“الأول: خلال يومين أو ثلاثة، نُرتّب موتكَ بشكل متقن، فتتخلى عن هويتكَ الحالية وتغدو إنسانًا جديدًا، ثم تُرحّل إلى الخارج، لتقضي بقية حياتكَ متواريًا، هادئًا، بعيدًا عن الأعين.”
“….…”
“الثاني: أن تظل جانغ أون وو كما أنتَ، تواصل حياتكَ المعتادة، لكن تحت رعاية أوتيس، حيث تُدار أدق تفاصيلكَ الصغيرة قبل الكبيرة تحت إشراف صارم.”
كان عرضًا عسير القبول.
أن يصبح ميتًا في الأوراق ويعيش متخفيًا إلى الأبد، أو أن يرضخ لحماية منظمة غامضة لم يسمع بها من قبل، فيعيش كالكلب المربوط برباط مشدود.
لكن إن رفض أحد الخيارين، فلن يكون أمامه سوى الموت. وحتى لو أفلت هذه المرة، فلن ينجو من مطاردة الأفاعي ما تبقى له من العمر.
ظل جانغ أون وو مطرقًا نحو يديه، جامد الملامح، صامتًا كأنه يغوص في أعماق نفسه.
وبعد فترة، رفع رأسه وألقى بنظره مباشرةً نحو سيان.
كان نظره مثل عيني ذئب، ضيقةٌ حادة كالسكاكين. لكن عيني جوون كانتا أشد قسوة، فثبتت سيان بصرها في عينيه دون أن ترمش.
ثم تكلم جانغ أون وو أخيرًا، بنبرة باردة بلا عاطفة،
“يجب أن أُكمل عملي.”
“….…”
“تلك الألواح الخزفية الزرقاء الستة…..التي رأيتِها في مشغلي.”
ارتجف جسد سيان بقشعريرة.
أي جنون هذا؟ في اللحظة التي تهدده فيها بالخطف والذبح، ما زال يطالب بقتل إنسان آخر لإتمام عمله الفني؟ أي رغبة مريضة في الدم هذه؟
لكنها أدركت أن الرد سيحدد المصير.
إن قالت يمكنكَ الاستمرار فذلك يعني غض الطرف عن جرائمه، إقرارًا ضمنيًا بالقتل.
وإن قالت لا يمكنكَ الاستمرار، فهي بذلك تكشف أن أوتيس على علم بسلسلة جرائمه، فتعامله من الآن كقاتل لا كفنان.
أي الطريقين تختار؟
كعميل يحمي مدنيًا، يمكنها التظاهر بالجهل. أما إن كشفت علمها، فلن يكون سوى مجرم يجب التعامل معه.
فحسمت ييان موقفها بجفاف قاطع،
“معذرةً…..لكن ذلك العمل غير ممكن.”
فاختارت أن تقولها صراحة: “نحن نعلم أنكَ قاتل.”
عندها، تغيرت نظرات أون وو فجأة أمام عينيها، كأنما انقلب وجهه إلى شيء آخر.
وردّ بصوت منخفض متحشرج،
“لكن…..بقي عمل واحد فقط لينتهي المشروع…..إن خُطفت وقُلع قلبي فلن أتمكن من إكماله…..وحتى إن قبلت بحماية أوتيس، فلن أستطيع إنهاءه. أهذا ما تقولينه؟”
كانت عينا جانغ أون وو في تلك اللحظة عينا مجنون حقيقي، لا جنون فنان ملهَم، بل أقرب ما يكون إلى هوس قاتل مضطرب.
فصرّحت سيان ببرود حاسم لا يلين،
“نعم. هذا غير ممكن.”
“….…”
“ما لم يكن العمل من نفس نوعية تلك الألواح الخزفية الزرقاء، فإن أوتيس ستدعم كل أنشطتكَ الفنية بلا قيد ولا شرط.”
“….…”
“منظمتنا لا تهدف إلى محاسبة الماضي، بل إلى ضمان مستقبلكَ وحمايتك من خطر الموت، بأمان كامل لا تردد فيه.”
كان المعنى واضحًا: لن نفتح ملفات جرائمكَ السابقة، لكنك لن تقتل مجددًا أبدًا.
وكما توقعت، رفض جانغ أون وو رفضًا قاطعًا،
“أرفض كلا عرضَي أوتيس.”
‘أجل، كنت أعلم أنه سيقول ذلك.’
ومع ذلك، أعادت سيان التأكد للمرة الأخيرة،
“هل هذا قراركَ النهائي؟”
“بالطبع.”
كانت إجابته شرسة، كأنها لا تستحق ثانيةً من التفكير.
ومع ذلك ردّت سيان ببرودٍ مطمئن،
“حسنًا. مفهوم.”
