•”أنتِ. أنتِ أيضاً كنتِ تضحكين وأنت تنظرين إليّ، أليس كذلك؟”
كان صوت الرجل الغاضب يزمجر من داخل الهاتف المحمول. بينما ضحك الرجل ضحكةً مقززة بشكل مرعب، ثم تحدث بنبرةٍ مليئة بالغضب،
•”سأضحك أنا أيضاً وأنا أنظر إليكِ.”
“هئ! أ……آاه……”
امتلأت عيناها بالدموع سريعًا ثم سالت على خديها بغزارة، وارتعد جسدها حتى أصابت القشعريرة دماغها.
بدأت يي أون تبكي وهي تلهث بأنين.
“ضـ، ضحكت؟ متى ضحكتُ أنا……؟”
لا بد أن هذا بسبب الجثة التي رأتها في الجبل. لكنها لم تستطع أن تتذكر ولو لحظةً واحدة ضحكت فيها وهي تنظر إلى تلك الجثة.
بالطبع لم يحدث. فهي ليست مجنونة لتضحك وهي ترى إنسانًا مات منتحرًا.
“آه، آااه……آآآآه……”
من داخل الهاتف المحمول الذي بدأ يضيء بلونٍ أبيض ساطع، أخذ شيء مظلم يخرج ببطء. و كان ذلك الشيء شبيهًا بدخان أسود، وقد بدأ يتشكل على هيئة رأس الجثة التي رأتها في الجبل.
“ها……آاه، أآآه!”
بدأت يي أون ترفس برجليها وتحاول النجاة بكل قوتها.
لكنها كانت تركل في الهواء عبثًا. و لا تستطيع الهرب، ولا حتى الصراخ. و كل ما استطاعت فعله هو ذرف الدموع من عينيها المفتوحتين على اتساعهما.
بدأت يي أون تبكي بنشيجٍ ثم ارتجفت شفتيها وهي تتحدث ببكاء مرتعش،
“جَـ……جَدتي……؟”
ربما كان هذا مجرد وهم صنعه الخوف. لكنها رأت بوضوح، جدتها من جهة الأم التي توفيت قبل ثمانية أشهر، وهي تضغط بشدة على شاشة الهاتف بكلتا يديها.
كانت الجدة تبذل أقصى ما بوسعها لتثبت الهاتف، وتمنع برأسها وبكل قوتها رأس الشبح الذي يهتز من تحت راحتيها من الخروج إلى هذا الجانب.
ومن وجهها المصمم الجانبي، بدا وكأن صوت الجدة يتردد في الأجواء،
“يا صغيرتي. مهما حصل، جدتكِ هذه ستحميكِ.”
ششششق-
تصاعد خيطٌ من الدخان الأسود إلى ذراع الجدة، ثم التفّ حول عنقها كحبل سميك.
“كخ! كخخ!”
تألمت الجدة بشدة، لكنها بدلاً من أن تتراجع، انحنت بجذعها أكثر لتضغط الهاتف بجسدها وتسدّه. بينما وقفت يي أون مترنحة، ثم انهارت مرة أخرى.
و لم يعد في ساقيها أي قوة تمكنها من الوقوف. فزحفت ببطء نحو جدتها وهي تكاد لا تقوى على الحركة.
“جَـ……جدتي……لا. لااا……”
سقطت دموعٌ ساخنة من ذقنها قطرة بعد قطرة.
“لااا! لا تقتل جدتي!”
بدأت يي أون تتحسس رقبة جدتها بجنونٍ محاولةً أن تفك الحبل الأسود، لكنها لم تستطع أن تفعل شيئًا، إذ لم يكن لذلك الحبل شكلٌ واضح يمكن الإمساك به.
هزّت الجدة رأسها بعناد، ثم بدأت تسعل بصعوبة بينما أشارت بعينيها نحو جهاز الاتصال الداخلي.
دينغ دونغ، دينغ دونغ-
و لا أحد يعلم منذ متى بدأ جرس الباب يرن.
