ارتدت سيان نظارات الواقع الإفتراضي وما إن أطلقت النار بسرعة متتالية حتى أعادت شحن مسدسها بلمح البصر.
في تلك اللحظة، خطف شكلٌ شاحب أبيض أشبه برداء يتطاير مع الريح أسفل مصباح الشارع.
بانغ!
أطلقت رصاصةً وانتظرت قليلاً…..ثم استدارت بسرعة خاطفة، وضغطت على الزناد نحو الطيف الذي كان يقترب من الخلف.
بانغ! بانغ! بانغ!
“مرة أخرى.”
أمرت ببرود وهي تملأ المخزن بالرصاص.
“غيّر الإعداد. عدد الأشباح 21. مستوى الخطر AAA. داخل فندق خمس نجوم.”
فتحوّل المشهد فوراً من أزقة يونغدونغبو الخلفية إلى ممرٍ فاخر في فندق راقٍ.
انخفضت سيان سريعاً وجثت وهي تمسح بنظراتها الحادة كل ما حولها. ورغم أن جسدها مرهقٌ من طول ساعات التدريب، إلا أن تركيزها الحاد لم يتزحزح.
وما لبث أن فُتح باب غرفة فندقية وخرج منه شخص.
كانت امرأة. وخلفها مباشرة وقف رجلٌ شاحب الوجه على نحو غير عادي. فارتجفت أصابعها لحظة، لكنها لم تتحرك قيد أنملة، لأنها عرفت أنهما مجرد أشخاص عاديين.
ثم حولت بصرها سريعاً للاتجاه المعاكس.
“السبت 13 أكتوبر. تلك الليلة لا بد أن نشاهد جثة تشوي دال سو.”
رن في رأسها صوت الرئيسة.
“سيان، هل تستطيعين قتل إنسان؟”
ارتسم وجه “الأفعى السوداء” تشوي دال سو أمام عينيها بوضوح.
لقد حفظت صورها ومقاطعها القليلة عن ظهر قلب. من أبسط حركاته اليومية إلى إيماءاتها المعتادة، كلها انطبعت في ذهنها بجلاء.
وفي اللحظة الحاسمة، عليها أن ترديها برصاصةٍ واحدة فقط.
سيييـ.
رن صوت باب المصعد وهو يُفتح. فالتفتت فوراً إلى هناك، و رأت من خلف الفاصل الفضي ببطء، امرأةً تنتعل كعباً أحمر.
بانغ!
ضغطت سيان على الزناد بلا تردد. فاخترقت الرصاصة الفضية جبين المرأة تماماً عبر شق الباب الذي ما زال ينفتح.
لم تكن بكعب أحمر، بل قدماها المضرّجتان بالدم جعلتاها تبدو وكأنها تنتعل حذاءً عالياً. وقد كانت شبحاً شريراً.
ثم انفجر رأس الشبح وتلاشى كدخان أسود متناثر.
***
نسبة إصابة الأهداف: 99.8%.
إطلاق خاطئ: صفر.
وتحتها ظهر سجلٌ تفصيلي لمواضع إصابة كل رصاصة في جسد الشبح.
بعد أن دققت سيان في نتائجها بعناية، خرجت أخيراً من ميدان التدريب الخاص بأوتيس.
اليوم هو الأربعاء 10 أكتوبر.
وكان الليل قد بلغ التاسعة بالفعل، أي لم يبق سوى ثلاثة أيام على فعالية “ليلة رجال الاقتصاد الآسيويين” المقررة في 13 أكتوبر.
الفعالية ستكون تجمعاً ضخماً لرجال الأعمال الآسيويين لدعم التحالف من أجل الحياد الكربوني، بعدد مشاركين يصل إلى 323 شخصاً.
وسيحضرها تقريباً جميع رجال الاقتصاد البارزين محلياً ودولياً. كما وُجهت دعوةٌ لـ21 من رجال الدين والفنانين.
