قالت سيان ذلك وهي جالسةٌ وحدها في المقعد الخلفي للسيارة الكبيرة، بجدية.
وكما كان متوقعًا، أبدت الرئيسة اعتراضها،
• “الأفعى السوداء، تشوي دال سو، أفلتت منا هذه المرة لأنها استعملت قاربًا سريعًا، لكن المرة القادمة لن تنجو. الخزاف جانغ أون وو ما زال طُعمًا مهمًا للغاية، ولا أريد أن أضيّع هذه الورقة. أفضّلُ أن أراقبه أكثر.”
“صحيح…..لكن لا يبدو أن جانغ أون وو سيقبل عرض الأفعى.”
• “تعنين أنه سينضم إلينا؟”
“لا. أظنه سيتحرك بمفرده.”
دون أن يعقد صفقة مع أحد، ودون أن يستند إلى أي مساعدة.
‘فجر اليوم، حين سرتُ بمحاذاته لعشر دقائق تقريبًا، أيقنت ذلك.’
لقد أعاد تشغيل مقطع الكاميرا الذي يُظهر وجه كيم يون وو مقتولًا. بعد أن شاهد وجه المرأة التي تبكي بائسًا كخطيبته، و لم يبدُ أنه رجلٌ يمكن أن يتوسل لحياته عند أولئك المعتدين الوحشيين.
لكنه أيضًا لن يستند إلى أوتيس. فعليه أن يُتم انتقام خطيبته بنفسه حتى النهاية.
• “سيان، إن شعرتِ بهذا الإحساس، فلا بد أنه قائمٌ على سبب وجيه.”
وأخيرًا قبلت الرئيسة اقتراح سيان نصف قبول فقط.
• “كنا قد اتفقنا أن نسمع منه الجواب النهائي اليوم الساعة الرابعة وعشر دقائق، صحيح؟”
“نعم.”
• “الوقت الآن السادسة وثلاث عشرة دقيقة صباحًا…..إذاً لنراقبه هكذا حتى تمام الثانية عشرة ظهرًا فقط. بعد ذلك سنقبض على جانغ أون وو.”
وعندما أنهت المكالمة مع الرئيسة مطمئنة، بادرتها العميلة “G” بصوتٍ متوتر،
• “جانغ أون وو ظهر الآن في الأخبار الصباحية كـ‘قاتل متسلسل’. الأمر عاجلٌ جدًا، إنه خبر عاجل فوق العاجل.”
***
“ما هذا..…!”
تمتمت سيان وهي تقلب شاشة هاتفها بعصبية.
– “جانغ أون في حالة فرار، والشرطة تفتش ورشته حاليًا…”
– “جانغ أون وو يحمل سلاحًا…”
– “ارتكب أفعالًا شنيعة، حيث كان يستخرج دماء المخطوفين ويستخدمها في صناعة الخزف…”
– “عدد الضحايا لم يُحسم بعد، لكن يُرجّح أن يصل إلى عشرات…”
كان تدفق الأخبار العاجلة والمتلاحقة أشبه باندلاع حرب.
و القنوات الثلاث الكبرى كلها تتحدث بصوت واحد: قصة الخزّاف جانغ أون وو.
بل وانتشر الخبر كالنار في الهشيم على بوابات الأخبار الكبرى على الإنترنت، وعلى وسائل التواصل ومواقع مشاركة المحتوى.
وقيل إن الشرطة تأكدت من وجود تفاعل “لومينول” في حوض استحمام الورشة. وذلك الحوض الملطخ بالدماء عُرض على الهواء بوضوح. كما تم جمع الطين والرماد من داخل الفرن.
انتقلت سيان إلى شاشة خبر آخر.
خمسة ألواح خزف أزرق كانت معلقةً على جدار الورشة شوهدت وهي تُنزع بعناية من قبل الشرطة، وسط تعليق المذيع: أنها ستُفحص لمعرفة ما إذا كانت مخلوطةً بدماء أو مسحوق عظام بشرية.