‘أمي؟ هل يمكن أن تكون أمي؟’
أشارت الجدة، و وجهها قد ازرقّ تمامًا، بحركة فم توحي بأن عليها الإسراع.
‘لكن……’
كانت يي أون تبكي بيأس، ثم ترنحت واقفةً وركضت نحو جهاز الاتصال الداخلي وهي تكاد تسقط.
و ما ظهر في شاشة الجهاز لم يكن أمها، بل قابضا الأرواح اللذان لمحتهما في جبل سونغجوسان. رجلٌ وامرأة طويلان يرتديان ملابس سوداء من الرأس حتى القدم.
بدأت المرأة بالكلام مباشرةً دون أي مقدمات،
• “لقد جئنا بدعوةٍ من جدتكِ. السيدة شيم يي أون، هل أنتِ في خطر حاليًّا؟”
كان صوتها رسميًا بشكل مرعب. ومع ذلك، فإن سماع ذلك الصوت الهادئ أشعرها براحة غريبة لا توصف.
“آه……كح، نـ-نعم. هـ-هنا الآن….شـ….شـ، شبح……”
حاولت يي أون التحدث بصوتها، لكنها لم تكمل الجملة وانهارت باكيةً كبكاء الأطفال.
“الشبح يحاول قـ، قتل جدتي الآن!”
و رغم أن لا أحد قد يصدق بكلامها عن الأشباح، إلا أن المرأة ردّت بطريقةٍ طبيعية تمامًا،
• “مفهوم. سندخل فورًا، أخبريني بسرعة برقم باب الشقة.”
***
• “هئك! آه، 545……آه، ما كان الرقم؟”
كانت يي أون في حالة ذعر شديد، ووجهها شاحبٌ كليًا، لكنها بالكاد تذكرت رقم قفل الباب.
• “آه! 5457268! أرجوكما، أرجوكما أنقذا جدتي! هناك شبحٌ الآن……”
وفجأة انطفأ جهاز الاتصال الداخلي، كما لو أن روح جبل سونغجوسان الشريرة قد دخلت بالفعل إلى المنزل.
لهذا السبب قالت أن عليها إغلاق هاتفها……
عبست سيان بشدة.
عادةً، الأرواح لا تستطيع دخول المنازل التي تكون الأبواب والنوافذ فيها مغلقةً بإحكام. و حتى في الطقوس، تُترك الأبواب مواربة قليلًا من أجل الأرواح الأسلاف، لهذا السبب بالتحديد.
لكن في حالة هذه الروح الشريرة، تم تخزين صورة الجثة في الهاتف المحمول، لذا من الواضح أنها تتبعت تلك الصورة في تنقلها. وتلك “الصورة” أصبحت بمثابة بابٍ صغير تعبر منه الأشباح، “باب الروح الصغير”.
سيان و جوون عبرا المدخل الرئيسي للمبنى، ثم صعدا إلى الطابق الثاني عشر بالمصعد.
سار جوون في ممر الشقق بخطواتٍ ثابتة تصدر طقطقةً خفيفة، بينما كانت سيا تثبّت كاتم الصوت على مسدسها.
رقم قفل الباب الرقمي هو 545726، أما الرقم الأخير فهو……8
كانت شيم يي أون تبكي بنشيج، فكان من الصعب تمييز الرقم الأخير بسبب صوتها المتحشرج، لكن جوون أدخل الرقم بدقةٍ بحركة أصابعها التي بدت وكأنها تعزف على البيانو.
تشك-
“الباب فُتح، لكن السلسلة الداخلية موصدةٌ من الداخل.”
تمتم جوون بهدوء. فحاولت سيان النظر إلى الداخل من خلال فتحة الباب التي لم تتجاوز 10 سنتيمترات.
‘مستحيل.’
لم تستطع رؤية شيء بسبب زاوية النظر. وحتى داخل المنزل كان مظلمًا، ويبدو أن الأضواء انطفأت عندما اقتحمت الروح الشريرة المكان.