“ماذا؟”
“في هذه الحالة، لا مفر. انتهى الحوار. يمكنكَ العودة بسلام الآن.”
“أتعنين…..أنكم ستتركونني؟”
ارتبك جانغ أون وو، كأنه كان يتوقع أن يُساق بالقوة، فارتجف قليلًا وضاقَت عيناه بتوجس.
لكن سيان واصلت بلهجة خفيفة كأن الأمر لا يعنيها،
“فنحن على أي حال نراقبكَ خفية، دون أن تشعر.”
“….…”
“لكن…..إن حدث وسقطتَ من أعيننا، ولو بالخطأ، فلن يكون مصيركَ سوى الموت. بعد خمسة أيام، تمامًا كما رأيتَ في ذلك الفيديو، سيُنتزع قلبكَ حيًّا من صدركَ.”
ثبتت سيان بصرها عليه، ثم رفعت زاوية شفتيها ببطء.
بابتسامة باردة، متحدّية، كأنها تقول: حتى لو متَ، فلن نخسر شيئًا.
ثم تابعت بابتسامة جليدية لا تهتز،
“لكن…..سيكون مؤسفًا ألا أحصل على طقم الصحون الذي طلبته. لذا، سأمنحكَ ـ باجتهادي الشخصي ـ فرصةً وحيدة لتفكر من جديد.”
“….…”
“غدًا، التاسع من سبتمبر. تمام الرابعة وعشر دقائق بعد الظهر. سأنتظر جوابكَ النهائي هناك.”
***
“مهما كانت مسألة القرابين الحية، فالأمر الأكثر إزعاجًا بالنسبة لـ جانغ أون وو الآن هو أنه لم يعد يملك الوقت الكافي لإكمال عمله الفني.”
ما إن خرج جانغ أون وو وبقيا وحدهما في السيارة الصغيرة حتى بدأ جوون بالكلام.
فأطلقت سيان زفرةً ثقيلة من صدرها، لقد أصبح حماية هدفهم صعبًا للغاية، لكونه مختلاً نفسيًا بهذا الشكل.
على أي حال، وبموافقة الرئيسة، تم السماح لجانغ أون وو بالتحرر لمدة 24 ساعة.
كانت الخطة استخدامه كطُعم لصيد الأفاعي…..لكن متعة الصيد تكمن في أنك لا تعرف أي سمكة اصطدت إلا بعد سحب الطُعم.
قد يضيع الوقت بلا جدوى، أو يُصاد سمكٌ صغير، أو تفاجأ بصيد ثمين، وربما تفقد الطُعم نفسه…..لا يمكن معرفة ذلك إلا بعد المحاولة.
و المشكلة كانت،
“جانغ أون وو سيحاول بالتأكيد ارتكاب جريمة قتل أخرى خلال خمسة أيام. يجب أن نتوقع بسرعة من سيكون هدفه القادم.”
وكانت الصعوبة أن جثث الضحايا الخمسة قد احترقت تمامًا في الفرن، وعُملت لهم عمليات تجزئة للعظام بحيث لا يعرف أحدٌ مكان رميها. وبالتالي، لم يكن بالإمكان تتبع أي معلومات عنهم.
لكن كان واضحًا أن الضحايا الخمسة يحملون عناصر مشتركة ضرورية لإنتاج تلك الألواح الخزفية الزرقاء.
معرفة هذه القواسم المشتركة وحدها تمكن من توقع “الهدف الأخير” الذي ينوي جانغ أون وو استهدافه.
أي دم بشري يريد الفنان المجنون استخدامه لصنع الخزف؟ كيف يمكن معرفة مصدر رغبته القاتلة؟
آه، هناك روحان في ورشة أون وو، أليس كذلك؟ في مثل هذه الحالات، أسرع طريقة هي سؤال المعنيين مباشرة.
فتحققت سيان من الساعة وطلبت،
“هل يمكنكَ الذهاب الآن إلى ورشة أون وو وسؤال الضحايا عن أسمائهم؟ وإذا أمكن، تتحقق من مكان اختطافهم، وهل سبق لهم لقاء جانغ أون وو شخصيًا.”
“حسناً.”
وافق جوون ببساطة، ثم طرح سؤالًا مفاجئًا،
“قبل ذلك، هل تذكرين القاعدة الأولى بيننا؟”
بينما كانت سيان تفتح باب السيارة، اقتربت بوجه متجهم قليلًا،
“القائد الأقل تعبًا هو من يقود السيارة، أليس كذلك؟”
“اليوم سنضع القاعدة الثانية.”
“ماذا…..؟”
قبل أن تدرك، أمسك جوون بخصرها وسحبها إليه فجأة، واضغط شفاهه على شفتيها بقوة.
