“يُقال أن من كان يعلو صوته في الشجارات الزوجية دائمًا هو الزوج. بل إنكَ في بعض الأحيان كنت تصرخ بأعلى صوتكَ لأيامٍ متواصلة.”
“آه، أمم……”
أخذ زوج مين هي سون يرتشف قهوته ليكسب بعض الوقت للتفكير، ثم وضع الكوب أخيرًا.
“صحيح أنني رفعتُ صوتي تقريبًا وقت اختفاء زوجتي……لكن إن كنتِ متزوجةً فستعرفين أن العلاقة بين الزوجين تختلف كثيرًا عما يراه الناس من الخارج.”
“…….”
“هاه……كانت زوجتي……تبكي كل يوم تقريبًا وهي تقول إن شبابها الذي ضاع وهي تضحي وتتحمل وتكتم مشاعرها قد جعلها تغضب لدرجة الجنون.”
قطّب الزوج حاجبيه.
“في البداية، اعتذرت لها بصدق. لكن لم يكن ذلك يجدي نفعًا. و كانت تتبعني صباح مساء وتفقد أعصابها باستمرار……”
“وماذا فعلتَ حينها؟”
“قلت لها أن الوقت لم يَفُت بعد، وحاولت تهدئتها بأن تدرس شيئًا أو تسافر……لكنها لم تستجب لذلك أيضًا.”
“هل تحدثتما عن الطلاق؟”
“أنا لا، لكن زوجتي هي من طلبت الطلاق.”
“…….”
“لذلك، بعد كل هذا وذاك……قررت التوقف عن محاولة العثور على زوجتي. فهي لم تخرج خالية الوفاض، وكان بحوزتها مبلغٌ مناسب من المال.”
“330 مليون وون.”
“نعم. إنه مبلغٌ كبير……لكني لا أتمنى لها إلا أن تعيش حياةً جيدة أينما كانت. فقد عانت كثيرًا بسببي.”
كان صوته مليئًا بالأسى والندم.
في كلمات هذا الزوج كان الصدق والكذب مختلطين. فلو قال الأكاذيب فقط، لما صدّقه أحد، لذا لا بد أنه يخلط الحقيقة بالكذب في حديثه. و سيان، بخبرتها الطويلة، استطاعت أن تميّز بينهما.
قصة اكتئاب الزوجة وقصة طقوس الذكرى الخاصة بحماتها، كانت كذبًا. و قوله إنه اقترح على زوجته أن تسافر، كان صحيحًا.
قوله أن الزوجة كانت تلحق به باكية، كان صحيحًا أيضاً. لكن أن الزوجة هي من طلبت الطلاق، فهذا كذب.
بعيدًا عن ذلك……هل هو حقًا لا يعرف أن مبلغ الـ330 مليون وون وصل إلى بيت أهل زوجته؟
لحسن الحظ، هو من بدأ بذكر هذا الموضوع أولًا.
“هل أخبرتِ أهل زوجتي عن التأمين على حياتها؟”
“لا. الوضع ليس واضحًا بعد، لذلك أرجأنا تقديم الطلب.”
شعر الزوج بالارتياح، وسرعان ما كشف عن احتقاره واشمئزازه بلا تردد.
“هذا مطمئن. من الطبيعي أن يبقوا صامتين، فمن يرضى بأن يقال أن ابنتهم هربت بالمال؟ وإلا لكانوا افترسوني منذ زمن.”
“…….”
“لا أعلم إن كانت هي من أخذت المال فعلًا وهربت، أو أنها أعطته لأهلها وهم يتظاهرون بالجهل ويخفونها عندهم. لقد سئمت تمامًا من تلك العائلة.”
لم يلاحقهم ليواجههم، لكنه كان يتحدث بنبرةِ من يملك اليقين. وكأنه متأكدٌ أن زوجته مختبئة حاليًا في منزل أهلها، وأن مبلغ الـ330 مليون وون قد تم تقاسمه بينهم.
هل يجهل فعلاً أن زوجته قد توفيت؟ أم أنه يعرف بموتها ويتظاهر بالجهل؟
لم يكن هناك إحساسٌ واضح في هذا الجانب.
على أي حال، كان لا بد من دخول منزل مين هي سون، ومعرفة بأي صورةٍ أصبحت الجثة، والتأكد من كل شيء.
تابعت سيان حديثها بهدوء.
“هل يمكنني أن ألقي نظرةً سريعة على أغراض السيدة مين هي سون التي لا تزال في المنزل؟”
“أغراض هي سون……؟”
“لم يُعثر على جثة، ولم يمضِ سوى سبعة أشهر على اختفائها. سأكتفي هذه المرة بالتحقق من الأمور الأساسية فقط، ثم أُنهي مهمتي.”
“آه، ولكن……ألم تقولي أن التأمين لا يُصرف إلا بعد الوفاة؟”
أوه. هل هذا هو هدفه إذًا؟ فاثنان وعشرون مليار وون، مبلغٌ يصعب تجاهله.
بدأت سيان تشرح ببراعة.
“كما ذكرت سابقًا، نحن في SKE التابعة للمعهد الدولي لأبحاث الدماغ، نقدم مبلغ التأمين للأشخاص الذين يتبرعون بأدمغتهم بعد الوفاة.”
“نعم، نعم. ومتى كانت هي سون تعرف بهذه الأمور لتشترك بها؟”
“في الواقع، نحن من بادرنا واقترحنا عليها ذلك. فهي تملك دماغًا نادرًا……السيدة مين هي سون كانت توأمًا منذ وجودها في الرحم.”
“نعم؟ توأم……ماذا؟”
“توأم رحمي. أي طفلان يتكونان في رحم الأم كثنائي، لكن أحدهما يبدأ بامتصاص الآخر تدريجيًا، فيولد واحدٌ فقط في النهاية.”
“آه، فهمت.”
كان وجه الزوج يدل بوضوح على أنها المرة الأولى التي يسمع فيها بهذا الأمر.
ثم بدأ يكشف شيئًا فشيئًا عن نواياه الحقيقية التي كان يخفيها طوال الوقت، الجشع والطمع.
“إذًا، لكي يتم صرف التأمين، لا بد من وجود الدماغ، صحيح؟ ليس مجرد إثبات الوفاة فقط.”
‘ماذا أفعل الآن؟’
ترددت سيان قليلًا عند مفترق القرار، ثم ألقت الطُعم لفريستها.
“الدماغ أفضل بالطبع، لكن مجرد التأكد من وفاة السيدة مين هي سون يكفي لصرف المبلغ.”
“آه، حقًا؟”
“حتى إن لم يُعثر على الجثة، فلا بأس. فربما تكون قد فُقدت في حادثٍ أو كارثة. إذا تم العثور على جزء من عظام المتوفية فقط، يُعتبر ذلك دليلًا كافيًا لإثبات الوفاة وصرف التأمين. طبعًا، الأجزاء القابلة للنمو مثل الأظافر أو الشعر لا تُحتسب.”
ولو أن هذا الزوج كان مرتبطًا بالأفعى، فقد يطلب منها توفير جزءٍ من الجثة.
و سيجري لها اتصالًا، دون أن يعلم أن جميع المكالمات والرسائل الإلكترونية يتم تعقّبها بالكامل من قبل “أوتيس”.
ابتسم الزوج ابتسامةً مصطنعة، محاولًا تبرير فضوله.
“أعني، بما أنني المستفيد، أردت فقط أن أعرف، تحسّبًا لأي احتمال.”
“بالطبع، هذا من حقكَ.”
بينما كانت تجمع أغراضها، طرحت سؤالها الأخير.
“بالمناسبة، هل تمكّنتَ من تجاوز أزمة العمل؟”
“آه، تلك؟”
أجاب الزوج بنبرةٍ خفيفة وهو ينهض أولًا.
“لقد ظهر مستثمرٌ، وتلقيت تمويلاً وافيًا.”
***
ألا يذرف دمعةً واحدة قلقًا على امرأة عاش معها قصة حب دامت 14 عامًا، وتزوجها وعاش معها 7 سنوات ونصف……
اسم “مين هي سون” كلما تعمقت فيه، لم يتبقَ منه سوى كلمةٍ واحدة.
في الـ41 من عمرها. امرأة. ربة منزل. بلا أطفال.
ما عدا هذه المعلومات الأساسية، حين تنزع الغلاف الرقيق لشخصية مين هي سون، لا تجد بداخلها إلا “وحدة” ناصعة.
شخصية مين هي سون، مهما أزلت عنها الطبقات، لم يكن يتساقط منها إلا شظايا من وحدة بيضاء نقيّة.
حتى بعد موتها، وحتى عندما أصبحت روحًا هائمة، كانت لا تزال تتشبث بالعشيقة، تتوسل حبًا من زوجها.
امرأةٌ كانت وحيدة، ثم ازدادت وحدةً.
لو شققتَ حياة مين هي سون إلى نصفين ونظرت إلى سطح القطع، ستجد في كل مفصل من مفاصل حياتها طبقةً متراكمة من الوحدة الحارقة، تنتشر ببطء وثقل.
***
“أشعر أن الزوج مشبوه.”
قالت سيان ذلك وهي تضع وجبةً سريعة في الميكروويف وتبدأ مكالمتها مع الرئيسة.
“لا يوجد شيء محدد سوى الأكاذيب المتعلقة بعلاقته الغرامية……لكن على أي حال، بدأت التحقيق مع من يقول إنه استثمر معه.”
* “ماذا عن آثار الأفعى؟”
وصل صوت الرئيسة من سماعة البلوتوث، وردّت سيان بصدق.
“حتى الآن، لا شيء على الإطلاق.”
* “هل تعتقدين أن قضية اختفاء مين هي سون لا علاقة لها بهذه الجهة؟”
“بحدسي……أعتقد أن هناك علاقة. ولو جزئيًا. لا توجد أدلة، ولا أثر يمكن تعقبه، لكني لم أستطع تقدير حجم هذا (الجزء الجزئي)، لذا قررت أن أرمي طُعمًا للزوج.”
• “ما نوع الطُعم؟”
“أخبرته أننا بحاجة إلى عظمةٍ من الجثة. فهو شخص ساذج لدرجة أنه ذهب إلى عيادة بيطرية مباشرة بعد اختفاء زوجته، لذا كانت هناك فرصةٌ كبيرة لأن يتواصل مع الأفعى. و هل تحدّثتِ إلى تاي جوون أيضًا؟ ماذا قال؟ عن الزوج أو عن الأفعى؟”
* “أبدًا. ذلك الرجل لا يتحدث أبدًا عن مشاعره تجاه العمل. كل ما يقوله هو: ‘اكتشفت مسمارًا’، ‘أبحث عن مسمار’، ‘انتزعت مسمارًا’، هذا كل شيء.”
“مفاجئٌ فعلًا.”
* “أجل، إنه أمرٌ مفاجئ. والمفاجأة الأكبر أن تاي جوون لا يستطيع أن يقول شيئًا إلا أمامكِ.”
ضحكت سيان بسخرية.
“وعدم قدرته على قول شيءٍ يقتصر على هذا فقط؟”
* “طبعًا. لو أنكِ رأيت ما عانيته بسببه، لفهمتِ. تسعة أعشار شيب رأسي ليست بسبب التقدم في العمر، بل بسببه، ذلك الوغد تاي جوون!”
ضحكت هذه المرة ضحكةً خفيفة.
* “هو لا يتبادل الآراء حتى مع شركائه. كل شيءٍ من طرف واحد فقط……”
“يتصرف على هواه؟”
* “بالضبط. يفعل كل ما يريده لوحده، ثم يختفي فجأة. لا يرد على الاتصالات، ولا يظهر حتى لو استدعيناه.”
هل هو كذلك فعلًا؟ كان هذا مفاجئًا، لأنه لم يظهر لها أي جانبٍ من هذا السلوك.