ثم دوى صوت صراخ يي أون من الداخل.
“آآآآآآه!”
لم يكن هناك وقت للتردد. فوجّهت سيان فوهة مسدسها نحو سلسلة الأمان. و كان الوزن في يده ثقيلاً.
مستحيلٌ تنفيذ هذه الخطوة بمسدس عادي، لكن بهذا المسدس……الأمر ممكن.
لم يكن لديها سوى أربع طلقات.
بانغ-!
أطلقت الرصاصة دون تردد، وانفصلت وصلة السلسلة بقوة مدوية. ففتح الاثنان الباب بسرعة واقتحما الداخل.
وبعد اجتياز ممر قصير، ظهر الهاتف المحمول ملقى على أرضية غرفة المعيشة، يشعّ بضوء باهت.
أما الروح الشريرة التي تسببت في كل ذلك……
كان روحًا شريرًا على هيئة إنسان، ولم يمضِ وقت طويل منذ تحوّله الكامل. ولحسن الحظ، لم يكن من النوع الذي يصعب الإمساك به. رصاصةٌ واحدة فقط كانت كافيةً للقضاء عليه.
لكن المشكلة……كيف؟
في غرفة المعيشة المظلمة، كان الجسد البشري والروح الشريرة متشابكين في فوضى عارمة.
كانت الروح الشريرة قد خرجت إلى نصف جسدها من الهاتف المحمول، وكانت تخنق رقبة العجوز بوحشية، بينما كانت العجوز تقاوم بجنون محاولةً دفع حفيدتها بعيدًا عنها. أما يي أون، فقد كانت تبكي بحرقة وهي تتشبث بالروح الشريرة.
“لا! لا! لا تقتل جدتي!”
كانت الروح الشريرة غارقةٌ في نوبة غضبها، ولم تلحظ وجود سيان و جوون بعد. لهذا كان يجب القضاء عليها الآن. بهدوء، و بسرعة.
لكن مع ظلمة المكان، وحركة الثلاثة العنيفة، كانت احتمالية إصابة شخص بشري بالخطأ عالية جدًا.
ولم تكن سيان تطيق أن تكون من تقتل الجدة أمام أعين حفيدتها.
‘ما العمل؟’
“أطلقي النار.”
قال جوون ذلك وهو يشير برأسه إلى الثلاثة بلا أدنى تردد.
“ألا تستطيعين؟”
كان أسلوبه استفزازيًا. فدقّ قلب سيان بقوة. و عضّت شفتها السفلى قليلًا.
هذا الرجل دائمًا ما يدفعها لتجاوز الحدود.
في الأوقات العادية، كانت لتتصرف بطريقةٍ نظامية ومثالية، لكنها معه تتحرك وفقًا لرغباتها الخاصة.
وكأن ذلك شيءٌ طبيعي……لا يستحق حتى التردد.
حدّقت سيان في عينيه بثبات، ثم خفّضت نظرها إلى المسدس الفضي الذي تمسكه بيدها. و بعد ذلك، رفعته بثقة نحو الأعلى.
ثم ضبطت الزاوية بدقة……بحذر، وببرود أعصاب.
و وثقت بنفسها، وبمسدسها.
بانغ-!
ما إن ضغطت على الزناد، حتى تحطم الهاتف المحمول الملقى على أرضية غرفة المعيشة إلى شظايا متناثرة. و قُطع طريق الهروب.
عندها فقط، رفعت الروح الشريرة رأسها بسرعة وعيناها تلمعان ببريق شرس. فرفعت سيان فوهة المسدس للأعلى دون تردد.
و شعرت أن 0.1 ثانية تلك تمر ببطء كأن الزمن توقف. ثم استهدفت جبهة الروح الشريرة، التي بالكاد كانت تُرى وسط الظلام، وأطلقت النار بدقة اعتمادًا على حدسها وحده.
بانغ-!
و أصابت الهدف!