بالطبع كانت كذلك. فهي أعمالٌ عُجنت بالطين الممزوج بدماء بشرية، ثم أُحرقت مع الجثث.
وقبل قليل، عند السادسة صباحًا تمامًا، سلّم جانغ أون وو هاتفه إلى أحد العدّائين المارّين.
وجانغ أون وو أصلًا لم يكن يستعمل الهاتف، فلا بد أن ذلك الجهاز كان شيئًا تسلّمه في سيارة أجرة…..ثم مرّره إلى ذلك الرجل.
جوون تلقى الهاتف مباشرة بعده، وأعاد الاتصال، لكن الطرف الآخر لم يرد. وحين أعاد الاتصال مجددًا، ظهر أن الرقم لم يعد موجودًا أصلًا.
إذاً عند منتصف الليل البارحة، حين تواصلت تشوي دال سو مع جانغ أون وو، قالت أنها ستنتظر جوابه عند السادسة صباحًا. لكن جانغ أون وو لم يرد، وتجاهل المكالمة، وبهذا رفض عرض دال سو.
وفي النهاية، كل هذه الفوضى لم تكن إلا انتقام تشوي دال سو، تلك الأفعى السوداء.
“أتجرؤ على السخرية مني؟”
“سأستعمل سلطة الدولة للإيقاع بكَ. قبل أن أقدّمكَ قربانًا حيًا وأمزق حياتكَ، سأدمّر وجودكَ تمامًا وأجعلكَ أضحوكةً للجميع.”
كان في ذلك الغضب القاسي ما يكشف عن نية شرسة.
بل إن جرأتها على إعلان مطاردة علنية لاصطياد قربان حي، وهذه الغطرسة المتبجّحة بلا أدنى تحفّظ، هي بالضبط أسلوب تشوي دال سو، الأفعى السوداء، على حقيقتها.
ففي النهاية، إن قبضت عليه الشرطة فسيُزجّ في الحجز، وخلال الأيام الأربعة المتبقية يكفي أن يُهرَّب خلسة أثناء عملية نقله.
عندها، لن يكون جانغ أون وو في نظر العالم سوى قاتل متسلسل فارّ. أما الأفاعي فبوسعها أن تُقيم طقسها الشيطاني بأمان، وتنتزع قلبه.
بدّلت سيان ملابسها بسرعة داخل الحافلة إلى بدلةٍ رياضية سوداء مقاومة للماء، وانتعلت حذاءها الرياضي بينما تواصلت هاتفيًا مع جوون.
“برأيكَ، جانغ أون وو سيلجأ للجبل، أليس كذلك؟”
• “حدسي يقول إنه سيتجه إلى جبل بُكهان. إن ظل يتنقل داخل المدينة فسوف يُلقى القبض عليه في الحال. أما في الجبل، فلا كاميرات مراقبة، وإذا حذر من المتنزهين، يمكنه التحرك دون أن يُكشف أمره.”
“بما أن لينكون يتعقبه، سأهتم أنا بجانغ أون وو.”
فرد جوون موزعًا الأدوار سريعًا،
• “أما أنا فسأتوجه نحو الضحية المحتملة F.”
***
تشقشقق…
كانت خطوات سيان ترتطم بالأعشاب المبتلة الموحلة وهي تتسلق بسرعة.
جانغ أون وو استغل تضاريس الجبل بدهاء ليُفلت من التتبع، حتى أن فريق أوتيس المتمرّس تشتت في كل اتجاه.
و وحدها سيان بقيت تلاحقه بعناد، إذ كانت قادرةً على استشعار أثر لينكون وهو يقودها كضوء منارة في البعيد.
“هاه… هاه…”
تنفست بصعوبة، ورفعت بصرها إلى ساعتها؛ كان الوقت قد أصبح الواحدة ظهرًا.
