“أمي كانت تُدعى شيم هوا سوك……التي كانت بريئةً للغاية كطفلة.”
كان هذا اعترافًا من بارك جين وو بنفسه بأنه الابن غير الشرعي لرئيس شركة UM الراحل.
تابع بارك جين وو حديثه نبرةٍ مريرة.
“كانت سهلة الخداع، وتثق بالناس بسهولة. كانت نقيةً كالأطفال، حتى أن الأرواح كانت تحبها أكثر من الناس.”
“…….”
“في الواقع، كانت تجد راحةً أكبر في مصاحبة الأرواح بدلًا من البشر. لالبشر يخدعون ويستغلون بعضهم بقسوة، أما الأرواح فلا تفعل ذلك……”
كان صحيحًا أن هوا سوك كانت محبوبةً بشكل خاص من قِبل الأرواح. فلم يكن هناك أي أثرٍ لجسدها الروحي في القبو.
ربما كان بإمكان أطفال أونغجو أن يحتجزوا روح هوا سوك بنيّة سيئة……لكن يبدو أنهم فقط تركوها ترحل بسلام، وقالوا لها: “لقد آن لكِ أن تكوني حرة.”
لم يكن ذلك أمرًا سهلًا أبدًا، لا للبشر ولا للأرواح.
“كانت امرأةً طيبة الطبع على نحو استثنائي.”
قالت سيان ذلك، فضحك بارك جين وو ضحكةً قصيرة.
“نعم. كانت تشعر بالوحدة كثيرًا، وتبكي كثيرًا أيضًا. ومع ذلك، كانت تبتسم كثيرًا أمامي……لأنها كانت تعتمد عليّ وحدي، ابنها الوحيد.”
“…….”
“وكانت آخر مرة رأيتُ فيها والدتي……قبل 12 عامًا.”
وفقًا لما تلى من القصة، فإن انقطاع اللقاء مع والدته كان بسبب قرارٍ اتخذه والده فجأة.
“فجأةً هكذا؟”
“نعم. في يومٍ من الأيام، دون سابق إنذار، ودون أي سبب.”
ومع ذلك، كان بإمكانه قبل ذلك أن يرى والدته بشكلٍ منتظم، مرتين في الشهر، لمدة ساعةٍ في كل مرة.
كان والده يحدد مواعيد اللقاء بشكلٍ غير منتظم من حيث اليوم والوقت، لكن المكان كان ثابتًا دائمًا: منزل العرّافة الشابة من عائلة “تشوي” التي كانت والدته ترعاها.
كان بارك جين وو يعلم منذ صغره أن والدته كانت تعيش محبوسةً في قبو أحد المباني. وكان يحمل ذكرياتٍ عاشها هناك بنفسه.
كان يتسلل أحيانًا إلى جوار بيت تلك العرّافة خلسةً دون علم والده، وتبعها أكثر من مرة.
لكن كل ذلك لم يُجدِ نفعًا. فلم يكن يعرف أبدًا كيف يصل إليها أو ماذا يفعل.
وفي النهاية، أدرك أنه لا يستطيع رؤية والدته إلا من خلال والده.
تابع بارك جين وو حديثه بصوتٍ هادئ،
“طوال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، كنت أطلب من والدي بلا كلل أن يسمح لي برؤية أمي. وكان جوابه دائمًا قاسيًا: ‘إن أطعتني جيدًا، فسأفكر في الأمر.’ ولهذا…..كنت كالعبد، كالكلب، أنفذ كل ما يطلبه مني دون تردد.”
“……؟”
“و في ذلك الوقت، لم أكن أتصور أبدًا أن أمي قد تكون قد توفيت.”
ثم، في أحد الأيام، طرأت على ذهنه فكرةٌ مفاجئة.
‘هل يمنعني من رؤيتها عمدًا؟ أم أن…..أمي قد ماتت بالفعل، ولم يعد بإمكانه السماح لي برؤيتها؟’
“هاها……”
أطلق بارك جين وو ضحكةً خفيفة ممزوجةً بزفرة، كأنها تنهيدة.
ذلك الشك المريب الذي خطر له حينها، “هل يُعقل…؟”، لا بد أنه تحول سريعًا إلى يقين.
أمه قد ماتت بالفعل، ووالده كان يخفي الأمر عنه. بل، لم يكن الأمر مجرد إخفاء.
لقد خدم بارك جين وو والده الحاد الطباع والمستبد طوال 23 عامًا. وكان يعرف جيدًا أن أمه، حتى بعد موتها، ربما لم تُدفن، بل بقيت حبيسةً في قبوٍ ما، في مبنى ما.
كيف كان شعوره حيال ذلك يا ترى؟
بارك جين وو حدق في الأفق دون أن يرمش.
“آخر مرة رأيت فيها والدتي كانت في ميلادها قبل 12 عامًا……ذلك اليوم أهديتها سترةً جميلة مزينةً بنقوش زهرية.”
كان واضحًا عن أي سترة يتحدث. فلا بد أنها السترة الصفراء التي كانت جثة هواسوك ترتديها.
واصل بارك جين وو كلامه كأنه يهمس لنفسه،
“تساءلت، يا ترى هل هي الآن مرتاحة؟ وعندما سألت نفسي ذلك، تذكرت وجهها وهي ترتدي السترة التي أهديتها، تضحك كطفلة بفرح خالص…..و كأن وجهها ذاك كان هو الجواب.”
“…….”
“كانت تشبه الأطفال منذ البداية وظننت أنني اعتدت ابتسامتها، لكن…..كم أفتقد تلك الابتسامة الآن.”
اغرورقت عينا بارك جين وو فجأة بالدموع.
“كم أشتاق…..لأمي.”
ثم، وبعد صمتٍ قصير، وبعينين تلمعان بالدموع، نظر بعيدًا نحو خط الأفق المتلألئ وسط الظلام مثل النجوم، وانفجر بالضحك لأول مرة، ضحكةً كبيرة وعميقة.
“هاه……نعم، والدتي، لا بد أنها تبتسم الآن بذلك الوجه الطفولي المليء بالفرح.”
“…….”
“لأنها أخيرًا تحررت إلى الأبد من ذلك المكان.”
***
الساعة السابعة صباحًا. كان الناس يتجهون نحو محطة المترو في طريقهم إلى العمل. أما سيان، فكانت تسير عكس التيار، وحدها، عائدةً إلى المنزل، كسمكةٍ تسبح ضد مجرى النهر.
كان الهواء باردًا، لكن أشعة الشمس المتناثرة بخفوت، كأنها ما زالت تغفو، كانت تحمل دفئًا لطيفًا يبشّر بيوم ربيعي جميل.
تلقّت سيان تلك الشمس الربيعية على وجهها، و تذكرت السترة الصفراء التي كانت ترتديها هوا سوك.
تلك الجثة التي كانت جالسةً تنظر إلى جرار الفخار، ميتة، لكنها ترتدي تلك السترة الجميلة فوق جسدها البارد.
في قبو كالمعبد، بارد وكئيب، كانت السترة وحدها تشع بلون أصفر زاهٍ، كزهرة غرانيا* تفتحت للتو. *آخر الفصل
ربما حين ماتت هوا سوك، كانت تنظر إلى تلك السترة وتتذكر ابنها. تتذكره وهو طفلٌ حديث الولادة، ثم وهو يمشي بخطواتٍ متعثرة، و يناديها بصوت طفولي، ثم يكبر، فيحتضنها، وتحتضنته هي، ثم يدلك كتفيها، و يحييها، ثم يرحل…..
ربما كانت تنتظر، تقول في نفسها: “ربما اليوم سيأتي ابني.”
تنتظر…..طوال اثنين وسبعين عامًا من تلك الحياة الطويلة والطويلة.
في حياة هوا سوك الطويلة والمملة إلى حدِّ الكراهية، ربما كان طفلها أشبه بأشعة شمس هذا الربيع.
لا، بل ربما كان ذلك الطفل وحده، مثل الموتشي الذي يذوب بسلاسة في الفم، الشيء الوحيد الذي كان حلو المذاق في حياتها.
***
ما إن عادت سيان إلى المنزل، حتى أطعمت لينكون، ثم استحمت، وبدأت تراجع الملفات التي لم تتمكن من الاطلاع عليها بالأمس لانشغالها بمراسم التحرير الروحي.
كانت الملفات تتضمن معلوماتٍ عن أجواء العائلة قبيل ولادة بارك جين وو وبعدها، وتسجيلات كاميرات المراقبة من موقع الحادث الذي مات فيه رئيس شركة UM، بالإضافة إلى لقطاتٍ من كاميرات المركبات الأخرى.
وكان من بينها أيضًا سجلاتٍ تؤكد أن كلاً من الرئيس الراحل، وزوجته، والأخ الأكبر بارك تشول وو، قد طلبوا بشكلٍ منفصل فحصًا جينيًا سريًا لبارك جين وو.
وقد أرفقت العميلة G ملاحظةً مع المستندات،
<: “بارك جين وو هو بالفعل ابن الرئيس الراحل. لكن لم يُثبت أنه ابن زوجة الرئيس.
بارك جين وو هو الأخ غير الشقيق لبارك تشول وو، وقد أنجبه الرئيس من امرأةٍ أخرى خارج إطار الزواج.”>
كما هو متوقّع، هكذا بدت الأمور منذ البداية. فلا يوجد أبٌ مجنون إلى هذا الحد يربط ابنه البيولوجي بجانبه منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره، يراقبه كظله ويعامله كمجرد سكرتير لمدة 23 عامًا دون انقطاع.
ولم يكن يُرافقه لتلقينه دروسًا في الإدارة أو إعداد وريث شرعي.
من بين ولدي رئيس شركة UM الشرعيين، لم يتلقَّ دروسًا في الإدارة سوى الابن الأكبر، بارك تشول وو، وكان ذلك بفضل تدخلات زوجة الرئيس المستمرة.
ورغم أن القضية كانت منتهيةً من الناحية العملية، إلا أن سيان بدأت تشغّل القليل من مقاطع الفيديو المأخوذة من كاميرات المراقبة والصناديق السوداء، واحدةً تلو الأخرى.
كان موقع الحادث في طريقٍ متعرج خارج المدينة، والفيديو بدا كواحد من الحوادث الشائعة المعتادة.
لكن العميلة G كتبت: “هذا الحادث…..لدي شعورٌ غريب حياله. أظنه حادثًا مدبرًا عمدًا.”
وكان رأيها يستند إلى خبرتها الكبيرة في جمع وتصنيف وتحليل المعلومات. وذكرت أن الجاني قد يكون بارك جين وو نفسه.
أي أن بارك جين وو تعمّد التسبب في الحادث لقتل والده.
لكن هذا كان مجرد شعور، لا دليل عليه في أي مكان. فرئيس شركة UM الراحل كان يكره المراقبة بجنون، ولهذا لم تكن هناك كاميرا سوداء مثبتة داخل السيارة، التي تحطّمت مؤخرة مقصورتها بالكامل.
في يوم الحادث، كان السائق – كعادته – هو الابن بارك جين وو. وكان هو ووالده وحدهما داخل السيارة، وقد تُوفي والده بعد ثلاث دقائق فقط من وقوع الحادث.
وكانت كل المواد المصورة المتاحة حول هذا الحادث المرعب مجرد لقطاتٍ متفرقة من كاميرات مراقبة وسياراتٍ عابرة.
ومن بينها، كان هناك تسجيلٌ من كاميرا الصندوق الأسود لشاحنةٍ صغيرة كانت تصعد الطريق محمّلةً بمنتجات زراعية.
قامت العميلة G بتقسيم الفيديو إلى عدد هائل من الإطارات، رغم أن مدته لم تتجاوز ثانيتين فقط.
نقرة، ثم نقرة.
شاهد سيان التسجيل مرةً واحدة بالسرعة العادية، ثم بدأت تتفحص كل إطار متوقفٍ بدقة.
كان بارك جين وو في اللقطة نصف داخل المقعد الخلفي، كأنه يحاول إنقاذ والده، أما رئيس شركة UM، فقد كان مائل الرأس إلى الخلف، يحدّق في ابنه مباشرة.
إذا نظر المرء سريعًا، قد لا يلاحظ أي شيءٍ غريب في المشهد. لكن حين يقوم بتكبير وجهي الاثنين، تكبيرًا بالغًا، ويدقق النظر جيدًا…..
كان بارك جين وو يحدق في والده، الذي كان يحتضر، بوجه خالٍ تمامًا من الرحمة. و كل إطار من اللقطات كان ينبض بنظراتٍ قاسية ومرعبة إلى حد القشعريرة.
لقد خدم بارك جين وو رئيس شركة UM طيلة 23 عامًا، وكان يعرف طباع والده أكثر من أي شخص آخر.
من المؤكد أن ذلك “الشك المريب” الذي راوده، تحول سريعًا إلى “يقين”. كان يعلم أن والدته قد ماتت، وأن والده يخفي ذلك عنه. وأن والده يوهمه بإمكانية لقائها، بينما في الحقيقة يربطه إلى جانبه دون رحمة.
ولذلك، كان بارك جين وو يعلم أيضًا…..أنه لن يستطيع أن ينال حريته، ولا أن يمنحها لوالدته، إلا إذا أزاح والده من الوجود.
نقرة. نقرة.
قامت سيان بتكبير وجه رئيس شركة UM الميت إلى الحد الأقصى. وعلى النقيض من برودة بارك جين وو المرعبة، بدا على وجه الأب الذهول والرعب.
قد يُظن لأول وهلة أن وجهه مشوّه من هول الحادث…..لكن لا. كان وجه شخصٍ انهار فيه كل شيء في الحياة.
ما الذي قاله بارك جين وو في لحظاته الأخيرة، حتى جعل وجه والده يحتضر بتلك الملامح المشوهة من الرعب واليأس؟
ززز… ززز…
وصلت رسالة لسيان. و عندما تفقدتها، وجدت أنها من جوون.
<: “ورد خبرٌ عاجل الآن.”>
“خبرٌ عاجل؟”
فتحت سيان نافذة الأخبار على هاتفها المحمول، وما إن قرأتها حتى انتفضت من الصدمة.
“آه…..”
كان الخبر العاجل يفيد بوفاة بارك تشول وو، النائب الأول لرئيس مجموعة UM وابن رئيس الشركة الأكبر.
والأدهى أن مكان الوفاة كان داخل مكتب رئيس مجلس الإدارة في المقر الرئيسي لشركة UM.
“ما هذا….؟”
وكان وقت الوفاة…..فجر أمس، تمامًا عندما كانت سيان، و جونن، والأخ غير الشقيق بارك جين وو منشغلين بطقوس تحرير أرواح أطفال الأونغجو.
____________________
هاه؟ الافاعي؟
المهم قصة هوا سوك تحزنننن😔
زهرة غرانيا أو جازانيا:
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 44"