بينما كبح أون وو أنفاسه المتوترة ملتصقًا بجانب الباب، ثم اندفع بخفة إلى الخارج.
كانت المباني التجارية والمباني المبنية على أعمدة تترك زوايا عمياء للرؤية بمهارة، مما جعل الطريق مثاليًا. لكن لو تردد لحظةً واحدة لانكشف أمره حتمًا أمام الشرطة التي تقوم بدوريات.
اختبأ برهةً ليتفادى المارة الممسكين بالمظلات، ثم أفلت بصعوبةٍ من الشرطة وانتقل إلى الزقاق التالي، ثم الذي بعده.
كان مقصده مبنى تجاريًا عاديًا، في طابقه الأول متجر سلطات ومتجر لبيع شموع “يانكي كاندل”، وفي طابقه الثاني معهدٌ للفنون، أما الطابقان الثالث والرابع ففيهما مكتب محاسب قانوني.
تفقد الجهة يميناً ويساراً ثم تسلل بسرعة إلى الباب الخلفي للمبنى. وكما هو حال أغلب المباني القديمة، كان الداخل معتمًا وكئيبًا.
اجتاز أون وو بسرعة الطابق الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع.
غير أن طريقه انقطع عند مدخل الطابق الخامس؛ فقد نُصب هناك بابٌ حديدي أشبه بقضبان السجن يحجب الوصول إلى السطح من الداخل والخارج.
أخرج فورًا من جيب سرواله العسكري مفتاحًا وفتح به القفل.
حين غادر ورشته، كان ثاني ما أخذه بعد طقم فناجين الزوجين هو مفتاح هذا الباب الحديدي.
تْشَالك!
صدر صرير معدن، ثم
كرييك-
و ما إن فتح الباب الحديدي حتى اندفع دون تردد قفزًا نحو السطح.
‘نجح الأمر.’
مع شعوره بأن ساعة التنفيذ قد اقتربت، كان قلبه ينبض كقنبلة توشك على الانفجار.
حين فتح باب السطح وخرج إلى الخارج، انهمرت الأمطار الغزيرة بكل قوتها على جسده. وبحكم أن الموقع مرتفعٌ قليلًا، انبسط أمامه مشهد الغيوم المطرية تغشي أفق سيول الضبابي.
كانت الساعة الرابعة عصرًا، زمنًا لا هو نهارٌ ولا هو مساء، ذائبًا بكآبة في خيوط المطر المتساقطة.
ألقى المفتاح، الذي لم يعد له حاجة، كيفما اتفق فارتطم بعيدًا بصوت معدني. و مضى حتى حافة السطح وحدق نحو المبنى المجاور كما لو كان يتأكد.
إنه المبنى الذي يدار فيه النادي السري، حيث الهدف الأخير الذي يبتغيه موجودٌ الآن.
وكان للنادي السري والطابق الخامس لهذا المبنى نفس العلو، والمسافة الفاصلة بينهما قصيرةً نسبيًا.
أخذ يراقب محيط المبنى بدقة. كان هناك مارةٌ كثيرون، لكن لا أحد منهم رفع رأسه نحو السماء الماطرة.
حينها ألقى أولًا حقيبته الظهرية بكل قوته نحو مبنى النادي السري. ثم تراجع خطواتٍ إلى الوراء حتى وصل بالقرب من باب السطح.
كان مخططه منذ البداية أن يُمسك بالهدف الأخير داخل النادي السري، بعد أن دفع للمدير هناك مبلغًا كبيرًا من المال.
لكن، تحسبًا لأي طارئ يفرض عليه التسلل خفية، كان يخرج للجري كل مساء ويقفز حتمًا فوق جدول ماء صغير. متخيلًا عرض هذا السطح. متهيئًا لهذا اليوم.
كل يوم. كل يوم. كل يوم. ركض، ثم ركض مجددًا.
قفز أون وو قفزتين خفيفتين في مكانه، ثم انحنى بجذعه إلى الأمام وانطلق بسرعةٍ فائقة.
تررربخ تررربخ تررربخ-
كان يضرب سطح السطح بأطراف قدميه وهو يعدو بشراسة، ثم وطئ الحافة دون تردد وقفز بجسده في الهواء.
توقف صوت الريح. حتى زخات المطر المنهمرة بدت وكأنها تجمدت.
مع إحساسٍ غريب بأن زمن التحليق طال أكثر مما ينبغي، خُيّل إليه أنه يقفز بجانب كلب ناصع البياض يلمع بشدة، لكن بثلاثة أرجل فقط.
و كذئبٍ أسود يقفز في الفراغ، اجتاز أون وو بخفة الفجوة بين المبنيين.
ترربخ-
هبط بثبات على سطح المبنى المقابل، ثم رفع نظره الحاد إلى الأعلى.
كان السطح مُهيأً كأنه مقهى تراس، مفروشًا بعشب صناعي، ومهيأً بأجواء فيلا ليستمتع الزبائن بالكحول وهم يتأملون منظر الليل.
رغم أنه لم يُفتح بعد، بدت في المنفضة أعقاب سجائر، وكأن العاملات والموظفين كانوا يتجولون هناك.
ثم أخرج من حقيبته مطرقةً وأمسكها، وغرس إزميلًا حادًا بشكلٍ أفقي في حزام سرواله العسكري.
ولم يحتج إلى شيء آخر. فترك حقيبته في مكانها، ثم دفع باب الزينة قليلاً وهو يُصدر صريرًا خافتًا، فالتقطت أذنه ضوضاء محادثاتٍ صاخبة من طابق أسفل.
ثم تسلل بهدوء إلى داخل المبنى وأغلق باب السطح برفق خلفه، وبدأ يهبط الدرج المعتم.
