نهضت سيان وهي تلف الكاميرا بعناية بمنديل وتمسكها بحرص.
في تلك الأثناء، كان جوون يسير على أطراف الساحة المظلمة بخطى ثابتة. ربما لأنه طويل القامة وضخم البنية، فقد بدا مهيبًا ومرعبًا حتى وهو يكتفي بتفقد المكان.
“أماكن إقامة طقوس الأفاعي…..أرى الآن أنها تشترك بسمات معينة.”
قال ذلك فجأة.
“قريبةٌ من نهر، دائرية، مظلمة، ورطبة وتحتوي على الكثير من المخابئ.”
اقتربت سيان، لكنها لم تدخل الساحة.
“سمعت أن الأفاعي يرتدون أقنعةً بيضاء.”
“أفاعي سامة بوجوه بيضاء.”
“….…”
“كانوا يرتدون عباءاتٍ سوداء طويلة ذات قلنسوة، وتحتها كانوا عراةً تمامًا.”
فشط فشط-
داس التراب الخشن تحت قدميه.
“منذ 21 عامًا…..في ذلك اليوم كان هناك قربانان، وبما أنني كنت الثاني، فقد رأيت الطقس الأول كاملًا.”
“ما شكل الطقس؟ كيف كانت طقوسهم؟”
“هممم..…”
فتح جوون عينيه قليلاً.
“الأفاعي، أولاً، يشكلون دائرةً حول القربان المقدم في ذلك اليوم. ثم، بهذه الطريقة…..يدخل بعضهم إلى الداخل، ليشكلوا دائرةً أصغر حول المذبح.”
بدأ جوون يمشي من أطراف الساحة نحو مركزها.
في تلك اللحظة، بدت حركته مخيفة وغريبة بشكلٍ ما، فتسللت قشعريرةٌ باردة في الجو.
كأن الخوف نفسه قد اتخذ شكلاً واقترب منهم…..
تابعت سيان الحديث بصوتٍ جاف.
“هل من يدخلون للداخل هم الأفاعي من الدرجة الأعلى؟”
“لا. بل هم الأفاعي الذين فازوا في مزاد الظفر بالقربان، تمامًا كما لو كان الأمر مزادًا.”
انخفض صوت جوون وأصبح باهتًا وباردًا.
“ما زلت أتذكر بوضوح..…عندما يقفون أمام المذبح، يشقون صدر القربان بهذا الخنجر المصنوع من حجر السج، ثم يستخدمون أداةً لقص الأضلاع واحدةً تلو الأخرى…..حينها، يبدأ القلب المذعور في القفز بسرعة مرعبة.”
كانت عيناه مثبتتين على مركز الساحة، حيث كان القربان مستلقيًا.
“ذلك القلب بدا، كيف أقول…..كأنه ثمرةٌ محرمة لا يجب على البشر أكلها.”
الثمرة المحرمة.
كانت هناك نظرية تقول أن الثمرة المحرمة ظهرت في المجتمعات القبلية البدائية و كانت فب منطقةِ سلام لا تشهد قتالًا.
القبائل التي تتخذ من الحيوانات قرباناً لها كانت تجتمع في تلك القرية لتعيش في انسجام…..وكانت الثمرة المحرمة تُفسَّر على أنها شيخٌ حكيم، أو كاهن ديني.
لذا، كان المعنى بعدم أكل الثمرة المحرمة أي: لا تؤذوا الكاهن.
مرت فكرةٌ باردة في ذهن سيان، لكنها ركزت مجددًا على حديث جوون.
“الأفاعي…..ينتزعون قلب القربان وهو لا يزال حيًا، ثم يستخدمون الدم الأحمر المتدفق من القلب لكتابة حروفٍ على أجسادهم.”
“يكتبون…..بالدم؟”
“ذلك الدم الحار الذي يُعصر توًا من القلب، يستهلكونه حتى آخر قطرة..…”
كان صوته يهز أجواء الغابة المظلمة بكآبة قاتمة.
“لأن كمية الدم الموجودة في القلب محدودة، فإنهم يصابون بالهلع. بعضهم يغضب إذا أُهدر الدم، وآخرون يصرخون بأن يُسرعوا في الطقس. هل تتخيلين كم يكون مظهرهم بدائيًا…..وجشعًا؟”
“كييياااااه!” في لحظة، دار المشهد أمام العين كإعصار، وكأن صرخةً تمزق السماء سُمعت في الأفق.
لم يكن من الممكن تخيل مدى فظاعة الألم الذي يعانيه الضحية.
“وماذا بعد ذلك؟”
“بعد أن يُستنزف دم القلب بالكامل، يبدؤون بالإمساك بأجسادهم داخل بركة الدم الدافئة. كأنهم أفاعٍ تخلّت عن جلدها وولدت من جديد، يتشابكون في كتلة واحدة بجنون.”
رعبٌ وصراخ، ذبح واستمتاع.
جرائم قتل تُرتكب بجنونٍ لا نهائي ووحشية لا توصف.
