من بين أعضاء مجموعة الدراسة الستة، لم يقرأ أحدٌ رسالتها. بل وكأنهم اتفقوا مسبقًا، لم يجبها أحدٌ لا برسالة خاصة ولا باتصال.
“تباً! لماذا تتصرفون بهذا الشكل المخيف؟”
قالت يَي أُون ذلك بقلق، ثم التفتت خلف كتفها المرتجف بنظرةٍ خاطفة.
لم يكن هناك أحد في الزقاق المظلم. ومع ذلك، كان لديها شعورٌ مزعج منذ لحظات، كأن أحدًا يتبعها…..
استدارت يَي أُون بسرعة واتجهت بخطى سريعة نحو منزلها. و ربما بسبب توتر أعصابها، كانت خطواتها تصدر صوتًا عاليًا في الزقاق على غير العادة.
طَق طَق-
كانت خطواتها وحدها، بوضوح. ومع ذلك، كان هناك ظلان أسودان يمتدان على بلاط الرصيف.
ما يعني أن هناك “شخصين” يسيران في هذا الزقاق.
“آه، أهه..…”
حينما بدأت ساقاها ترتجفان وتوقفت فجأةً في مكانها، شعرت بجسدها يُدفَع قليلاً نحو الأمام، وكأن أحدهم كان يتبعها واصطدم بها من الخلف.
و في اللحظة نفسها، تسلل بردٌ شديد إلى ظهرها، ووقف شعرها من شدة القشعريرة.
“هاه…..هاه..…”
كانت يَي أُون ترتجف بشدة، ثم التفتت فجأةً إلى الخلف.
‘لا…..لا يوجد أحد؟’
نظرت حولها بقلق، يمينًا ويسارًا، ثم حين خفضت نظرها، رأت ظلين متفرعين من قدميها.
“آه، لا بد أنه من ضوء أعمدة الإنارة..…”
قالت ذلك بصوتٍ مرتجف، وكأنها تطمئن نفسها.
لكنها مع ذلك، أسرعت، بل كادت تركض نحو المنزل. فقد كانت تدرك تمامًا أن هناك شيئًا غريبًا في الظلال.
نعم، كان أحدهما ظلها…..لكن الآخر كان ظل “رجل”.
قيق… قيق… قيق…
أرجوحة الحديقة داخل مجمع الشقق بدأت تصدر صريرًا وهي تتمايل ببطء، رغم أنه لا أحد كان يركبها. فجفلت يَي أُون من الخوف وبدأت تركض بجنون.
فمالت الأرجوحة فجأةً بقوة، واصطدمت بالأرض من جهة، ثم بدأت الأرجوحة المجاورة لها تتأرجح في الهواء ببطء.
إنه يتبعني. بل، إنه يقترب.
شيءٌ غير مرئي كان يطاردها من مسافة قريبة جدًا.
في الجبل، كان “الرجل المبتسم” يقف على بعد 10 أمتار منها، وفي مكتبة المدرسة، اقترب حتى صار على بعد 5 أمتار، أما قبل لحظات، فقد شعرت بشيء بارد يلتصق مباشرة بعقب كعبها.
من جبل سونغجوسان، إلى الجامعة، والآن حتى إلى بيتها.
كان الخوف يعتصر قلبها حتى شعرت أن قلبها سينفجر.
***
طانغ-!
ما إن وصلت إلى المنزل حتى أغلقت باب المدخل بسرعة، وأحكمت قفله بالسلسلة الحديدية.
لم تتمكن يَي أُون حتى من خلع حذائها، وأخذت تركض بين الغرف في عجلة، تشعل الأضواء في كل مكان، حتى المطبخ والحمّام أضاءتهما بالكامل.
فشش. فشش-
تجولت في أرجاء البيت بقلق، ثم ركضت بسرعة إلى الحمّام. و أغلقت نافذة الحمام، التي كانت مفتوحةً بنحو 3 سنتيمترات، وأقفلتها بإحكام حتى أصدرت صوتًا عاليًا: طانغ-!
