حبس الرجل هوا-سوك الصغيرة في قبو شركته مع الجرّة، وجعلها حارسةً لها.
ثم بدأ في بناء طوابق فوق القبو، طابقًا تلو الآخر. وبمرور الوقت، أصبح الرجل أكثر ثراء.
أما هوا-سوك، فكانت تشتاق إلى منزلها كل يوم.
كانت تتوق إلى تناول فطائر الأرز المقلية التي كانت ترسلها لها والدتها، وكانت تريد إخراج أختها كي-سوك من الجرّة، لتضع لها زهور البرّية في شعرها.
لكن في كل مرة كانت هوا-سوك تبكي وتطلب العودة إلى المنزل مع أختها، كان الرجل ينهال عليها بالصراخ والصفع، ويوبّخها بوحشية.
ولم يسمح لها بمغادرة القبو ولو للحظة واحدة.
وعندما مات ذلك الرجل المخيف أخيرًا عن عمر 64 عامًا، كانت هوا-سوك قد بلغت الحادية والأربعين.
***
وكان لذلك الرجل الميت ابنٌ يشبهه في الطباع، كان في السابعة والثلاثين من عمره، وقد ورث للتو الشركة.
وفي أحد الأيام، قال فجأة إنه يريد صنع “الطفلة الملكية” الثانية.
“هوا-سوك، يجب أن نصنع صديقةً لأختكِ.”
قال الرجل ذلك وكأن الأمر بديهي، ثم أحضر لهوا سوك جرةً فخارية كبيرة.
نظفت هوا سوك الجرة جيدًا وفركتها حتى أصبحت لامعة. و وضعتها على جانبها، ثم دخلت إلى داخلها ومسحتها بالكامل من الداخل بقطعة قماش حتى أصبحت تلمع.
لكن الطفلة التي وُضعت في تلك الجرة لم تكن على وفاقٍ مع أختها.
كانت الطفلة الجديدة حادة الطبع، تبكي باستمرار وتغضب بسهولة. و لم تكن مثل أختها، التي كانت تطيع أختها الكبرى في كل شيء.
ربما لأن هذا الأمر كان محبطًا، أو لأن الطفلة لم تكن من صنع شامان حقيقي، فلم يكن لها تأثير يُذكر، فأحضر الرجل جرةً جديدة بعد سنتين.
كانت تلك هي الطفلة الثالثة من طراز أونغجو.
قال الرجل أنه اختارها بعناية هذه المرة، و أنها طفلةٌ هادئة ومطيعة.
في اليوم الذي صُنعت فيه الطفلة الثالثة من طراز أونغجو، قال الرجل فجأة أنه سيجلب قريبًا شامانة خليفة. فهوا سوك كانت قد تقدمت في العمر وأصبحت طاقتها تضعف، ولم يعد بإمكانها العناية بثلاث فتيات أونغجو وحدها.
قال أنه بحث عن شامان حقيقية، وبعد أن اختار بدقة فتاةً صغيرة ذات قوى روحية قوية، وقع اختياره على فتاة في التاسعة عشرة من عمرها.
وبفضل وجود الشامان الجديدة، أصبحت هوا سوك قادرةً أخيرًا على الخروج من القبو.
كانت تقضي أوقاتًا في النهار أحيانًا مع الشامان الجديدة، لكنها كانت دائمًا تعود إلى القبو في المساء لتكون مع فتيات أونغجو.
كانت هوا سوك تروي لهنّ القصص كل ليلة، وتغني لهنّ. وفي بعض الليالي، كانت تقضي الليل كله باكيةً مع الفتيات.
***
عندما بلغ ذلك الرجل التاسعة والستين من عمره، قال أنه سيصنع الطفلة الرابعة من طراز أونغجو.
في ذلك الوقت، كانت هوا سوك في الثالثة والسبعين. و كانت تعاني يوميًا من آلام في مفاصلها، وكان بصرها بالكاد يعمل.
