كان هناك زينةٌ على شكل تنين قالوا إنّ الشامان، صاحبة هذا البيت المهجور في الأصل، قد وضعتها في حياتها لتصدّ روح الألفية.
و رئيس الحي، الذي أراد تحويل المكان إلى منتجع، أزال رأس التنين ذاك رغم أنه كان مشبعًا بتعويذات الشامان المخلصة وقواها الروحية……
قشعريرة-
ارتعشت الأحاسيس في جسد سيان حين رأت ذلك.
سسسسسرك-
رأس التنين الذي رسمه جوون بدمه، والتنين داخل اللوحة الذي اكتمل أيضًا بدمه، بدأ يتلوى وكأنه حي، ثم في لحظة—تشااااك—انفجر وانتشر في صورة ضوء.
“هـب!”
أخذت سيان نفسًا مرتجفًا بصوت مضطرب.
حين منح جوون الذي يملك قوى روحية خارقة، رأسًا لتنين ميت، تحوّل هذا البيت المهجور بأكمله إلى أرض مقدسة، أي إلى مزار روحي.
منطقةٌ مقدسة قوية تضعف قوة الأرواح الشريرة بشكلٍ كبير، وتطهّر سمّ ودم الروح في لحظة.
سجنٌ محكم من صنع التنين، لا يمكن لروح الألفية الهروب منه مطلقًا.
“كاااخ! آااه، الألم! يؤلمني!”
“اقتلوه! اقتلوا هذا الإنسان فورًا!”
وااااج-!
راحت الروح تتلوّى من الألم وتحطّم النوافذ بعنفٍ وتثير الفوضى، لكنها كانت بالفعل محاصرةً داخل المنطقة المقدسة التي صنعها جوون. و لم تعد قادرةً على الخروج من هذا البيت المهجور.
الآن، لم يبقَ خيارٌ سوى أن تُحسم النهاية هنا بين الإنسان والروح.
‘إنه يقترب.’
رفع جوون عينيه بهدوءٍ وأعطى إشارة، ثم حرّك شفتيه فقط ليشير إلى موقع الروح.
‘في الأسفل؟’
ثبت سيان المسدس عند مستوى بطنها.
و كان الصوت يقترب. و يقترب. و يقترب. و يقترب.
بينما نبض قلبها ببرودةٍ تحت إصبعها الموضوع على الزناد.
ارتفاع الروح عند زحفها: 113 سنتيمترًا. إذًا، موقع دماغها هو……
بانغ-!
في اللحظة التي دخل فيها رأس الروح من خلف الباب، أطلقت رصاصة، ثم بدوران أنيق تدحرجت إلى الخارج
بانغ-! بانغ-! بانغ-!
وأطلقت النار بشكل متواصل حتى فرغت خزنة المسدس.
“كراااااااه! أيتها الـ……!”
“كيف تجرؤين وأنتِ مجرد إنسانة!”
مدّت الروح يديها دفعةً واحدة محاولةً الإمساك بـسيان.
كانت عشرات الأيادي تتجه نحوها دفعةً واحدة، بمنظرٍ رهيب ضغط على صدرها بقوة.
سآآآآآه—
في تلك اللحظة، اجتاحت الأرض طاقةً سوداء، وخرجت أرواح الكوابيس من العدم، ثم حلّقت فوق بعضهم على شكل نصف كرة لحمايتها.
و الروح الغاضبة بدأت تمزق الكوابيس بأسنانها، و تعضّهم بجنون وهي تثير الفوضى بعنف.
كانت الكوابيس تُمزَّق وتُقتل كما لو كانت نحلات عسل تمزقها دبابير قاتلة، ست أو سبعًا في الثانية الواحدة.
فأرواح الكوابيس أصلًا مخلوقاتٌ تعيش على امتصاص طاقة البشر الأحياء، ولا تملك أي قدرةٍ قتالية تُذكر.
حدّق جوون ببرود في أرواح الكوابيس التي كانت تُمزق كما لو كانت أوراقًا، واستمر، بلا تردد، في استدعاء المزيد منها بلا نهاية، ليحرسن سيان بأي ثمن.
“هاه……هاه……!”
سيان، التي كانت تلهث بأنفاس متقطعة، جلست على ركبة واحدة ورفعت مسدسها موجهةً إياه بدقة.
بانغ-!
واحدة.
أطلقت النار بمهارةٍ من خلال فرجةٍ صغيرة بين أرواح الكوابيس التي كانت تُمزق، فانفجر رأس إحدى الأفاعي. ثم……
اثنتان.
بانغ-!
تناثر دم الروح الأسود على الجدران والسقف والأرض.
العرق الغزير كان ينحدر خلف أذنيها بشكل واضح، وكانت تشعر به بجسدها كله.
نبض… نبض…
كل حواس جسدها كانت مجمدةً تحت وطأة الخوف، وقلبها كان ينبض بقوةٍ كأنه سينفجر. لكن يديها وبؤبؤي عينيها كانتا باردتين تمامًا، في قمة الهدوء.
‘علي أن أقتلهم جميعًا، كلهم بلا استثناء.’
