يوم النحس: يومٌ تتضاد فيه قوى الين واليانغ (قوى الانس والارواح)، فتكون فيه كل الأمور مشؤومة.
***
“لي سيان حقًا امرأةٌ مذهلة.”
أشعل تاي جوون النار في الشمعة فجأة. ثم أضاء ضوء الشمعة الصغير داخل حاوية الذبح المتنقلة المظلمة بأجواء كئيبة.
في وهج الضوء المتراقص، تلألأت بشكلٍ مخيف معدات الذبح المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، والأجهزة الكهربائية المخصصة للإعدام، والخطاطيف المعدنية المستديرة المعلقة بها اللحوم.
رمى جوون الولاعة بلا مبالاة على لوح التقطيع الكبير ثم تابع حديثه.
“عندما أراقبها، أنسى مرور الوقت. فوضعيتها الباردة والأنيقة، نبرة صوتها المنضبطة، ابتسامتها القصيرة النادرة……هذه الأشياء تجعل الشخص يفتن بها لدرجة الجنون.”
عندما يسمع الإنسان حكمًا بالموت، حتى أقوى الأشخاص ينهارون. لكن سيان لم تكن كذلك.
بل كانت تحلّق في خط مستقيم، تشتعل بقوةٍ في آخر لحظات حياتها، مثل طائر نبيل ومتلألئ يرفض أن يهبط إلى الأرض حتى لحظة موته.
رغم أنها تبدو بهذه القوة والبرودة.
نظر جوون إلى راحة يده.
مرةً واحدة فقط، في درج الطوارئ بالطابق الثاني عشر من العمارة، احتضن بجسده سيان، وكان ملمس جسدها الناعم على نحو غير متوقع مفاجئًا له.
تلك الذراعان والساقان الطويلتان الرشيقتان، وتناقض الكتفين المستديرين والناعمين كأنهما من الخزف.
وعطر جسدها الحلو الذي أربك حواسه، حتى شعر أنه أصبح وحشًا لا يشبع مهما احتضنها.
اجتاحته هذه الرغبة المجنونة التي توشك أن تجعله يفقد صوابه.
“لو قالت لي سيان أن أموت، سأموت فورًا.”
قال جوون ذلك مؤكدًا وهو يقبض على يده بقوة، فضحكت الرئيسة بسخرية.
•”مجنون.”
ثم نقرت لسانها بمرح.
•”ألم أقل لكَ؟ أنت وسيان مناسبان تمامًا لبعضكما.”
“وهل سيان توافق على هذا الكلام؟”
ضحك جوون بخفة وضرب بيده. ثم خطرت له فجأةً صورة سيان مع الرئيسة، ولينكون الجالس عند قدميها، ولم تكن فكرةً سيئة.
حين يتبادل جوون وسيان مشاكساتهما الكلامية المعتادة، وتراقبهما الرئيسة هكذا لا بد أنها ستضحك ضحكتها العالية.
وتقول: “هل أنتما دائمًا هكذا معًا؟”
في تلك اللحظة، تساءل جوون فجأةً عن تعبير وجه سيان حينها……
وبسبب هذا الفضول المفاجئ، قدّم عرضًا غير معتاد لا يشبهه على الإطلاق.
“الوعد الذي قطعته لي بأن تشوي لي لحم بقر من الدرجة الممتازة، قطعةً قطعة، بكل إخلاص.”
•”تقصد ذلك الوعد الذي قطعته في ديسمبر الماضي؟”
“بما أننا في الموضوع، لما لا نتناول ذلك اللحم أنا و سيان والعجوزة سويًا؟”
•”هه.”
فوجئت الرئيسة من هذا الاقتراح غير المتوقع، لكنها بدت سعيدةً أيضًا، فتظاهرت بالتذمر.
•”أتعني أنا العجوزة سأشوي اللحم بجهد، وأنتم الشبان تأكلون؟”
“بالضبط، هذا هو المقصود.”
•”ههههه! حسنًا، لما لا نقضي يومًا كاملًا ثلاثتنا معًا ونستمتع؟”
“هل لدى العجائز طاقةٌ تكفي ليوم كامل؟”
•”حتى العجائز يمكنهم التحمل إذا ارتاحوا بين الحين والآخر. ما رأيك في أوائل يونيو؟”
سسسس……
فجأة، انتشرت طاقة ينٍ الباردة في الأرجاء، ودخلت راقصة باليه ذات شعر بني طويل إلى داخل حاوية الذبح المتنقلة.
ثم تتابعت أصوات خطواتٍ ثقيلة على الدرج المعدني: طَرق… طَرق… طَرق… ، ببطء.
عندها أنهى جوون المكالمة.
“أوائل يونيو؟ جيد. سنتحدث عن التاريخ الدقيق لاحقًا، سأغلق الآن.”
وفي اللحظة التي أنهى فيها المكالمة تقريبًا، ظهر رجلٌ في الثلاثينات من عمره عند مدخل شاحنة الذبح.
