أثناء تسلّقهم للجبل، عثروا على جثة رجل انتحر، وفي طريق النزول صادفوا شبحًا، وحين عادوا إلى النزل، كان هناك منحرفٌ مطارد يختبئ خارج النافذة.
لقد كان يومًا تتعاقب فيه الحوادث دون توقف. ولحسن الحظ، لم يمضِ وقتٌ طويل حتى وصلت الشرطة.
الضحية، “C”، نشرت تفاصيل الموقف في غرفة المحادثة.
<~ : لا يوجد شيء.>
<~ : لا يوجد؟ ماذا تقصد؟ ذلك الوغد؟>
<~ : نعم، يبدو أنه هرب. لا أحد خارج النافذة.>
<~ : هذا مطمئن.>
<~ : ولكن، ألن يعود ذلك المجنون مرة أخرى؟>
<~ : أي عودة؟ لا بد من الإمساك به قبل أن يعود.>
وبين هذا وذاك، أشرقت شمس الصباح.
لقد كانت ليلةً طويلة…..طويلة جدًا. ومن الطبيعي أن “C” كانت في غاية القلق.
<~ : ماذا إن لم نتمكن من القبض عليه؟>
<~ : هل لديكِ صورةٌ واضحة لوجه ذلك المنحرف؟>
<~ : لا…..لا أملك شيئًا كهذا…..>
<~ : لا تقلقي، سنلاحقه من خلال تتبع تحركاته عبر كاميرات المراقبة، وسيمسكون به بالتأكيد.>
<~ : أجل…..على الأقل أخبروني أنهم سيكثّفون الدوريات. وبما أن هناك كاميرا مراقبة عند مدخل المبنى، سأتحدث مع مالك الوحدة السكنية الآن. بعد أن أراجع تسجيلات الكاميرا جيدًا، سأقوم بتقديمها للشرطة.>
***
انقضت الليلة الطويلة، وبزغ الفجر. و بدأت الشمس تُشرق.
تأمل سيان امتداد سلسلة الجبال. فظلمة الليل، وعتمة الجبال الكثيفة، و نور الفجر الخفيف كانت تتداخل فوق بعضها كطبقات متدرجة في لوحة حبر مائي.
لم يكن هناك أي نورٍ صناعي في الأفق، وكان الجو باردًا قليلًا، وقد انتشر ضباب الفجر بشكلٍ غائم عند خاصرة الجبل.
ربما لهذا السبب، بدا لها المشهد شبيهًا إلى حد ما بذلك الجبل الذي رأته في حلمه. جبل بوكمانغسان، الذي كانت تتجول فيه بحثًا عن موضع القبر.
“ما الذي يعيقكِ؟”
لا تعلم متى اقترب، لكن جوون سألها من جانبها مباشرة دون يأبه.
ارتبكت سيان للحظة، ثم مرّت بجانبه بوجهٍ بارد وأعادت ترك مسافةٍ بينهما.
“لا، لا شيء. هل ينبغي أن نواصل التقدّم؟”
“هل هذا يومٌ لا ترغبين فيه بالعمل؟ إنها المرة الأولى التي أراكِ فيها شاردةً أثناء العمل، يا لي سيان.”
“كنتُ أفكر فحسب…..من هم الأشخاص الذين قد يكون الثعابين قد استدعوهم إلى تلك الحاوية؟”
“آها.”
كانت نبرته توحي بأنه يعلم أنها كذبة، لكنه سيتظاهر بتصديقها.
أزاحت سيان تلك الأفكار من رأسها وركّزت على عملها.
من بين الأرواح التي كانت مكتظة داخل تلك الحاوية، اختار جوون روحًا واحدة يمكن التفاهم معها، وتستطيع على الأقل التحرك لمسافة بعيدة، وطلب منها أن ترشدهم الى الطريق.
“أخبرنا إلى أين نُقلت الجثث التي قُتلت داخل الحاوية.”
