خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كانوا أوتيس يتتبعون آثار الأفاعي، باحثين عن الأدلة والضحايا الذين ربما خلّفوهم وراءهم.
ابتداءً من الشبح عند مفترق الطرق، يون مين-يونغ، وصولًا إلى مخيم الغابة الزرقاء، ثم قضية اختفاء مين هي-سون – كلها كانت آثارًا خلفتها الأفاعي بعد تحركها.
لذلك، كانت هذه المرة الأولى التي ترى فيها سيان “تحركهم” بأم عينها…….
كانت سرعتهم في معالجة الأمور بعد ذلك مرعبةً وخفية للغاية.
•”وهناك شيء آخر.”
استمرت الرئيسة في تزويد سيان بالمعلومات.
•”مستثمر صيني ثري يُقيم في ريبالس باي بهونغ كونغ. بعد التتبع، تبين أنه مقيم غير شرعي، دخل عبر طريق شنغهاي، وينحدر من أسرةٍ فقيرة.”
“لا يمكن، هل مات هو أيضًا؟”
•”هذا الرجل خرج لصيد السمك فجرًا، فسقط في البحر ومات غرقًا.”
كانوا قتلةً ينهون حياة البشر بسهولة، كما يُسحب منديلٌ من العلبة ثم يُرمى.
الأفاعي كانت تقطع كل الجسور المؤدية إليهم، وتتخلص بسرعة من كل الأشخاص المرتبطين بقضية مين هي-سون على شكل حوادث أو انتحار.
وبالتالي، لم يتبقَ الآن سوى الكاميرا التي عُثر عليها في مخيم الغابة الزرقاء فقط…….
تحدثت الرئيسة عن ذلك الأمر مباشرة.
•”الكاميرا، لحسن الحظ انتهى تصليحها تمامًا. و الفيديو الذي فيها هو ما أطال مدة الاجتماع. هناك الكثير لأقوله……لكن دعينا نتحدث بعد أن تشاهدوا أنتم الفيديو.”
“هل أرسلتم الفيديو إلى تاي جوون أيضًا؟”
•”لا. سيان، سأرسله لك أولًا، وبعدها سأمرّره إلى جوون.”
كييييك-
خرجت السيارة من موقف السيارات بحركةٍ سلسة. و ضبطت سيان وجهتها مباشرةً نحو يوييدو،
“إذًا أرسِليه لي الآن. سأنادي تاي جوون ونشاهده معًا.”
***
تاي جوون كان قد وصل إلى مكان الموعد مسبقًا.
عندما يكون بمفرده، يبدو عديم التعبير لدرجة مخيفة. و كأنه شخصٌ لا يمتلك ملامح على وجهه.
توقفت سيان فجأةً على بُعد عشرين خطوةً تقريبًا، وظلّت تنظر إليه. بينما بقيت خمس دقائق على موعد اللقاء.
نظر جوون بخفة إلى ساعته اليدوية ليتفقد الوقت. وعندما فكرت بالأمر، تذكرت أنه دائمًا ما كان يصل قبل الموعد وينتظرها.
رغم أنها من النوع الذي يتجاهل المواعيد تمامًا، أو من الطبيعي أن تتأخر ساعة أو ساعتين…..إلا أنه كان في كل مرة يسبقها إلى المكان، وينتظر بابتسامةٍ لطيفة بينما هي تقترب منه بخطٍ مستقيم.
واليوم لم يكن مختلفًا.
حين رفع جوون نظره بلا مبالاة ورآها، تغير وجهه الخالي من التعابير، وارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ هادئة.
كانت ابتسامةً رائقة، ثم أشار إليها بيده إشارةً خفيفة.
كانت تحية بلا مبالاة، من نوع “أنتِ هنا” لا أكثر.
ومع ذلك، ومنذ أن رأته، شعرت سيان أن دقات قلبها قد تسارعت قليلًا، وكانت تدرك ذلك تمامًا.
***
هل يمكن أن يكون السبب هو تغيّر مشاعرها تجاه تاي جوون قليلًا؟ فرؤيتها للأشياء بدأت تختلف.
عينٌ ترى الأرواح: “موك تاب”. و يدٌ تصطاد الأرواح: “سو”.
القول بأن “موك” و”سو” يشتركان في الرؤية يعني وجود تقاطع بينهما. وكلما زادت المساحات التي يُفتح فيها القلب، أصبح بالإمكان الوصول إلى الرؤية بشكلٍ أسرع.
يُقال إن “الموك” و”السو” الذين يثقون ببعضهم بعمق يمكنهم رؤية الأرواح بمجرد التواجد معًا.
لكن هذا كان يُعتبر مثالًا نادرًا ومتطرفًا، وربما حدث مرة أو مرتين فقط…..
بدأت سيان تحرّك بؤبؤ عينيها ببطء.
رغم أنها لم تصل بعد إلى فتح العين، إلا أنها كانت ترى الكائنات الروحية واقفةً هنا وهناك في الممر، شاحبةً وباهتة.
