قال ذلك مين كي شيك، صاحب الحانة في أبغوجونغ، بنبرة حادة وبامتعاض.
فأجابه المدير بحذر وبأدب احترامًا للمقام.
“سيدي، لقد كان لديك الكثير من العمل مؤخرًا.”
كانت جملةً عابرة لا أكثر، لكن مين كي شيك استشاط غضبًا فورًا وردّ بعصبية.
“أنت! كيف تعرف إن كان لديّ عملٌ كثير أم لا!”
“آه، لا، سيدي…..لم أقصد ذلك.”
“تقول إن لديّ الكثير من العمل! تتحدث وكأنكَ تعرف! كيف تعرف جدول أعمالي أنت؟!”
كانت سيان تُصغي لتسجيل التنصت دون أن يظهر عليها أي رد فعل.
هذا التسجيل التقطه أحد عملاء أوتيس المتخفّين العاملين في حانة مين كي شيك، ويُظهر كيف أنه بات يرفع صوته بشكل مفرط لأتفه الأسباب، ويتصرّف بهستيريه.
وبسبب تصرّفاته هذه، فإنّ استياء الموظفين في تزايد، ومن المحتمل أن المدير سيترك العمل قريبًا.
و حاليًا، عميل أوتيس المتخفّي يوطد علاقته تدريجيًا بهذا المدير.
“سيدي، صوتك عالٍ جدًا. لماذا تتشاجر في المطبخ؟ ستُفزع الزبائن.”
التي أوقفت صراخ المدير كانت إحدى الموظفات، بتوبيخ بسيط. عندها تغيّر مين كي شيك فجأة، وبدأ يبرّر بنبرة ودّية.
“يا يا، أي شجار؟ قلتُ أني متعبٌ ربما بسبب كابوس، لكن المدير بدأ يثرثر دون أن يراعي، فوبّخته قليلًا.”
“كابوس؟ يبدو أن رئيسنا يمتلك مخاوفاً.”
“نعم! فأنا مسؤولٌ عن بعض الأمور.”
“وأي حلم هذا الذي أتعبك إلى هذه الدرجة؟”
المرأة التي سألت بهذه الأريحية كانت هي عميلة أوتيس المتخفّية.
أجابها مين كي شيك بلا تردّد.
“حلمت أنني أخسر أموالي من قبل بعض الرجال والنساء في زقاقٍ مظلم.”
“واو، ما هذا؟ يبدو أن هناك من يطمع بأموال رئيسنا.”
ضحك مين كي شيك مع ضحكتها، بينما ضحك المدير بشكل متوتّر قبل أن يتوقف.
“مين كيشك……لقد تغيّر حقًا.”
تمتمت سيان بهدوء.
كان في الأصل من النوع القاسي الذي يضغط على الناس، حاد الطباع ودفاعي…..أما الآن، فأصبح يثور لأتفه الأسباب، ولا يستطيع كبح نفسه أمام النساء المغريات.
هل فقد الحذر تمامًا؟
دوّنت سيان كلمةً واحدة على المفكرة،
<كابوس.>
الإينكيوبوس والسوكوبي، كائنات الكوابيس التي تمثل المخاوف.
سابقًا، دخلت هذه الكائنات ذات مرة إلى منزل سيان أيضًا. و لطالما تساءلت عن سبب عدم قيام لينكون بطرد تلك الكوابيس، ولم يكن الأمر منطقيًا لها…..
طَق طَق-
طرقت بالقلم على الورقة، ثم رسمت دائرةً حول كلمة “كابوس” وعلّمتها بنجمة.
هل من الممكن أن تاي جوون هو من يتحكم بتلك الكوابيس؟
إن كان تاي جوون قادرًا على السيطرة على أحلام البشر ولاوعيهم، فربما يستطيع أيضًا تحريك كائنات الكوابيس.
“لكن هذا خياليٌ للغاية..…”
هل يمكن لإنسان أن يتحكم بأرواح شريرة، وتحديدًا بعدد كبير منها وكأنها أدواتٌ بين يديه؟ لا، هذا غير ممكن.