ووفقاً للبيانات الداخلية، قد تتم إضافة بضعة أسماء أخرى إلى القائمة…..وبما أن الأفعى السوداء تشوي دال سو لم تكن ضمن المدعوين، فلا شك أنها ستكون من تلك الأسماء الإضافية.
وقد أُدرجت حفلاتٌ لعدد من المغنين المشهورين، ما يجعل الأمن محكماً للغاية.
لكن ضخامة الحدث كانت ميزةً أيضاً، إذ وفّرت فرصاً عديدة للتخفي وسط الطهاة والخدم والحراس ومنظمي الفعاليات والطاقم وحتى عمال النظافة.
المشكلة الوحيدة كانت تشوي دال سو. فإن علمت أن أوتيس يتعقبها فقد تختفي كلياً، أو على العكس قد تظهر متحديةً كأنها تقول “لن تجرؤوا على المساس بي هنا.”
و إن كانت ستظهر أم لا، فلن يُعرف إلا يوم 13 أكتوبر.
زززز-
ما إن جلست في مقعد السائق حتى رن الهاتف.
وحين نظرت إلى المتصل كان الأمر غير متوقع…..إنه الأب الكاهن طارد الأرواح، الذي التقيته في بوان شهر أبريل الماضي.
كان الأب الألماني واسع الاطلاع على الديانات القديمة. وقد أرسلت له سيان في يونيو رسالةً إلكترونية تسأله إن كان لديه أسرارٌ خفية أو آراء خاصة تتعلق بـ “ملحمة جلجامش”.
وهذا الرد وصل بعد أربعة أشهر كاملة.
***
جوون كان يمسح المباني أسفل الجبل بتفصيل عبر منظاره المكبر.
كان معمل شركة الأدوية ADN لا يزال مضاءً ساطعاً في عمق الليل المظلم، وكأن لا أحد هناك يغادر للعمل.
تخصصت ADN في التكنولوجيا الحيوية البشرية والطب التجديدي المتقدم. وكانت شعاراتها منذ التأسيس: “الإنسان يخلّص الإنسان.”
تحت هذا الغطاء اللامع، رفعوا شعاراتٍ أخرى: ليس فقط استغلال الأعضاء المتبرع بها، بل حتى الجلد والدهون وكل ما يمكن استخدامه لاكتشاف طرق علاج جديدة.
في الواقع، كان نشاطهم الرئيس بيع دواءٍ يخفف من مضاعفات عمليات الزرع. لكن منتجهم الأكثر مبيعاً، الذي جعل المال يتدفق عليهم، هو دواء “مكافحة الشيخوخة.”
أُشيع أن منتجاتهم الخاصة بالعودة إلى الشباب أظهرت نتائج مذهلة. وبالطبع، بما أن الشركة يملكها أولئك، فهي تجمع كماً هائلاً من بيانات التجارب عبر بيع العقاقير لعدد لا يحصى من الناس.
حوّل جوون منظاره نحو متحف التاريخ القديم الواقع على بُعد 500 متر من معمل ADN.
ذلك المتحف المريب كان أشبه ببيضةٍ مستترة بين الجبال. بل إن موقعه على جزيرة صغيرة مستديرة في مجرى النهر، حيث يلتف تياران من الغرب والشرق ليكوّنا معاً مجرى واحداً جنوباً.
أرض تجتمع فيها مجاري المياه…..
وبحسب فنون الجغرافيا الروحية، فهي أرضٌ يبني فيها التنين الوهمي عشه ليتحوّل إلى تنين حقيقي.
لقد أقاموا مقرهم في مكان مثالي. ذلك كان قلب الأفاعي، وكر الأفاعي السامة.
ظاهرياً بدا المتحف صغيراً، مساحته لا تبلغ مئة بونغ (≈330م²)، بُني قبل بضع سنوات، لكنه بدا مغلقاً وكأن افتتاحه أُجّل مراراً ثم أُهمل.