كان ذلك هو مين كي شيك، صاحب حانة أبغوجونغ، والمالك الفعلي لحاوية جبل سونغجو، وهو نفس الشخص الذي وفّر المأوى لكيم يون وو، الضحية التي ظهرت في الكاميرا الصغيرة، حين هربت من منزلها بعد شجار مع والدها.
“اجلس.”
أمره جوون كما يؤمر الكلب. فامتثل مين كي شيك للأمر، ومشى مترنحًا كدميةٍ في الظلام، ثم جلس منهارًا على الكرسي القابل للطي.
طَرق-
أغلق جوون باب الحديد الثقيل لحاوية الذبح المتنقلة بإحكام، ثم وقف خلف مين كي شيك كشيطان.
“مين كي شيك العزيز، لقد أتيت في الوقت المناسب، أليس كذلك؟ آه، أنتَ لا تحب أن يلمسك أحد، صحيح؟”
وهو يقول ذلك، ضغط على كتفي الرجل النحيل بكلتا يديه بقوة.
“أهغ……”
فتأوه مين كي شيك بانزعاج بصوتٍ خافت. لكن هذا كل شيء، و لم يُبدِ أي رد فعل آخر. فقد كان في حالة سير نومي عميقة، يحدق في الشمعة الصغيرة المشتعلة على بعد متر منه كما لو كان زومبي.
“فتى مطيع. أيها الكلب.”
تأكد جوون من حالة التنويم، ثم مرّر يده بلطف على ذقن مين كي شيك.
“الكلب الصيّاد الذي سيقودني إلى الأفعى.”
انحنى بجسده وهمس في أذنه، ثم تراجع جوون ثلاث خطواتٍ إلى الوراء، ليختفي تمامًا في الظلام كما لو أنه ذاب فيه.
لم يكن لينكون بجانب مين كي شيك. فالمخلوقات المستدعاة لا يمكنها البقاء بعيدًا عن المستدعي لأكثر من سبعة أيام.
و بعد مرور الأيام السبعة، تبدأ صلة الاتصال بالمستدعي بالضعف، وإذا انفصلت المخلوقات عنه لأكثر من شهر، يُفكّ عقد الاستدعاء تلقائيًا.
لهذا السبب كانت سيان تستدعي لينكون بشكل دوري، و جوون استغل تلك الفجوات ليُخرج مين كي شيك ويقوم بتدريبه.
اليوم، بما أن كي شيك كان قد اعترف في السابق بوجود اتصال مهم بتاريخ السادس من مايو، بدأ جوون فورًا بالتحقيق في ذلك.
“السادس من مايو. ما أول شيءٍ رأيته حين استيقظت صباح الأمس؟”
“ظـ……ظهر يدي……”
تمتم مين كي شيك بصدقٍ وهو في حالة نوم عميق.
“وماذا بعد؟”
“الهاتف……”
“الرسائل التي كانت في الهاتف……اذكرها كلها حسب الترتيب الذي قرأتها به.”
“أه……أ……أوغ.…”
تحركت شفتا مين كي شيك بانزعاج. و هذه كانت علامة على مقاومة نفسية قوية نابعة من رغبته في عدم الإجابة. وإذا كان يرفض الإجابة رغم كونه في حالة نوم عميقة، فهذا يعني أن المسألة شديدة الأهمية.
عندها، بدأ جوون بمهارة في تحفيز نفسيته.
“السادس من مايو……حين استيقظت في الصباح وفتحت الرسائل، هل شعرت بعدم ارتياح؟ أم شعرت بالرضا؟ بالسعادة؟ بالغضب؟ بالقلق؟”
“قـ……قلق.”
“لماذا شعرت بالقلق عندما رأيت تلك الرسالة؟”
“….…”
“لماذا؟”
همس جوون بصوتٍ منخفض عند مؤخرة رأس مين كي شيك، لكن بنبرة شيطانية قوية للغاية. عندها تمتم كي شيك مجيبًا،
“المرأة الشابة، الكاهنة……التي أخذت خاتم الأفعى من, UM…”
ارتجف جوون قليلًا، وقطّب حاجبيه. فقد كان الأمر متعلقًا بسيان.
“تلك المرأة……استخرجنا معلوماتها الشخصية من صورة لظهرها التُقطت عبر كاميرا مراقبة مرورية……كـ……كان من المفترض أن أقدم تقريرًا……لكنا لم نجد شيئًا حتى الآن……”
تغيّر بريق عيني جوون بينما أخذ يدور بلسانه ببطء.
“متى وأين التُقطت تلك الصورة من كاميرا المراقبة؟”
“في……ديسمبر الماضي……بالقرب من مركز الاحتجاز……”
كان ذلك العام الماضي. لقد كانت الأفاعي تلاحق سيان منذ خمسة أشهر كاملة، وهم لم يكونوا على علم بذلك أبدًا.