كانت يداها ترتجفان بشدة، لدرجة أنها لم تتمكن من الكتابة بشكل صحيح، فاستمرت الأخطاء في رسائلها.
وأخيرًا، أرسلت رسالة إلى أمها بصعوبة،
<~: هل انتهت طقوس الجنازة؟ متى ستعودين؟>
وبعد لحظات، وصلها ردٌ من والدتها، التي كانت على ما يبدو مشغولة،
<~: لا، لا يزال أمامنا وقتٌ طويل. الجميع يتشاجر الآن، فلا تقلقي عليّ واذهبي للنوم أولًا.>
أجالت يي أون نظرها مجددًا في أرجاء المنزل ثم استعجلت.
<~: ألا تستطيعين المجيء الآن؟>
<~: إن أمكن، سأحضر مبكرًا. أسرعي وتناولي العشاء، وتوقفي عن القلق بشأن أمكِ.>
كانت قد قالت أن مسألة تقسيم الميراث ستثير الكثير من الجدل اليوم، ويبدو أنهم في خضم شجار حاد فعلًا.
“ما العمل؟ هل أحدثها عن الأشباح؟”
‘لكن…..أشباح؟’
لستُ طفلة، ستقول أنني أتفوه بكلام فارغ…..
وفجأة، شعرتُ ببرودة تعتري قمة رأسها، ثم انساب خصلة شعر طويلة على خدها…..
“آآآآاه!”
صرخت مذعورةً وانتفضت لتبعدها، فإذا بها شعرها هي. و بسبب الجري المتهور قبل قليل، ارتخت ربطة شعرها وانفلتت.
وحين همّت بربطه مجددًا، رن هاتفها المحمول.
“أمي؟”
تحققت بسرعة، لكن الرقم كان مجهولًا. فتجاهلت الاتصال ولم تجب، لكن في تلك اللحظة وصلتها رسالة من نفس الرقم.
<~: الآنسة شيم يي أون، نتواصل معك بناءً على طلب جدتكِ لأمكِ. إن كنتِ في المنزل الآن، فأغلقي النوافذ والأبواب بإحكامٍ دون ترك أي فتحة، وتأكدّي من إيقاف تشغيل هاتفكِ المحمول وانتظري.>
“جدتي…..لقد توفيت منذ مدة…..و كيف عرف اسمي؟”
هل هو نوعٌ من الاحتيال عبر الهاتف؟
انتابها شعورٌ سيئ، فقامت بحظر الرقم فورًا. وفي تلك اللحظة تحديدًا، وصلتها رسالةٌ جديدة.
<~: أين أنتِ؟ الجامعة؟ المنزل؟>
كانت من “B”.
“هاه..…”
تنهّدت يي أون ومسحت جبينها المتعرق براحتها، وقد انخفضت كتفاها من الإرهاق.
كان أمرًا مخيفًا للغاية، فكل من صعد معها إلى الجبل من مجموعة الدراسة التزم الصمت التام. فأجابت بسرعة وقد شعرت ببعض الارتياح.
<~: وصلت للتو إلى البيت، لقد انتظرتكِ في مكان الموعد البارحة لساعة كاملة، لماذا لم تأتِ ولم ترسل أي رسالة؟>
عندها ردت “B” بنبرة متذمّرة،
<~: آه، آسفة. “C” كانت متوترةً جدًا، فلم يكن لدي وقت لذلك.>
<~: “C”؟ ألا تزال على هذا الحال؟>
<~: نعم. تقول أنها ترى أشياء غريبة باستمرار…..أتذكرين عندما توهّمت أن هناك منحرفًا يتربص بها خارج النافذة؟ الأمر كان شبيهًا بذلك تمامًا. لقد رأت كيسًا أسود من البلاستيك وصرخت قائلةً أنه شبح.>
<~: كيس بلاستيك؟>
<~: لا أدري…..يبدو أن كل ما يلمح بصرها فجأة تراه كأنه شبح. آه، أنا متعبة جدًا. هل كان منظر الجثة صدمةً كبيرة لها إلى هذا الحد؟ بالمناسبة، هل تشعرين أنتِ أيضًا بشيء مشابه؟>
<~: آه….لا، أعني، ليس تمامًا….>
أهكذا هو الأمر؟ أهذا بسبب صدمة رؤية الجثة…..؟
ربما يكون الأمر بسبب ذلك.
مع بدء عودتها تدريجيًا إلى الإحساس بالواقع، أشعرها الحديث مع شخص تعرفه بخفوتٍ في التوتر والخوف. وبدأ العرق الذي غمر جسدها المتشنج يتبخر تدريجيًا.
حينها فقط تذكرت أنها لا تزال ترتدي حذاءها، فتوجهت نحو المدخل بينما تواصل الدردشة، وخلعت حذاءها.
<~: أعضاء مجموعة الدراسة، لماذا سكتوا فجأة جميعًا؟ ما الأمر؟>
<~: آه، لم تعرفي؟ حصل شجارٌ كبير هناك، الوضع في فوضى.>
<~: أعلم أن هناك شجارًا، لكن…..>
<~: لهذا السبب، لا أحد سيدخل مجموعة الدراسة بعد الآن، على الأرجح. قبل قليل تحدثت هاتفيًا مع رئيس المجموعة، ويبدو أن مجموعتنا ستتفكك.>
<~: إلى هذه الدرجة؟>
<~: القصة معقدة قليلًا…..صحيح، طلبتِ مني أن أعيد لكِ الجاكيت الخفيف، أليس كذلك؟ هل أعطيكِ إياه الآن؟>
<~: الآن؟ في هذه الساعة؟>
<~: على أي حال، أنا بالقرب من منزلكِ. فقد أوصلت “C” إلى بيتها، وكنت في طريقي للعودة إلى منزلي. و فقط أردت أن أتحقق مما إذا كنتِ هنا.>
<~: نعم.>
<~: بما أنني سأعيد لكِ الجاكيت، يمكننا أيضًا التحدث عن وضع مجموعة الدراسة. هل يمكنني الدخول إلى منزلكِ؟>
أشرق وجهها وشعرت أن هذا جيد. فقد كانت خائفةً من البقاء وحيدة، خاصةً أن أمها لن تعود قبل منتصف الليل، و وجود “B” معها سيكون مطمئنًا فعلًا.
وهي تكتب: “بالطبع، تفضلي بالدخول”، وقبل أن تضغط على زر الإرسال بإبهامها، ظهر إشعارٌ برسالةٍ جديدة من “B”.
<~: قولي لي أن أدخل بسرعة.>
فارتجفت وتوقّف إبهامها في مكانه. وفي اللحظة ذاتها… نبض… نبض…
بدأت نبضات قلبها تتسارع فجأة، وشعورٌ غامض بالتوتر بدأ يتصاعد في جسدها.
مررت لسانها بخفة على شفتها السفلى دون وعي، ثم تحرك نظرها تلقائيًا نحو الباب.
كان الباب الحديدي الأزرق الداكن مغلقًا بإحكام، ومثبتًا بسلسلة الأمان.
اقتربت بخطى خفيفة، تخفف من صوت حركتها، ثم نظرت عبر ثقب الباب لتتأكد من الخارج.
‘هاه؟ لقد وصلت بالفعل؟’
كانت “B” واقفةً أمام الباب مباشرة، متصلبةً في وضعية انتباه، تحدّق نحوها بثبات.
لكن، شعرت بشيءٍ مريب…..فبؤبؤاها كانا داكنين على نحو غير مألوف، ونظرتها حادةٌ بطريقةٍ مقلقة.
ززز ززز…
رنّ هاتفها فجأة، فارتجفت قليلاً وهي تنظر، وكان المتصل هي “B”.