فقرر الرجل أن الوقت قد حان لاستخدام الشامان الخليفة التي قام بتربيتها تحسبًا لمثل هذا اليوم.
كانت الشامان الخليفة حينها في التاسعة والثلاثين من عمرها، وكانت تملك قوى روحية ممتازة.
لكنها، ما إن رأت فتيات أونغجو، حتى شعرت باشمئزاز شديد وبدأت تصرخ بجنون، ثم هربت ليلًا دون أثر.
وفي النهاية، كانت هوا سوك هي من هدّأت الطفلة الرابعة من طراز أونغجو. لكن يبدو أن الأمر كان يفوق طاقتها، إذ إنها توفيت فجأة بعد يومين من اكتمال الطفلة.
عندما ماتت هوا سوك، كانت تمسك بإحكام في يدها العجوز ثلاث حصى بيضاء من التي كانت تلعب بها مع أختها الصغيرة في طفولتها.
***
خرجت سيان من منزل العرافة تشوي وجلست في السيارة وأغلقت الباب بإحكام.
ثم أسندت رأسها إلى الخلف وأغمضت عينيها.
كلما أعادت التفكير في قصة هوا سوك، كان صدرها يمتلئ بالغثيان.
أولئك الذين اختطفوا أطفالًا صغارًا لا يعلمون شيئًا، ووضعوهم في جرار فخارية، يتوسلون إليهم أن يضاعفوا ثرواتهم، ويعيشون حياة الثراء جيلاً بعد جيل.
إنهم أولئك الذين بنوا قلاعهم من الرخام والخرسانة على جثث أطفال أبرياء.
مبنى شركة UM، الذي كان يعلو بين المباني الأخرى بشكلٍ واضح، بدا لها كقبر كئيب، فشعرت بالقرف يتصاعد في حلقها.
فتحت سيان عينيها بوجه بارد.
ما إن أخرجت السيارة من موقف السيارات، حتى انزلقت ظلال المصابيح الأمامية الباهتة في الظلام بسرعة.
كي سوك، هيون سون، كيم أوك، وجيا.
أولئك الأطفال الذين ما زالوا على الأرجح محتجزين في مكانٍ ما داخل مبنى UM حتى الآن.
أربعة أطفال لم يبقَ منهم سوى الأسماء دون حتى ألقاب عائلية، يجب معرفة أين كانوا يعيشون في الماضي، ومن هم.
كان لا بد من معرفة الحقيقة.
***
في الساعة 1:40 فجرًا. كان موقف السيارات تحت الأرض في المقر الرئيسي لشركة UM خاليًا تمامًا، مظلمًا، وساكنًا لدرجة تصم الآذان.
وفي ذلك الظلام الكثيف، نهضت امرأة فجأة وسط أجواءٍ مشؤومة بهدوءٍ مريب…..
كانت راقصة باليه ذات شعر بني طويل، ترتدي فستاناً رقيقاً وطويل.
راحت راقصة الباليه تتجول بين السيارات المركونة مثل شبح ضبابي، ترقص بخفة.
كانت تقفز، و تطير، وتدور في دوامات، وكانت حركاتها تشبه فراشةً حمراء.
تبع جوون راقصة الباليه وهو يصدر صوت خطواتٍ ثابتة بينما تردد صداها في المكان.
قادته راقصة الباليه إلى الزاوية الغربية من الموقف الواسع. و كان هناك بالفعل مجموعةٌ من الرجال والنساء يقفون على شكل دائرة.
و أشارت راقصة الباليه بحركة أنيقة إلى مركز الدائرة، وكأنها تقول: “هذا هو المكان”.
دخل جوون فورًا بين الرجال والنساء، وانخفض جاثيًا على ركبة واحدة.
سسس…
و عندما مرر طرف إصبعه على طلاء اليوريثان في مرآب السيارات تحت الأرض…..
تشش… تشش…
اندلعت شراراتٌ من طاقة سوداء شريرة، وكأن تيارًا كهربائيًا يمرّ.