حتى في تاريخ أوتيس، لم يحدث شيءْ كهذا من قبل.
صحيحٌ أن البشر والأرواح يشتركون نفس الفضاء، لكن لا تواصل حقيقي بينهم، و99٪ من البشر لا يمكنهم رؤية الأرواح أصلًا.
أما الأرواح، فهي تهاجم البشر أحيانًا وتساعدهم أحيانًا أخرى، لكن إقامة علاقة طويلة المدى معهم لا تكون إلا من خلال الاستدعاء.
و العلاقة بين الإنس (المستدعي) والروح لا بد أن تكون بموجب عقد. ويجب أن يكون هذا العقد فرديًا، واحدٌ لواحد.
مثل العلاقة بين سيان ولينكون تمامًا.
لكن فكرة أن يتمكن أحدٌ من التحكم بكائنات الكوابيس، وهي الأرواح الأكثر عصيانًا وتقلّبًا، وبأعداد كبيرة، أمرٌ يبدو مستحيلًا مهما فكرت به…..
“لا.”
رجلٌ يشبه قابض الأرواح في قدرته على معرفة وقت وفاة الإنسان.
إنسانٌ يمتلك عيونًا خاصة ترى الأرواح. و قوة غامضة ومهيمنة…..
تمتمت سيان وكأنها على يقين،
“إن كان تاي جوون، فقد يكون ذلك ممكنًا.”
***
شهر مايو.
من المؤكد أن الليل بدأ يقصر، والصباح يأتي أبكر. يكفي أن ترى ضوء الشمس الصباحي الخافت وقد صبغ نافذة الشرفة بلون أزهار النرجس.
خرجت سيان من الحمام لتوّها بعد أن أنهت استحمامها، فمرّرت يدها بخفة في شعرها المبلل لتفكّ تشابكه، ثم نظرت للحظة إلى ذلك الضوء المتماوج خلف النافذة.
شهر مايو كان دائمًا شهرًا مشؤومًا بالنسبة لسيان.
شهرٌ تبدو فيه زهور الربيع المتفتحة وكأنها تفوح منها رائحة الدم.
مضى إحدى وعشرون عاماً على ذلك الحادث المشؤوم…..وهذه السنة ستكون نهايتها.
طَق طَق-
لينكون نقر بأنفه على ركبة سيان، ثم أشار بأنفه نحو الهاتف المحمول. و كان يقصد أن مكالمةً قد وردت أثناء استحمامها.
“شكرًا لكَ، لينكون.”
داعبت سيان خدّ لينكون بمودة، ثم التقطت هاتفها المحمول.
و كانت الرسالة من سكرتيرة الرئيسة.
<~: 7 مايو. من المقرر عقد اجتماع مع الرئيسة اليوم في الساعة الرابعة مساءً بمقر أوتيس الرئيسي. إذا كنتِ ترغبين في تعديل الموعد، يرجى إبلاغنا قبل الساعة الثانية ظهرًا.>
ردّت سيان بأنها لن تُغيّر الموعد، وستحضر في الوقت المحدد. ثم أجرت اتصالًا مباشرة بالعميلة G.
•”مرحبًا، عزيزتي. هل هناك أمرٌ عاجل؟”
“ليس أمرًا عاجلًا، لكن هناك شيءٌ أود التأكد منه. في شهر مارس الماضي، ظهرتُ لخمس ثوانٍ في كاميرا المراقبة أمام مكتب رئيس شركة UM.”
•”آه، ذلك المشهد…..كنتِ تنوين استخدامه كطُعم، أليس كذلك؟”
“بالضبط. هل يمكنكَ إرسال نسخةٍ من ذلك التسجيل إليّ الآن؟”
•”طبعًا، لا مشكلة. لحظةً واحدة فقط.”
الشيء الذي حصلت عليه من مقر UM كان خاتمًا من الدرجة الماسية، يُعرف بالرقم 08. وكان من الطبيعي أن تُجنّ الأفاعي لملاحقتها بعد ذلك، و أن يطاردوها بشراسة…..
لكن الغريب، وحتى حلول شهر مايو، لم يحدث شيء يُذكر.