والشيء الوحيد المطمئن هو أن جوون كان يحمي سيان طوال ذلك الوقت بحذر شديد. فقد ظلّ يُزيل ذكريات كل من التقى بهما بشكل خفي وفي غفلة من سيان، وهم في حالة نوم شبيه بالتنويم المغناطيسي.
رئيس مخيم الغابة الزرقاء الذي قابلوه في يناير، وبارك جين وو من UM الذي قابلوه في أبريل……
الجميع، دون استثناء. طمس جوون تمامًا من أذهانهم ملامح سيان وتاي جوون.
لذلك، كان بارك جين وو من UM يتذكّر بوضوح أنه استدعى كاهنةً لحلّ مشكلة أونغجو، لكنه لم يكن قادرًا حتى على تذكّر وجه سيان، ناهيك عن اسمها.
ومع ذلك……تمسّكت تلك الأفاعي العنيدة بلي سيان كظلّها دون أن يلحظ أحد.
عندها بدأ جوون الاستجواب بنبرةٍ منخفضة لكنها حازمة وقوية.
“مين كي شيك، من الذي يبحث معكَ حاليًا عن تلك الكاهنة الشابة؟”
‘لا، ليس هذا هو السؤال الصحيح.’
فكر جوون بحدة وأعاد صياغة سؤاله.
ليس “من”، بل على الأرجح “أي جماعة”. ربما تكون عصابة إجرامية أو شيء من هذا القبيل……
“الكاهنة الشابة التي أخذت خاتم الأفعى من UM، مع أي جماعة تعمل للعثور عليها؟”
“أه……”
“أجب.”
“أوه……أوغ!”
“في الحال!”
كان صوت جوون بمثابة أمر لا يمكن رفضه. فاعترف مين كي شيك وهو يتلوى من الألم،
“في….في البحر….الحبة…..الحبة التي….تُحصَد.…”
في البداية، بدا الكلام كأنه هذيان لا معنى له……لكن “الحبة” و”الحصاد”……
هذا يشير بنسبة مئة بالمئة إلى جماعةٍ دينية. وعلى الأغلب، طائفة دينية متطرفة أو جماعة منحرفة.
تابع جوون الاستجواب بلهجة ضاغطة لا تترك مجالًا للهرب.
“جماعة ‘حصاد الحبة من البحر’……من الذي يجمع المعلومات عن الكاهنة الشابة؟ أين؟ كم عددهم؟ وبأي شكل؟”
“أه……كغغغغ!”
“أجب!”
“آآااااااه!”
بدأ جسد مين كي شيك يرتعش بقوة، ممزقًا بين خوفه من الأفاعي وطاعة أوامر جوون. ثم صرخ فجأة بصوت أجش خشن،
“لـ……لااا……أوقفه!”
كانت هذه ردة فعل طبيعية عندما يصل الخوف والرفض إلى أقصى حدودهما. وكان هناك احتمال كبير أن يستيقظ من حالة التنويم فجأة.
ورغم أن المعلومات ما زالت ناقصة، كان لا بد من إنهاء الجلسة عند هذا الحد. فليس من المنطقي رمي قدرٍ جيد لمجرد أن الأرز لم ينضج بعد.
أصدر جوون صوتًا قصيرًا بإصبعه، وأشار بذقنه إشارةً خفيفة وكأنه يقول: “ابدأوا.” وفي الحال، ظهرت كائنات الأحلام المظلمة من بين معدات الذبح بصمت ساحر.
اقتربت من مين كي شيك، وتشبثت بع بشكلٍ لا نهائي، كأنها مشهدٌ من حفر النمل الأبيض للخشب.
“آه……هاااه……أغغ……آاااااااك…”
ارتجف جسد مين كي شيك واهتز، و أصبح يُخرج أنينًا يكاد يكون صراخًا، وهو يغرق في أوهامٍ تفصله عن واقعه.
وكانت هذه وسيلة جوون لتغليف ذاكرته بلحظة كابوسٍ كثيف، حتى لا يتمكن لاحقًا من تذكّر أي شيء من الحوار الذي دار بينهما.
كيك كيك كيك-
كانت كائنات الأحلام المظلمة تعبث بمين كي شيك كما لو كان لعبة، تمتص منه طاقته الحيوية الحية ببطء.
“آغ! هاااه! آهك……آآآآآك!”
بدأ لعابه يسيل بغزارة، وراح يرتجف كمن أصابع الصرع.
أما جوون، فكان جالسًا هناك، و ساقاه متشابكتان، مستندًا إلى معدات الذبح، يراقب المشهد بكبرياء لا حدود له، وبرود قاسٍ لا يعرف الرحمة.
__________________
جوون السايكو طلع كله اليوم✨
يوم عصب عشانهم يلحقون سيان يجننن😭
المهم العنوان يقهر قرب يبدا الشهر الي احتمال سيان تفطس
كلنا عارفين انه مب فاطسه بس يخوف 🥲
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 57"