والآخرون الذين يحيطون بهم بدائرة يراقبون هذا الطقس، و يتوقون بجنون لأن يكونوا في الداخل في المرة القادمة.
مجموعة مرعبة بالفعل.
منذ أن بدأ العمل في “أوتيس”، رأت سيان كل أنواع المرضى النفسيين، لكن فظاعة الأفاعي كانت الأسوأ على الإطلاق.
وكل هذا…..كان من منظور طفلٍ في السابعة من عمره، طفلٌ صغير كان على وشك أن يُذبح كقربان.
ومع ذلك، لم يكن في نبرة تاي جوون أي أثرٍ لصدمة أو خوف. بل كان هناك شيء يشبه المتعة…..وذلك ما جعله مرعبًا أكثر.
“ههه.”
ضحك جوون بصوتٍ منخفض وأغمض عينيه ببطء.
كان يقف فوق الموضع الذي ذُبح فيه القربان بوحشية. في موضعٍ تسربت فيه نحو 5 لترات من الدماء الساخنة إلى أعماق الأرض، مشبعةً التربة بالرطوبة،
وقف هناك، فوق الأرض التي تغلغلت فيها رائحة الدم كالمستنقع، مغمض العينين، رافعًا ذقنه بتعجرف، كأنه يصغي إلى همساتٍ خفية.
يا ترى، ما الصوت الذي يتخيله؟ صرخات الضحية وعويلها؟ أنين القتيل والقاتل؟
حاولت سيان أن تتخيل هيئة الضحية المقتولة في هذا المكان، واضعةً تاي جوون في موضعها. فقد كان هو أيضًا ضحية، أليس كذلك؟
لا، لا…..هل كان حقًا ضحية؟
هل كان تاي جوون فعلًا “قربانًا”، الطرف الذي يُضحّى به؟
بل كان من الطبيعي أكثر…..أن تراه واقفًا بين الأفاعي.
فتح جوون عينيه ببطء. و تأمل الظلام بعينين قاتلتين، ثم حوّل نظره نحوها.
فارتجفت فجأة. كأن رئتيها تجمدتا، ووقعت في فتنة عينيه للحظة.
هل السبب هو ضوء القمر الشاحب الذي حدّد ملامحه الحادة بتلك الطريقة؟
واقفًا في قلب دائرة الدم، بدا غامضًا، وقدريًا بشكل لا يُقاوم، وينضح بقسوة لا توصف.
ابتسم جوون ببرود، رافعًا زاوية فمه.
“إن كنا انتهينا…..فلنعد.”
***
“أين كنتَ حتى تعود الآن؟”
وبّخته الجدة بقلق، لكن مينوو ابتسم بمرحٍ وزحف إلى أرضية المنزل كالسنجاب.
“انظروا لهذا الولد! ما الذي يجعله سعيدًا هكذا؟”
تمتمت الجدة وهي تنقر لسانها، لكنها رتبت حذاء حفيدها بوجهٍ مفعم بالرضا.
حتى أثناء تناوله العشاء، كان مينوو يهتز بجسده الصغير في مكانه، يغني أغنية الأرقام: “واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة”، دون أن يهدأ للحظة.
“ما الأمر يا حفيدي؟ هل حصل شيءٌ جميل اليوم؟”
سألت الجدة مباشرة، لكن مينوو هز رأسه بسرعة فلقاؤه مع الأخ في الكنيسة كان سرًا.
بعد أن أنهى طعامه، وضع مينوو تقويمًا كبيرًا على الأرض، وبدأ يشير إلى كل رقم بأصبعه.
كان يحب الأرقام حقًا. فالرقم 3 يبقى 3 أينما وُضع، لا يتغير مع اختلاف الموقع. ويمكن جمعه وطرحه وضربه وقسمته.
“أنت حقًا مذهل!”
“هيهي.”
عندما تذكر مديح الأخ في الكنيسة، راح يتقافز بفرح بقدميه، ثم بدأ يبحث عن الأرقام في أنحاء الغرفة.
في تلك الأثناء، دخلت الجدة بعد أن أنهت غسل الصحون، وأمسكت بجهاز التحكم للتلفاز وهي تتنهد.
“اشتريت لحم بقر لنعد به حساء كعك الأرز لبداية العام، لكن لا أعلم إن كانت أمكَ ستعود أم لا.”
راقبها مينوو خلسة، ثم دخل فراشه بوجهٍ متجهم.
لم يكن يشعر بالنعاس، لكنه كان يعرف أن الجدة ستطلب منه قراءة كتاب قصص مرة أخرى.
‘سألعب مع الأخ في الكنيسة غدًا أيضًا.’
كان شعور السعادة يغمره بلطف، ومع أنه أغمض عينيه بإحكام، إلا أن الحماس منعه من النوم.
وفي تلك الأثناء، كان صوت التلفاز الذي تركته الجدة يصدح بصخبٍ في الغرفة الصغيرة.
– أنتم تعلمون عن جريمة القتل التي وقعت قبل ثلاثة أيام في مزرعة الكلاب في جونغسون، بمقاطعة كانغوون.
رجل في الثلاثين من عمره قتل أكثر من عشرين كلبًا باستخدام سكين مطبخ، ثم قتل صاحب المزرعة المدعو السيد “هيون” وهرب، ولا يزال طليقًا حتى الآن…
ووفقًا لشهادة زميله العامل، وهو صيني من أصول كورية يُدعى “تشوي”، فقد كانت هناك خلافاتٌ شديدة مع صاحب العمل منذ شهرين بسبب مشاكل في دفع الرواتب…
سَرااك-
مدّت الجدة يدها اليابسة والصلبة لتربّت على رأس الطفل. فتظاهر مينوو بالنوم ولم يفتح عينيه.
“يا إلهي، مسكينٌ هذا الطفل. ما الذي يمكنني فعله من أجله..…”
***
لقد عثروا على كنز، لكن ذلك الكنز كان ملعونًا.
لم يكن من الممكن فتح الكاميرا التي وُجدت في الغابة على الفور. فقد تعرضت للمطر والثلج لمدة عام ونصف، لذا كانت بحاجة إلى استرجاع البيانات.
•”حتى وإن كان ذلك، فالكنز يظل كنزًا.”
قالت الرئيسة ذلك وهي تواصل الحديث برضًا ظاهر،
•”أن تعثروا على شيء بهذه الأهمية في اليوم الأول…..حقًا، عندما يعمل اثنان يتمتعان بسرعة الإنجاز معًا، فكل شيء يتم على وجه السرعة.”
“تاي جوون، لديه حدسٌ رائع.”
•”و لي سيان أيضًا لديها حدسٌ جيد. أحسنتما.”
مدحتها الرئيسة بلطف، ثم أضافت ملاحظةً قلقة بنبرة أشبه بالتوبيخ،
•”في المراحل الأولى لتشكيل الفريق، غالبًا ما يتعرض النجّارون للإصابات لأن التنسيق بينهم لا يكون قد اكتمل بعد. أعلم أنكما ستنتبهان، لكن كونا حذرَين بشكلٍ خاص عند نزع المسامير كي لا تؤذيا نفسيكما.”
***
بييييييب…….
مع حلول الليل، بدأت نوافذٌ زجاجية في عدة أنحاء من مكتب إدارة مخيم “الغابة الزرقاء” تطلق صفيرًا.
أحيانًا يُسمع صوت طَق طَق وكأن مقابض الأبواب تهتز من تلقاء نفسها. كانت هذه علامة على أن الأرواح الشريرة تحاول التسلل إلى الداخل.
قامت لي سيان بفحص الطابق الأول من مكتب الإدارة بعناية تامة.
يمكن للأشباح أن تتسلل إلى داخل المنزل حتى من خلال فتحةٍ صغيرة في الباب أو النافذة.
“فوووو..…”
كان صاحب المخيم ينفث دخان سيجارته بقلقٍ شديد، بينما كان تاي جوون يشاهد فيلمًا بهدوءٍ عبر إحدى منصات البث.
– لماذا أتيتَ إلى منزلنا؟ لماذا أتيت؟ لماذا أتيت..…؟
لا يُعرف ما هو الفيلم الذي كان يشاهده، لكن أغنية أطفالٍ مخيفة كانت تتردد عبر مكبرات صوت التلفاز.
بعد أن أنهت سيان تفقد الطابق الأول، صعدت بمفردها بخطواتٍ ثابتة إلى الطابق الثاني.
لم تستدعِ الكلب ذو الأرجل الثلاثة المخصص لصيد الأرواح، لأنها أرادت أولًا أن تتحقق بهدوء من حالة ابن صاحب المخيم.
وقفت عند نهاية السلم، وألقت نظرةً حذرة على الطابق الثاني المظلم.
غرفة نوم الزوجين، الحمام، المطبخ، غرفة التخزين، ثم…..
ارتجفت. فبرودة موحشة اجتاحت قلبها، وتفجرت قشعريرةٌ غريزية على جلدها.
كان ابن صاحب المخيم معلقًا رأسًا على عقب خارج شرفة مظلمة، ورقبته ملتويةٌ تمامًا.
بييك، بييييييك..…
كانت الروح الشريرة تخدش الزجاج الرقيق بأظافرها دون توقف، بإصرارٍ واضح على الدخول مهما كلّف الأمر.
طَق، طَق-
ثم اقتربت سيان ببطء، بخطى ثابتة، نحو تلك الروح الشريرة.
___________________
يالرعب رقبته ملتويه؟ يعني شكله يتغير في الليل؟
لأن الورع مينوو شافه طبيعي يعني في النهار شكل والليل شكل
المهم تكفون الا الورع وجدته لايصير لهم شي 😭
جوون يافيه تبلد مب طبيعي يجنن بس صدق يخوف✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 14"