كان هناك صوت شخصٍ ما يمسك بغصن شجرة ويهزه. أو ربما…..شيء ثقيل معلق بالغصن، لا يحتمل الغصن وزنه ويصدر صوت صرير مزعج.
دق… دق…
كان نبض قلبها يهز جسدها كله، وعرقٌ بارد بدأ يتصبب منها.
شعرت بجفاف في فمها، فمرّرت يي أون لسانها على شفتيها. ثم فجأة التفتت إلى الخلف بسرعة.
“آه!”
في اللحظة نفسها التي أدارت فيها رأسها، أظلمت رؤيتها فجأة. ففزعت يي أون وأسقطت هاتفها المحمول الذي كانت تمسك به.
“آه…..انطفأ المصباح.”
ارتعبت للحظة وظنت أن قلبها سينفجر، لكن ما حدث أن المصباح في السقف على بعد خمسة أمتار تقريبًا قد انطفأ. و بما أن بقية الأنوار لا تزال مضيئة، فيبدو أن المصباح هناك فقط هو الذي احترق…..
قشعريرة-
أصابتها رجفة، فالتقطت هاتفها المحمول من جديد وابتلعت ريقها الجاف بصعوبة.
في منتصف ذلك الممر المظلم تمامًا، كان هناك رجلٌ واقف. رجل شاحب اللون لا دم فيه…..و كان يرتدي قميصًا بنقشة مربعاتٍ زرقاء، كان طويلاً بشكل مخيف حتى يكاد رأسه يلامس السقف.
كان مظهره مطابقًا تمامًا لجثةٍ رأتها في الجبل، معلقة بحبل وقد ماتت مشنوقة.
بابتسامة خفيفة. نظر الرجل فجأة إلى يي أون بثبات وابتسم ابتسامةً مشؤومة.
كخ… كهه… كههك-
وفي الوقت نفسه، صدر أنينٌ مخيف من سماعة البلوتوث في أذنها.
“أوه..…”
شعرت بقشعريرة حادة، ومن شدة الخوف نزعت يي أون السماعة من أذنها وهربت من المكتبة وهي شبه فاقدة للوعي.
***
في فجر ذلك اليوم، رأت حلمًا.
كانت في حلمها تستقل حافلةً متجهة إلى مكان ما.
كانت حافلةً فاخرة سوداء اللون، وكان جميع أعضاء مجموعة دراسة الأسهم معها في تلك الحافلة.
طاخ! طاطاخ-!
فجأة، بدأ أحدهم يضرب جانب الحافلة بعنف ويثير ضجيجًا.
“لا تذهبي! لا تذهبي!”
كانت من تطاردهم وتصرخ هي جدتها المتوفاة من جهة والدتها.
“يا صغيرتي، يا صغيرتي، تعالي إلى هنا! أخرجي بسرعة!”
جدتها كانت غاضبةً وتنادي يي أون بقلق شديد.
عندها التفت جميع أعضاء فريق الدراسة في الحافلة دفعةً واحدة نحوها بصوت احتكاك مخيف.
كانوا جميعًا يبتسمون بلا تعابير، تمامًا كأن وجوههم أقنعة، وفجأة مدّوا أذرعهم نحوها محاولين الإمساك بها.
“آه…..”
ارتعدت يي أون ونفضت أيديهم عنها، ثم أسرعت بالجري إلى الأمام ونزلت من الحافلة.
“يا صغيرتي..…”
جدتها التي كانت تنتظرها فتحت ذراعيها فجأة واحتضنتها بقوة. وبينما كانت تمسح على ظهر يي أون مرارًا، أخذت تكرر نفس الكلمات.
“لا بأس، لا بأس. لا تخافي. جدتكِ هذه ستجد شخصًا قويًا يساعدكِ، مهما كلّف الأمر، لا بد أن يأتي.”
***
كان جوون ينظر بلا تعبير إلى شاشة أرقام الطوابق في المصعد.
الطابق الأرضي. الطابق السفلي الأول. ثم…..الطابق السفلي الثاني.
طنين-
وصل المصعد إلى موقف السيارات تحت الأرض، وفتح بابه بهدوء. وعندما فُتح الباب بالكامل، ظهر رجلٌ في الثلاثينيات من عمره واقفًا بانتظار المصعد.
نزل جوون من المصعد واصطدم عمدًا بكتفه.