فما من شيء يحدث في هذا العالم دون أن تراه عين، وهؤلاء الأرواح كانوا شهودًا بلا معرفة، يراقبون مسرح الجريمة في صمت.
“حثالة دقيقة للغاية.”
قال جوون ذلك وهو يسلّط ضوء المصباح على الأرض بلا مبالاة.
“بعد أن قطعوا الجثث داخل الحاوية إلى أشلاء، قاموا بتوزيعها من هذا المكان بالضبط. ثلاثة رجالٍ عاديين حملوا الأشلاء داخل حقائب تسلّق. و يبدو أنهم استخدموا آلات طحن في مناطق مختلفة لتدميرها. الرأس في كيونغيدو، و الذراع في جولا، و الساق في بوسان…..شيءٌ من هذا القبيل.”
ثم أطفأ المصباح وكأنه لم يعد هناك ما يُرى.
يا للأسف. لو أمكن العثور على جثة واحدة على الأقل، لكان ذلك جيدًا. فلو عُثر على الجثة في محيط الحاوية، لكان بالإمكان فضح مين كي شيك، مالك الحانة في أبغوجونغ، باعتباره المالك الفعلي للحاوية.
حينها، سيحاول أحدهم على الفور منع نشر القضية أو تغطيتها قبل أن تصبح قضية رأي عام…..ولو تتبّعنا ذلك الأثر بسرعة، لربما ظهر أحد كبار الثعابين.
ثم إن الجثة نفسها تُعدّ دليلاً بحد ذاتها. بأداة الجريمة، والفاعل، والدافع.
في حالة زوج مين هي سون، كان آخر لقاء له داخل تلك الحاوية، حيث استلم المال. و لعلهم استدعوه إلى هناك ليقتلوه في ذلك اليوم، لكنهم تراجعوا في اللحظة الأخيرة…..
ربما تركوه حيًا وأطلقوا سراحه لأنهم رأوا أن لديه فائدةً ما لا تزال قائمة.
“فلنصرف النظر عن الجثة.”
في النهاية، مرّرت سيان يدها في شعرها ونظرت إلى الساعة.
كانت الشمس قد بدأت في الشروق، وأصبح من الصعب تجنّب اللقاء مع المتنزهين.
وبينما بدأت في النزول من الجبل، شرحت خطوتها التالية.
“سأذهب هذا المساء إلى حانة أبغوجونغ وأحاول التواصل مع المدير مين كي شيك.”
المالك الفعلي لحاوية جبل سونغجوسان، وهو أيضًا الشخص الذي وفّر مكانًا للمبيت للضحية التي ظهرت في كاميرا الأكشن.
كان لا بد من رؤية ذلك الرجل المشبوه وجهًا لوجه.
وبحسب ما قالته العميلة G…..فإن صاحب الحانة في أبغوجونغ هو من النوع الذي يتقلص فورًا كزهرة الميموزا عند أدنى لمسة.
شخصيةٌ حسّاسة للغاية، وقد يستغرق الأمر وقتًا لاستخلاص أي معلوماتٍ منه.
على أية حال، بما أنه يتردد على الحانة التي يديرها يوميًا في الساعة العاشرة مساءً، فقد كان من المخطط أن ننتظره هناك ونرسل لينكون لمراقبته.
وافق جوون وسأل،
“في أي ساعة نلتقي إذًا؟”
“لا، لا حاجة، تاي جوون، ملامحكَ قويةٌ جدًّا. سأذهب وحدي.”
“إذا كنتِ تقصدين الملامح، فأنتِ وأنا لا نختلف كثيرًا. فقبل قليل، حين رأى الفتيات ملامحكِ، صرخن وهربن وهن يرددن: شبح!”
“أعتقد أن الشبح كان أنتَ، تاي جوون.”
ردّت عليه بجفاف، فضحك جوون بخفة، ثم فجأة سلط ضوء المصباح عند قدميها ليُنير لها الطريق.
“آه…..”
كان هناك منحدرٌ شديد الانحدار على بُعدين فقط من مكانها، ولو تقدّمت دون أن تنتبه، لكانت انزلقت وسقطت حتمًا.
ثم انزلقت سيان بهدوء إلى أسفل المنحدر دون أن تنبس بكلمة.
ربما السبب في أنها كانت تراه مرارًا في أحلامها كمنقذ، هو أنه كان، وعلى مدار الأربعة أشهر الماضية، يقدم لها باستمرار هذا النوع من الاهتمام البسيط واليومي.
ولعل ذلك هو ما بدأ، تدريجيًا، وببطء، يُضعف جدار الحذر في قلبها.
انتظر جوون وهو يُسلّط الضوء حتى نزلت بأمان، ثم أطفأ المصباح فجأة، حتى لا يلفت الأنظار إذا صادفهم أحد المتنزهين.
“إذاً، ماذا عليّ أن أفعل؟”
قال ذلك وهو يقفز بخفة من أعلى المنحدر ليهبط دون أن يصدر أي صوت تقريبًا، ثم اقترب وسألها.
“لا شيء الآن.”
أجابت سيان بصوتٍ جاف، واضعة حدودًا واضحة.
“سأتواصل معكَ إن ظهرت حاجةٌ لذلك.”
***
<~ : تذكرون حين قالت “C” أن منحرفًا كان يراقب سكنها من خلف النافذة؟>
<~ : نعم، في فجر اليوم.>
<~ : يبدو أنها كانت تتوهم، فكاميرات المراقبة لم تُظهر أي أحد.>
قامت “C” ومالك السكن والشرطة معًا بمراجعة تسجيلات كاميرا المدخل، لكن المنطقة أمام نافذة غرفة “C” كانت خالية تمامًا.
وبما أن الوقت كان حوالي الثالثة فجرًا، فلم يكن هناك أي شخص دخل أو خرج من المبنى خلال ذلك الوقت سوى “C” نفسها.
كما تم التحقق من كاميرا الزقاق أيضًا، وكانت النتيجة نفسها.
وبعد أن تأكد عدم وجود المتحرش، تغيّرت نبرة الحديث في غرفة الدردشة.
<~ : في الواقع، وددت قول هذا من قبل، لكن الصورة التي رأيتها بدت لي كأنها مجرد بقعة.>
<~ : صحيح…..الآن بعد أن أعيد النظر فيها، تبدو غامضة فعلًا. لا يمكن الجزم بأنها إنسان، كأنها مشوشة أو منتشرة؟ أظن أن ما ظهر هو انعكاس الجدار المقابل.>
<~ : ما هذا إذًا؟ هل كانت حقًا مجرد أوهام؟>
يبدو أن “C” شعرت بالإهانة من ردود فعل أعضاء مجموعة الدراسة، فردّت بانفعال.
<~ : وهم! أضواء الاستشعار في موقف السيارات كانت مضاءةً بالكامل! أنا أقول لكم، كان هناك شخصٌ حقاً!>
في الواقع، كان ذلك أمرًا غريبًا بعض الشيء. فمن غير المعتاد أن تضيء أضواء الاستشعار فجأةً في موقف السيارات دون وجود أحد يمر من هناك.
<~ : هل يمكن أن يكون شبحًا؟>
<~ : هذا الكلام يُشعرني بعدم الارتياح…..>
<~ : يا رفاق، أحيانًا تشتغل أضواء الاستشعار من تلقاء نفسها. كأن تشعل ضوء الحمّام، فيضيء ضوء المدخل مثلًا. ! قد يكون قطًا أيضًا.>
<~ : هذا مضحكٌ حقًّا! شبح؟ أم متحرّشٌ مهووس؟ في النهاية، مجرد خداعٍ بصري.>
حتى لو لم يقولوا ذلك مباشرة، فالكل كان خائفًا بعد رؤية الجثة. و الجميع كان مقتنعًا بأن “C” كانت تتوهّم لذلك.
أعادت يي أون النظر بدقة في صورة المتحرش التي نشرتها “C” في الفجر.
“حقًا؟ لماذا ظننتُ أن هذه الصورة تظهر شخصًا؟”
كانت الصورة بالكاد تكاد تبدو كأنها عيونٌ وأنف وفم بشري إذا حاولت أن تتخيلها بقصد.
لكن “C” بدت غاضبة جدًا، ولم تشارك في أي حديث بعدها طوال ذلك اليوم، وحتى بعد غروب الشمس، وعندما عمّ الظلام العميق.
حين غادرت “C” غرفة الدردشة التي كانت تضم سبعة أشخاص مكتظة، و بقي ستة فقط يتحدثون ويثرثرون.
***
في الساعة الثامنة والنصف مساءً. حان الوقت للخروج ببطء.
كان من المخطط اليوم الذهاب إلى حانة أبغوجونغ للتحقق مباشرةً من مين كي شيك، المالك الحقيقي لحاوية جبل سونغجو.
بدت سيان متنكّرةً بعناية، وأمسكت بمسدس فضي كان موضوعًا على الطاولة.
كان المسدس الفضي الجديد أثقل بكثير مقارنةً بمسدسها السابق…..و كان المسدس نفسه يبدو غريبًا وثقيلاً عند الإمساك به.
إضافةً الى ذلك كان يحمل أربع رصاصات فقط…..
شعرت وكأنها فقدت شريكها القديم المفترض، وحصلت على شريكٍ جديد يصعب التأقلم معه.
كانت تشعر بعدم الراحة قليلاً. بينما وضعت سيان المسدس الثقيل على حزام خصرها.
***
كان مين كي شيك، صاحب الحانة في أبغوجونغ، يبدو من النظرة الأولى رجلاً يعاني من اضطراب الوسواس القهري. وكان الانطباع الأول عند التواصل معه يعكس تمامًا أجواء حانته.
فالمكان عبارةٌ عن محل نبيذ ذو إضاءة خافتة، مبني من الخرسانة المكشوفة والهيكل الحديدي والزجاج فقط، مما أعطى انطباعًا متوترًا وهيستيريًا إلى حد ما.
ارتدت سيان باروكةً وتنكرت، وجلست بهدوء على طاولة داخلية تراقب صاحب الحانة بدقة.
عندما دخل مين كي شيك الحانة، لم ينظر إلى الزبائن أولاً، بل تأكد بنفسه من ترتيب الأدوات والديكور في أماكنها الصحيحة.
كان ينتقد مديره الذي يتبعه بتفصيل شديد وبحساسية عالية، ثم فقط ألقى نظرةً سريعة على الطاولات ليعرف حالة المكان بدقة.
شعرت سيان بالارتياح لأن الإضاءة كانت خافتة، فابتعدت قليلاً في الظلام وأخفت وجهها.
لم تكن ترغب في ترك انطباع سيء. فهذا الرجل يبدو من النوع الحذر جدًا، وكان من الأفضل ألا يلاحظها.
أشارت بعينيها إلى لينكون ليحدد الهدف عليه، فاقترب مباشرة من مين كي شيك وتبعه على مسافة عشرين سنتيمترًا.
لينكون كيانٌ روحاني، فلا يمكن أن يدرك مين كي شيك أنه مراقب.
لكن الأمر المؤسف هو…..أن لينكون سيتذكر روائح الأشخاص الذين سيلتقي بهم مين كي شيك من الآن فصاعدًا، لكنه لن يستطيع سماع أي حديث يدور بينهم.
نظرت سيان في صاحب الحانة النحيل كعودٍ رفيع، وعيونها الباردة تلتمع في الظلام.
على أي حال، هذا الرجل هو ذاته الذي سلّم التوأم داخل الرحم إلى الأفاعي.
__________________
شسمه جوون جاه سفه قوي😭😭😭
الطلاب للحين في الجبل؟ احسبهم بيرجعون لبيوتهم والصراحه ذاه احسن لهم وش مقعدهم
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 49"