لكن الجوهر بلا شك كان تحت الأرض، أوسع وأعمق، كما هي طبيعة أوكار الأفاعي.
ومن داخل هذا المتحف بالتحديد خرجت جثمانٌ مشرحة لشخصٍ وهو يمشي بنفسه.
‘زومبي.’
في أرض يتحوّل فيها الوهم إلى تنين، كانت الأفاعي تُجري تجارب إعادة الاموات.
أراد جوون أن يعرف بالضبط ماذا يجري هناك، فأرسل “الكوابيس” ليتجسسوا. لكن المبنى كان محمياً بختم من مستوى “أوتيس”، تماماً كالذي وُضع على مقر زعيم أرض الخلاص.
خفض جوون منظاره وضاقت عيناه.
“نعم! هذا الصوت! إنه صوتها!”
فقد عرضوا على المرأة التي عملت في نقطة تفتيش أرض الخلاص مقطعاً قصيراً من خطاب “تشوي دال سو” الذي زعمت فيه الدفاع عن السلام العالمي.
وبمجرد أن سمعت صوتها، صاحت وصفقت بيديها.
قالت المرأة دون تردد: “إنها هي! تلك المرأة! بنبرتها الغريبة التي تشبه ممثلات الزمن القديم…..هي نفسها من أمرت بقتل “مين سارا”.”
تشوي دال سو كانت الأفعى السوداء. لكن بقيت أفعى سوداء أخرى.
مقر زعيم الخلاص كان محمياً بختم من مستوى “أوتيس”، وكذلك معمل ADN ومتحف التاريخ القديم. وفوق ذلك، مقتل روح الرئيس السابق كانغ وان غيو بسلاح أوتيس…..
‘مُزعج.’
لم يتمكنوا حتى الآن من كشف المسدس الذي أطلق الرصاصة الفضية التي أودت بروح كانغ وان غيو.
كما أنهم لم يعثروا على الرصاصة الفضية التي قضت على روح مين كي شيك، الذي وُجد ميتاً في بيت السيدة كيم وهويا وقد زُيّن موته كأنه انتحار.
من أين استخرجت الأفاعي سلاح أوتيس والرصاص الفضي؟
تحققت الرئيسة نفسه وأثبتت أنه لم يتسرّب أي سلاح من داخل المنظمة.
ومع أن الرئيسة معروفةٌ بأنها لا تترك عملاً ناقصاً، فإن هذه القضية – قضية “سلاح قتل الأرواح” – لم تخض فيها بعمق.
لا…..بل في كل ما يخص الرئيس السابق كانغ وان غيو، كانت تتعامل وفق الأصول، لكنها لا تتجاوز ذلك أبداً…..
تلك الرئيسة، في جنازة الرئيسة السابق كانغ وان غيو، تحدّثت مع حفيدة كانغ عن الخاتم.
قالت الخاتم، ثم حذّرتها: “كوني حذرة.”
هل يمكن أن تكون الرئيسة هي نفسها “سيف جلجامش”؟
‘مع أنني أستبعد ذلك، إلا أن هذه الريبة المزعجة لن تزول ما لم أكشف هوية الأفعى السوداء الأخرى.’
ززز… ززز…
رن الهاتف، وكانت المتصلة سبان.
• “الأب الكاهن طارد الأرواح الذي التقيناه من قبل، قال أنه يملك معلومةً في غاية الأهمية عن ملحمة جلجامش. يطلب لقاءنا بأسرع وقت، هل يمكنكَ المجيء الآن؟
“إن كانت معلومةً مهمة….فهل هي سرية للغاية؟”
• “نعم، إنها سرّ من أسرار الفاتيكان.”
***
“أعتذر عن زيارتي في هذا الوقت المتأخر.”
كانت الساعة 11:50 ليلاً.
حين حيّنهُ سيان، عرض الأب الكاهن عليها وعلى جوون شايًا.
