العيش يعني أن تتألم. لكن النوم يخفف من عذاب الحياة كل ست عشرة ساعة.
•مقولة فلوري.
***
كانت الساعة الرقمية تسكب ضوءًا شاحبًا في ظلمةٍ حالكة.
سيان، التي كانت نائمة على الأريكة، فتحت عينيها لتتفقد الوقت ثم أغمضتهما بهدوءٍ من جديد.
هي لم تنم أبدًا نومًا عميقًا. في كل ليالي السنة، 365 يومًا، كانت دائمًا، على الدوام، تحتفظ بجزءٍ من وعيها يقظًا. لتتمكن من القفز خارج عتبة النوم في أي لحظة.
كانت المكان هادئ، في مثل هذه الحالة، حتى صوت الساعة يكون مزعجًا، لذا لم تعلق أي ساعةً حائط في غرفة المعيشة أو غرفة النوم.
في ذلك السكون الكثيف الذي لا نهاية له، كان خفقان قلبها وحده ينبض…..مهتزًا جسدها بوتيرةٍ ثابتة.
ارتجاف-
ثم شعرت بشعر ذراعها يقف، وزحف بردٌ خفيف من مؤخرة عنقها إلى كتفيها.
بمجرد أن شعرت بالبرودة، استيقظ جزءٌ من حواسها تلقائيًا وبشكلٍ انعكاسي.
وأخيرًا، مرّ فوق عينيها المغلقتين…..شكلٌ ضبابي باهت.
لينكون؟ لا، ليس لينكون.
إنه كيانٌ روحي مشبع بطاقةٍ شريرة خانقة لدرجة تقطع الأنفاس. بل كانوا عدة كيانات.
‘عيني…..لا أستطيع فتحهما…..’
كأنها أسيرةٌ داخل حلم، كانت واعية، لكنها عاجزةً عن فتح عينيها.
يبدو أنها تعاني من الجاثوم. و مع ذلك، لم ترتبك سيان. و ركّزت بهدوء وعيها في أطراف أصابعها.
‘لا بأس.’
كانت تمسك بمسدسٍ خفيف لصيد الأشباح، وكان عند قدميها بلا شك…..لينكون.
كان لينكون جالسًا هناك. والمثير للدهشة أنه لم يُبدِ أي توتر تجاه هذه الكيانات.
إن كان كذلك، فهي على الأرجح ليست كيانات مؤذية لها…..
لكن عددها كبير. كم عددها يا ترى؟ عشرة؟
‘لا، يبدو أنهم أكثر من ذلك.’
سرر… سرررك…
بردٌ شاحب كرياح الشتاء القارس عصَف داخل غرفة الجلوس. و كانت تلك الكيانات الغريبة تدور من حولها، ترقص بجماعية بطريقةٍ مخيفة.
“هَاه..…”
شَهقت سيان بهدوء. ثم تلا ذلك تيارٌ كهربائي رقيق شلّ حركتها، ولم تعد تستطيع حتى رفع اصبعها.
آه، هل هؤلاء حراس الأحلام؟
أرواحٌ شريرة تغزو أحلام النائم، وتشلهم عن الحركة تمامًا وتبثُّ فيهم الرعب.
الإنكوبوس والسوكوبوس. سادة الأحلام الذين يمنحون لذّاتٍ لا تخطر حتى في الخيال، ثم تمنحهم الكوابيس المجسدة.
سيان، المربوطة بين النوم واليقظة، استاطعت تحريك خصرها بخفة. فاندفعت الكيانات نحوها لامساكها وايقافها عن الحركة.
“غغغغغغ.”
و بمجرد أن أصدر الكلب ذو الثلاثة أرجل زمجرةً تحذيرية، تراجعوا بسرعة وهم يتضاحكون.
لكن، لماذا لا يطردهم لينكون؟
لينكون جلس يحرسها بلا اكتراث، لا يُظهر أنيابه إلا عندما يقترب أحدهم منها كثيرًا.
خطوة… خطوة…
وفجأة، سمعت خطواتٍ مألوفة في أذنيها، وارتبكت الكيانات فجأة.
كانت الكيانات الحلمية تتخبط بشكلٍ عشوائي، كأطفالٍ أشقياء ضبطهم المعلم في وسط لعبهم، ثم اختفوا دفعةً واحدة كما لو أنهم حشرات فرت من لهبٍ مشتعل.
لقد تلاشت طاقة الشر. لكن التوتر والشلل جعلا جسدها مثقلًا. و كانت لا تزال عالقةً على طرف الحلم.
خطوة… خطوة…
صوت الخطوات المنتظمة اقترب وتوقف بجوارها مباشرة. فحجب ضوء القمر، وجعل الظلام أكثر كثافة.
‘من…..يكون هذا؟ لا يبدو أنه كيانٌ روحي أو شبح…..’
مع تصاعد التوتر، تسارعت أنفاسها قليلًا. و شدّت على أصابعها بوعي، مستعدةً لإطلاق الرصاص بمجرد أن تفتح عينيها.