تسللت تلك الهالة القوية والشريرة من أطراف أصابعه صعودًا إلى أعلى ذراعه، ثم فجأة، التفّت حولها بسرعة، كما لو كانت أيدٍ خبيثة لأرواح شريرة تحاول جره بعناد إلى الأسفل.
“تريد اللعب؟”
“هاهاها.”
ابتسم جوون ببرود، رافعًا طرف فمه من جانب واحد.
وفورًا، وكأنها ترد على تحديه، التوت الطاقة السوداء المتراقصة بعنف حول ذراعه بقوة.
“اتركني.”
“……؟”
“حالًا.”
ما إن أصدر أمره ببرود قاسٍ، حتى انسحبت تلك الطاقة السوداء ببطء عن ذراعه وتراجعت.
“ها قد وجدتها.”
أسفل هذه الأرضية السميكة من مرآب السيارات، وتحديدًا أسفل الموضع الذي كانت عليها كف جوون، كانت هناك أربع جرار فخارية مخفية.
***
في الساعة 2:10 فجرًا. أرسل جوون رسالةً مفادها أن الجرار موجودةٌ تحت موقف السيارات السفلي في المقر الرئيسي لشركة UM، وأنه عثر بالفعل على المدخل الذي يؤدي إلى الأسفل.
“بهذه السرعة؟”
تمتمت سيان من دون أن تشعر.
بالطبع، كانت واثقةً أن تاي جوون سيعثر عليها، لكن الأمر تجاوز حدود الدهشة إلى حد يبعث على القشعريرة.
حتى العرافة التي زارت المكان بنفسها قبل 12 عامًا قالت أن المدخل سيكون مخفيًا بعناية شديدة…..
“لكنني لا أعرف كيف أنزِل إليه. كنت في التاسعة عشرة عندما دخلت، وأصبحت في التاسعة والثلاثين…..كم سنة مرت؟”
“عشرون سنة.”
“بالضبط. عشرون سنة كاملة. طوال تلك السنوات، كان يشاهدني، لكن الرئيس الراحل لم يثق بي تمامًا. كان يغطي عيني بعصابة، ثم تأخذني أمّ الأرواح بيدها وتقودني. أتذكّر أننا سرنا في ممر ضيّق طويل، وكنت مذعورةً لأنني شعرت وكأن الطريق لا نهاية له، ربما لأن عيني كانتا معصوبتين.”
أرسلت سيان ردًا سريعًا إلى جوون،
<~: لا نعرف ما هو الوضع في الأسفل، لذا لنفتح الباب بعد أن نستعد جيدًا. سآتي لاصطحابكَ غدًا في الساعة 11 مساءً.>
ثم ردّ جوون على الفور،
<: فلنفعل ذلك.>
ما إن أنهت المحادثة، حتى التقطت مفاتيح السيارة ونزلت منها.
***
ما إن خرجت من مقر UM قبل قليل، حتى كانت قد طلبت من العميلة G استخراج قائمة بالأطفال المفقودين الذين يحملون أسماء كيسوك، هيونسون، كيم أوك، وجيا، من حوالي 80 عامًا وحتى 12 عامًا مضت.
وقد وصلت القائمة بالفعل إليها.
وكما هو متوقع من العميلة G، التي تتقن عملها بدقة، فقد أرفقت مع القائمة أوصاف الأطفال المفقودين، وملابسهم و وقت اختفائهم، ومعلوماتٍ مفصلة عن عائلاتهم.
بدأت سيان العمل فورًا.
وبينما كانت تتفحّص هذا الكم الكبير من المعلومات بعناية، كان الفجر يتسلل من نافذة الفندق.
وبقيت عيناها مركّزتين على الشاشة، لا تتحرك إلا بجفنيها، وأصابعها تنزلق على لوحة اللمس حتى أصبح لون السماء خارج النافذة يميل إلى الأزرق الفاتح.
الطفلة الأولى، كي سوك، كانت أخت هوا سوك، إذًا فهي معروفة.
