تحول وجه بارك جين وو إلى اللون الرمادي وبدأ يتخبط بلا حول. و انحنى سريعًا وكأنه يحاول تدارك الحادث، لكن الأوان كان قد فات.
غطاء الإناء الثقيل الذي حطم الجزء العلوي والجانبي من الفخار وسقط على الأرض، كان قد انكسر بالفعل إلى نصفين.
“تراجعوا! بسرعة!”
في اللحظة نفسها التي أطلقت فيها سيان هذا التحذير، جذب جوون بارك جين وو بعنفٍ خلفه ليحميه.
الإناء الذي تسكنه روح الأونغجو هو شيءٌ مقدس لا يجوز العبث به. حتى تنظيف سطح الإناء لا يُسمح به إلا بإذن من الأونغجو.
لكن ذلك الإناء الفخاري قد تحطم فجأة…..
سسسسسس…
دارت طاقةٌ سوداء قاتمة داخل الإناء، وكأنها مذعورةٌ أو غاضبة. و تلك الطاقة الخبيثة تضخمت بشكلٍ مرعب في لحظة، ثم اندفعت فجأة خارج الإناء.
لا يمكن السماح بهذا.
“لينكون!”
أخرجت سيان مسدسها فورًا واندفعت إلى جانب الستارة.
كانت قد تجنبت مناداة لينكون عمدًا حتى لا يُخيف الأطفال أو يُثير قلقهم، لكن الوضع خرج عن السيطرة.
لكن الطفل كان أسرع بكثيرٍ من الكلب.
فويّق، فوييريق-
اندفعت الروح مثل ريحٍ سوداء نحو السقف، ثم اختفت في لحظة.
‘يا للمصيبة.’
من حسن الحظ، على الأقل، أن روح الأونغجو لم تهاجم بارك جين وو.
“الطابق السفلي الثالث…..الثاني…..الأول….لقد هربت تمامًا إلى الأعلى.”
قال جوون ذلك وهو يراقب السقف متتبعًا أثر الروح، ثم هزّ كتفيه وأكّد،
“على أي حال، لن تتمكن من مغادرة هذا المبنى.”
بما أنهم وضعوا حاجز طردٍ على كامل المبنى، فستظل تدور هنا في الداخل.
لكن مبنى المركز كبير جدًا، ومن المستحيل الإمساك بتلك الطفلة السريعة قبل وصول الموظفين صباحًا.
مررت سيان يدها على شعرها بحيرة.
بالطبع لو أمرت لينكون بالمطاردة لأمسك بها فورًا، لكن…..
لي جيا كانت الطفلة التي اختفت بعد دخولها دورة مياه الملاهي لغسل يديها. وبعد ذلك، بقيت محبوسةً في ذلك الإناء لاثني عشر عامًا حتى تحررت بالكاد الآن…..
لم تكن سيان تريد أن يقتلها لينكون. كانت تريد تجنب ذلك بأي ثمن.
والأهم، رغم أن روح الأونغجو أفلتت، إلا أن بارك جين وو هو الشخص الوحيد من عائلة بارك الموجود في المبنى حاليًا. وبالتالي، الشخص الوحيد المعرض للخطر بسبب الأونغجو هو بارك جين وو فقط. وكان هو نفسه يتصبب عرقًا وهو يعتذر.
“أنا آسف. كنت متوترًا جدًا، وفجأة…..أفلتت الغطاء من يدي…..”
لا يمكن مساعدته. لقد انسكب الماء بالفعل، وما حدث قد حدث.
صحيحٌ أنه كان من المؤسف عدم القدرة على مواساة الطفلة وتهدئتها، لكن هذا لا يعني أن طقوس التطهير الروحي لم تعد ممكنة.
بل في الواقع، دموع بارك جين وو الحارّة هي ما جعل ثلاثةً من الأرواح الصعبة تظهر بسهولة مدهشة.
قررت سيان ببرودة أعصاب خطتها التالية.
“بما أن الجسد الأصلي لطفلة الأونغجو موجودٌ هنا، فلنحرقه قبل بزوغ الفجر.”
اقتربت من الإناء المكسور وجلست على ركبتيها.
طقطق-
وعندما أبعدت شظايا الفخار جانبًا، ظهرت يدٌ صغيرة يابسة كأنها متعفنة.
ما يوضع داخل إناء الأونغجو لم يكن جثة الطفلة. بل ما يوضع هو يدها.
يد طفلةٍ تحمل أمنيةً عميقة ويائسة.
كانوا يتركون الطفلة جائعةً داخل الإناء، وقبل لحظاتٍ من موتها، يضعون الطعام أمامها وهي مستلقية.
حينها، امد الطفلة يدها نحو الطعام بآخر ما تبقى لديها من حياة. ثم تُقطع تلك اليد فقط، وتُعاد إلى الإناء لتُستخدم كأداةٍ سحرية، بينما الجثة غير الضرورية تُرمى ببساطة.
تلك اليد المقطوعة، المشبعة بجوعٍ لا نهاية له، كانت تجذب الثروة إلى العائلة.
لذلك، لا بد من حرق هذه اليد والتخلص منها كي تكتمل طقوس التطهير بشكلٍ نظيف.
قامت سيان بلف أيدي هيون سون، كيم أوك، وجيا بعناية داخل قماشٍ أبيض نقي كلٌ على حدة. وعندما انتهت من العمل، تحققت من الوقت فوجدت أنه الواحدة وأربعون دقيقة فجرًا.
أما جوون، فكان قد أنهى بالفعل ترتيب جميع الأدوات مثل الستارة وغيرها. وكان بارك جين وو يتفقد الطابق السفلي ببطء…..
إذا تولّى الأخ الأكبر، بارك تشول وو، منصب الرئيس، فلن يكون من الممكن بعد الآن الدخول إلى مكتب الرئيس كما هو الحال الآن. و مجرد التفكير في استخدام المصعد المخصص للرئيس سيصبح حلمًا مستحيلًا.
لذا، قبل أن يُعاد تصميم المكتب، كان لا بد من استخراج جثة هوا سوك ودفنها بسرعة، ثم إغلاق هذا المكان إلى الأبد.
على أي حال، الأطفال قد رحلوا بالفعل…..والآن، الأمور المتبقية في هذا المكان سيتولى بارك جين وو تنظيفها سرًا.
بينما كان بارك جين وو يتفقد أغراض هوا سوك التي استخدمتها في حياتها، ضغط بيده على فراشها البارد، ثم أدار رأسه بفضول وأدخل يده داخله.
وما أخرجه من تحت اللحاف السميك كان نحو عشرة شهادات تقدير. و من شكلها المجعد، بدا أن هوا سوك كانت تلمس تلك الشهادات أثناء نومها، وربما تحتضنها وهي نائمة.
ربما راوده نفس الظن، لأن بارك جين وو ظل يحدّق في تلك الشهادات القديمة دون أن يتحرك.
من مكان سيان، لم تكن يستطيع قراءة الاسم المكتوب على الشهادات، لكن بدا لها أنها تعرفه.
حوّلت نظرها من بارك جين وو إلى جثة هوا سوك، ثم التفتت إلى الرجلين وأصدرت أمرها.
“لنصعد إلى السطح ونُنهي ما تبقى.”
***
تشيك-
عندما دُفِع الباب الحديدي الثقيل وفتح، ضربهم نسيم الفجر البارد، مما جعل شعرهم يتطاير طويلًا في الهواء.
دخلت سيان إلى السطح بينما كانت تتأمل أفق سيول الواسع الممتد أمامها. و ربما لأنها قضت ساعاتٍ في طابق سفلي مظلم خانق، شعرت وكأن أنفاسها انطلقت بحرية.
سارت خمس أو ست خطوات، ثم التفتت ببطء إلى الخلف.
جوون، الذي كان يتبعها، توقف فجأة أمام باب السطح. و كان يحدّق أسفل قدميه.
لماذا ينظر إلى قدميه؟ لا…..بل هل هو ينظر إلى الطابق السفلي؟
فجأة، ارتسم على شفتي جوون ابتسامةٌ خفيفة. وفي تلك اللحظة، كان وجهه تحت ضوء القمر يبدو موحشًا إلى درجة أنه فاض بجوٍ من القسوة.
نبض قلبها فجأة…..هل من الممكن أن تكون روح الأونغجو قريبة؟
رفع جوون رأسه فجأة، وتلاقت عيونه مع عينيها. و حدّق بها مباشرة، ثم أغلق الباب الحديدي خلفه بصوت “طَخ”، كما لو لم يحدث شيء، وتقدّم نحوها بخطواتٍ هادئة.
ثم فتح الحقيبة التي كان يحملها بخفة واحتراف.
من الخارج، كانت مجرد حقيبةٍ سفر صلبة وعادية.
لكن في الحقيقة، كانت محرقةً متنقلة قادرة على حرق جثة صغيرة على الفور.
فكّرت سيان في أن تسأله عن مسألة روح الأونغجو، لكنها تراجعت. ففي غضون دقائق، سيُحرَق الجسد على أي حال.
حوّلت نظرها إلى بارك جين وو. كان واقفًا أمام سور السطح، و أزال وضع الصامت عن هاتفه وبدأ بكتابة رسالة.
وعندما اقتربت منه ووقفت بجانبه، لمحت جزءًا من محتوى الرسالة.
<:أعتذر عن الرد المتأخر. لا يمكنني الحضور اليوم، لذا سأراك في الشركة الساعة الثامنة صباحًا.>
كانت هذه رسالة رد أرسلها بارك جين وو إلى أخيه الأكبر، بارك تشول وو.
يبدو أن بارك تشول وو كان قد استدعاه؟
بعد أن أرسل الرسالة، أعاد بارك جين وو الهاتف إلى جيبه. و كانت عيناه متورمتين، ويبدو عليه الإرهاق الشديد، ومع ذلك بدا مرتاحًا، كأنه تخلّص من عبءٍ ثقيل.