لأن بقاء واحدةٍ فقط قد يعني تكاثرهم من جديد.
بانغ-!
ثالثة، ثم……
بانغ-!
في اللحظة التي خرجت فيها الرصاصة الرابعة، سمعَت صوت جوون.
“تسعة.”
فاندفعت قشعريرةٌ في جسدها مع صوته.
في توقيتٍ مثالي، نصب جوون فخًّا لتقييد الروح، فأطبق على الروح وشلّ حركتها تمامًا كما لو كانت محنطة.
“ثمانية.”
أسرع، أسرع، أسرع، بسرعة!
“سبعة.”
ما إن انتهت من تعبئة الذخيرة، حتى اختفت أرواح الكوابيس دفعةً واحدة كما لو كنّ ينتظرن تلك اللحظة، وانكشفت الرؤية تمامًا أمامها.
في هذا المشهد الخالي، بقي فقط شيءٌ واحد: روح الألفية وحدها.
بينما دوى صراخ الروح الحاد في الأرجاء، لم ترمش سيان ولو مرة.
كل ثانية وهي تضغط على الزناد كانت تمرّ ببطء كما لو كانت في عالم آخر، بإحساسٍ ثقيلٍ وخارق.
في عينيها المتوسعتين، كانت ترى بوضوح رؤوس الأفاعي، واحدًا تلو الآخر.
بانغ-!
بأداءٍ سلس، حرّكت فوهة المسدس وأطلقت الرصاصة الأولى بحزم. و فورًا، تدفّق دم الروح الأسود نحو السقف بينما تحطم أحد رؤوسها إلى أشلاء.
ثم بسرعة ودقة، أتبعت ذلك بإطلاق النار على ثلاثة رؤوسٍ أخرى، فدمّرتها بالكامل.
بانغ-! بانغ-! بااااااااانغ-!
مع آخر طلقة، دوّى صوت طنينٍ في أذنيها، ثم بدأت أنفاسها المتقطعة تصدح في رأسها كما لو أنها أنهت سباق جري طويل.
“هاه……هاه……هاه!”
أخذت سيان نفسًا عميقًا بصوتٍ مسموع، ثم بدأت تعبئة الرصاص هذه المرة ببطء.
رصاصتان فقط، لا أكثر.
ثم، بعد صوت كليك- الناتج عن التركيب، حملت مسدسها وتقدّمت إلى الأمام.
كل ما حولها كان بحرًا من الدم الأسود. و شعرها كان مبعثرًا بالكامل، والبدلة التي ترتديها كانت مشبعةً تمامًا بالدم.
“هـي……هـيييييييك!”
من بين الأربعة وعشرين جسدًا علويًا، كان اثنان منها يحاولان الفرار بعد أن انفصلا عن باقي الجسد.
بانغ-!
دوت طلقةٌ واحدة، وصوتها ارتدّ في أرجاء البيت المهجور وكأنه سيهدمه.
الرصاصة أصابت الروح في مؤخرة رأسها، فانثنى ظهرها وسقطت أرضًا.
سارت سيان إلى الأمام بلا تردد، تدوس بقدميها فوق الدم الأسود اللزج.
هذا البيت المهجور، الذي كان مغطى بدماء والديها وشقيقتها، صار الآن مغطى بدماء الروح السوداء.
لم يتبقَ سوى واحدة أخيرة. فقد كانت الآن مجرد نصف جسد، تزحف بمرفقيها وتحاول الفرار بجنون.
ثم، وقد اعترى وجهها الذعر، التفتت نحو سيان بنظرةٍ مرتجفة وزحفت بشكل أسرع.
بينما تابعت سيان السير بخطى ثابتة، تدوس على الدم الأسود دون أي تردد.
مرّت سيان عبر الممر الذي كانت فيه والدتها تبتسم لها وهي تفرغ الأمتعة، قبل 21 عامًا، في ذلك اليوم.
ثم لمحَت مشهد شقيقتها وهي تركض بسعادة من غرفة إلى أخرى، واجتازت أمام والدها الذي خرج من الحمّام بعد أن علّق مناديل الورق، فنادى عليها مبتسمًا: “سيان يا صغيرتي.”
وأخيرًا، وقفت إلى جانب آخر روحٍ باقية.
وجّهت سيان فوهة المسدس بدقةٍ نحو الأسفل، نحو قمة رأس الروح مباشرة.
وفي تلك اللحظة الغريبة……كأن نور الشمس الذهبي الذي كان يرقص على نافذة السيارة، وأغنية والدها، وابتسامة أمها المليئة بالسعادة، وضحكة أختها المشرقة، ملأت مجال رؤيتها بالكامل.
• -حلوتي……عزيزتي، عزيزتي.-
بلا أي تعبيرَ على وجهها، أطلقت سيان الرصاصة الأخيرة.
بانغ-!
***
بيبيبيبي……
كان صوت العصافير يغرد من خلف النافذة. وحسب سطوع الشمس وميلانها……كانت الساعة تقارب الثامنة والنصف صباحًا.
كانت سيان نائمة، مسنودةً إلى جدار غرفة النوم الرئيسية إلى جانب جوون.
