“نعم، وبكل وضوح هي طائفةٌ زائفة. وحين تحققنا منها بشكل سريع، اكتشفنا أن هذه الطائفة تعتبر التبشير المباشر ومحاولة ضم الناس إليها أمرًا محظورًا لديها.”
“أي أنهم لا يحبون لفت الأنظار……ما اسم هذه الطائفة؟”
“حصاد حبوب القمح في البحر.”
بما أن القمح لا يُحصد من البحر، فمن الواضح أنهم يعنون نهاية الزمان، الخلاص، والحياة الأبدية.
لا شك أن هذه طائفةً زائفة تتمحور حول تلك المفاهيم.
“تلك الجماعة، ‘حصاد القمح من البحر’……كم عدد أتباعها؟”
“ثمانون ألفًا.”
“ثمانون ألفًا؟”
تفاجأت لدرجة أنها وضعت عيدان الطعام جانبًا.
“قلتَ أنها طائفةٌ ناشئة، فكيف وصلوا لهذا العدد بالفعل……آه.”
وفجأة تذكرت شيئًا، فأكملت كلامها على الفور.
“هل هي طائفةٌ قديمة غيّرت اسمها فقط؟”
ابتسم جوون بسخرية، رافعًا زاوية فمه كما لو أنه يؤكد الأمر.
“يبدو كأنه عريسٌ شاب بريء، لكنه في الحقيقة رجل في منتصف العمر تزوّج أربع مرات ومطلق محترف.”
بمعنى أن الجماعة الدينية قديمة، لكنها غيّرت اسمها أربع مرات حتى الآن.
وبما أن ما يُقال لم يكن مناسبًا أثناء الأكل، دفعت سيان صحنها جانبًا.
“إذًا، ما علاقة تلك الطائفة الزائفة بالأفاعي؟”
“لنرَ ذلك بالمنظار بنفسنا. أظنهم وصلوا الآن.”
‘آه صحيح، قال أن شخصيةً مهمة قادمة.’
تقدمت سيان فورًا نحو نافذة الفندق، وبدأت تراقب الباب الخلفي لمطعم ميهيانغ الصيني باستخدام منظار الهاتف الذكي.
كان المشهد عاديًا جدًا كبابٍ خلفي لأي مطعم صيني، حيث تراكمت هنا وهناك بعض الأغراض بشكل فوضوي ومبعثر، وكان هناك رجلٌ يقف في تلك الجهة.
رجلٌ يبدو في أوائل الخمسينات من عمره، يشبه أي عمّ عادي في الحي، وإذا كان لا بد من الإشارة إلى شيء مميز فيه……
‘ملامحه طيبةٌ بشكل ملفت.’
وفي تلك اللحظة تمامًا، عاد مدير مطعم ميهيانغ من التوصيل وأوقف دراجته النارية عند الباب الخلفي.
ثم نزل من الدراجة بابتسامةٍ واسعة، واقترب من الرجل بخطى سريعة وهو يمسح يده بملابسه، ثم انحنى له بمودة وطلب مصافحته.
فما كان من الزائر الخمسيني إلا أن احتضنه فجأةً وربت على ظهره بمودة حميمية.
كانت حركاته تنطق وكأنها تقول: “يا إلهي، كم مضى من الزمن! سعيدٌ برؤيتكَ! أتمنى أنك كنت بخير!”
لا، بل كانت حركاته دراميةً مؤثرة، أشبه بمن وجد أخًا له فُقد في الطفولة.
“يبدو كمشهد من فيلم.”
تمتمت سيان بنبرة ساخرة، ليرد جوون من جانبها وكأنه يعلّق على العرض.
“من فيلم ‘البحر الأصفر’؟”
نظرت إليه سيان من طرف عينها بنظرةٍ جانبية، ثم عادت بتركيزها إلى المنظار في يدها.
في تلك اللحظة، مد جوون ذراعه ليرتكز بكفه على إطار النافذة فوق كتفها مباشرة، ثم انحنى بجسده حتى صار قريبًا منها وهو يتابع شرحه.
“الطائفة الزائفة ‘حصاد القمح من البحر’ تطلق على رؤساء فروعها في المناطق اسم ‘دايتو’، وذلك الرجل الخمسيني الطيب الملامح هو بالتحديد دايتو فرع غوانغ-آك.”