أما “جيا”، التي اختفت قبل 12 سنة، فقد تتمكن من تعقّبها…..
لكن المشكلة كانت مع هيونسون وكيم أوك.
فهيونسون كانت قد اختفت قبل 44 عامًا، وكيم أوك قبل 42 عامًا، لكن إن تمكنت من معرفة العائلات التي تنتمي إليهما، فهناك احتمالٌ ضئيل أن يكون بعض أفراد أسرهم ما زالوا على قيد الحياة حتى الآن.
كليك، كليك-
كانت سيان تقلب القائمة مرارًا وتكرارًا. و كان هناك عدد لا يُحصى من الأطفال الذين يحملون أسماء كيسوك، هيونسون، كيم أوك، وجيا.
أولئك الأطفال الذين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم، وتلاشوا في الطرقات دون أثر.
تقمّصت شخصية رئيس مجموعة UM الراحل، وبدأت تقيّم كل طفل بدقة بالغة، هل يصلح هذا الطفل ليكون “طفل الأونغجو”؟ أم لا؟
***
قضت سيان يومها بالكامل تتنقّل بين الملفات المتعلقة بالأطفال. و تبيّن أن هناك أربع فتيات باسم “جيا” كنّ قد اختفين قبل 12 عامًا.
وكانت أمهاتهن الأربع ما زلن يبحثن عنهن حتى اليوم. و جميع الأمهات نشرن على الإنترنت صورًا لبناتهن أو أشياء تساعد في العثور عليهن.
دمى كنّ يلعبن بها، ملابسهن المعتادة، أطعمتهم المفضلة، عصيّ السحر التي ألححن في طلبها، وحتى زهرة القرنفل الورقية التي صنعنها بأيدٍ صغيرة بمناسبة يوم الوالدين.
<~: إن انتظرنا، لا بد أن تعودي يومًا إلى حضن أمك.
أليس كذلك، يا جيا؟>
<: جيا يا حبيبتي…..أمكِ ستبقى صامدةً اليوم أيضًا.>
<~: يكفيني أن أراكِ مرةً واحدة قبل أن أموت. لكنني أشتاق إليكِ كثيرًا…..فتعالي بسرعة إن استطعتِ.>
جميعهن كنّ يصدقن أن بناتهن ما زلن على قيد الحياة في مكانٍ ما.
ومن بين الفتيات الأربع اللاتي يحملن اسم “جيا”، كانت هناك واحدة فقط تبلغ من العمر تسع سنوات.
“تسع سنوات…..”
قررت سيان أن تجعل من هذا الرقم مفتاحًا للحل.
فأخت هوا سوك، كي سوك، أصبحت طفلة الأونغجو عندما كانت في التاسعة من عمرها…..
الإنسان، عندما يتكون لديه هاجس أو اعتقاد راسخ، فإنه غالبًا ما يحاول الالتزام به قدر المستطاع.
وخاصةً إن كان شخصًا مهووسًا بالخرافات ويستدعي العرافات باستمرار.
وبالفعل، في القائمة التي أرسلتها العميلة G، كانت هناك فتاة واحدة فقط تدعى هيونسون وتبلغ من العمر تسع سنوات.
وهذا يعني أن كيسوك، هيونسون، وجيا قد تم تحديد هوياتهن على الأرجح…..
لكن المشكلة كانت مع كيم أوك، تلك الطفلة. التي قيل إنها أُحضرت على عَجل بعد أن ثبت أن هيونسون عصبية الطبع ولا تنصاع للأوامر.
وكانت كيم أوك طفلةً هادئة ووديعة للغاية.
‘أين كنتِ تعيشين، يا كيم أوك؟’
___________________
دمعت بنتهم مختفيه من 12 سنه ولا يدرون هي حيه ولا لا💔
والي مختفيات من 44 سنه بعد يوجع وش ذاه
لو نزلوا سيان وجوون للقبو بيشوفون ارواح البنات؟ اتوقع كذا اسرع يعلمونهم من هم ووين اهلهم
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 38"