رغم أنهم ليسوا أرواحًا شريرة، فلا مشكلة في ذلك تحديدًا…..لكن، كيف يمكن أن يحدث هذا؟
عندما التقت بـجوون لأول مرة، لم تُفتح رؤيتها حتى وإن وقف خلفها مباشرة، أما الآن، فبمجرد أن يمشيا معًا يمكنها رؤية شكل الأرواح.
بالطبع، لم تكن تراهم بوضوحٍ تام، بل فقط يمكنها تمييز مكان وجود الأرواح وأحجامها…..
وهذا كان دليلًا لا يمكن إنكاره على أن قلب لي سيان قد انفتح تجاه تاي جوون.
ربما سبب هذا الموقف المحرج هو الحلم الذي رأته في الصباح. ذلك الحلم الذي طرد فيه الكوابيس عنها، ومسح وجهها برقة وحنان.
ربما لذلك السبب، كانت اليوم تستجيب بحساسية زائدة لنظراته، و أنفاسه، و إشاراته البسيطة، و رائحته، وصوته.
تنهدت سيان بهدوء…..ثم أحكمت السيطرة على نفسها ببرود.
ذلك القلب الضعيف الذي انفتح من دون وعي، أغلقت عليه مجددًا ببرودٍ منطقي وقاسٍ.
وفورًا، اختفت الأرواح التي كانت تتماوج بخفة كدخان السجائر، ولم تعد تُرى على الإطلاق، ولم يتبقَ سوى ممرٍ فارغ تمامًا.
***
تشييك-
ما إن أغلقت سيان الباب، حتى بدأت في تفقد المكان من الداخل.
كان المكان المستأجر لمشاهدة فيديو الكاميرا، غرفةً خاصة تُستخدم عادةً للقاءات الصغيرة أو المحاضرات أو الاجتماعات أو الحفلات، وتُؤجر بالساعة.
بعد أن تأكدت بدقة من خلو المكان من خطر التنصّت أو الاختراق، أغلقت الستائر وأطفأت الأنوار، ثم جلست في الجهة المقابلة لـجوون، على مسافةٍ أبعد من المعتاد.
“مدة الفيديو الموجود في كاميرا الأكشن دقيقتان وخمس عشرة ثانية.”
“همم.”
نهض جون حاملًا فنجان قهوته، وجلس بجوارها فجأة.
“وماذا بعد؟”
أومأ بذقنه بطريقةٍ تشير إلى أن عليها المتابعة في الحديث.
أن تطلب منه العودة إلى مكانه الأصلي سيكون أمرًا سخيفًا في هذا الوضع…..أما أن تنهض وتبتعد عنه فجأة، فذلك سيكون تصرفًا طفوليًا ومحرجًا. ولم يكن هناك أي داعٍ لذلك أصلًا.
بدأت سيان الاجتماع بنبرةٍ جافة ومجردة من المشاعر.
“في أوتيس، دائمًا ما يحولون الحوار الموجود داخل الفيديو إلى نصٍ مكتوب، لكن الفيديو هذا يحتوي على نوع واحد فقط من النص.”
ناولته ورقةً واحدة.
“لهاث.”
رغم أن الفيديو قصير ولا يتعدى دقيقتين وخمس عشرة ثانية، إلا أن صوت التنفس السريع واللاهث ملأ صفحة كاملة من حجم A4.
مصور هذا الفيديو هو ابن صاحب مخيم الغابة الزرقاء. تُرى، ما المشهد الذي شاهده ذلك الابن ليتفاعل بهذا الشكل الهستيري؟
هذا ما سيُكشف بعد قليل.
وضعت سيان سماعة البلوتوث في أذنها، ثم ثبتت نظرها على شاشة العرض المخصصة للبروجيكتور، وكأن جوون لا وجود له بجوارها.
“سأبدأ تشغيل الفيديو الآن.”
•”هـ….هـآه! هـ….هـآه. ههئ!”
ما إن بدأ تشغيل الفيديو، حتى دوّى صوت أنفاسٍ مرعوبة في سماعة البلوتوث.
كانت الشاشة…..ترتجف بعنف. ذلك لأن ابن صاحب المخيم كان يرتجف بشدة وهو يمسك الكاميرا، ولهذا السبب لم يكن التركيز واضحًا في الثواني الأولى من المقطع.
المكان كان الغابة، غابةً مظلمة.
رغم الظلمة، إلا أن ضوء القمر الكامل كان ساطعًا بما يكفي، فلم يكن المشهد مظلمًا تمامًا، بل غارقًا في جوٍ ضبابي مشؤوم، يضجّ بأجواءٍ مرعبة كأنه مشهدٌ من فيلم رعب.
وفي وسط ذلك الضوء القاسي، ظهرت شابة مستلقية على الأرض.
كانت قربانًا بشريًا في طقس تضحية حيّة.
الضحية، فتاة يافعة لم تتجاوز العشرين، كانت عيناها مفتوحتين على اتساعهما من شدّة الرعب، وأمعاؤها المسحوبة من بطنها كانت منتثرةً حول خصرها. ثم…..القلب.
كان قلبها يقفز داخل قفصها الصدري المفتوح، وكأنه قنبلةٌ على وشك الانفجار.
•”أ…..آه، هـ…..هـئغ.”
أصدر ابن صاحب المخيم صوت أنينٍ يشبه البكاء المكبوت.
ثم بدأت الشاشة تظلم للحظة، لتظهر بعدها كتل سوداء متشابكة تتحرك وتملأ المشهد.
رجالٌ ونساء غامضون يرتدون عباءات سوداء، أولئك كانوا “الأفاعي”.
كانوا جميعًا يرتدون أقنعة بيضاء تغطي وجوههم حتى الأنف. لكن كم عددهم؟
لم يكن بالإمكان تحديد ذلك، فالمجال البصري كان ضيقًا للغاية، والفيديو كان مصوّرًا من خلف شجيرات كثيفة.
كل ما كان يُرى هو الأيادي، أيادٍ جشعة تمتد نحو الأعلى.
كانوا كأرواحٍ شريرة مسكونة بالجنون، يمدّون أيديهم في الهواء بجنون.
وكانت “الأفاعي” تتدافع وتتقاتل فيما بينها وكأنها تتسابق للحصول على كنز ثمين…..ذلك الكنز كان…..قلبًا أحمر اللون يلمع بريقه.
كان القلب الطازج ينتقل بسرعةٍ من يد إلى يد، ينبض بعنف، وفي كل مرة كان ينفجر منه الدم الأحمر القاني بغزارة.
سيان لم ترمش حتى، وظلت تشاهد ببرودٍ تام. وجوون أيضًا، لم يكن مختلفًا عنها.
كلاهما حبس أنفاسه، وركّز بأقصى ما لديه ليستخرج أكبر قدرٍ من المعلومات من هذا الفيديو القصير.
كانت الأفاعي ترسم على أجسادها أشكالًا أو رموزًا باستخدام دم القلب الذي استخرجوه تَوًّا من جسد الضحية.
وكأن القلب وعاء ثمين، ودم الحياة الذي يحتويه حبرٌ سحري، كانت الأفاعي تتقاتل بجنون للحصول عليه، تلهث وتتلوى بشغف وهمجية.
كان هذا…..مجرد مثال صارخ على كيف يصبح الإنسان وحشًا بدائيًا حين تُنزع منه الإنسانية، وكانت هذه أقصى درجات الهمجية التي يمكن تصورها.
كان القلب ينتقل بسرعة من يد إلى يد، والدم الساخن المتدفق منه يسيل على أذرع الأفاعي وينهمر من مرفقيهم، فيتلقّاه الآخرون على أجسادهم وهم يلهثون بسعادة غامرة، وكأنهم يخشون ضياع قطرة واحدة منه.
مجانين.
المشهد كان أكثر اشمئزازًا وبشاعةً مما تخيّلت، حتى أنها شعرت بالغثيان.
ورغم ذلك، حاولت سيان بكل ما لديها ألا تغمض عينيها.
لا يُعرف ما الطريقة التي استُخدمت، لكن المرأة التي قُدّمت كقربان كانت لا تزال على قيد الحياة. و عيناها كانتا تلمعان بوعيٍ كامل.
ومع ذلك، لم تستطع لا المقاومة ولا حتى الصراخ.
•”كك! هـآه…..أآآغ…..”
ترددَت الشاشة للحظة، ثم بدأ ابن صاحب المخيم يحرك كاميرا الأكشن قليلًا نحو الجانب.
وبفضل ذلك، أمكن رؤية جزءٍ بسيط من “الأفاعي” الذين كانوا يراقبون هذا الطقس من بعيد.
كانوا مصطفين على مسافاتٍ منتظمة، يغطون وجوههم بنفس الأقنعة البيضاء، وأجسادهم بعباءات سوداء تخفي معالم البنية الجسدية، مع قبعاتٍ كبيرة تغطي رؤوسهم بالكامل.
آه، تباً. هل سقطت الكاميرا؟
فجأة انقلبت الشاشة، وتثبّتت على أرضٍ ترابية.
كان من السهل تخيل رعب ابن صاحب المخيم في تلك اللحظة.
كان بوسعه ببساطة أن يلتقط الكاميرا بهدوء لأنها صغيرة الحجم…..لكن يبدو أنه دخل في حالة هلع فور سقوط الكاميرا، معتقدًا أنه قد انكشف.
بدأ يركل برجليه بعشوائية، غير أن ساقيه المنهارتين لم تطاوعاه، ولم يستطع الفرار.
باك، باك-
بسبب ضرباته المرتبكة، اندفنت كاميرا الأكشن أعمق في التراب. وبالطبع، “الأفاعي” شعروا مباشرةً بهذا الدخيل المزعج.
سسسسسس-
تناهت إلى السمع أصوات خطواتهم المخيفة تتجه بسرعةٍ نحو المكان، وابن صاحب المخيم أطلق صرخةً عالية تملؤها الرعب وكأنها نداء استغاثةٍ أخير.
•”أأأه، آآآآآآآآه!”
___________________
مجانين بروعون💀
بس وسط كل ذاه الي يهمني سيان ليه سكرت قلبها مره ثانيه😭
جوون مروق بالشاهي وجاي يجلس جنبها✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 33"