لأن شاشة الهاتف الذكي صغيرة، لم يكن هناك خيارٌ سوى أن يقتربا معًا لمشاهدتها……
وكان جوون قد خرج لتوّه من الحمام، فشعره كان لا يزال مبللًا قليلًا. كما أن رائحةً منعشة من جل الاستحمام أخذت تتسلل نحوها بخفة كأنها ضباب خفيف.
لكن سيان لم تحوّل نظرها عن شاشة الهاتف، وكأنها لا تعير قربهُ أي اهتمام.
“هل من الممكن أن تكون الضحية، كيم يون وو، الفتاة البالغة من العمر عشرين عامًا والتي قُتلت أمام الكاميرا، أحد والديها من أتباع تلك الطائفة الزائفة؟”
خطر سؤال لها فجأة، فأخرجته على لسانها، لكن جوون ردّ عليه بجدية، وأطلق صوتًا خافتًا وكأنه يتأمل الفكرة.
“همم……فعلًا، إن كان الأمر كذلك، فالقضية ستصبح أكثر إثارة.”
“إثارة؟”
“لأن هذا سيعني أن أتباع تلك الطائفة كانوا طوال الوقت يديرون تضحيات الأفاعي.”
“آه.”
هكذا إذًا.
لماذا لم يخطر لها هذا الاحتمال حتى الآن؟
شعرت فجأةً كأن تيارًا كهربائيًا اخترق عقلها، وبدأت النقاط المتفرقة والمبعثرة في ذهنها تتصل ببعضها البعض على شكل شرارات قوية متلاحقة.
“يجب أن أعود إلى البداية.”
تابعت سيان استنتاجاتها ببرود منطقي.
“الروح التي رأيتها في ديسمبر عند مفترق الطرق، يون مين يونغ……يجب أن أتحقق مما إذا كان لها علاقة بهذه الطائفة. وكذلك الزوج الخائن الذي كان على علاقة بمين هي سون، وتلك العشيقة أيضًا.”
“مثلاً أن يكون أحد أصدقائها المقربين من أتباع طائفة حصاد القمح من البحر……”
“صحيح. قد يكون مدربٌ في المعهد الذي كانت تدرسه فيه، أو زميل عمل……أي أحد قد يكون تابعًا لتلك الطائفة.”
مع وجود ثمانين ألف تابع، فمن الممكن أن يصادفهم المرء في أي مكان وفي أي وقت.
وكان هذا ينطبق كذلك على التوائم الجنينية الموجودين حاليًا داخل البلاد. كان من الضروري التحقق بسرعة مما إذا كان أتباع تلك الطائفة قد اقتربوا بالفعل من محيط هؤلاء التوائم.
وحين تغيّر بريق عيني سيان، ابتسم جوون ابتسامةً خافتة، خطيرة، ثم مال بجسده أكثر نحو أذنها.
“بما أن الأفاعي تلاحقنا باستخدام طائفة حصاد القمح من البحر……فما رأيكِ أن نهاجمهم نحن، ونندس خلسةً داخل هذه الطائفة الزائفة؟”
كانت فكرةً مجنونة. و لو كان لها شريك آخر، لما تجرأت حتى على تخيل فكرةٍ مختلة كهذه.
أساسًا، نجار أوتيس لم يكن مكلّفًا بمهام التسلل، بل كان دوره القضاء على الأرواح الشريرة فقط.
ومع ذلك……
نبض- نبض-
بدأ قلبها ينبض بعنف، ودبّت فيها رغبةٌ قوية لتجربة الأمر.
رمشت سيان ببطء، ثم أدارت رأسها عن منظار الهاتف ونظرت إليه. ثم ردّت عليه بصوت باردٍ مصطنع،
“لكنني في إجازة بدءًا من الغد.”
“أتمنى لكِ إجازةً ممتعة.”
تابع جوون كلامه بارتياح،
“على أي حال، هذه الطائفة الزائفة لا تسمح لأحد بالانضمام إليها دون توصية من أتباع آخرين. وهناك اختبارٌ أيضًا يجب اجتيازه. حتى لو قررنا التسلل، فالأمر سيستغرق وقتًا.”
نعم، هذا منطقي. لأنها طائفةٌ دينية مغلقة، تغير اسمها باستمرار كالحرباء، ولا تقوم حتى بالتبشير*.
*زي الي يقولون تعالوا لنا عشان تنجحون وكذا
كانت منظمةً غامضة، مريبة، وخطيرة للغاية.
لكن المشكلة لم تكن في ذلك. و جوون كان يعرف هذا جيدًا.
سألت سيان بنبرةٍ جافة،
“كم سيستغرق أمر التسلل؟ ثلاثة أشهر؟ أم أربعة؟”
“…….”
“و كم تبقّى من حياتي؟”
لم يكن سؤالًا، بل تأكيدًا. كأنها تقول: أنت تعرف جيدًا متى سأموت، أليس كذلك؟
“أربعة أيام.”
أجاب جوون وهو يمد يده اليمنى ليُلامس جبينها. كما لو كان يتحسس بأصابعه الموت المنقوش على جبينها كوشم.
ردّت سيان بصوتٍ خافت وجاف،
“في هذه الحالة، أنت تعلم أن إخباري بأي شيء لن يجدي نفعًا، أليس كذلك؟”
“لا……”
أنزل جوون يده ببطء من على جبينها.
“لن يكون عديم المعنى أبدًا.”
“…….”
“لأنني لن أسمح بموت لي سيان.”
حتى عندما لامست أطراف أصابعه رموشها الطويلة والكثيفة، لم تصرف سيان بصرها عنه. و حدّقت بثبات في عينيه السوداوين العميقتين، دون أن ترمش حتى.
وكذلك جوون. كان كلاهما يتبادلان نظراتٍ باردة في ظاهرها، لكنها مشتعلة في باطنها.
و ببطء……انزلقت أصابعه برقة، كما لو كان يلامس تمثالًا جميلًا، حتى وصلت إلى شفتيها الممتلئتين.
“لذا……اطلبي مني.”
همس جوون بصوتٍ أجش منخفض.
“اطلبي مساعدتي.”
“…….”
“قولي أنكِ……تريدين أن تعيشي.”
كانت عيناه الداكنتان مسمّرتين فيها، كسواد بلا قاع.
نبض… نبض…
نبضات قلبها تسارعت قليلًا، لكنها سألته بنبرة ثابتة لا تهتز،
“هل أنتَ الآن……تعرض عليّ أن تقاتل معي ضد شبح الأفعى؟”
“نعم.”
“…….”
“سأقاتل من أجلكِ.”
أجاب جوون بإيجاز حاسم، وكان في صوته امتلاكٌ واضح.
“في المقابل، على الآنسة سيان أن تعدني بشيءٍ واحد فقط. من الآن فصاعدًا، أن تشاركي تاي جوون الحياة والموت معًا.”
تشنجت سيان وتيبّس كتفيها.
الحياة والموت……معًا؟
نعم……مع قدرات جوون، ربما تكون هناك فرصةٌ للنجاة. رغم أنها مقامرة قد تنتهي بموتهما معًا.
فالموت منقوشٌ فيها كما لو كان وشمًا لا يُمحى.
وإن كانت هناك فرصةٌ للحياة، فهي بالطبع ترغب أن تعيش……
لكن سيان لم تُبعد عينيها عن وجه الرجل الذي أمامها، ولا عن عينيه المتقدتين. فاقتراحه لم يكن بلا مقابل.
إن قبلت ذلك الشرط، فحتى لو نجت بأعجوبة من شبح الأفعى، فستظل طوال حياتها مقيدةً بقبضة هذا الرجل.
كشريكين في الحياة والموت.
بهدوء، وضعت كلتا راحتيها على صدره بحركةٍ أنيقة. فشعرت بتوتر جوون المفاجئ وهو يتشنج قليلًا تحت لمستها.
بدأت تلامس أثر الندبة التي بقيت على صدره، و تتحسسه برفق على شكل دوائر، و حرّكت يدها ببطء……
“في النهاية، ما تطلبه هو أن أُسلّم نفسي لك، مقابل حياتي……أليس كذلك؟”
سألته بصوتٍ منخفض، وهمس شبه ثابت وهي على وضعيتها تلك، فأجاب جوون وهو يلتقط نفسًا.
“إن أعطتني لي سيان الإذن، فسأمنحكِ ما تبقى من حياتي، بالكامل، دون استثناء.”
____________________
ههههههعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهع
خل توافق ونشوف جوون وش بيسوي🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 61"