كان قبضته شديدة لدرجة أنها لم تستطع سحب نفسها، فاستمر تقبيله لها بقوة لفترة.
ثم أطلقت سيان أنفاسًا متقطعة، فتحدث جوون بصوت أعمق،
“القاعدة الثانية: لا تبتسمي أبدًا بطريقة مستفزة أمام رجال آخرين.”
“هل هذه عقوبةٌ لي الآن؟”
عندما تحدثت على نحو جاد، همس بصوت أخف،
“مستحيل. إنه رجاء.”
“.……”
“ربما لا تعرفين، يا سيان، لكن في كل مرة تبتسمين بهذه الطريقة الاستفزازية، تجعلين الرجل يفقد صوابه تمامًا.”
أدار رأسه بشكل مائل وقبّلها مرة أخرى، و هذه المرة بتقبيل حذر وناعم، ضغط شفتيه عليها بلطف، ثم ابتعد ببطء بعد أن ترك إحساسًا دافئاً على شفتيها.
“دعي التأثير الصادر من لي سيان يقتصر عليّ وحدي.”
ثم صدر صوت فرقعة الباب، وفتح نافذة السيارة الصغيرة.
فظلت سيان تراقبه بلا حراك، ثم رفعت يدها ببطء. و مسحت بأطراف أصابعها خلف أذن جوون برفق، ثم انزلت يدها على طول نبضات رقبته.
فتغيرت نظراته بسبب تلك الحركة، وأراد أن يقبلها مرة أخرى، فمال برأسه نحوها.
و لم تفوت سيان اللحظة، فانتزعت ربطة عنقه فجأة وسحبتها.
“أوه!”
و بسبب القوة المفاجئة، أمسك جوون بسقف السيارة سريعًا ليتوازن، حتى لا يسقط تجاهها.
فاقتربت سيان من أنفه لتهمس له تحذيرًا، لكنها كانت ناعمة،
“حتى لو دبّت الغيرة بكَ وتوترت، تحدث معي أولًا دائمًا.”
جوون ينتمي إلى فصيلة الحيوانات المفترسة، ورغم أنه صار أكثر هدوءًا مؤخرًا، إلا أنه كان في الأصل شخصًا عنيفًا ووحشيًا.
كانت تعلم أنه غضب لأنها استفزت طبيعة القاتل المتسلسل داخله، إذ ابتسمت عن قصد لاستفزاز جانغ أون وو.
ثم خرجت من الموقف في ساحة موقف السيارات تحت الأرض بالمتجر، ونظرت حولها لتسأل،
“جانغ أون وو، إلى أي جهة يتحرك الآن؟”
• “إلى ميونغدونغ، قرب السفارة الصينية في كوريا.”
ردّت العميلة “G”. كما لو كانت تنتظر الفرصة.
ثم سارت سيان مباشرة نحو السفارة الصينية، مستعينةً بتسجيل نصي تركه المعالج النفسي لجانغ أون وو في الورشة، وقامت بتشغيله صوتيًا عبر التطبيق.
وأثناء انتظار إشارة عبور المشاة، انطلقت أصوات سردية مخيفة في أذنيها،
• “كان يومًا ممطرًا. قبل التسلق، تشاجرت قليلًا مع خطيبتي، وفي الجبل تشاجرنا مرة أخرى.”
ثم تحولت الإشارة إلى اللون الأخضر، فعبرت سيان الطريق بعزم وثقة.
• “كان الدم يغطي محيط خطيبتي…..احتضنتها وأنا أصرخ، وأمسكت الطين المختلط بالدم بإحكام. الطين والدم…..لا أستطيع نسيان ذلك الشعور الملموس الذي شعرت به في يدي ذلك اليوم.”
حتى لو كان مهووسًا بالقتل، فإن البقاء على قيد الحياة أولًا إذا كان الخطر محدقًا كان طبيعيًا…..لكن هوسه بالعمل الفني تجاوز جنون الفنان إلى حد بعيد.
كان واضحًا أن سبب هذا الجنون يكمن في “وفاة خطيبته”.
ربما كانت وفاة خطيبته هي الزناد الذي دفع جانغ أون وو، خريج جامعة مرموقة وكان يعيش حياة طبيعية في شركة كبرى، إلى الغرق في الجنون والقتل فجأة.
تأكدت سيان من بعض المعلومات الأساسية فقط عن خطيبته التي توفيت منذ ست سنوات…..قمن الممكن أن يكون هناك سر مهم مختبئ في هذه المعلومات.
ثم همست للعميلة “G”،
“أرجو أن تحققي أكثر عن خطيبة جانغ أون وو. أريد التركيز على أنشطتها خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت وفاتها.”
__________________________
طيب دامه اختار بنفسه يقعد خلوه يفطس منتب خسرانين صدق
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات