
إن كانت هذه صورة من أيام المدرسة لا تزال محفوظة حتى الآن، فلا شك أن هؤلاء الثلاث كنّ صديقات.
رغم ذلك، لم يكن الجو في الصورة يوحي بقرابة أو ألفةٍ حقيقية بينهن.
قلبت سيان الصورة، فظهرت كتابةٌ بقلم حبر على الظهر،
<جو يون، يون جو، يون وو.>
من بينهن، يون وو هي كيم يون وو التي قُتلت كأضحيةٍ في مقطع الفيديو المصوّر بالكاميرا.
أما جو يون و يون جو……كانت أسماءً كأنها انعكاسٌ متقابل في مرآة، متناظرةً تمامًا.
كانت هوانغ جو يون معروفةً بالفعل، أما يون جو……ففي هذه الصورة بالتحديد، كانت عينيها تعكسان ضوءًا أزرق خافتًا، وكأن ضوء الفلاش ارتدّ عليهما.
“هؤلاء الثلاث……لا يبدون كصديقات، بل كأميرةٍ وخادمتين في الخلفية.”
علّق جوون بسخريةٍ وهو يقترب منها، ينظر من فوق كتفها إلى الصورة.
ذلك الاحتكاك القريب جعل إحساس جلدها يتنبه على الفور، فحتى من خلال البدلة الصيفية الخفيفة، شعرت بملمس عضلاته المشدودة و دفء جسده الواضح.
ومن وضعها القريب منه، سألت سيان أكثر ما كان يهمها.
“روح هوانغ جو يون، التي ماتت في الحمّام……هل لا تزال هنا في المكتب؟”
“لا. على الأرجح هي تتبع القاتل في هذه اللحظة.”
“في هذه الحالة، يجب أن نلحق بذلك القاتل فورًا.”
من شكل مسرح الجريمة، بدا واضحًا أن القاتل غادر المكان على عجل، منذ خمس إلى عشر دقائق فقط كحد أقصى. وهذا ما يجعله لا يزال ضمن نطاق الملاحقة.
مدّ يده ببطءٍ ولمس برفق مؤخرة عنقها، وراح ينزلق بأصابعه المفتوحة على امتداد شعرها.
و في اللحظة التي التصقت فيها راحة يده ببشرتها، اجتاحها دفءٌ هادئ.
و تبع جوون نبضها المتسارع بخفة، وداعب بخفة شرايين عنقها البيضاء بأطراف أصابعه، كما لو كان يتتبع خريطة.
كانت لمسته تشبه التموجات التي تنتشر فوق سطح ماء هادئ.
زفرت سيان من بين شفتيها الممتلئتين، بأنفاسٍ هادئة، ونظرت إليه مباشرة. فراح جوون يمرر أصابعه على عنقها.
فأرادت أن تلمس ضوء شمس يونيو الذي كان يلامس برفق ذقنه الحليق بعناية.
لا بد أنه سيكون دافئًا، ناعم الملمس، ومريحًا.
“يكفي.”
ثم همست سيان أخيرًا، لكنها رسمت حدًّا ببرودٍ واضح.
“لينكون.”
وما إن نادت اسمه، حتى ظهر لينكون أمامها كنسمةٍ بيضاء. و أمرتْه بأن يتعقّب رائحة الشخص الذي كان مع الجثة في هذا المكتب حتى قبل عشرين دقيقةً فقط.
لينكون لم ينظر إليها حتى، و فقط شمّ الهواء وهو يعبس، ثم سار بخطواتٍ غاضبة نحو الباب.
لقد كان لينكون غاضبًا من سيان إلى درجةٍ هائلة بسبب ما حدث مع روح الألفية. أما سيان، فكل ما كانت تريده هو إنقاذه……
لكن لينكون كان مقتنعًا تمامًا بأنها تخلّت عنه في أكثر لحظاته أهمية.
اعتقد أنها قد سلّمته لشخصٍ آخر، وحاولت أن تموت وحدها دون أن تأخذه معها. ولهذا السبب، حتى بعد مرور شهرٍ ودخول يونيو، لم يظهر أي إشارةٍ على أنه سامحها.
كيف يمكن تهدئة مشاعر لينكون.
لم يكن ذلك بالأمر السهل أبدًا.
“لنذهب.”
قالت سيان ذلك وهي تركز على المهمة أولًا، وتبعت لينكون فورًا.
***
21 يونيو.
كان هواء نقطة الانقلاب الصيفي، اليوم الذي يكون فيه النهار أطول ما يكون في السنة، خانقًا وثقيلاً.