“أوه، عذرًا. دعني ألتقطه لك.”
التقط جوون هاتف الرجل الذي سقط منه أولًا وناوله له، ثم نظر بوضوحٍ في عينيه مباشرةً لثلاث ثوانٍ، كأنه يتسلل خفيةً إلى روحه من خلال حدقتيه البنيتين.
٣… ٢… ١…
ارتجف-
الرجل تجمّد للحظة، لكنه سرعان ما أظهر انزعاجًا وهو ينفض هاتفه ويدخل إلى المصعد.
كان ذلك هو مين كي شيك، صاحب حانة في أبغوجونغ. وكان الكلب لينكون، التابع لسيان، قد التصق به بالفعل.
رمق مين كي شيك جوون بنظرةٍ جانبية، ثم ضغط زر الإغلاق في المصعد عدة مرات بعصبية.
حركته تلك كانت مشبعةً بالضيق والتوتر والحذر الحاد.
أومأ جوون برأسه بإيجاز. عندها خرج رجلٌ وامرأة بملامح فائقة الجمال من الظلام وكأنهم انفصلوا عنه، وركبوا المصعد مع ذلك الرجل.
سروووك، طق.
ثم ابتسمت جوون بسخرية وهو ينظر إلى باب المصعد الذي أغلق بسرعة وكأنه جدارٌ حاجز.
“فلتحلم بي، أيها العزيز.”
***
‘حلم الحافلة…..حلم ركوب الحافلة والذهاب إلى مكان بعيد.’
ما إن فتحت يي أون عينيها صباحًا، حتى أمسكت بهاتفها وهي لا تزال على السرير وبدأت تبحث عن تفسير الحلم.
“حلم أن أشخاصًا أعرفهم يوجهون انتباههم نحوي. حلم أن الكثير من الناس يبتسمون لي ويمدّون أيديهم نحوي. حلم أن شخصًا متوفى يحتضنني. هممم…..ماذا أيضًا؟”
عندما استيقظت كانت تتذكر الحلم بوضوح، لكنه أخذ يتلاشى تدريجيًا مثل قطع الجليد التي تذوب لحظةً بلحظة.
حاولت يي أون أن تركز قدر الإمكان لتستعيد تفاصيل الحلم الذي رأته الليلة الماضية.
في الحلم، كانت تركب الحافلة مع “B” و “C” وبعض الأشخاص الذين تعرفهم، وكأنهم ذاهبون في رحلة. ثم فجأة وجدت أن الجميع يوجهون أنظارهم نحوها، وراحوا يبتسمون لها ابتسامةً عريضة وهم يمدون أيديهم باتجاهها، وكان ذلك المشهد غريبًا ومخيفًا بشكلٍ غير مبرر.
وقبل أن تستيقظ بلحظات، ظهرت جدتها المتوفاة واحتضنتها بشدة، أما بقية تفاصيل الحلم فبدأت تتلاشى ولا تستطيع تذكّرها بدقة.
“أوه؟ يبدو أن كل هذا جيد في النهاية؟”
قيل أن هذا النوع من الأحلام هو حلمٌ مبارك، حلم فأل حسن. ويعني أن أمرًا جيدًا سيحدث قريبًا.
رغم أنها لا تؤمن كثيرًا بتفسيرات الأحلام، إلا أنها شعرت ببعض الارتياح وهدأت نفسُها قليلًا.
لكنها لم تكن تشعر برغبة في تناول الإفطار، وعندما امتنعت عن الأكل بدأت أمها بالتذمر.
“لا تشغلي بالكِ، واحرصي على أن تتناولي العشاء بنفسك.”
“هل ستتأخرين اليوم كثيرًا؟”
“ستنتهي الأمور قبل منتصف الليل على الأرجح.”
كان اليوم هو يوم طقوس الذكرى السنوية لجدها من جهة أبيها، وبما أن والدها في رحلة عمل، كانت والدتها متوترة لأنها ستذهب إلى بيت أهل زوجها وحدها.
ثم تنهدت الأم وأخبرتها،
“بسبب المشكلة التي حدثت حول الأرض في المرة السابقة، ربما تتأخر الأمور قليلًا. لا تنتظريني وتناولي طعامكِ أولًا.”
***
“هاه..…”
ما إن صعدت يَي أُوْن إلى المترو حتى أمسكت بعمودٍ ووقفت، ثم أسندت رأسها إليه بخفة.
