تُب، تُب. بدأ صوت خطواتٍ مألوف يُسمع في المكان، واقترب جوون نحوهم.
ألقى نظرةً تفقدية على الممر كأنه حارسٌ شخصي، ثم أغلق باب مكتب الرئيس الثقيل، ووقف أمامه للحراسة.
في هذه الأثناء، سحب بارك جين وو كرسي الرئيس الثقيل إلى الجانب، وتقدّم نحو الجدار الأملس خلف المكتب.
“والدي كان…..ذو طبعٍ صعب جدًا. يمكن القول أنه كان صريحًا للغاية، لكن في الحقيقة، قليلون فقط كانوا قادرين على تحمّل شخصيته.”
“لكن حسب ما أعلم، لقد كنتم تساندونه باستمرار، أليس كذلك، المدير بارك؟”
“نعم، منذ أن كنتُ في التاسعة عشرة من عمري، خدمت والدي لمدة 23 عامًا متواصلة.”
لم يكن بارك جين وو مهتمًا بإدارة الشركة بقدر ما كان الذراع اليمنى لوالده، كان يرافقه في الظل كسكرتير ومساعد شخصي. حتى في لحظة الحادث، كان إلى جانبه، ولم يتركه حتى عند موته.
“والدي…..في لحظاته الأخيرة، عندما كان بين الحياة والموت بسبب الحادث، قال شيئًا…..غريبًا بعض الشيء.”
“ما الذي قاله؟”
“هممم…..تحدث عن وجود غرفةٍ سرية لم يكن يعرفها أحد، حتى العائلة…..ثم…..”
عقد بارك جين وو حاجبيه كمن يتذكر شيئًا مزعجًا، ثم دفع جزءًا من الجدار جانبًا.
تَشَقَق…سسس…
انزلق الجدار بسلاسة، ليكشف خلفه جهاز أمان مخفي. وبمجرد أن رأت سيان هذا الجهاز المتقن والمتين، بدأ قلبها ينبض بعنف.
أما بارك جين وو ، فلم يكن يدرك شيئًا…..فوالده الراحل كان “ثعبانًا”.
رجل مجنون كان يكتب الحروف على جسده بدماء شابات، ويغوص في برك دماء القرابين، ملتفًا مع ثعابين أخرى.
هذا الإنسان كان رئيس واحدةٍ من أكبر التكتلات الاقتصادية في البلاد. ومن الواضح أنه كان من “الثعابين” من أعلى درجة. “بلاك”، بلا شك.
والآن، هي على وشك رؤية السر الذي أخفاه هذا “البلاك” في عقر عشه.
تشاااك.
فك بارك جين وو نظام الأمان بالكامل، ثم دفع الباب وفتحه على مصراعيه.
“من الأفضل أن تري الشيء بنفسكِ أولًا، ثم نتحدث بعد ذلك.”
***
الغرفة السرية كانت غرفةً صغيرة جدًا. و لا نوافذ فيها، مجرد مساحةٍ خالية تتوسطها شاشةٌ تقليدية قابلة للطي مكوّنة من أربع لوحات.
لم يدخل جوون معهم، بل بقي عند مدخل الغرفة السرية يحرسها.
حتى أنه شبك يديه خلف ظهره وانحنى قليلًا للأمام، في وقفة انضباطية، لا ينظر إلى الداخل، و لا يتكلم، فقط يحرس الباب بصمت وكأنه غير موجود.
ربما لأن وضعية جوون كانت تبدو كمحترف حراسةٍ شخصي، فقد بدا على بارك جين وو بعض الارتياح.
استأذنت سيان واقتربت من الشاشة القابلة للطي.
“سألقي نظرةً قصيرة.”
كانت شاشةً فريدة للغاية. لا، بل كانت شاشةً سوداء غريبة ومقلقة.
فور الاقتراب منها، انبعثت منها طاقةٌ شريرة قوية، مما منحها شعورًا مرعبًا منذ اللحظة الأولى.
كانت هناك رسوماتٌ على الشاشة، في أربع لوحات متطابقة، وكل واحدة منها تحتوي فقط على رسمة واحدة،
جرة فخارية. تلك الجرار السوداء الكبيرة التي تُستخدم عادةً لحفظ صلصة الفلفل الحار أو معجون فول الصويا.
حتى ختم توقيع الفنان لم يكن كان ظاهرًا على أي لوحة. و كان هناك شيء غير مريح فيها.
تفحصت سيان الشاشة بمزيد من الدقة.
ما الذي جعل هذه الشاشة بهذا الشكل الغريب؟
فقد تبين أنها لم تُصنع أساسًا لتكون من أربع لوحات.
كانت بالأصل لوحةً واحدة، ثم أضيفت إليها واحدةٌ تلو الأخرى حتى أصبحت في النهاية مؤلفةً من أربع لوحات.
والأهم من ذلك…..هذه الشاشة كانت من نوع الشاشات ذات الوجهين.
والشاشة ذات الوجهين تعني أن بها رسوماتٍ على جهة، وكتابات على الجهة الأخرى.
انتقلت سيان إلى الجهة الخلفية من الشاشة لتتفقدها.
وما كان على الجهة الخلفية… هو “اسم”.
اسم امرأةٍ واحد على كل حاجز من حواجز الزينة. وكلها أسماء نساء.
كي سوك. هيون سون. كيم أوك. جي آه.
أربع نساء.
ومضت في عقلها فجأة حدسٌ مروّع ومقزز.
إذا كان الحديث عن الجرار والفتاة الصغيرة…….فلا بد أن هذا ما يُسمى بـ”أونغجو آي”.
“أونغجو آي” هو كيانٌ روحي يُقال إنه يحمي البيت ويجلب له الثروة. لكن الطقوس له كانت شنيعة، إذ يتم اختطاف فتاةٍ صغيرة لم تبلغ بعد، وتُحبس داخل جرة حتى تموت جوعًا، ثم تُستخدم روحها.
عادة ما يُضحى بطفلة واحدة لتكون روح الحماية، ويتم تناقلها سرًا عبر الأجيال، لكن هنا وُجدت أربع فتيات.
“أونغجو آي” لم يكن روحًا مؤذيًا يهاجم الناس عشوائيًا. بل كان شبحًا يحمل حقدًا عائليًا، يظل مقيدًا حتى يُحرر، وعندها يبدأ بالانتقام الوحشي بقتل جميع أفراد العائلة التي قيدته، من الأطفال حتى الشيوخ، دون أن يهدأ غضبه حتى يُفنى نسل العائلة.
رفعت سيان رأسها دون أي تعبير على وجهها.
“يبدو أن هذه الحواجز قد صُنعت منذ عهد الجد. ويبدو أن والدي صنع اثنين منها أيضًا.”
بدا أن بارك جين وو قد أجرى بعض التحقيقات، لكنه كان ينظر إلى الحواجز وكأنه لا يريد الاقتراب منها إطلاقًا.
“يبدو كذلك…..أنا أوافقكَ الرأي. هل استشرتَ الراهب الكبير في هذا الأمر؟”
“لا.”
وضع بارك جين وو يده على جبينه بتعبٍ ظاهر.
“لم أخبر أحدًا من الأقارب حتى الآن. وجود سرٍ كهذا في عائلتنا أمر قاتل بحد ذاته. أمي ستصاب بصدمة كبيرة…..وحتى في أسوأ الاحتمالات..في اليوم الذي يُكشف فيه شيءٌ كهذا للعالم، لن تتضرر العائلة فقط، بل حتى الشركة…..”
“أرسلت بعض الأشخاص لاستطلاع رأي بعض الكهنة الروحيين…..لكن مجرد ذكر الجرار جعلهم يرتعبون، و قالوا أنهم لم يسمعوا بشيء كهذا ولا يريدون أن يسمعوا.”
وهذا متوقع. يكفي وجود “أونغجو آي” واحدةً ليكون الأمر مرعبًا، فكيف بأربع؟ حتى أكبر الكهنة الروحيين سيرتبك ويهز رأسه رافضًا.
“قبل وفاة والدي مباشرة…..في لحظة التوتر تلك…..”
أخذ بارك جين وو نفسًا عميقًا ونظر إلى سيان.
“قال أن هناك أربع جرار ثمينة مخبأة داخل مبنى الشركة الرئيسي. لذا أرجو أن تتولى أمر التخلص منها بهدوءٍ تام. وكأن هذه الأشياء البشعة والمرعبة لم تكن موجودةً أبدًا في هذه العائلة.”
“تريد مني أن أعثر على الجرار الأربع داخل الشركة وأتخلص منها؟”
“نعم. دون أن يعلم أحد، وفي سريةٍ تامة.”
كان هذا جوهر المهمة.
طلب بارك جين وو ذلك بوجهٍ جامد.
“أرجوكِ، اعثر على تلك الجرار وتخلصي منها.”
***
كانت مهمةً شديدة الحذر، وسريةً للغاية.
أن يقوم رئيس شركةٍ باختطاف فتيات صغيرات أربع مرات وحبسهن في جرار حتى الموت جوعًا من أجل ازدهار شركته…..هذا أمرٌ يستدعي كراهيةً عظيمة ومحاسبة قانونية بمجرد أن يُكشف للعامة.
وكان ذلك مجرد جانبٍ من المشكلة الخارجية، أما داخليًا فالوضع كان أكثر خطورة.
“أونغجو آي” يجب أن تُدار بدقةٍ وبمراقبة دائمة من كاهنة ذات قوة روحية عالية كي لا تقع أي كارثة، لكن من المرجح أنه لا توجد حاليًا أي كاهنة تسيطر على الأرواح.
لكن ما يثير العجب هو أنه لم يحدث أي حادث حتى الآن…..
UM كانت تحمل قنبلةً موقوتة في صدرها لا يُعرف متى ستنفجر.
تحدثت سيان بصوتٍ جاف،
“ألا يجب إخبار العائلة؟ حياة أفراد العائلة في خطر أيضًا…..وإن كان رئيس الشركة الراحل قد أخبرك بهذه الغرفة السرية، فقد يكون اختارك خليفةً لـ UM، أليس كذلك؟”
“لا. إن كُشف شيءٌ كهذا، فلن يسبب سوى الفوضى.”
هز بارك جين وو رأسه مع تقطيب حاجبيه.
“أخي الأكبر يدير الأمور بشكل جيدٍ بالفعل…..وأنا لا أرغب في خلافة والدي، لا رغبة ولا قدرة.”
“ألم يكن والدك يؤمن بالكفاءة فقط؟ لا بد أن لديه سببًا حين كشف لك أمر هذه الغرفة.”
“لا، حقًا لا أستطيع. المسؤولية في شركة كبيرة مثل هذه ثقيلة جدًا. أخي أفضل بكثير، فهو طَموحٌ ويشبه والدي كثيرًا في طباعه.”
كان بارك جين وونحاسمًا. فلم تسأله سيان أكثر، بل وافقت بهدوء.
“فهمت. إنها مهمةٌ ليست سهلة، لكن سأقوم بها بأقصى ما يمكن من هدوءٍ وسرية.”
من الطبيعي أن أتولى الأمر. فهي فرصةٌ ثمينة للتعمق في أسرار الرئيس الراحل، ولا يوجد سببٌ يدعو لرفضها.
ثم لمّح بارك جين وو إلى أن الوقت يداهمهم.
“والدتي تخطط لإجراء بعض التعديلات في مكتب الرئيس بعد مراسم الأربعين. إنها تستعد مع أخي لتوليه المنصب، لذا من المرجح أن يُكتشف السر قريبًا…..أعلم أن الأمر مستعجلٌ جدًا، لكن أرجو إنهاءه قبل نهاية هذا الشهر.”
كان يئن وحده تحت ثقل الهمّ حتى أوشك على الاستسلام، لكن ردّ سيان الهادئ والموزون جعله يشعر بالثقة والاطمئنان.
إذا كان الابن الأكبر، بارك تشول وو، يشبه والده في الشخصية، فلا شك أنه سيبدأ بإعادة ترتيب من حوله فور توليه المنصب.
لن يُبقي على رجال والده، بل سيُحيط نفسه برجاله الخاصين. و سيُقال بعض المدراء، وستحدث تنقلات في المناصب…..وشعرت أن بارك جين وو سيكون من بين المتضررين.
ززز… ززز…
وقبل أن تنطلق لتنفذ المهمة، اهتز هاتفها فجأة. فاستأذنت سيان وتفقدت الرسالة التي وصلتها للتو.
ولدهشتها، كانت من جوون.
<~: قيل أنكِ ستأخذين الأفعى النائمة في سبات الشتاء. تحت الحاجز الأول>
إذا كانت الأفعى…..فهل المقصود الخاتم؟
بقيت سيان تحدق في شاشة الهاتف دون أن تتحرك، ثم رفعت عينيها ببطء دون أن تحرك رأسها.
كان جوون لا يزال واقفاً عند مدخل الغرفة السرية، بسد الطريق بانضباط، وذراعاها مشبوكتان خلف ظهره.
من الواضح أن هذه الرسالة قد كتبها قبل قليل في الممر. ويبدو أنه برمجها لتُرسل في هذا التوقيت بالضبط.
ارتعش جسد سيان بقشعريرة خفيفة، لكنها تظاهرت بالهدوء واستدارت نحو بارك جين وو.
“لدي موعد، لذا سأغادر قريبًا. لكن قبل ذلك، سأتحقق من الأفعى.”
“أفعى؟ ماذا تعنين بالأفعى؟”
“الأفعى النائمة في سبات الشتاء.”
بدت ملامح بارك جين وو وكأنه لا يفهم شيئًا. بينما اقتربت سيان بخطواتٍ ثابتة نحو الحاجز الأول، ثم انخفضت وجلست.
بعد ذلك، مررت أصابعها برفق على الفواصل بين ألواح الرخام يمينًا ويسارًا، حتى صدَر صوتٌ طفيف “طَق”، ورفعت إحدى القطع إلى الأعلى.
“ما هذا…..؟”
اقترب بارك جين وو وجلس بجانبها بدهشة.
وحتى سيان نفسها صُدمت. فقد خُبئ الشيء تحت الأرض، ولهذا استُخدم تعبير “الأفعى النائمة في الشتاء”.
في المساحة المخبأة تحت لوح الرخام كان هناك صندوق مجوهراتٍ صغير. وعندما فتحت غطاء الصندوق، سرت قشعريرةٌ على طول ذراعها، وامتد ذلك الشعور المروع إلى شفتيها كلسعةٍ باردة.
ابتسمت سيان ببرود، وكأنها تقاوم هذا الإحساس المرعب.
‘وجدته.’
خاتم الأفعى.
__________________
جوون وش دراه؟ يروع وليدي
المهم يخوفون وش ذا الطقوس اربع بنيات راحن 😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 35"