“من حسن الحظ أن الأطفال أصبحوا أحرارًا الآن.”
“نائب الرئيس بارك تشول وو سيصبح الوريث المؤكد لشركة UM، هل هذا لا يزعجكَ؟”
ردًا على سؤال سيان، تنهد بارك جين وو بعمقٍ كما لو كان يزفر كل ما في صدره.
“لا بأس. أنا بطبعي أكره الحروب. وإن كنت سأضطر للقتال، فمن الأفضل أن أكون في صف المنتصر، لكنني أكره القتال من الأساس.”
“…….”
“لو أن والدي عاش لفترةٍ أطول قليلاً، لكان الأمر أفضل.”
“من يدري؟ لو كان لا يزال على قيد الحياة، لربما زاد عدد أواني الأونغجو.”
قبل اثني عشر عامًا، كانت شركة UM في المركز الرابع ضمن أغنى التكتلات في البلاد، لكنها بالكاد تحتفظ الآن بالمركز الثامن. ومن المتوقع أن تهبط إلى ما دون العشرة الأوائل في العام القادم.
“بعد أن حُلّت الأمور كلها، هل ستشعر والدتكَ الآن بالراحة؟”
ارتجاف-
تحركت يد بارك جين وو التي كانت موضوعةً على الدرابزين. و رأت سيان بؤبؤ عينيه يتسع للحظة ثم ينكمش مجددًا، كما لو أن شيئًا قد فاجأه.
وبالفعل، كان قد فوجئ حقًا.
قال بارك جين وو أنه لم يخبر العائلة أبداً عن مشكلة أواني الأونغجو، وأن والدته المسجلة في السجلات ستنام الآن في المنزل.
“ذ….ذلك…..”
حاول بارك جين وو التهرب بالكلام لكنه غلبه الصمت في النهاية.
بالنسبة لبارك جين وو، كانت لي سيان عرافة. عرافةٌ قوية لدرجة أنها حلت مشاكل أواني الأونغجو في غضون أيامٍ قليلة. و كان يعلم أن الكذب أمامها بلا جدوى.
والدته…..بالتأكيد كانت هوا سوك.
هذا لم يكن مستغربًا. فرئيس UM المتوفى كان إنسانًا قاسيًا إلى درجة أنه جوع الأطفال حتى الموت وهم أحياء. و لا بد أنه اختبر ما إذا كانت قوة هوا سوك، التي تتبعها الأرواح بشدة، تنتقل بالوراثة أم لا.
“إذا أنجبت هوا سوك نسلي، وتم تسجيل هذا الطفل ضمن عائلة بارك…..فقد لا يستطيع أطفال الأونغجو إيذاء عائلة بارك، وربما حتى أنا.”
كانت هذه فكرةً شيطانية بحتة. وقبل كل شيء، كان الرئيس السابق رجلاً مخيفًا من الحي التقى بهوا سوك حين كانت صغيرة. و كان لها سبب لتطيعه.
لكن الرئيس الحالي قابل هوا سوك بعدما أصبحت بالغة، وكان رجلاً غريبًا يصعب الاستماع له.
ربما رئيس UM المتوفى…..في البداية تصرف كإنسانٍ طيب، كان يهتم بهوا سوك ويعاملها بلطف ويتظاهر بالود، لكنه حتمًا أجبرها بالقوة على إقامة علاقةٍ معه.
حين حملت هوا سوك الطفل بين ذراعيها، كان دافئًا وناعمًا كالقطن الصغير.
كان الطفل ينظر إلى أمه ويصدر أصواتًا صغيرة، يبتسم بفرح، ويناديها “أمي، أمي” ويحتضنها بحب.
ذلك الطفل كان الوريث الوحيد لهوا سوك. لا بد أنه ورث قوة هوا سوك التي تجذب الأرواح وتلتصق بها ولا تضرها أبدًا.
بالطبع، كنّ فتيات الأونغجو الصغيرات، اللائي لم يتجاوزن التسع سنوات، يحببن هذا الطفل ويعتنين به برقة.
لكن عندما صار عمر الطفل نحو أربع أو خمس سنوات، أُخذ منهم فجأة…..
و بالنسبة لهوا سوك، كانت تشتاق لطفلها، لذا لم يكن أمامها خيارٌ سوى تلبية كل طلباته.
“نعم.”
أخيرًا، اعترف بارك جين وو بصوتٍ أجش وغامق،
“والدتي هي شيم هوا سوك…..التي كانت بريئةً كطفلة.”
__________________
واو ماتوقعتتت
هو الصراحه توقعت انه مع ابوه مجنون عشان كذا درا عن هوا سوك بس عنه ذاه طلع ولدها😭
ياعمري عليهم
وسيان وش دراها؟ شكلها شافت الاسم في الشهادات الي كانت تحت الفراش
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 43"