هل لأنها رأت جدتها في الحلم؟ شعرت اليوم بشوقٍ غير معتاد لجدتها من جهة الأم.
كانت يَي أُوْن قد نشأت في كنف جدتها حتى الصف الثاني من المرحلة المتوسطة.
في حوالي الحادية عشرة من عمرها، كادت أن تُعضّ من كلب كبير. حينها، قامت جدتها باحتضانها بقوة بجسدها لتحميها.
ولحسن الحظ، طارد بعض المارّة الكلب بعيدًا، لكن بعد أن كانت الجدة قد تعرّضت لعضة شديدة في يدها.
ومع ذلك، كان أول ما فكرت به هو حفيدتها.
“يا صغيرتي، هل خفتِ كثيرًا؟”
وكما في الحلم الذي رأته اليوم، احتضنت الجدة يَي أُوْن الصغيرة المرتجفة والدموع تملأ عينيها.
“لا بأس…..جدتكِ هذه ستحميكِ مهما حصل.”
‘أشعر أن مزاجي يزداد كآبةً بلا سبب.’
ولتغيير الجو، فتحت غرفة الدراسة الخاصة بالأسهم.
“ما هذا…..ما بالهم فجأةً هكذا؟”
رغم أنها تُسمى غرفة دراسة، إلا أنها في الحقيقة كانت غرفة دردشة اجتماعية، ولم يحدث يومًا أن توقفت المحادثات فيها لأكثر من ساعتين.
لكن في اليومين الأخيرين، كانت الدردشة شبه متوقفة، أما اليوم فكان كل ما نُشر فيها مجرد سؤال وجواب مختصر في حوالي الساعة الواحدة فجرًا.
وحتى محتوى ذلك السؤال والجواب كان يحمل طابعًا كئيبًا وغامضًا.
<~: الجثة التي وجدناها، هل كانت ميتةً وعيناها مفتوحتان؟>
<~: لا أدري؟ لماذا؟>
<~: لا، فقط…..حين أعدت النظر في الصورة الآن، الجثة تبدو وكأن عينيها مفتوحتان.>
‘هل كانت عينا الجثة مفتوحتين؟’
“لا أدري.”
لم تكن هناك حاجة فعلية للتأكد من ذلك…..لكن فجأة انتابها فضولٌ جعلها تشعر بوخزٍ خفيف من التساؤل.
هل أراها؟ أم لا؟
طنينٌ معدنيٌّ حادٌّ، كلاك كلاك كلاك-
قطار المترو انطلق داخل نفقٍ مظلم مصدِرًا صوتًا حادًا من احتكاك الحديد. بينما ترددت يَي أوْن للحظة، لكنها في النهاية، سحبت إصبعها برفق…..
وانفتح على الفور حساب “B” في تطبيق التواصل، لتظهر صورة الجثة تدريجيًا وتملأ شاشة الهاتف بالكامل.
كانت الصورة التي التقطتها “B” عالية الدقة، حتى إن النقشة الحلزونية على الحبل الملفوف حول عنق الرجل الميت ظهرت بوضوح.
كان حبلًا برتقاليًّا من النوع الذي يُستخدم غالبًا في نشر الغسيل.
“صحيح.”
عند النظر بدقة، كان وجه الرجل الميت عاديًّا، وفمه مفتوحٌ قليلًا، أما عيناه…..
فقد كانت الجثة تحدّق بعينين نصف مفتوحتين. والمزعج أن بؤبؤي عينيه السوداوين كانا موجّهين إلى هذا الاتجاه.
غريب…..أليست عيون الموتى تنقلب بياضًا؟
لا، أحيانًا يُسلّطون الضوء على عيون الميت، لذا ليس دائمًا كذلك.
لكن…..هل كانت الجثة بهذا الشكل فعلًا؟
لم ترَ يَي أُوْن الجثة إلا للحظة في ذلك اليوم أثناء صعود الجبل. وحتى عندما ضغطت على زر الإعجاب في منشورات أعضاء الغرفة، لم تتكبد عناء النظر إلى صورة الجثة.
ومع ذلك، كانت الجثة وقتها تبدو وكأن رأسها منكسٌ إلى الأسفل باتجاه قدميها…..لكن الآن، بدا رأس الجثة مائلًا قليلًا نحو الكاميرا. وكأنها تحدّق بها مباشرة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 52"