كانا سيان و جوون يسيران خلف لينكون عبر حديقةٍ عامة واسعة.
في نهاية الحديقة، التي بُنيت فوق تل منخفض وتمّت تهيئتها بعناية، كان هناك طريقٌ رئيسي بأربع مسارات، وعلى الجهة المقابلة من الطريق، كان يظهر مقهى ومخبزٌ كبير إلى حدّ ما.
توقف الاثنان عند إشارة المشاة الحمراء. وفي تلك الأثناء، كان لينكون قد ركض بلا توقف حتى وصل إلى الطاولة الخارجية الخاصة بذلك المخبز-المقهى، ورفع ذيله عاليًا كإشارة على “تحديد الهدف”.
‘ما هذا……هل تقول أن تلك هي القاتلة؟’
عبست سيان لجبينها بدهشةٍ واستغراب. فالقاتلة كانت امرأةً شابة في أوائل العشرينيات، بشعر قصير، وكانت تتحدث بسعادةٍ مع امرأة أخرى تبدو في منتصف العمر، تشبه والدتها.
بحسب المعلومات التي أرسلتها العميلة “G” سابقًا، فإن تلك المرأة في منتصف العمر هي بالفعل والدةهوانغجو يون.
أما الشابة التي كانت تجلس أمامها وتتبادل معها الحديث والضحكات……القاتلة، فهي بلا شك……
‘هوانغجويونالميتة؟’
لا……ما الذي يجري هنا؟
هوانغ جو يون ماتت! كانت جثتها في حوض الاستحمام داخل شقتها.
ومع ذلك، ها هي الآن، جالسةٌ بكل حيوية في المقهى، تتحدث مع والدتها!
كيف؟
هي ليست أختًا لها، فحسب تقرير العميلة “G”، كانت هوانغ جو يون ابنةٌوحيدةبلاأشقاء.
قبل كل شيء، ما دام لينكون هو من حددها، فلا شك أن تلك الشابة ذات الشعر القصير هي القاتلة.
التي طعنت شخصًا واحدًا قبل 20 دقيقة فقط، 44 طعنة بدبوس شعر حاد.
“حين يكون الشبه بهذا الحد بين شخصين ولا يكونان توأمًا، فالأمر على الأرجح يتعلق بـ”دوبلغينغر”.”
قال جوون ذلك أخيرًا، وقد بدت عليه ملامح الاهتمام والاستمتاع الشديد.
دوبلغينغر. في الثقافات الغربية، يُعتبر “الدوبلغينغر” شيطانًا شريرًا يعيش داخل المرايا.
روحٌ خبيثة تتشكل من خلال التحديق الطويل والمتكرر في المرآة، وتبدأ تدريجيًا بسرقة ملامح من ينظر إليها، حتى تُكوِّن نسخةً مطابقة منه: “نسخةً أخرى منّي”.
وبمجرد أن تكتمل هيئة الدوبلغينغر، يخرج من داخل المرآة إلى العالم الحقيقي. ثم يقتل النسخة الأصلية، ليتولى حياته بدلًا منه.
ولهذا، هناك أسطورةٌ تقول، إن التقيت بشخص يشبهكَ تمامًا، فعليك أن تقتله فورًا……وإلا فسيكون هو من يقتلك.
ردّت سيان بوجه بارد ونبرة حاسمة،
“من في حوض الحمام قد تكون هوانغ جو يون……أو لا تكون.”
وبالمثل، من تقف أمامهم الآن وتتكلم وتضحك مع أمها، قد تكون هوانغ جو يون……أو لا تكون.
هوانغ جو يون واحدةٌ لا غير……لكن هناك جسدين.
فمن الميت؟ ومن الحي؟ هل كانت هوانغ جو يون هي الجانية؟ أم الضحية؟
ماذا حدث لهوانغ جو يون حقًا؟
هذا ما ينبغي عليهم التأكد منه الآن.
____________________
واو شكل الارك الجديد حلو بس طبعا مب فايز على الفصل الي راح
بعدين لحظه مب على كيف المؤلفه مب انهم اتفقوا ياكلون سوا مع الرئيسة بداية يونيو؟ وينهم كتى صاروا 21 يونيو خيييييير 😭
بعد جوون وسيان شفيهم يسوون نفسهم كأن ماصار شي 🤨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 69"
بليززز خلي التنزيل يومي بقااا تعبت ونا بستني 🥲😩😩😩😩