نظرت بعين نصف نائمةٍ إلى نافذة تشعّ منها أشعة الشمس الشفافة، بلون لوحة مائية.
كان صباحاً هادئ من صباحات شهر مايو العادية.
كانت طيورٌ سوداء صغيرة تحلّق في السماء الزرقاء الصافية، وكأنها نوتاتٌ موسيقية تطير بين السطور.
ذلك التحليق الهادئ والبسيط كان مليئًا بسكينةٍ جعلت المشهد كله يبدو كأنه قطعةٌ موسيقية مرئية.
أغمضت سيان عينيها ببطءٍ وهي تتابع حركة الطيور، لكن النعاس تغلّب عليها، فعادت لتغلق عينيها بثقل.
وحين أمالت رأسها قليلًا، لامس خدّها عنق جوون، فشعرت بدفئه قريبًا منها كما لو أنه جزءٌ منها.
فاقتربت منه أكثر، وكأنها تغوص في دفئه. عندها، حتى في نومه، ضمّها جوون إليه بحنان.
‘دافئ……’
ذلك الدفء، المذاب بتلك اللحظة، كان مريحًا إلى درجة أن فكرةً خطرت ببالهاى
‘ربما الحياة، هي هذا الدفء.’
أنا……حيّة.
سأواصل العيش.
‘سأعيش.’
لقد نجَت، وباتت قادرةً على مواصلة الحياة. لأن شهر مايو، ذلك اليوم الأبدي من ذكراها المؤلمة، قد انتهى أخيرًا.
أطلقت سيان زفراتٍ ناعمة منتظمة، وغرقت في نومٍ عميق.
و كان ذلك أول نومٍ هادئ وكامل تذوقته منذ ذلك اليوم، حين كانت في السادسة من عمرها.
***
وفي غفوتها، رأت حلمًا غريبًا……
كان حلمًا حيًّا وكأنه واقعٌ حقيقي.
جسدها كان نائمًا بوضوح في غرفة النوم، لكن رؤيتها كانت تتابع مدخل البيت المهجور بوضوح تام.
خارج الباب المفتوح على مصراعيه، كانت شمس أواخر الربيع تتلألأ ببريق ساحر. ثم، ببطء، ظهرت هيئة شخص واحد يغادر من خلال ذلك المدخل.
ظهرٌ اشتاقت إليه حد الألم.
إنه ظهر والدتها.
كانت الأم تمشي بخفةٍ وهي تغادر مدخل البيت المهجور، وتبعها الأب الذي وقف لحظةً عند العتبة.
ثم مدّ يده نحو الداخل، فركضت أختها الصغيرة مسرعةً وأمسكت يد والدها بقوة.
الثلاثة خرجوا سويًا من البيت المهجور، ووقفوا في ضوء الشمس الساطع في الخارج.
‘أخيرًا خرجوا……’
ثم التفتت العائلة كلها نحو هذا الجانب، نحو سيان.
“شكرًا لكِ.”
“أختي……لقد اشتقت إليكِ.”
يا لها من أصوات……
كم اشتاقت لسماعها، كم تاقت لسماعها من أعماق قلبها طوال ذلك الوقت.
وفي غمرة النوم، حرّكت سيان شفتيها بهدوء وهمسٍ حزين،
“وأنا أيضًا……اشتقت إليكم كثيرًا……”
“عزيزتي سيان……”
‘أمي.’
“عيشي حياةً طيبة.”
“نحن سنسبقكِ الآن……كوني سعيدةً يا ابنتي الجميلة……”
أبي.
“أختي سيان!”
كانت عائلتها تبتسم لها بنقاءٍ وسط نور ناصع، مغمورٍ بذلك الضوء الطاهر.
تك……تَتَك……
فانهمرت الدموع الحارة على خديها دون توقف.
رغم أنها كانت تدرك تمامًا أنها تبكي، لم تحاول سيان حبس دموعها المتدفقة.
أولئك الأحبة……تلك الأوقات التي اشتاقت إليها بشدة. و كل تلك الذكريات من حياة يومية كانت أكثر من رائعة، لا يمكن وصفها.
كم أحبّت، وكم حظيت بالحب……
ذابت صورة شقيقتها في ذلك الضوء الأبيض المتوهج، بينما كانت تلوح بيدها الصغيرة بلطافة.
“وداعًا، أختي سيان!”
وداعًا……
كان ذلك وداعهم لها، بعد غيابٍ دام 21 سنة كاملة……وداعًا لن تراهم بعده مجددًا أبدًا.
امتلأت رؤيتها بالدموع، فغمرها البكاء وهي تذوب في المشهد المرتجف.
و بقيت سيان ساكنة، تبكي بنشيجٍ مكتوم، ثم همست بصوتٍ مبحوح،
“وداعًا……”
___________________
بكيت سيان بكت دموعيي ماتوقف
جوون ضمها وهو راقد؟ لا تسذوب ذاه يمثل انه راقد
المهم ابيه يضمها بكيتها توجع😔🫂
وكذا انتهى ارك اليوم المشؤوم
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 68"