ثم انتفضت، فقد لمست يدٌ ناعمة طرف عينها، ثم انسلت على صدغها حتى وصلت إلى شفتيها.
ذلك الشكل الأسود أزاح بلطفٍ خصلة شعر كانت مستلقيةً على شفتيها، ثم أعادها الى خلف أذنها.
هذه اللمسة…..لا شك فيها…..
ارتجفت سيان وفتحت عينيها على الفور.
“تاي جوون؟”
***
وإذا بالصباح قد حلّ. و كانت الستائر مغمورةً بلون ذهبي مشرق.
جمعت سيان خصلات شعرها المبعثرة وربطتها بإحكام.
‘لماذا حلمت بذلك الحلم؟’
بالحكم على الموقف، فقد كانت مجرد مزحة من الكيانات الحلمية.
كيانات تثير اللاوعي البشري، و تسيطر على الأحلام، وتستنزف طاقة الحياة من خلالها.
لكن أكثر ما أزعجها هو أنها رأت تاي جوون في ذلك الحلم بتلك الطريقة.
أن تتخيله وكأنه منقذ، يحني رأسه بلطفٍ ويمسح شعرها إلى الخلف…..
لمست سيان شفتيها بتردد.
كان حلمًا، بلا شك…..لكن ملمس أطراف أصابعه على بشرتها كان حيًّا وواضحًا لدرجة أنها شعرت وكأنه حدث في الواقع.
‘لا، هذا مستحيل.’
هزّت رأسها ونادت على الكلب ذي الأرجل الثلاث من على الأريكة.
“لماذا لم تطرد الكيانات الحلمية؟”
سألت بصوتٍ ينم عن توبيخ، فأصدر لينكون صوت زمجرة كأنه يحاول الدفاع عن نفسه.
وكأن لسان حاله يقول أنه يعلم بأنه أخطأ، لكن الأمر لم يكن سيئًا إلى ذلك الحد.
في الواقع، الكيانات الحلمية هي أرواحٌ شريرة تتحكم في الأحلام.
وبما أن روح الألفية (روح الجنّي) تبحث عنها عبر الأحلام، فإن وجود الكيانات الحلمية حولها لم يكن مضرًا. فهي تملك القدرة على تشتيت موجات الحلم التي يرسلها ذلك الجنّي العملاق…..
لكن، كل ما في الأمر أنها كانت تدفع رغبات الانسان كثمن لمنع روح الجنّي من اقتفاء أثرها.
أعطت سيدت تعليماتها للينكون.
“إذا عادت الكيانات الحلمية مجددًا، فلا تتهاون معها هذه المرة…..فقط قم بعضّهم جميعًا.”
***
بانغ! بانغ! بانغ! بانغ!
اخترقت سيان بالمسدس مركز الدائرة السوداء التي تبعد عشرة أمتار عنها بدقة مذهلة وسرعة إطلاق خاطفة.
“كما هو متوقع من لي سيان! فيووه، دقّتكِ في التصويب لا يعلى عليها.”
تحدث سودا، مطوّر الأسلحة في أوتيس، وهو يطلق صفير إعجاب، ثم طرح رأيه بلُطف،
“ما رأيكِ؟ ليس سيئًا، أليس كذلك؟ هذه أقوى بثلاث مرات من المسدس الذي تستخدمينه حاليًا.”
“جيد. لكن ارتداده قويٌ جدًا وثقيل أكثر من اللازم. إطلاق نار متواصل على هدف متحرك سيتطلب تدريبًا كبيرًا.”
“لكن في المقابل، قوته التدميرية هائلة.”
كان يقصد أن هذه القوة الكبيرة تغطي على كل العيوب الأخرى.
“وعدد الطلقات لا يتجاوز أربعًا فقط.”
“هذه نقطة سلبية فعلًا.”
أكمل سودا حديثه بنبرة فيها شيء من التسليم.
“لكن على الأقل، يمكنني أن أضمن قوة نيرانه. فبدلًا من إطلاق ثلاث رصاصات لإسقاط كيان روحي، هذه تسقطه برصاصةٍ واحدة فقط.”
“حتى الإيموغي، أو الجنّي ذو المئتي عام؟”
“هممم…..الإيموغي لا بأس به، لكن الجنّي…..لا أعلم، ربما…..إذا أصبته بدقة في دماغه، فحينها نعم، قد ينجح الأمر.”
“تعني أنني لو فجّرت رأسه، قد أتمكن من القضاء عليه..…”
تمتمت سيان وكأنها تحدث نفسها.
ووفقًا للتفاصيل الإضافية التي شرحها سودا، فإن استخدام هذا المسدس يجعل تأثير الرصاصة الفضية يدوم حتى 72 ساعة.
فعندما تصيب رصاصةً فضية من إنتاج أوتيس كيانًا روحيًا، فإن شكله يتحطم حتمًا. لكن ذلك لا يدوم، إذ يبدأ الكيان في استعادة شكله تدريجيًا بعد حوالي 14 ساعة.
لذا كان من الضروري القضاء عليه بسرعةٍ فائقة، وتدمير دماغه فورًا حتى يُمحى تمامًا.