تحطّم رأس الروح الشريرة وانطلقت الرصاصة لترتطم بإطار لوحةٍ كبيرة كانت معلقةً على جدار غرفة المعيشة، فهشّمته تمامًا.
أظهر مسدسها الجديد قوةً تفوق ما تخيلته، مخترقًا الهدف دون أن ينحرف ولو بمقدار مليمتر واحد عن النقطة التي أرادت إصابتها.
وفي تلك اللحظة بالذات، شعرت لأول مرة أن هذا المسدس، الذي طالما بدا كأنه مجرد سلاح مستعار، قد أصبح أخيرًا جزءًا منها، ينسجم تمامًا مع يدها.
“هـ……ههئ! آه!”
ارتجفت يي أون بعينيها المتسعتين من الذهول، واهتزّ جسدها بالكامل من شدة الخوف.
كانت ترتجف بعنف شديد، كأن الرعب قد شلّها تمامًا.
و ما إن اختفت الروح الشريرة حتى عاد النور ليملأ أرجاء المنزل من جديد، وكأن شيئًا لم يحدث، لولا الزجاج المتناثر من الإطار المهشم، والباب المتضرر من كسر القفل، والهاتف المحطم.
تَبَبَ-
جال جوون في أرجاء المكان بخطى هادئة وهو يجمع الرصاصات المستخدمة.
عندها سألت يي أون بتردد، وهي تراقب الوضع بعينيها القلقتين،
“جـ، جدتي……هل هي بخير؟”
“إنها بخير.”
أجابت سيان بثقة، لكن يي أون ما زالت تنظر حولها بقلق.
“لكنني لا أراها……”
“هي في الأصل كائنٌ لا يُرى. لكنها ما زالت بجانبكِ.”
“لكن……”
“انظري جيدًا إلى ذراعكِ. ستلاحظين أثر يد جدتكِ يظهر باهتًا، أليس كذلك؟”
أسرعت يي أون لتنظر إلى ذراعيها، يمينًا ويسارًا، ثم انفجرت بالبكاء وهي تبتسم وسط دموعها.
“نعم، يد جدتي……ما زالت فيها آثار عضة الكلب……أراها كلها بوضوح.”
“جدتكِ الآن تحتضنكِ بشدة، فهي حارستكِ الروحية.”
بدت كلمة “حارستكِ الروحية” غير متوقعة، فانفرجت عينا يي أون بدهشة، ثم ارتجفت شفتيها فجأة وانفجرت في نوبة غضب ممزوجة بالبكاء.
“جـ، جدتي هذه……بعد كل ذلك الألم والموت، كان عليها أن ترتاح أخيرًا……لماذا، لماذا لا تزال تتعب لأجلي حتى بعد موتها؟ يا لها من حمقاء……أوه……”
انفجرت يي أون أخيرًا في بكاء مرير.
ذلك الشعور حين تدرك أن شخصًا عزيزًا، لن تراه مجددًا إلى الأبد، ما زال رغم ذلك بقربكَ……كان شعورًا معقدًا، مزيجًا من الطمأنينة، والذنب، وحنينٍ موجع لا يُحتمل.
كانت شهقة بكائها تعكس هذه المشاعر المتداخلة.
وقفت سيان تراقبها بصمت حتى هدأت، ثم بدأت بسرعة وهدوء تتهيأ للمغادرة.
“تم القضاء على الروح الشريرة بالكامل، لذا أنتِ بأمان الآن. سيتوجب عليكِ البقاء وحدكِ حتى تصل عائلتك، هل ستتمكنين من ذلك؟”
“نعم……”
هدأت يي أون ومالت بجسدها المنهك كأنها تتكئ على جدتها.
“حين كنت صغيرة، كان حضن جدتي المكان الوحيد الذي لا أشعر فيه بالخوف، مهما حصل.”
____________________
جدتها تجنن😔🫂
المهم يازين هدوء جوون وسط كل ذاه يبي يشوف سيان تطلق😭😭😭😭
طيب وش صار على B 🌝
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 55"