دخل جانغ أون وو إلى مقهى من سلسلة مقاهي مشهورة، وبقي ساكناً طوال المساء.
قيل أنه يشاهد فيلماً أكشن في المنطقة العمياء عن كاميرات المراقبة، لكن من المستحيل أن يقضي ذلك السفّاح وقته مترفهاً بمشاهدة فيلم.
لا يُعرف ما الذي يدور في ذهنه، لكن على الأقل هذا التوقف منحهم بعض الوقت لالتقاط أنفاسهم.
في الساعة العاشرة ليلاً.
داخل الحافلة الصغيرة ذات الاثني عشر مقعداً حيث تترصد سيان، راحت تقرأ بسرعة بيانات الضحية “E” الذي قُتل على يد جانغ أون وو، ورسائل محادثاته.
الضحية E كان…..ذا بنية جسدية قوية بفضل ممارسته المستمرة للرياضة. و والداه في أعالي من الغنى.
العمر: ثلاثون عاماً. الأسرة: أبوان وأخت كبرى. و كانت له صديقة يعرفها منذ أربعين يوماً فقط.
وقد اعتاد أن يبدل صديقاته كثيراً، فلا تدوم علاقاته أكثر من شهرين.
بلا عمل. و هواياته: كمال الأجسام، الغولف، التزلج، وجمع محافظ الماركات الفاخرة.
رجلٌ مسرف متعجرف، عليه ديونٌ خفية تبلغ نحو أربعين مليون وون، لم يعلم بها والداه ولا صديقته.
اعتاد ضرب صديقاته، وله أربع أو خمس سوابق في قضايا تحرش جرى تسويتها بالصلح. وكان لسانه بذيئاً كأفعاله، فلا تكاد محادثةٌ تخلو من ألفاظ نابية وأحاديث فاحشة.
تسع ليالٍ مضت منذ شوهد آخر مرة في نادٍ ليلي بتشونغدام-دونغ.
لم يُعثر على جثته، وأسرته لم تشعر بقلق كبير بعد، إذ كان من عادته أن يختفي لشهر كامل للهو دون تواصل.
ثم زفرت سيان أنفاساً قصيرة.
بمعرفة طبع جانغ أون وو، فمن المؤكد أنه اختار ضحاياه الخمسة واحداً واحداً بعناية بالغة…..فلماذا إذاً صنع خزفاً بدم مثل هذا الرجل E؟
بل الأهم…..لماذا كان لابد أن يكون دم “E” بالتحديد؟
فتحت سيان على شاشة الحاسوب صور اللوحات الخزفية الزرقاء التي أرسلها جوون، وراحت تحدق فيها بتمعن.
“الضحايا.”
كل لوحةٍ منها لم تكن سوى جسد إنسان.
هذا العمل الخزفي الأزرق لم يكتمل إلا بقتل ستة أشخاص.
“ضحايا..…”
وبالتدقيق أكثر، اتضح أن اللوحات الخمس المعروضة تحمل جواً متشابهاً، لكنها في الوقت نفسه مختلفةٌ عن بعضها بوضوح.
أشخاصٌ مختلفون تماماً، لكنهم في النهاية يبدون متشابهين على نحو غريب، كأنهم نسخةٌ من نوع واحد.
هل يمكن أن…..
“ابحثوا أولاً إن كان حول الضحية E أشخاصٌ مفقودون. أصدقاء، أو زملاء غولف، أو رفاق دراسة قدامى…..أي أحد.”
قالت ذلك للعميلة “G”، فسمعت على الفور صوت مفاتيح لوحة المفاتيح يتسارع.
• “يبدو أن لديكِ حدساً ما؟”
“قليلاً. وأيضاً أمرٌ آخر. أثناء تحقيقكِ حول خطيبة جانغ أون وو، تحققي إن كان بينها وبين الضحية E أي صلة. هل سبق أن تواصلا في حياته مثلاً؟”
• “حسناً، عزيزتي.”
أنهت سيان المكالمة، وفتحت الملف الذي أرسلته العميلة “G” للتو عن خطيبة جانغ أون وو.
كانت في نفس عمره، ولقيت مصرعها قبل ست سنوات بعد أن انزلقت من جرف أثناء تسلق الجبال.
صورةٌ مقرّبة لوجهها وهي تبتسم تحت أشعة الشمس الساطعة.
و ما جعلها تتوقف لم يكن ملامح الخطيبة، بل عيناها.
لون عيني يي جين كان بنيّاً فاتحاً نادراً، صافياً كحجر التوباز…..تماماً مثل عيني سيان.
***
جلس جانغ أون وو في أعمق زاوية من المقهى، يراقب شاشة حاسوبه المحمول وهو يتظاهر بمشاهدة فيلم.
حدق ببرود في الشاشة، ثم مد يده نحو حقيبة الظهر بجانبه. و أمسك بها وأدارها بزاوية مائلة، فغيّر موقع الكاميرا الصغيرة التي كان يخفيها فيها.
عاد يتظاهر بمتابعة الفيلم، بينما كان في الحقيقة يراقب بث الكاميرا على جانب شاشة حاسوبه.
المشهد كان عادياً: مقهى يعج بالزبائن، يدخلون ويخرجون، و يتجاذبون أطراف الحديث، و يشربون قهوة، أو ينهمكون مثل أون وو في أجهزتهم.
في تلك اللحظة، رجلٌ في الثلاثين من عمره عند الطاولة بجوار النافذة ألقى نظرةً سريعة نحوه.
جانغ أون وو لم يرفع رأسه، أبقى عينيه على الشاشة، وجلس في وضع يوحي لمن يراه من بعيد أنه ما زال غارقاً في الفيلم.
ذلك الرجل في الثلاثين تبادل إشارةً خفية مع شاب عشريني يجلس في الجهة المقابلة.
إنهم من “أوتيس”.
كانوا يراقبونه، ويعرفون أن سيان تجلس في الحافلة الصغيرة المتوقفة على الجهة المقابلة من الشارع.
لم يتوقع مثل هذا الترتيب أبداً. فقد كان يظن أن سيان مجرّد موظفة مكتبية، وأن زوجها هو المطارد.
لكن الزوج اختفى ولا أثر له، ليتضح أن تلك المرأة الأنيقة نفسها هي الصيّادة التي تمسك بالجرس.
سيان…..كلما رآها، ازداد اقتناعاً بأنها على النقيض تماماً من يي جين، خطيبته الراحلة. وقد أدرك ذلك من النظرة الأولى.
لكن مع ذلك، عيناها البنيتان الفاتحتان، كلما وقعت عيناه عليهما، أعادت إليه صورة يي جين.
واليوم على وجه الخصوص، بعد لقائهما في متجر كبير، تراءت له سيان وكأنها يي جين أكثر من أي وقتٍ مضى.
آخر موعد له مع يي جين كان أيضاً في متجر كبير، حين ذهب برفقتها ومع والدته. اشتروا محفظة، وشاهدوا فيلماً، ثم تناولوا العشاء.
لا يذكر جيداً ما كان محتوى الفيلم، سوى أنه كان مملاً بالنسبة له، لأنه اختير ليناسب ذوق المرأتين.
أما وجبة العشاء، فما زال قادراً حتى الآن أن يستحضر تفاصيلها الصغيرة كلها.
يي جين جلست بجوار والدته، وهو جلس قبالتهما يتناول نودلز باردة مع زلابية لحم.
والدته كانت تبتسم بسعادة عارمة، وكذلك يي جين.
وهكذا كان أون وو سعيداً هو الآخر.
تلك كانت أسعد أيام حياته.
“موعدنا مع والدتي، لا بد أنه أثقلكِ وأرهقكِ…..شكراً لأنكِ شاركتِني فيه.”
وعندما أوصلها إلى بيتها وحيّاها، ابتسمت يي جين بخفة وأمسكت يده.
“أون وو هو أكثر شخص بارد في العالم، لكنكَ دائماً تقول شكراً وآسف…..وهذا يعجبني.”
رمش أون وو بلا أي انفعال.
شوااا-
كلما استحضر صورة يي جين، يتردد في أذنه خرير المطر، وتغمره بقوة رائحة تراب الجبل.
ثم الدم.
ذلك الدم القاني المختلط بالتراب، يتماوج أمام عينيه الآن بوضوح شديد، وكأنه يراه لحظةً بلحظة.
“آسفة، أون وو.”
طق!
أطبق أون وو غطاء الحاسوب المحمول بعنف.
الساعة 10:30 مساءً.
كان موظفو المقهى يتهيّأون للإغلاق. ومع كل طلب جديد، صاروا يسألون الزبائن إن كانوا سيشربون في الداخل مع أن المقهى سيغلق بعد نصف ساعة، أم يفضلون أخذ المشروب معهم.
ثم أعاد أون وو حاسوبه المحمول إلى حقيبته ونهض من مقعده.
***
• “خرج.”
بمجرد أن أبلغتها العميلة “G” بذلك، قفزت سيان من الحافلة الصغيرة.
كان هناك مطرٌ خفيف يتساقط فوق ميونغ-دونغ التي غمرها ضباب الليل الخفيف.
• “جانغ أون وو، لقد ابتعد بالفعل في النقطة العمياء عن الكاميرات. كالمحترف. آه، قد أفقد أثره من جهتي.”
“لا بأس. سأمسكه أنا.”
أجابت سيان وهي تعبر الشارع بخطوات سريعة.
“حركة الأفاعى الهادئة أكثر مما ينبغي…..راقبي باستمرار، وابحثي حولكِ عن أشخاص مريبين. و ركّزي على هذه الجهة.”
واصلت سيرها وسط الحشد، محدّقةً في ظهر جانغ أون وو الذي يمشي أمامها.
‘لن أفلتكَ.’
فما دام جهاز التتبع -لينكون- اللاصق على جسد جانغ أون وو، فلن يضيع موقعه مهما ازدحم المكان أو حتى لو اختبأ داخل مبنى، ما دام في نطاق معين.
***
أما أون وو، فكان يمشي بخطوات سريعة ووجهه جامد الملامح.
فريق أوتيس كان يتعامل بمهارةٍ مدهشة، لكن بصمت مذهل، مع كل حركة له.
شبكة غير مرئية من البشر التفّت حوله طبقة فوق طبقة، مثل شِباك الصيد. فكان عليه أن يفلت من هذا الشَّرك.
بما أنّ الوقت قد تجاوز ساعة الإغلاق، فقد أنزلت المتاجر في المجمع أبوابها الحديدية وأطفأت أضواء الواجهات.
لكن الممرّات تحت الأرض كانت صاخبةً ومزدحمة بزبائن الطابق السفلي المستفيدين من تخفيضات المناسبات، وبركاب المترو الداخلين والخارجين.
اجتاز أون وو اللافتات الكثيرة المعلّقة لـ”تخفيضات تشوسوك الكبرى”، متجهاً نحو محطة المترو.
ناس، ناس، وناس.
التيار المكدّر الذي تصنعه الجموع شعر به بجلده بحدة. فخفَض رأسه قليلاً ورفع عينيه فقط بنظرة حادة، ثم انغمس في الحشد كأنه مجرد واحد منهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 142"