لقد دخلت الجبل بعد السابعة صباحًا بقليل، أي أنها تهيم في الجبل منذ نحو ست ساعات.
تتتتتتتت…
طائرةٌ مروحية للشرطة كانت تحوم فوق رأسها. ومن أسفل الجبل، بدا واضحًا تحرك قوات كبيرة؛ فالشرطة، إثر بلاغ صاحب مطعم النودلز، كانت تمشّط جبل بُكهان.
انتشروا على نطاق واسع، يمشطون كل زاوية. أما وسائل الإعلام فما زالت تنقل الأخبار العاجلة لحظةً بلحظة عن هروب القاتل المتسلسل المطلوب للعدالة.
جذبت سيان نفسًا عميقًا ثم ركزت عينيها إلى الأمام من جديد. و إحساسها بطاقة لينكون كان يضيء لها الطريق في المقدمة.
“هاه… هاه…”
تعثرت وهي تهبط بسرعة، فانزلقت، لكن يدها أمسكت بغصن شجرة في اللحظة الأخيرة.
طَق-
وما إن أفلتت الغصن المبتل حتى تناثرت قطرات المطر على ظهر يدها وأذنها.
جانغ أون ىو كان يقف على بُعد ثلاثمئة متر لا غير، ومع ذلك لم تستطع سيان أن تلحق به، فضلًا عن محاورته أو إقناعه. فمهما ركضت خلفه، لم يكن هذا الفارق يتقلص.
لقد ظلّ جانغ أون وو يتحرك بلا توقف منذ ست ساعات كاملة، لا يستريح لحظة، يتفادى الشرطة، ويُفلت باستمرار من تعقب أوتيس وسيان، ولا يفعل شيئًا سوى المضي قدمًا.
لا شك أنه يتجه لاقتناص هدفه الأخير: F.
لكن كيف سيقترب منه أصلًا؟
تشوي دال سو، الأفعى السوداء، كانت تعرف بالضبط مَن ينوي جانغ أون وو أن يهاجم.
وبحسب ما قاله جوون، فقد انتشرت الشرطة بالفعل في تلك المنطقة بكثافة. و كان استمراره في التقدم أشبه تمامًا بمن يزحف طوعًا إلى فم أفعى فاغر.
تهور. حتى لو وصل، فلن يتمكن من الانتقام.
جانغ أون وو نفسه كان يعلم أن الأمر متهورٌ وعديم الجدوى.
كان يعرف أنه ما إن يقترب من F حتى يُقبض عليه.
ومع ذلك ظل يتقدم، بخطواتٍ حاسمة لا تتردد. كأنه آنية طين أُودعت في أتون مشتعل، يحترق حتى النهاية بنيران الغضب والثأر.
أهو بسبب ذلك الظهر الحازم الماضِي بعزيمة؟
سيان لم ترغب في أن يموت جانغ أون وو. أرادت، بأي وسيلة، أن تُبقيه حيًا.
لو كان جوون هنا، لضحك ساخرًا وهو يقول: “السيدة سيان، قلبكِ رقيقٌ أكثر مما ينبغي.”
لكنها لم ترد لذلك الرجل أن يتحول إلى عشبة خالدة تلتهمها الأفاعي للحفاظ على شبابها وصحتها.
بدمه الساخن المتدفق من قلبه، سيستعيدون عافيتهم، ويتجدد شبابهم، ويضحكون مترفين بين الملابس الفاخرة والنعيم والثراء.
لم تكن تريد أن تهب تشوي دال سو وتلك الأفاعي مثل هذا السرور.
وربما كان شعورها بالأسى هذا مجرّد شفقةٍ على إنسان فقد خطيبته، وعاش وحيدًا منعزلًا في الجبل.
الرجل الذي كانت تطارده الآن هو في آن واحد: جانٍ وضحية، قاتل ومظلوم.
رجلٌ فقد خطيبته أمام عينيه وهو على وشك الزواج بها. و كل ما أراده هو أن يُعيد إلى الجناة نفس العذاب الذي أذاقوه لخطيبته.
لكن ما أراده لم يكن قانون البشر، بل شريعة الذئب. فالقانون لا يجيز ثأر الأفراد.
جانغ أون وو، الذي عاش كالذئب يزمجر ويقاتل، كان من الواضح أنه عازمٌ على الموت اليوم.
ست سنوات…..زمنٌ كافٍ ليلملم حزنه.
لكن ليس زمنًا كافيًا لينسى غضبه.
“آه..…”
شعرت سيان بثقل في أذنها حين تسرب إليها المطر، فأمالت رأسها لتهزه، وفجأة توقفت حركتها بلا وعي.
شششششش…
في خيوط المطر التي تتطاير حالمةً كأنها ضباب، كان جانغ أون وو واقفًا على ضفة الجدول على بعد مئتي مترٍ إلى الأسفل.
وقف جانغ أون وو موقفًا ثابتًا يحدّق بتمعّن في المرأة الواقفة أعلى التل.
للحظة خاطفة. الصائد والمطارد تبادلا النظرات. وسط هذا السكون وهذه الرطوبة.
كانت السماء رماديةً، والجبالُ سوداءَ، وكان الضبابُ الكثيفُ ممتدًا كبحرٍ أبيضٍ. كان منظرًا بدائيًا على نحوٍ ما، واسعًا ومقدسًا.
وقفا من غير حركة ينظران إلى بعضهما في قلب ذلك السكون.
بعد أن تجوّلا لمدة ست ساعات كطارد و مطاردٍ في الجبل، توقّفا فجأة في سكون تام، وسقطت قطرات المطر قطرةً قطرة بينما حدّقا بصمت إلى بعضهما.
ذلك الرجل سينتهي به الحال أن يحطم نفسه بنفسه مثل إناءٍ خزفيٍّ متكسّر.
التفت أون وو فجأة وببطء ثم بدأ يجري مجددًا. وسيان أيضًا تابعته بلا تعبيرٍ على وجهها.
كانت تحرك قدميها الغارقة في الطين بخفةٍ كالصيّاد، لكن قلبها كان مُبتلًا بثقلٍ بقدر ما بللتها ملابسها الباردة من المطر.
في كتاب حكايات الحيوانات لسيتون الذي قرأته حين كانت صغيرةً كان هناك ذئبٌ اسمه “روبو”.
قصة ذئبٍ ذكرٍ أحب ذئبةً بيضاءً، وحين علقت تلك الذئبة في فخٍ بشريٍّ وماتت لم يأكل أو ينام، بل قاتل بفخرٍ حتى مات.
توقفت عند جزءٍ يقول أن جسد روبو الميت جُلِدَ، وفكرت. لو كنت مكانهم لربما تركت الذئب الميت كما هو…..
بدا جانغ أون وو وكأنه مستعدٌ للاندفاع كالذئب روبو إلى وهج الأضواء الإعلامية، إلى طوفان النشرات العاجلة.
وهكذا بعد موته سيُستغلُّ ويُستَهلَكُ على أنه “قاتلٌ متسلسلٌ غريب”، وسيُنزع جلده من رأسه إلى أخمص قدميه لفترةٍ طويلة.
لأن لا أحد سيعرف الحقيقة الكامنة وراء هذا الوضع.
________________________
طيب حتى لو عرفوا الحقيقة قانونياً بيكون قاتل بس المجتمع بيتعاطفون معه وخطيبته
ثم تجي ذيك الفئة الي المفروض المره صبرت وماتكبر الموضوع تلقون الي يقول كذا ذكر مب رجال
المهم اذا أون وو يبي يخلص السادس ثم يفطس اظنها نهايه حلوه خليه يا سيان مشكلتس حنينه😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 148"