<~: قولي لي أن أدخل بسرعة.>
لا يمكنها شرح السبب، لكن بمجرد أن رأت تلك الرسالة، اجتاحها شعورٌ بارد بالحذر والانزعاج.
ابتلعت يي أون ريقها بصعوبة، وسرعان ما لمست الشاشة لتقوم بحذف الرد الذي كانت على وشك إرساله: “تفضلي بالدخول”.
<~: لا، لا داعي للجاكيت. لنلتقي لاحقًا.>
أرسلت الرد بسرعة وانتقلت إلى غرفة المعيشة. فقد كان الوقوف قريبًا من الباب يُشعرها بخوفٍ غريزي لا إرادي.
لكن “B” لم ترحل، وأصرّت بعناد.
<~: قولي لي أن أدخل.>
<~: لا! عودي لليوم!>
رفضت يي أون بقوة، لكن “B” أرسلت فجأةً مئات الرسائل المتشابهة بسرعةٍ جنونية.
<~: افتحي الباب.>
<~: افتحي الباب.>
<~: افتحي الباب، حالًا!>
<~: افتحي الباب!>
<~: افتحي الباب!>
<~: قلتُ افتحي الباب حالاً!>
“آآه..…”
فتحت يي أون فمها، لكن الصدمة كانت شديدة لدرجة أنها لم تستطع حتى الصراخ.
فأطلقت صرخةً صامتة وهي تلمس شاشة الهاتف بارتباك.
طَق، طَق، طَق-!
لكن الهاتف بدأ يتصرف وكأنه مخترَق، ينتقل بين الشاشات من تلقاء نفسه. و بسرعة، تقلبت الصفحات حتى وصلت إلى معرض الصور.
هاه؟
“صور الجثة؟”
لماذا توجد صورٌ الجثة في هاتفي؟
ارتعبت يي أون حتى توقفت أنفاسها.
بشكلٍ غريب، ظهرت في معرض الصور صورٌ لجثة المنتحر التي رأتها في الجبل.
“هل…ذطأنا من التقط صور الجثة؟”
لا تعلم. فقد كانت خائفة ومشوشة في آنٍ واحد.
‘لا، لم ألتقطها، أليس كذلك؟’
لكنها تتذكر بوضوح أنها رفعت هاتفها باتجاه الجثة…..لكن هل التقطت هذا العدد من الصور فعلًا؟
في المعرض، كان هناك ست صور للجثة. بل إن تلك الصور الست كانت مأخوذةً من زوايا مختلفة.
“لا…..هذا ليس صحيحًا..…”
تلك لم تكن صورًا التقطتها هي. كانت صورًا التُقطت بهواتف أعضاء مجموعة الدراسة الذين ضغطت لهم زر “الإعجاب”.
“آه!”
فجأة، بدأت صور الجثث الست تتحرك في الوقت نفسه. ببطء…..ولكن بوضوح.
الجثث الست المتطابقة بدأت ترفع رؤوسها الجامدة وتنظر مباشرةً نحو يي أون. وفي الوقت نفسه، الأيدي التي كان يفترض أن تكون متراخيةً ومتيبسة بفعل الموت، بدأت ترتفع تدريجيًا.
كما لو أنها على وشك أن تمتد نحوها فورًا.
“آااااااه!”
طَنْغ-!
شعرت وكأن مسام جسدها كلها انفتحت من الرعب، وسقط هاتفها من يدها. وفي اللحظة نفسها تمامًا، انطفأت جميع الأضواء في المنزل فجأة.
حين اختفت الرؤية، اجتاحها الذعر الكامل، ولم تستطع حتى تحريك إصبع. فانهارت في مكانها، وجلست أرضًا بجسد مرتجف وهي تلهث بصعوبة،
“هَاه… هَاه…”
• “كَخ….كَغغ….كِهِه.…”
في ظلامٍ دامس، أضاءت شاشة هاتفها بلون أبيض باهت، وبدأ صوت رجل غريب يخرج منه.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 54"