“لا بأس. هذا هو وقت عمل أمثالنا. وفوق ذلك، الليل أنسب وقتٍ لحديث سري.”
مقارنةً بآخر مرة التقوه، بدا أكثر نحالةً.
فسألت سيان بلهجة قلقة عن صحته،
“قيل أنكَ أصبت أثناء طقس الطرد. هل تحسنتَ الآن؟”
“صرت أتحرك تدريجياً. وأستعد للعودة إلى الخدمة مع نهاية هذا العام.”
“أهو ذلك الطقس الذي ذكرتَه لنا في أبريل..…؟”
“نعم. هو ذاك. كان أعتى من كل ما واجهتُه حتى الآن…..وعانيت كثيرًا حتى عرفت اسمه.”
“في طقوس الطرد، معرفة اسم الشيطان أمرٌ بالغ الأهمية، أليس كذلك؟”
“بل هو الأهم على الإطلاق. أن تعرف اسمه يعني أنكَ تعرف وجوده ذاته، وتعرف هويته. الأمر أشبه بالفرق بين أن ترى الهندباء مجرد (عشب)، أو أن تحددها بدقة وتقول (هندباء). والأهم أن الاسم نفسه يصبح تعويذة قاطعة. مثلاً…..”
تغيّر صوته فجأة.
“لي سيان!”
كان نداءً قاطعاً مهيباً حتى أن البطن ارتجف من وقعه.
“بهذا الأسلوب، يكون النداء من الأعلى إلى الأدنى، إنه صوتٌ يأمر بالطاعة المطلقة. لكن سيدة لي سيان، آنسة لي سيان، هذه الصيغ تحمل الاحترام، وتُستخدم حين ينادي الأدنى الأعلى. و أعلم أن عملاء أوتيس يهتمون كثيراً بنبرة الخطاب.”
“صحيح. نحن أيضاً نولي قوة الكلمة عنايةً قصوى.”
فالأرواح، بقدر عجيب، يلتقطون من نظرة الإنسان وصوته مدى هيبته وروحه.
ولم تشأ أن ترهق الكاهن المرهق أصلاً، فدخلت مباشرةً في صلب الموضوع.
“قلتَ أن لديكَ ما تخبرنا به عن ملحمة جلجامش.”
“نعم. بدقة أكثر، ما سألتِ عنه في الرسالة: أفعى جلجامش، وعشبة الخلود. إنه سرٌ من أسرار الفاتيكان.”
“….…”
“القصة تعود إلى سنة 1772. في منطقة ديلبارا، على ضفاف النهر، عُثر على أثرٍ غريب.”
“حيث كانت مدينة شروباك القديمة.”
تدخّل جوون في الحديث، فأومأ الكاهن فوراً.
“صحيح. أنتَ دقيق في معرفتكَ. تحت التراب المهدّم، وُجد سجلٌ فريد، بل غريبٌ مخيف.”
“وثيقة متعلقة بجلجامش إذاً.”
“لكنها ليست كأي نسخة معروفة من الملحمة…..بل أشبه بنص كتبه شيطان.”
“كتبه شيطان..…؟”
“ستة ألواح طينية سوداء…..عجينتها مكوّنة من طين ممزوج بمسحوق البرونز والحجارة ودماء البشر ومسحوق عظامهم.”
حتى الكاهن، الذي أمضى عمره يقاتل الشياطين، قطّب حاجبيه وكأن القشعريرة سرت في جسده.
“كانت تلك الألواح المشؤومة تُعرف باسم (الألواح السوداء).”
________________________
أون وو كان يقلد الشياطين؟ تـء تـء
بس يمه لحظه جوون رجع يشك في الرئيسة بليز لاااااااا
باقي تقريباً 40 فصل على النهاية وواضح بتخلص مع مسكة الافاعي فبلييز الرئيسة امهم لايصير شي يخرب 😔
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات