رفع جوون ذقنه ببطء وهو يمسح جسد سيان بنظراته من الرأس حتى القدم.
بينما وقفت سيان تراقب بصمت طوال ذلك الوقت الطويل، إلى أن هدأ صاحب المخيم بعد أن بكى بصوت عالٍ.
كانت لي سيان صلبة كأرض ديسمبر الباردة، لكن تحت تلك الطبقات السميكة كانت هناك رقةٌ ناعمة خفية.
رقةٌ تجعلها تتكبد عناء صعود الجبل لدفن سمكةٍ ذهبية سكنت فيها روحٌ لبرهة، أو لتُسمع ابناً الذي أصبح روحًا شريرة كلمات الوداع الأخيرة لأبٍ مسن.
كانت الأقوى في أوتيس، لكن خلف ذلك الغلاف الجليدي كانت هناك هشاشةٌ شفافة.
رقة لا يعرفها أحد في العالم سواها. و ربما كانت قد لمحت تلك الرقة غير المتوقعة…..
اجتاحت جوون رغبةٌ عارمة ليرى كل تلك المشاعر التي تخفيها لي سيان بإحكام، مثل الخوف، والغضب، والغيرة، تلك المشاعر البشعة والضعيفة، رغب في رؤيتها بالكامل.
أو ربما…..كان ذلك الانفعال الجامح، تلك الرغبة العاطفية التي تغلي في داخله، لرؤيتها تبكي، وترتجف، وتصرخ.
شعر جوون بنفسه وهو يحدق فيها، كيف أن الرغبة تشتعل في عينيه. كانت رغبةً عنيفة وعدوانية، لم يشعر بها نحو أي شخصٍ من قبل.
‘لي سيان.’
بأي وجه ستصرخ هذه المرأة؟ كيف ستنهار، وتثار، وتغضب…..
وبأي وجه ستنفجر ضاحكة؟
***
صباحٌ تملؤه هالة الشمس المنتشرة بضبابية.
عندما خرجت سيان إلى موقف السيارات، كان اثنان من عملاء أوتيس قد وصلا بالفعل.
كانا من فريق المعالجة اللاحقة، جاؤوا لتهدئة نفسية ذوي الضحايا، وللبحث عن أدلةٍ أخرى قد تكون باقية في محيط المخيم.
تحدثت سيان معهما باختصار، ثم رمقت مكتب الإدارة بنظرة.
كان صاحب المخيم، الذي لم يغمض له جفنٌ طوال الليل، جالسًا شاردًا يحدق في الأرض. و بدت حافة عينيه متقرحة ومحمرّة، ورغم أنه في الستين من عمره، فقد بدا وكأنه في التسعين، شيخٌ وحيدٌ منهك.
حتى جسده بدا منكمشًا وكأنه تقلص في ليلةٍ واحدة.
نظرت سيان إليه لوهلة، ثم أدارت رأسها فجأةً وصعدت إلى السيارة.
كان جوون، الجالس بالفعل في المقعد المجاور، يقترح بنبرة خفيفة،
“لِنمرّ على المدينة، نشتري قهوة، ونأكل شيئًا، ثم نعود إلى سيول.”
كانت نبرته توحي وكأنهما خرجا في نزهةٍ خلال عطلة.
‘هل كنت أبدو هكذا لشركائي السابقين؟ تساءلت فجأة.’
كان شركاؤهايقولون أن لا مشاعر لدى لي سيان، حتى خنقهم هذا الشعور بجانبها، وأحيانًا وصل إلى حد الكراهية.
على أي حال، لم يكن هناك مطعمٌ قريب، ومنذ مساء البارحة لم تأكل شيئًا.
أجابت سيان ببرود موافقة، وغادرت المخيم نهائيًا.
“حسنًا، لنفعل ذلك.”
***
“هممم…..كلها صغيرة.”
قال مينوو ذلك وهو جالس القرفصاء يتمتم متذمرًا.
أخرج جميع الأحذية من خزانة الأحذية وتفحصها، لكنه لم يجد ما يمكن أن يناسب الأخ من الكنيسة.
كانت هناك جزمةٌ مطاطية، لكنها تخص جدته وكانت صغيرةً جدًا.
“آه، هذا حذاء أمي!”
كانت الحذاء الذي ارتدته أمه للحظاتٍ عندما جاءت مع مينوو في أغسطس.
احتضن مينوو ذلك الحذاء بقوة إلى صدره.
“ماذا تفعل أيها الولد! من الصباح الباكر!”
لم ينتبه إلا حين سمع صراخ جدته، فارتبك وأعاد الأحذية بعشوائية إلى الخزانة.
‘ماذا أفعل؟’
لقد وعد الأخ من الكنيسة أن يحضر له حذاءً…..
قضى طوال الصباح وهو يتأوه كجرو يريد أن يقضي حاجته. وفي النهاية، وبينما كانت الجدة مشغولة بغسل الصحون، فتح الدرج خلسةً بصوت خفيف.
كان هناك ورقةٌ نقدية من فئة ٥٠٠٠ وون، تركتها له أمه في يده قبل رحيلها.
نبض- نبض- نبض-
كان قلبه ينبض بسرعةٍ كبيرة حتى شعر بالاختناق.
نظر بحذرٍ إلى باب الغرفة، ثم بسرعة أخفى النقود في جيب بنطاله.
***
لأول مرة في حياته، ركب مينوو الحافلة وحده وتوجه إلى وسط المدينة، وكان طوال الطريق يتحسس جيب بنطاله قلقًا من أن يفقد النقود…..
لكن أرخص حذاء كان سعره عشرة آلاف وون. و لم يكن بمقدور الخمسة آلاف وون أن تشتري حتى فردةً واحدة من الحذاء.
شعر مينوو بالحزن فجأة، وبدأ يشهق ببكاءٍ خافت أمام منصة الأحذية.
‘ماذا أفعل الآن؟’
وبينما كان يشهق وينظر حوله، لمح رجلًا وامرأة يقفان أمام متجر صغير.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 18"