لم تتعرض للمراقبة، ولم يُلاحقها أي مجهول. بل كانت في أمان تام، وسلامٍ لا يُصدّق.
لكن لماذا؟ ما السبب؟
كان هذا الأمر يثير الريبة حقًا…..وبعد بضع ثوانٍ، تحدثت العميلة G بنفس أفكارها بالضبط.
كان فرع أوتيس في كوريا مبنى مكوّنًا من 22 طابقًا، يقف وحيدًا على سفح جبل.
من الخارج، بدا وكأنه معهد أبحاث تابع لشركة أدوية، لكن حقيقته كانت مختلفةً تمامًا.
إنه مؤسسة متخصصة في طرد الأرواح والكيانات الشريرة، مركزها الحقيقي كان مدفونًا تحت الأرض، واسعٌ ومعقد كعشّ نمل عملاق.
وكان هذا المبنى الضخم كلّه بمثابة أرض مقدسة خالصة، لا يمكن لأي روح أو كيان اختراقه.
بل الأهم من ذلك، أنّ الأرواح التي تُحتجز بداخله لا يمكنها الهرب أبدًا بقواها الذاتية.
كان سجنًا مثاليًا حقاً.
توك توك-
وصلت سيان إلى مبنى أوتيس قبل الموعد بساعة، تمشي على أرضية من الرخام الفاخر. وفي أقصى قاعة المدخل، كانت هناك قصيدة جدارية رخامية ضخمة تملأ حائطًا كاملًا، تفرض حضورها على الناظرين.
كانت تصور مشهدًا من ملحمة “الأوديسة” لهوميروس.
* قصيدة ملحمية كتبها الشاعر اليوناني هوميروس، وتصف رحلة عودة أوديسيوس، ملك إيثاكا، إلى وطنه بعد حرب طروادة.
اقتربت سيان منها، وقرأت الجملة المحفورة في الأسفل ببرود،
<حين هرب البطل أوديسيوس من العملاق كيكوس، قدّم نفسه له باسم (أوتيس)، وهي كلمة باليونانية تعني: لا أحد.>
بدأت عملها في أوتيس حين كانت في ربيع الصف الثاني من المرحلة المتوسطة، وها هي الآن في عامها الثاني عشر في المؤسسة.
و ما زالت تتذكر أول مهمة كُلّفت بها بوضوح، كانت تتعلق بروح تختبئ تحت السرير، تحدّق طوال الليل في مؤخرة رأس إنسان نائم.
في اليوم الذي كُلّفت فيه بمهمتها الأولى، وقفت سيان أمام هذه الجدارية، بينما أعطتها الرئيسة نصيحتها،
“إياكِ أن تنجرفي وراء مشاعركِ. لا تشفقي على الأرواح الشريرة. إذا لم تتمكني من الحفاظ على هدوئكِ حتى اللحظة الأخيرة عند اقتلاع الروح، فستكونين أنتِ من يتأذى في النهاية.”
ثم وجّهت نظرها إلى الجدارية وأكملت كلامها،
“الروح الشريرة مثل شرارة النار.”
“شرارة؟”
“نارٌ لا تعرفين متى وأين وكيف ستشتعل. و نحن أولئك الذين يطفئون تلك النار غير المرئية…..بهدوء، وبسرية.”
كائنات غير موجودة.
لا أحد، أوتيس.
“في الواقع…..عندما أوكلت إليكِ أول مهمة، لم أكن أتوقع أنك ستنجحينِ بذلك الشكل.”
خرج صوت كرسيّ كهربائيّ آلي قاطع أفكار سيان، ثم اقتربت الرئيسة ووقف إلى جانبها تحدّق في الجدارية معها.
“لم أكن أتصور أبدًا أن تلك الفتاة الصغيرة ستصبح الرقم الأول في أوتيس…..هاه…..في ذلك الوقت، لم يخطر هذا ببالي حتى في الأحلام.”
________________
الرئيسة امها صدق😔🫂
شسمه الرئيسة مرات تجي حرمه ومرات رجال بس الاغلب حرمه لأنه كل شوي تترجم امرأة
اذا نزلت المانهوا عرفنا😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 58"