***
“رأيتَ جانغ أون وو ثم تركته يذهب؟”
كانت سيان على وشك النزول من الحافلة الكبيرة، لكنها جلست من جديد وأغلقت الباب بقوة.
• “نعم. لا بد أنه داخل المبنى الآن.”
كان جواب جوون وقحًا إلى حدٍ مكشوف.
فأخذت سيان نفسًا عميقًا تلو الآخر لتهدأ، ثم سألت بأقصى قدر من البرود والعقلانية عن السبب.
“لماذا؟”
• “…….”
“لماذا تركته يذهب؟”
• “إذا كان الغفران حقًا للمجني عليه، فإن الانتقام أيضًا حق للمجني عليه.”
كان جوابًا يليق بأوتيس تمامًا.
في نظر أوتيس، كان جانغ أون وو هو الضحية. أو بالأحرى، خطيبته موك يي جين هي الضحية.
أما ما يحدث الآن فما هو إلا أن جانغ أون وو يقوم بما كان يجب أن تقوم به موك يي جين.
فلولا أن أولئك الستة مسّوا موك يي جين، لعاش الجميع حياتهم بسلام.
السبب الجذري الذي دفعَ الضحية لأن تنتقم بهذا الشكل، حتى لو اضطرّت للتخلي عن المال والوقت والحياة، كان واضحًا أنه من جهة الجناة.
‘أوافق على رأي جوون، لكن……’
وبخلاف ذلك، شعرت سيان بالإرهاق والضيق لأن الأمور انقلبت بالكامل، فابتلعت غضبها.
“ألم تكن يا سيّد تاي جوون لا تهتم بأمور الآخرين؟”
• “ما دمت أنا كذلك، فإني كذلك، لكن لي سيان مختلفة. أرادت أن تترك له الحرية لينتقم قدر ما يشاء. أليس كذلك؟”
هدَت عيناها لوهلة، وتذبذبت حدقتاها.
“أنا……”
حاولت أن تردّ بصوت أجش، لكن في النهاية رضخت لتلك النقطة و تنهّدت ببطء.
“أريد إنقاذ جانغ أون وو.”
• “ألا تظنين أنه إن نجا فلن يفرح بمجرد أن يُترك حيًا؟”
“……”
• “ليس مجرد تغيير اسم وإجراء عملية تجميل كفيلين بتخفيف تلك الرغبة في القتل.”
كان ما قاله صحيحًا. فزوايا الرغبة في القتل حادة وواضحة بهذا الشكل……
سيظل جانغ أون وو، حتى إذا كبر ومات قبل سنّه، يتذكّر F الذي لم يستطع قتله اليوم. وسيشعر بالندم حتمًا: كان يجب أن أقتله ذلك اليوم.
لكنها لم تكن تريد أن تتشاجر مع جوون حول هذه المسألة، فحدّدت موقفًا واقعيًا.
“إذا دخل جانغ أون وو ذلك المبنى واعتُقل متلبسًا، فسينتهي به المطاف في أيدي الأفاعي.”
• “لن يقع ذلك.”
ردّت سيان ببرود على تأكيد جوون الهادئ.
“أعلم. سَيُقتَل. يمكنهم حتى تحريك الرئيس……وإن ظل هاربًا كمطلوب، فسيتعرّض والداه للأذى، وبعد قتل F من المرجح أن ينتحر.”
وبما أن جانغ أون وو دخل المبنى، صارت المهمة أصعب بمرتين، لكن الأمر قد وقع وإنتهى.
طبعًا ستوبخه الرئيسة بصياحها ثم ستقبض على رأسها.
لكن بدلاً من الانشغال بالمجادلات الصغيرة حول من أحسن ومَن أخطأ، وجب التصرف الآن بأسرع ما يمكن للتعامل مع الموقف.
أكبر مشكلة هي إقناع جانغ أون “أن يبقى حيًا”……
ولن تفعل أي مقولة سطحية شيئًا؛ لذلك كانت هناك حاجةٌ إلى عرض خاص جداً يخترق قلب ذلك الرجل الجاد.
هل يمكن أن يكون هناك شيءٌ كهذا حقًا؟
لا، بل هناك.
خطر ببال سيان اقتراحٌ واحد فقط، لا بدّ أن يجبر أون وو على القبول بما تقوله.
“جيد.”
فتحت سيان باب الحافلة الصغيرة بصوت طَقطَقة، ونزلت تحت المطر.
“لنأخذ الغنم ونحصل على الصوف أيضًا.”
***
أكثر ما كان أقلقه هو الكاميرات الداخلية، لكن المفاجأة أن كاميرات المراقبة كانت خارج الخدمة. فانتهز أون وو الفرصة ونزل بسرعة إلى الطابق الخامس.
كان في المبنى مصعد، لكنه لا يتوقف إلا في الطابق الأول والخامس، وهذه المعلومة كان قد حصل عليها مسبقًا.
فإذا ركب الزبون من الطابق الأول، يتجه المصعد مباشرةً إلى الخامس، حيث تُجرى عملية التحقق من الهوية والتفتيش السريع، ثم يُنزل بعدها إلى إحدى غرف الحفلات الخاصة في الرابع أو الثالث.
كما أن الطابق الأول يضم مخزن الطعام والمطبخ، أما الثاني فكان مكان استراحة النساء، بينما الطابق الخامس فيه غرفة التحكم بالكاميرات وسكن الحراس.
كان أون وو شديد الحذر حتى لا يصطدم بالحراس. فأي فوضى قد تندلع قد يُفلت الهدف من يده ويفسد كل شيء.
“ما بال الواي فاي اللعين؟ لا أستطيع مشاهدة الكاميرات.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 150"