لا، بل في اليوم الأول من شراكتهما فعلها مرة واحدة. قال فقط : “إذا ماتت السمكة الذهبية، أخبريني”، ثم اختفى فجأة.
* “رؤية الانسجام بينكما يشعرني أن جمعكما في فريقٍ كان قرارًا صائبًا.”
قالت الرئيسة ذلك ضاحكةً بنبرةٍ مليئة بالرضا.
منذ العام قبل الماضي، بدأ سعال الرئيسة يزداد سوءًا……و ربما منذ البداية، لم تجمع الرئيس بينها وبين تاي جوون كشريكين في “نجارة الأرواح”، بل كرجلٍ وامرأة.
لا، بل من المؤكد أن هذا كان هدفها الحقيقي.
فإذا رحلت الرئيسة عن هذا العالم، فكلٌ من لي سيان وتاي جوون سيبقى وحيدًا تمامًا.
الرئيسة فضولية و تتدخل في كل شيء، وإن كان بطريقتها الهادئة.
رغم أنها تذمرت في داخلها، شعرت سيان بدفءٍ في قلبها أمام قلقها عليها.
بالنسبة للعملاء الآخرين، كانت تُلقب بـ”النمر”، لكنها على مدار 21 عامًا، كان دومًا بمثابة أمٍ عطوفةٍ لها.
لكن وفقًا لتأكيد تاي جوون، فإنها ستموت بعد شهرين.
من المستبعد أن يكون تاي جوون قد أخبرها بذلك، و سيان لم تفعل أيضًا، لذا فهي لا تعلم بالأمر.
دينغ!
رنّ الميكروويف معلنًا انتهاء التسخين. فأنهت سيان المكالمة بنبرة جافة، ولكن مع بعض التوبيخ المعتاد.
“سأراقب الزوج حتى نهاية هذا الأسبوع، وإذا لم يظهر أي دليلٍ على الجريمة، سأتولى أمر مين هي سون. وأنتِ، سيدتي……لا تشربِ الكحول اليوم.”
***
دينغ دونغ!
ضغطت سيات على الجرس وانتظرت، لكن لم يصدر أي ردٍ من جهاز الإنترفون.
نظرت سيات إلى هاتفها لتتحقق من الوقت. كانت الساعة السابعة مساءً. هذا هو الوقت المتفق عليه، أليس كذلك؟
في مقهى البارحة، اتفقت مع الزوج على أن تزور المنزل اليوم لتلقي نظرةً سريعة على أشياء مين هي سون.
ضغطت الجرس مرة أخرى،
دينغ دونغ!
ولا يزال الصمت يخيّم.
هل يُعقل أنه غير موجود؟
وبينما كانت على وشك الاتصال بهاتفه، فتح جوون فمه وهو يحدق في الباب الحديدي الأزرق الداكن.
“يبدو أنه……تمزّق تمامًا……مزّقته إربًا إربًا.”
تمزّق؟ ماذا يقصد؟
“آه.”
بمجرد أن شعرت بحدسٍ غريب، استدارت سيان بسرعة لتنظر حول المنزل.
“آآآآآآاااااه!”
ثم صدرت صرخةٌ ممزقة، وصوت نحيبٍ أنثوي مفجع من داخل المنزل، و تبعها صوت قفل معدني يُفتح.
دفعت سيان الباب فورًا ودخلت إلى الساحة. وكان أول ما وقع نظرها عليه هو الزوج الواقف أمام الباب الأمامي، يرتجف بشدة.
بعد أن فتحت الباب، رأت امرأةٌ تبكي في الداخل……
“الطفل.”
تحدث جوون، الذي كان يتبعها بخطواتٍ ثابتة وصوت بارد بشكل مذهل،
“مين هي سون……قتلت طفل العشيقة.”
_____________________
الورع شذنبه طيب!
والرئيسه قريب وتفطس……💔
ادري ان الروايه مأساة بس يوجع الرئيسه الي كانت سيان تشوفها زي أمها بتفطس؟ وجع
تاي جوون حتى تربى معها ياعمري عليه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 25"