أفاقت العشيقة من الإغماء وأطلقت صرخةً ممزوجة بالرعب واليأس.
“آه….آه…..آآآآااااه!”
حاول الزوج إجلاسها بالقوة على الأريكة، لكنها انزلقت إلى الأرض وكأن لا طاقة لها حتى على الجلوس.
“و…..وحش! الوحش قتل طفلي! إن…..إنها تلك المرأة! العيون….كانت عيناها!”
“وحش؟ ماذا تعنين؟”
سألتها سيان، فهز الزوج رأسه نافياً.
“لقد أصيبت بصدمة كبيرة…..إنها تعاني من هذيان عقلي.”
ثم أوضح سبب إدخال شخص غريب إلى البيت رغم فظاعة الموقف.
“أرجوكِ ابقي بجانب هو يون. يجب أن أبلغ الشرطة، لكنني عاجزٌ تماماً الآن.”
وبالفعل، كانت العشيقة غارقةً في رعب شديد، تتشبث بذراع الزوج بشدة وهي ترتجف بعنف.
اقتربت جوون، الذي كان يراقب الموقف، من الأريكة، ووضع يده على كتف العشيقة.
وما إن لمستها لمسةٌ خفيفة، حتى بدأت العشيقة ترتجف وتوقف صراخها فجأة.
عندها فقط، أمسك الزوج وجهه بكلتا يديه، يحاول التماسك والحفاظ على رشده.
ثم طلبت سيان إذناً من الزوج.
“سأذهب لرؤية الطفل.”
لم يكن سؤالاً عمّا إذا كان يمكنها رؤيته، بل كان تصريحاً بأنها ستذهب.
فتردد الزوج وتلعثم في الكلام.
“من الصعب على امرأةٍ أن ترى هذا المشهد…..إنه فظيعٌ جداً.…”
يبدو أنه هو نفسه لم يتمكن من النظر جيداً إلى الطفل.
كم يمكن أن يكون المشهد مرعباً إلى هذا الحد..…
توجهت سيان فوراً إلى غرفة الطفل. و كانت تعرف موقعها مسبقاً، فهي الغرفة التي خرج منها الطفل مستيقظاً في زيارتها الأولى لهذا المنزل.
وكانت قد فتحت عينها الروحية مسبقاً، لأنها جاءت اليوم بهدف رؤية مين هي سون.
كيييييي…..-
ما إن فتحت الباب، حتى اندفعت منها رائحة دماءٍ قوية. كانت رائحة دم كثيف تقشعر لها الأبدان.
دخلت الغرفة وأغلقت الباب فوراً، كي لا يشم الرجل والمرأة الغارقان في الذعر تلك الرائحة المروعة.
“نعم، العنوان هو…..آه، أهغ. الطفل..…”
سمعت صوت الزوج المرتجف قبل أن يُغلق الباب تماماً. كان يتحدث مع الشرطة.
نظرت سيان بحذر إلى أنحاء الغرفة.
قال جوون “لقد مزقته تمزيقاً كاملاً وقتلته”، لكن هذا…..لا يمكن وصفه إلا بالفظاعة.
بل إنها أكلت الطفل. أكلته بالكامل، ولم تترك سوى الرأس وحده على السرير، أما باقي الجسد، فقد التهمته حتى العظم.
هناك عددٌ لا يُحصى من الأرواح الشريرة التي تؤذي البشر، لكن القليل جداً منها يصل إلى حد أكل لحوم البشر.
الأرواح التي تؤذي الإنسان وتلك التي تأكله تُصنف من البداية برموز مختلفة. فقط الأرواح الأكثر خبثاً، والأقوى، وتلك التي تملؤها الكراهية الشديدة، هي من تتغذى على لحم ودم البشر.
تحركت سيان بحذر، متجنبةً أن تطأ بقدميها على برك الدم.
مين هي سون، ما نوع الروح الشريرة التي استحوذت عليها؟
لكي تنزع المسمار بسهولة، كان لا بد من معرفة نوع الروح. لو كانت تتسلق الجدران أو تترك آثاراً على السقف، لكانت من النوع الحشري…..لكن لم يظهر أي أثرٍ من هذا النوع.
لكنها أيضاً لم تكن من النوع البشري. فالأرواح البشرية عادةً ما تسبب الشلل أثناء النوم، أو تخنق الضحية، أو تجرها جراً.
وعندما رأت رأس الطفل الموضوع على السرير، أدركت أن مين هي سون كانت بلا شك…..
‘من النوع الحيواني.’
وكان الاحتمال الأقرب بنسبة تقارب المئة بالمئة أنها كانت قطة.
مين هي سون كانت ممسوسةً بالقطة “جون” التي أحبتها بشدة.
***
عندما خرجت من غرفة الطفل، كان الزوج يتجول في حالة من الذهول، بينما العشيقة كانت تمسك بكم جوون بقوة، تتشبث به وكأنه حبل نجاتها. لا بد أنها غريزة بقاءٍ لاواعية.
الأرواح تبدأ بالتخلص من أضعف كائنٍ في المنزل ثم تصعد تدريجياً.
السمكة الذهبية، الهامستر، الطائر، الكلب، الطفل، العجوز، ثم البالغ.
إذا كانت الأرواح تقتل الأرواح الحية في المنزل واحدةً تلو الأخرى، وتزداد الضحية حجماً كل مرة، فذلك دليل شبه مؤكد على وجود لعنة في المكان.
الآن بعد أن مات الطفل، ستكون العشيقة والزوج هما الهدف التالي. وبعدهما، ستبدأ الأرواح في إيذاء أي أحدٍ بشكل عشوائي.
سألت سيان الزوج بصوتٍ جاف،
“هل كان هناك لص؟ نافذة غرفة الطفل لم تكن مغلقة.”
“لا…..لا أعلم، حقاً. أنا عدت للتو من العمل، وكانت هو يون تحضر العشاء، ثم ذهبت لتفقد الطفل..…”
“الوحش!”
صرخت العشيقة فجأة.
“كان هناك وحشٌ أسود تماماً، مرّ بسرعة عبر نافذة غرفة الطفل…..كان….كان لديه ذيل…..ذلك الوحش نظر إليّ، وعيناه…..كانت عينا تلك المرأة! نفس العيون التي كانت تحدق بي دائماً!”
“آه، اللعنة، كفى!!”
صرخ الزوج بعصبية، غير قادر على التحمل أكثر. وكان صوته عالياً لدرجة أن العشيقة ارتجفت من الخوف، وبدأت دموعها تنهمر بصمت.
لكنها استمرت بالارتجاف وهي تهمهم باستمرار،
“مين هي سون….كانت هي…..إنها تلك المرأة….إنها ستقتلنا جميعاً..…”
***
بعد أن أبلغت سيان أوتيس بالموقف، أخبرت الشرطة التي وصلت إلى الموقع بأنها محققة تأمين تم إرسالها بسبب قضية اختفاء مين هي سون.
وبشكلٍ غير متوقع، أشار الزوج إلى زوجته مين هي سون كمذنبة في هذه الحادثة.
“حتى لو كانت تكرهنا، كيف يمكن أن تفعل هذا بالطفل..…”
تألقت عينا الزوج بنظراتٍ مليئة بالكراهية. و كان مقتنعاً تماماً بأن مين هي سون هي من قتلت الطفل.
“من تظنون أنه يملك مفتاح منزلنا؟ من الذي يستطيع أن يفتح باب الحديقة والباب الرئيسي خلسةً، ويقتل الطفل فقط ثم يختفي؟ من غير هذه العاهرة المجنونة؟!”
صرخ الزوج بغضبٍ شديد وهو يصر على كلماته.
وذكر واقعة اختفاء مين هي سون مع مبلغ ثلاثة مليارات وثلاثمئة مليون وون، وادعى أن شكها المرضي واتهامها المستمر له بالخيانة كانت أدلةً إضافية على ذنبها.
فريق التحقيق الجنائي كان يقوم بالتحريات بوجوه شاحبة، وتم نقل رأس الطفل بحذرٍ شديد.
كانت الدماء والأحشاء مبعثرةً في أرجاء الغرفة، لكن لم يُعثر على أي أثر لبقية جسد الطفل في أي مكان داخل المنزل.
و لا عند النوافذ، ولا عند الأبواب، لم يكن هناك أي أثر لخروج أو دخول.
خرجت سيان إلى الحديقة لتناقش الوضع مع جوون.
من داخل المنزل كانت ترتفع أصوات البكاء والنحيب دون توقف، بينما جوون، كعادته، لم يُبدِ أي اهتمام.
كان يتابع الحزن والمأساة واليأس والوحشية التي تحدث أمام عينيه كما لو أنه يشاهد فيلماً على شاشة عرض، ببرود تام ومن دون أي انفعال.
في الواقع، لا يمكن لأي مجزرة مروعة أن تُقارن بما رآه عندما كان ضحية قربان في طفولته.
“لماذا فجأة أصبحت مين هي سون تحمل نيةً للقتل؟”
سألت سيان بهدوء، فأجاب جوون بنبرةٍ لا مبالية وهو يؤكد الأمر وكأنه بديهي.
“غالباً بسبب شجار على أموال التأمين مع العشيقة، ثم أظهر الزوج انزعاجه. قال لها: اخرسي، أو أنتي لا تفهمين شيئاً، أو ما شابه…..بنفس الطريقة التي كان يكلم بها زوجته، بطريقةٍ مليئة بالاحتقار.”
“وعندما أدركت الروح أن الطفل ليس ابنها، بدأت به أولاً وقتلته، أليس كذلك؟”
أومأ جوون برأسه، ثم ابتسم بسخريةٍ مريرة.
“الحلم الجميل الذي كانت تحلم به تحطم تماماً…..والآن، بدأت ساعة الروح الشريرة.”
***
قُتل طفلٌ صغير كان يلعب في المنزل، ولم يتبقَّ منه سوى رأسه. و لم يُعثر على أي جزء آخر من جسده في أي مكان في البيت.
هذه الجريمة المروعة انتشرت بسرعة في وسائل الإعلام، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي على نطاقٍ واسع.
الزوج كان يشعر بعدم الارتياح والقلق الشديد من توسع القضية. ذلك لأن الشرطة بدأت في تعقب أثر مين هي سون بشكلٍ جدي، وبدأ الناس يتحدثون عن “علاقة غرامية قديمة” و”طفل غير شرعي” وغير ذلك.
وإن استمر الوضع هكذا، فإن مصير الثلاثة مليارات وثلاثمئة مليون وون التي نُقلت إلى أهلها سيُكشف قريباً.
بدأ الناس بالفعل يشكّون في شقيق مين هي سون، فقد كُشف أنه اشترى سيارةً فارهة أجنبية بعد فترة قصيرة من اختفاء شقيقته.
وفي تلك الأثناء، كانت العشيقة تتشبث بتاي جوون بيأس شديد.
لم تكن تتشبث بعشيقها الذي كانت على علاقة به طوال تلك الفترة، بل برجل رأته لأول مرة في حياتها. و لم تكن تهدأ إلا إذا كان تاي جوون قريباً منها.
غريزة البقاء والحدس البشري أمرٌ غريب؛ فكل نظرة أو انجذاب طفيف يكون وراءه سبب خفي.
حتى دبوس صغير تضعه في جيبك قبل الخروج “لأنه لفت نظرك” قد ينقذ حياتكَ لاحقاً.
على أية حال، كان هذا لصالحهم. فلكي يتعاملوا مع مين هي سون، كان من الضروري البقاء بالقرب من أهدافها.
***
تقرر أن تُقام جنازة الطفل، وإدخاله النعش، والمراسم الجنائزية، والحرق، حسب الجدول المقرر.
لم تكن هذه رغبة أم الطفل الميت، بل كان الزوج، الذي لا صلة له بمين هي سون رسمياً سوى الزواج، هو من أصرّ على المضي بها بقوة.
فجر اليوم الأول من الجنازة، كان جوون يرافق العشيقة، بينما كانت سيان تراقب الزوج عن كثب.
كان الزوج يقف أمام حديقة صالة العزاء، يحاول أن يدخن سيجارته دون أن يشعلها. و يبدو أن صوته أصبح خشناً من كثرة التدخين طوال اليوم.
“أخطط للانتقال من المنزل بأسرع وقت. لا أستطيع…..لا أحتمل النظر إلى غرفة الطفل. لا يمكنني إجبار هو يون على العيش في ذلك البيت أيضاً.”
يا له من تصريح صريح بالخيانة. فليس هناك أي سبب ليعيش مع صديقة زوجته المفقودة.
وكأنه كان يشعر بذلك بنفسه، خيّم صمتٌ طويل.
كان تحت عيني الزوج سوادٌ كثيف، وشفته جافة ومتشققة.
“تبا…..تبا.”
تمتم الزوج بالشتائم.
بسبب الجوع لعدة أيام والوصول إلى حافة الانهيار، بدا وكأنه نسي وجود سيان إلى جانبه. و بدأت شتائمه تزداد قسوة بسرعة، وكأنه يقاتل شيئاً ما.
“تلك اللعينة…..تريد أن تنهي الأمر معي نهائياً.”
كلمات خرجت من الضياع، والخوف، والكراهية.
مشاعر ضعيفة كفرخ صغير، بلا حول.
أفكار صغيرة وصفراء كالقمح تتساقط داخل مطحنة، كلمات متكسرة تتلاشى في الحطام كلما صرّ على أسنانه.
وبينما كان يحدّق في الحديقة بعينين ملتهبتين، تمتم فجأة،
“هل كان السبب أني لم أجلب لها القطة؟ لماذا أطلقوا سراحها أصلاً؟”
ارتجفت سيان من كلمات الرجل.
ثم تابع الزوج وهو يهمهم مجدداً، ببؤبؤين متسعين ومظلمين،
“قالوا لي أنهم سيأخذونها ويبعدونها عن عيني إلى الأبد..…”
____________________
يالرعب طيب يا مين هي سون يوم اكتشفت ان الورع مب ورعها ليه ماكلت العشيقة بدل الورع المسكين؟
يع عساهم ينوكلون جميع ذا العشيقه والزوج
يعجبني برودة سيان وجوون😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 26"