السيدة تشوي، العرّافة، كانت تعيش في إنتشون، وكان منزلها يقع مباشرةً أسفل جبل سونهوانغدينغ.
كان في الطابق الثالث من مبنى تجاري صغير وقديم، وكانت آثار الافتتاح الجديد تفوح من المكان في كل زاوية.
وفقًا لمعلومات العميلة G، لم يكن لديها أي زبائن حتى الآن.
هذا متوقع. من المدخل وحتى الداخل، لم يكن المكان يشبه منزل عرّافةٍ على الإطلاق.
كان يبدو كمنزل عادي مألوف، إذ يمكن رؤية الثلاجة ووعاء الطبخ بوضوح، وحتى جدارٌ عليه ملصق ضخم لفرقة BTS.
خلعت سيان حذاءها ودخلت الغرفة. و رفعت بصرها، فرأت السيدة تشوي العرّافة جالسةً أمام طاولة منخفضة.
قيل إنها تبلغ من العمر 51 عامًا، لكنها بدت أصغر بكثير من عمرها الحقيقي.
جلست سيان على الوسادة وهي تلقي نظرةً خاطفة على الكيان الروحي الملتصق بالعرّافة.
الروح التي كانت تخدم العرّافة كانت لصبيٍ يبلغ من العمر نحو اثني عشر عامًا، وكان يرتدي زيًّا من أواخر عهد جوسون.
ربما من عصر الملك “جونغجو”؟ كانت روحًا قديمة نوعًا ما.
عادةً ما تختفي 98% من الأرواح خلال عامين بعد الوفاة. وإن بقيت روحٌ غير شريرة لفترة طويلة في العالم، فهي تكون روحاً حامية، أو روحُ مكان، أو من الأرواح الموروثة.
هذه العرّافة، يبدو أنها تلقت الروح فعلًا.
ليس هذا فقط، بل كانت تمتلك طاقةً روحية هائلة، لكنها كانت قد تلقت الروح مؤخرًا فقط، لسببٍ ما.
ببطء…..الصبي الصغير، الذي كان يختبئ خلف ذراع العرّافة ويتلصص على سيان، همس بشيءٍ في أذنها.
عندها فتحت العرّافة فمها بتردد،
“أنتِ…..لا تبدين إنسانةً عادية، لكنكِ لستِ من جماعتنا أيضًا، فما القصة؟ لماذا تفوح منكِ رائحة الأرواح إلى هذا الحد؟”
“أنا أعمل في مواساة الأرواح المتوفاة.”
“آه، في مجال تجهيز الموتى؟ عندي كلامٌ كثير، لكن لا أستطيع قوله. على ما يبدو، فقدتِ والديكِ في سن مبكرة، أليس كذلك؟ من نظرة واحدة، أرى أنه لا وجود لعائلة في قدركِ.”
“…….”
“ليس لكِ نصيبٌ في الزواج، فعيشي حياتكِ في كسب المال فقط. العمل الذي تقومين به الآن هو قدركِ، فلا تفكري بتغييره.”
“قدري؟”
“أي أنكِ الشخص الذي يجب عليه القيام بهذا العمل بالذات. وما عدا ذلك…..لا شيء يستحق الذكر. لا تضيعي أموالكِ بعد الآن في التنقل بين العرّافين، اشتري بها لحماً، سيكون ذلك أكثر فائدةً لكِ.”
بهذا الأسلوب، من الصعب أن تربح هذه العرّافة المال.
بالطبع، حتى قبل ذلك، الزبائن كانوا سيغادرون ما إن يروا شكل المكان الداخلي.
“هل الزواج صعبٌ حقًا؟”
عندما طرحت سؤالها وكأنها مشغولة بأمر الزواج، تمتمت العرّافة وهي تنقر بلسانها.
“إن كان رجلاً لا يملك عائلةً أيضًا…..فقد يكون مناسبًا. لكن بشرط أن يكون قويًا جدًا، فعلاً قوي.”
“…….”
“لكن، تسك تسك…..يا للأسف. على ما يبدو، قابض الأرواح يبحث عنكِ. أظن أنكِ رأيتِه في طفولتكِ أيضًا، أليس كذلك؟ لكن هذه المرة، يبدو أن الهرب سيكون صعبًا جدًا.”
الآن بات واضحًا لماذا كان رئيس شركة UM يراقب هذه العرّافة منذ اثني عشر عامًا.
ربما كان ينوي أن يأتمنها على أطفال “أونغجو”. فقد كانت عرّافة حقيقية، نادرة في أيامنا هذه.
ابتسمت سيان بخفة، وهي تراقب العرّافة بهدوء.
“في الحقيقة، جئت بسبب الجرار. أنتِ تعرفين، جرار UM.”
ما إن سمعت كلمة “الجرار” حتى شحب وجه العرّافة تمامًا. و أدارت وجهها بسرعة بعيدًا وجلست ملتويةً قليلاً بجسدها.
كانت تلك إشارةً للخروج.
“جرار ماذا! من أين لك هذا الهراء؟ أنا لا أعرف شيئًا عن ذلك!”
“لكنّكِ تعرفين. كيسوك، هيونسون، كِيم-“
“توقفي! توقفي! توقفي! توقفي!”
صرخت العرّافة وكأنها تتلقى طعنة، بل وارتعشت كما لو أن تلك الأسماء كانت لعنات.
“ما بكِ بحق الجحيم! قلت لكِ بأنني أعيش ساكنةً بلا كلمة! من الأساس، لم أحرّك حتى إصبعًا!”
لم تحرّك إصبعًا، لكن يبدو أنها كانت تراقب بصمت.
تحديدًا، عند ولادة الطفلة الرابعة من أطفال “أونغجو”، جيا.
سيان واصلت الحوار بخبرةٍ ومهارة.
“مقابل أن تعيشي صامتةً كالفأر، كنتِ تتلقين مالًا شهريًا لمدة 12 عامًا. والآن، بعد وفاة الرئيس، تبدأين فجأة بالنشاط؟ هل هذا معقول؟”
أسماء أطفال “أونغجو” بدقة، وذكر فترة الاثني عشر عامًا تحديدًا—كانت كلها أدلة دامغة على أن سيان جاءت بتكليفٍ سري من مجموعة UM.
نظرت إليها العرّافة باشمئزاز، وضغطت على جبهتها بيدها.
“يبدو أنهم ينون صنع واحد آخر…..لكن لا تفكروا حتى أن تطلبوا مني ذلك. هذا…..هذا الشيء المقزز، لا أستطيع فعله. لا، لن أفعله!”
“نحن نعرض عليكِ ما يكفي لتعيشي مرتاحةً طيلة حياتكِ. كل ما نطلبه هو مهمةٌ واحدة فقط.”
“آه يا إلهي! لقد ارتبطت بـ UM مرةً واحدة ودمرت قدري، وتريدون مني أن أكررها؟ اكسري ساقي وجرّيني على الأرض، ومع ذلك لن أسمع لكم!”
كان ردها قاطعًا إلى درجة أنه لم يكن هناك مجال للنقاش.
“إن كنتِ مصرّةً إلى هذه الدرجة، فلا بأس.”
أجابت سيان ببرود. و ربما كانت العرّافة تتوقع إلحاحًا أو تهديدًا، لذا رمشت بعينيها في حيرة.
ثم بدأ الطفل الصغير المختبئ خلفها يهمس لها بشيء، وحينها فقط بدا على وجهها تعبير الفهم.
“كنتم تختبرونني إذًا…..قولي لي بصدق، أنتِ عرّافة، أليس كذلك؟ هل تنوين التخلص من تلك الأشياء نهائيًا؟”
لم تجب سيان بنعم أو لا. و اكتفت بالنظر إلى الصبي الصغير المختبئ خلف العرّافة، وكأنها تطلب الإذن منه، ثم تحدثت،
“لكي نحرر أطفال أونغجو، نحتاج إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات. ما حدث وقت ولادة الطفلة الرابعة، أريد أن تخبريني بكل التفاصيل، دون أن تفوتي أي شيء، مهما بدا صغيرًا-“
“إذا أخبرتكِ بكل ذلك، هل ستعدينني أنكم لن تعودوا للبحث عني مجددًا؟”
قاطعتها العرّافة مباشرةً وسألت بنبرةٍ حادة.
“نعم.”
أجابت سيان بكل وضوح.
“أعدكِ أنكِ لن ترتبطي بـ UM مجددًا، أبدًا، هذا وعدٌ قاطعٌ مني.”
من الأساس، لا بارك تشول وو ولا بارك جين وو يعرفان حتى بوجود هذه العرّافة.
بدأ الطفل الصغير يهمس مجددًا، ثم شدّ ثياب العرّافة بقوة. و كانت تلك إشارة لها لتبدأ بالكلام.
وبينما كانت تمضغ شفتها السفلى بقلق، أخرجت العرّافة سيجارة ومنفضة سجائر من تحت الطاولة، ورمتهما على السطح بإهمال.
“إذا أردنا الحديث عن تلك الجرار، فلا بد أن نبدأ أولًا بقصة تلك العرافة. هي من كانت تدير أمر أولئك الأطفال الأربعة من أونغجو.”
طقطقة طقطقة-
أشعلت العرّافة سيجارتها بصوت الولاعة، ثم نفثت دخانًا كثيفًا، وبدأت في رواية القصة.
“القصة بدأت…..عندما كانت الروح في الحادية عشرة من عمرها.”
***
هوا-سوك كانت فتاةً قليلة الإدراك، يعاني عقلها من بعض القصور.
هل كان السبب أن اسمها يحمل مقطع “هوا” الذي يعني “زهرة”؟ لسببٍ ما، كانت الأرواح تتشبث بها كثيرًا.
لكن لم يكن لديها حاسةٌ روحية حقيقية، لذا لم يكن مقدّرًا لها أن تصبح عرّافة.
عرّافة الحي قالت أن كثرة الحوادث التي تصيب أفراد عائلتها – سواء كانت كبيرةً أو صغيرة – كانت بسبب هوا-سوك.
فالأرواح، حين تتعلّق بشخصْ ما، تحاول لفت انتباهه بأي وسيلة، حتى لو أضرت بغيره دون تردد.
ولهذا، حتى والداها كانا يتحاشيانها بخوف.
الصديقة الوحيدة لهوا-سوك كانت أختها الصغرى شيم كي-سوك، التي كانت أصغر منها بثلاث سنواتٍ فقط.
وفي أحد الأيام، عند الغروب، أشارت إليها عرّافة الحي بيدها، ثم وضعت في فمها قطعةً قصيرة من حلوى “اليوت”.
“أتعرفين؟ إن أحضرتِ أختكِ إلى ضفة النهر دون أن يعلم أحد، سأعطيكِ قطعةً أخرى من هذه الحلوى، واحدةً لكِ وواحدة لها.”
كانت تلك العرّافة من القلائل في الحي الذين أولوا “
هوا-سوك بعض الاهتمام من حين لآخر. فما كان من هوا-سوك إلا أن ركضت مباشرةً إلى حقل البصل، حيث كانت أختها الصغيرة تلعب وتقطف زهور البصل.
“هيّا، تعالي نلعب. هل تريدين أن نلعب غونغي (لعبة الحصى) على ضفة النهر؟”
“نعم، أريد اللعب!”
أمسكت الأخت الصغرى بيد أختها الكبرى ببراءة، ومشتا معًا بخطواتٍ خفيفة نحو النهر.
كانت العرّافة مختبئةً بين القصب الطويل، وما إن اقتربتا، حتى خطفت الأخت الصغيرة واحتضنتها، ثم أمسكت بمعصم هوا-سوك بقسوة وجرّتها بسرعة.
وحين وصلوا إلى ممر مائي ضحل في طريقهم إلى الجبل، رمت العرّافة حذاءي الفتاتين قرب الماء، لتبدو وكأنهما غَرِقتا فيه.
بعدها، أخذت العرّافة الطفلتين إلى منزلها الواقع أسفل الجبل، وهناك كان رجلٌ يرتدي قبعةً ينتظر.
كان تاجرًا من سيول، في الرابعة والثلاثين من عمره، يعيش في منزل كبير ولديه ابن في السابعة.
“أي واحدة منهن؟”
سأل الرجل بلهجة خشنة، فأجابت العرّافة وهي تضع الأخت الصغرى بعناية داخل جرة خزفية،
“الصغيرة. لا نعلم ما قد يحدث، لذا سأحتفظ بالكبيرة كخطة بديلة.”
كانت الأخت الصغيرة ترتجف وتحاول الوقوف مرارًا،
لكن العرّافة ظلت تضغط على قمة رأسها بكفها بقوة،
ثم سحبت غطاء الجرة الخزفية الثقيل وأغلقته بإحكام.
كانت الأخت الصغيرة تنادي: “أختي! أختي!”
لكن هوا-سوك التي كانت واقفةً تحدّق بصمت، كانت تظن أن العرّافة ستعطيها الحلوى الآن.
‘سآكلها مع أختي بكل سعادة.’
حتى مجرد التفكير بذلك ملأ فمها باللعاب.
***
“ماذا؟ تريدين العودة إلى البيت؟ وتطلبين إخراج أختكِ؟”
في كل مرة كانت هوا-سوك تذكر أختها أو المنزل، كانت العرّافة تضربها بلا رحمة حتى تعجز عن التنفس،
وتهددها بوحشية.
“أنتِ غبية نصف عاقلة! جرّبي أن تفتحي فمكِ بكلمة واحدة؟! الروح الشريرة ستُدخل يدها في بطانيتكِ وتُمزق فمكِ تمزيقًا، فهمتِ؟!”
وعندما كانت هوا-سوك تبكي بخوفٍ وحزن، كانت العرّافة فجأة تواسيها بلطف مصطنع.
“لماذا تبكين؟ أختكِ قالت أنها تحب هذا المكان كثيرًا. وستبقى فيه إلى الأبد، لهذا علينا، أنا وأنتِ، أن نعتني بها جيدًا كما نفعل الآن، حسنًا؟”
كانت الأخت الصغيرة، بالفعل، لا تزال داخل تلك الجرة.
بعد عشرة أيام…..و بعد مئة يوم…..
عندما كانت هوا-سوك تهمس قائلة: “كي-سوك…..”،
كانت تسمع من داخل الجرة صوتًا يرد: “أختي…..”
بعد مرور ثلاثين يومًا على وضع الأخت في الجرة،
جُنّت العرّافة وماتت بطريقةٍ مروّعة،
في أول المساء، خرجت تتمايل وهي تحمل منجلًا، ثم مزّقت فمها بنفسها بذلك المنجل، حتى ماتت.
***
بعد موت العرّافة بتلك الطريقة البشعة، أصبح الرجل يشعر برعب شديد من الجرّة.
لكن هوا-سوك لم تشعر بأي خوف. فهي كانت أختها، في النهاية.
وفوق كل شيء، كانت الأرواح تتشبّث بـ هوا-سوك باستمرار، لكنها لم تؤذها يومًا. وربما لهذا السبب، أوكلت العرّافة المتوفاة أمر العناية بالأخت داخل الجرّة بالكامل إلى هوا-سوك.
مرّ حوالي عشرة أيام على وفاة العرّافة…..وفي منتصف إحدى الليالي، جاء الرجل فجأة، ثم وضع هوا-سوك والجرّة داخل صندوق شاحنة
كان عليها شعار كبير مكتوب عليه “UM”، وغادر مسقط رأسها سرًّا.
طوال الطريق المتعرج إلى سيول، كانت هوا-سوك تحتضن جرّة الخزف التي بداخلها أختها بكلتا ذراعيها،
وتضمّها إلى صدرها بقوة.
___________________
هذا وش ليه ماطلعت اختها وهي لحالها؟
ادري انها عليها قل صح بس يروع
ولا لحظه شكل الاخت فطست؟
المهم مدري يا عمري عليهم🫂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 37"