لكن استخدام هذا المسدس الجديد يمنح بعض الوقت الإضافي.
سلاحٌ مغرٍ من جوانب كثيرة، لكن اتخاذ قرار بتبديل سلاح تعوّدت عليه لم يكن سهلاً.
فالتغيير من مسدس بست طلقات إلى واحد بأربع طلقات يعني تغيير أسلوب العمل بالكامل.
ورغم أن الجواب كان متوقعًا، سألت سيان بينما تقدّر وزن السلاح بيدها،
“ما رأي البقية فيه؟”
“غير راضين.”
أجاب سودا وهو يرفع كتفيه، وقد دسّ يديه في جيبي بنطاله.
“السلاح جيد، لكن يبدو أنني لا أجيد الترويج له. أريد بيانات من اختبارات ميدانية، لكن لم يبدأ أحد حتى الآن باستخدامه.”
“إذًا، سأجربه بنفسي. بدءًا من نهاية هذا الشهر.”
“ممتنٌ جدًا إن فعلتِ…..لكن نهاية هذا الشهر؟ لماذا الانتظار؟”
شعر سودا بالدهشة.
‘لأنني سألتقي بروح الجنّي في 12 مايو. أردت أن أعتاد على هذا المسدس الجديد قبل ذلك بشهر تقريبًا.’
لكنها لم ترَ حاجةً لشرح ذلك بتفصيل.
“فقط…..أشعر الآن أنني لا أريد تغيير سلاحي.”
“آه.”
نظرًا لأن الجميع يتعاملون مع الأرواح الشريرة في عملهم، كانوا يعطون أهميةً كبيرة للخرافات والمشاعر والحدس، ولم يعترض أحد على ذلك.
حتى سودا وافق بابتسامةٍ عفوية.
“حسنًا! سأجعل هذا السلاح الجميل أكثر روعةً حتى ذلك الحين.”
***
خرجت سيان من مختبر تطوير الأسلحة وتوجهت إلى المبنى الإداري، حيث سلّمت الهاتف الفرعي الذي استلمته بسبب قضية اختفاء مين هي سون إلى مكتب الاستقبال.
في أوتيس، كان يتم توفير هواتف محمولة مؤقتة لكل مهمة، ويجب إرجاعها فور الانتهاء من العمل.
بعد إرجاع الهاتف الفرعي، كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهرًا.
“هل ألتقي بالرئيسة بينما أنا هنا؟”
اتصلت بمكتب السكرتارية في الطابق 21 للتحقق من جدول الرئيسة، فأُخبرت بأنها في اجتماع حاليًا.
•“بدأ اجتماع الفيديو في الثانية ظهرًا، ومن المتوقع أن ينتهي في الثالثة. هل تودين الصعود والانتظار، سيدة لي سيان؟”
عند عرض السكرتيرة اللطيف، أجابت سيان بأنها ستغادر فقط، وخرجت من مبنى أوتيس.
في طريقها إلى سيول، كانت شمس مارس تتلألأ خلف نافذة السيارة، قويةً كأنها تخترق العين، لكنها تبدو باهتةً نوعًا ما، مثل شمس ربيعٍ عادية.
كان هناك طنينٌ مستمرٌ في أذنها.
عندما اقتربت من منزلها، جاءها اتصالٌ من الرئيسة. و بدا أن الاجتماع قد طال، إذ مر 40 دقيقة على الوقت المتوقع لانتهائها.
•”لماذا غادرتِ هكذا فجأة؟”
“ظننت أنكِ مشغول.”
•”لماذا لم تنتظري وتسترخي قليلاً؟ حتى أني كنت أريد شرب فنجان شايٍ معكِ، ولدي بعض الأمور لأقولها.”
“هل الحديث عن زوج مين هي سون أم كاميرا الحركة؟ أيهما تقصد؟”
•”كلاهما.”
وقفت سيان السيارة أمام منزلها، لكنها لم تطفئ المحرك. بنما أكملت الرئيسة بلهجةٍ ثقيلة،
•”كيم يونغهوان، صديق الغولف الذي ربطتهِ بزوج مين هي سون، قد توفي بالفعل في فجر اليوم الذي قُتل فيه طفل العشيقة.”
“هل كانت حادثة؟”
•”لا، لقد أضرم النار في الفحم داخل السيارة وانتحر، لكن يبدو أن أحدهم قد قتله فعلاً. كنت أتوقع أن الأفاعي ستتحرك، لكن لم أتوقع أن يكون ذلك بهذه السرعة…..”
في اليوم الذي قُتل فيه الطفل وظهرت الأخبار، تم تصفية كل من له صلة بمين هي سون في نفس ذلك اليوم.
كان الأمر أسرع مما يمكن تصوره.
شعرت سيان برعشةٍ باردة تمرّ عبر يديها التي كانت على عجلة القيادة، كما لو أنها رأت أفعى سامة تتحرك بهدوء.
______________________
سيان تحلمت ان جوون ينقذها ؟ بكره العرس هاهاهاهاهااهعااها
الرئيسة كل ماطلعت زعلت ليه بتفطس😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 32"