كانت ماسحات الزجاج تشق مياه المطر على نافذة السيارة ذهابًا وإيابًا.
و ثبتت سيان عينيها على حركة المسّاحات المنتظمة أمامها، تحاول قمع الصداع النابض في رأسها.
فمجرد أنه ارتكب جريمة قتل أمرٌ خطير بما فيه الكفاية، فكيف إذا كان قاتلًا متسلسلًا.
وإن كان قد أحرق جثةً قبل يومين أو ثلاثة، فهذا يعني أنه قتل إنسانًا حيًا قبل أيام فقط. أي أنه بينما كانت هي و جوون يشربان الشاي الأخضر ويطلبان طقم الأواني، كان ثمة إنسان ما لا يزال محتجزًا في مخزن الطين.
ربما كان بالإمكان إنقاذه…..
لكن سيان قطعت حبل الندم على ما فات وسألت ببرود،
“هل تظن أن جانغ أون وو ظل يقتل باستمرار ليحوّل ضحاياه إلى خزف؟”
“لا. القاتل المتسلسل لا يشارك بآثار جرائمه التذكارية مع الآخرين. لذا فهو لم يستخدم الدم إلا في أعمال خاصة جدًا. لنقل…..أعمالٌ لا يقصد بيعها، بل كهواية أو ليحتفظ بها لنفسه.”
“إذاً، هذا يعني أن جانغ أون وو حتى الآن…..قتل خمسة أشخاص.”
فورًا ارتسمت في ذهنها ألواح الخزف الأزرق المعروضة على جدار الورشة.
تلك القطع الكئيبة الموحشة، التي تشبه أرضًا موحلة غطتها الثلوج ثم عاث فيها مجنون يعبث بها بلا رحمة.
“هذه لا أبيعها. إنها مجرد وسيلة لتفريغ مزاجي.”
“طوال أربع سنوات؟”
“نعم. أضيفها ببطء، واحدةً تلو الأخرى.”
كان جانغ أون وو قد بدأ تعلم الفخار منذ ست سنوات، وصنع أول لوحة خزف أزرق قبل أربع سنوات، لذلك كان من المتوقع أنه لم يصنع بعد أي عمل آخر من “الخزف القاتل”.
وهذا يعني أنه قد يُقدِم على قتلٍ آخر…..
فمنصّة عرض الخزف الأزرق كانت ستة في المجموع، وقد امتلأت خمسة منها، وبقيت الأخيرة شاغرة.
إنها اللوحة الأخيرة التي ستكمل مجموعته.
‘بغض النظر عن عدد من قتلهم جانغ أون وو، فهذا لا يغيّر حقيقة أنه شخصٌ يجب أن نحميه.’
رسمت سيان معيارًا واضحًا وسط هذا الموقف المربك.
حتى لو كان ذلك الفخاري قد قتل للتو إنسانًا، فهذا لا يبدّل كونه شخصيةً بالغة الأهمية يجب حمايتها.
فجانغ أون وو في الوقت الحالي هو الوحيد في البلاد من بين عامة الناس الذي يتمتع بصحة مثالية، وُلد كتوأم في الرحم.
لا يمكن السماح بأن يقع في يد الأفاعي. فمهما حدث، يجب حمايته بعناية فائقة.
حتى لو كان الأمر ينطوي على مفارقة أن عليهم حماية قاتل متسلسل.
تابعت بلهجة جافة،
“يجب أن نرفع تقريرًا للرئيسة بأن الهدف مجرمٌ خطير. ربما يكون من الأفضل وضع جانغ أون وو تحت الحجز داخل مبنى أوتيس، فذلك أوفر أمانًا من عدة نواحٍ…..لن يتمكن من القتل مجددًا، وسنتمكن نحن من مراقبته بسهولة.”
عندها ضغط جوون على المكابح فجأة، وأشار بذقنه نحو هاتفه المحمول.
“فلنتحدث مع الرئيسة الآن. لقد بدأ بالتحرك أصلًا.”
“بالتحرك؟ تقصد جانغ أون وو؟”
“نعم. بما أن الأجواء كانت مريبةً قبل قليل، تركت بعض الكوابيس في الورشة. والآن أراه يهرب، محملًا أمتعته في حقيبة كبيرة.”
كانوا قد تجنبوا إطلاق تلك الكائنات في هذا الجبل تحديدًا حتى لا يستفزوا روح الجبل، لكن من حسن الحظ أنه تحرك بسرعة فاستطاعوا تتبعه.
ترن… ترن…
رنّ الهاتف، وكانت العميلة “G” على الخط تخبرهما نفس الخبر: لقد غادر جانغ أون وو للتو الورشة، وحمّل حقيبة ظهر في شاحنة صغيرة من نوع وبدأ بالتحرك.
و فورًا أصدرت سيان أمرًا للينكون بتعقبه، ثم أجرت اتصالًا برقم الرئيسة.
لكن الهاتف كان مغلقًا، فاتصلت بمكتب السكرتارية، فقيل لها أنها في اجتماع مرئي مع كبار مسؤولي المقر في روما.
ثم ردّت السكرتيرة باختصار،
• “سأبلغ الرئيسة فورًا أن السيدة سيان تطلب التواصل العاجل، وستُخبَر بذلك حال انتهاء المؤتمر المرئي.”
فقالت سيان إنها فهمت وأغلقت الخط.
في الخامس عشر من سبتمبر سيُقام طقس الأفاعي، وهناك مشكلة الأفعى السوداء تشوي دال سو، وملف الفخاري جانغ أون، إضافةً إلى قضية تسرّب الشيطان الخاصة بالرئيس السابق كانغ وان غيو.
و كثرة الملفات تجعل من غير المرجح أن ينتهي الاجتماع بسرعة.
أما الرئيس السابق كانغ وان غيو، فمع أن التحقيق في فساد المقر لا يزال جاريًا، إلا أن أهم أجزائه قد انتهت، ولهذا بدأت مراسم جنازته اليوم.
وبينما كان جوون يستمع، استدار بالسيارة فورًا عائدًا من حيث جاءا.
“هل تنوي ملاحقة جانغ أون وو؟”
أن تتعقبه سيكون أمرًا جيدًا، لكن…..
في أعماق هذا الجبل حيث نادرًا ما تمر السيارات، لو اتبعاه ليلاً بمصابيح أمامية مضاءة، فسوف يكتشف الملاحقة بسهولة حتى من مسافة بعيدة.
“نعم. اصمتي قليلًا فقط.”
“….…”
“سنتابع حديثنا بعد أن نلحق به.”
اندفعت السيارة السياحية تجري كأنها تنزلق على طريق الجبل.
و لم يشغّل جوون المصابيح الأمامية. بل كان يحدق في الظلام الدامس أمامه، ينطلق بلا تردد في الجبل المعتم حيث المطر الخفيف يتطاير مثل ضباب شاحب.
من الواضح أنه جعل الكوابيس البيضاء تحلّق أمامه لتقوده في الطريق.
دق… دق…
كان الصمت يخيم في السيارة، ولا يُسمع سوى نبض قلبها.
والآن فقط أدركت سيان السبب وراء ابتعاد جانغ أون وو المفاجئ عنهما. فلا بد أن الحركة التي قامت بها عندما اعتدلت في جلستها على الكرسي – تلك الإيماءة التي بدت وكأنها تخفي مسدسًا بشكل تلقائي – كانت الشرارة.
لقد ظنّهما بلا شك شرطيين. فإن كان جانغ أون وو قد فرّ من الورشة بدافع الخوف من انكشاف جرائم القتل المتسلسل، فهل هو الآن يحاول أن يجد مكانًا يختبئ فيه؟
لا…..لا.
حين تذكرت برودة عينيه الثلاثيتين الجفن الخالية من الحس، تيقنت أن الأمر ليس كذلك.
فما زال عمله غير مكتمل. بقيت اللوحة الأخيرة من بين الألواح الستة.
ولهذا، ربما بالعكس…..خرج مسرعًا ليصطاد ضحيةً جديدة، وليكمل بها عمله.
نعم، خرج باحثًا عن الدم.
“على بعد مئتي متر.”
قال جوون ذلك، وفي الأفق ظهر خافتًا ظل شاحنة ذات الصندوق المغلق التي يقودها جانغ أون وو.
فرفع جوون سرعته قليلًا، دون أن يشغّل الأضواء الأمامية. وتلاحقتا السيارتان بسرعة داخل الجبل، وبينهما مسافة 170 مترًا.
وكأن المجهول الآتي حجب عنهما الرؤية تمامًا…..فالظلام أمامهما كان ينعطف فجأة ثم يمتد مستقيمًا على طريق مهتز، ثم يعود فيستدير بحدة خطيرة.
فلم تستطع سيان أن تزيح عينيها المشدودتين عن الفوضى الحالكة التي اختلط فيها الظلام بالمطر.
***
أما أون وو، فكان يراقب المرآة الخلفية. و لم يظهر أثر لأي ملاحقة.
لقد راودته الشكوك أن الزوجين الشرطيين قد يتعقبانه، لكن يبدو أنهم لم يفعلوا. فاطمأن قليلًا، ثم أعاد عينيه إلى الأمام، قبل أن يلقي نظرةً عابرة على المرآة مجددًا.
لا شيء.
كرر التحقق مرات عدة، لكن لم يكن خلفه أحد. كان طريق الجبل الترابي غارق في العتمة، لا شعاع ضوء فيه، سوى ضباب المطر الذي يتطاير باهتًا في الهواء.
ومع ذلك، كان شعوره المتكرر أنه مطارد…..لا يفارقه.
كان يشعر وكأن أحدًا يتعقبه وسط ذلك الظلام الدامس.
لكن في عمق الجبل ليلًا، أن تسير سيارة دون أن تشغّل مصابيحها الأمامية، أمرٌ مستحيل.
لو كان شبحًا لربما، أما إن كان إنسانًا، فلا يمكن أبدًا أن يلاحقه في تلك الظروف.
ثبّت أون وو مجددًا نظراته الباردة في الأمام. وما إن دخل الطريق المعبّد، حتى اندس بخفة بين السيارات الأخرى.
كذئب يلبس ثوب الخراف ويعود مع القطيع إلى الحظيرة، انخرط في صفوف أضواء المصابيح الأمامية المتماوجة، منطلقًا بسرعة نحو سيول.
***
الساعة العاشرة وخمس دقائق ليلًا. وأخيرًا جاء الاتصال الذي كانوا ينتظرونه من الرئيسة.
فحوّلت سيان الاتصال إلى مكبر الصوت حتى يتمكن جوون، الجالس خلف المقود، من المشاركة في الحديث.
“لقد استغرق مؤتمركم المرئي وقتًا طويلًا.”
• “كنتُ أبحث مع كبار المسؤولين في المقر الرئيسي بروما عن مسألة الأفعى السوداء، تشوي دال سو. و بالكاد تمكّنا من إصدار قرار بإدراج تشوي دال سو على لائحة المطلوبين الخاصة في فروع أوتيس بـ26 دولة.”
“مطلوبٌ خاص؟”
• “نعم، من الآن فصاعدًا، أينما ذهبت تشوي دال سو، ستتبادل 26 دولة المعلومات لمراقبتها، وإذا دخلت في نطاق رؤية أوتيس، فسيجري اعتقالها سرًا.”
“هذا خبرٌ جيد.”
• “جيد، لكن من الواضح أن الأفاعي متصلة بخيوط مع السلطات المركزية في تلك الدول…..علينا أن ننتظر لنرى إن كانت حكوماتها ستساعد أم ستعرقل.”
“على الأقل لن يكون بوسعها أن تتجول كما لو أن العالم كله ملكها.”
• “بلا شك.”
أقرّت الرئيسة بحزم، ثم انتقلت مباشرة إلى مسألة جانغ أون وو.
• “قيل أن الخزّاف جانغ أون وو خرج من ورشته عند السابعة وعشرين دقيقة مساءً. ووفقًا لتقرير فريق المعلومات، فهو الآن في استراحة “كيهيونغ”، ويتجه نحو سيول، صحيح؟”
كما هو متوقع من الرئيسة. حتى أثناء مؤتمره المرئي، كانت تتابع تفاصيل تخص جانغ أون وو أولًا بأول.
“نعم. نحن نتعقبه الآن، نترك بيننا وبينه سبع سيارات كفاصل، وهو يقود شاحنته. أما الشخص المعني فقد ألصقنا به لينكُون لحمايته.”
• “ولماذا بدأ الهدف يتحرك فجأة بهذا الشكل؟”
“يبدو أنه أساء الظن بنا وظنّنا شرطيين. لذلك يهرب، لكن هذا مجرد تقدير. لا نملك يقينًا بعد.”
• “الخزّاف؟”
تساءلت الرئيسة بدهشة.
• “ولماذا قد يفرّ الخزّاف جانغ أون وو من الشرطة؟”
استنشقت سيان بعمق قبل أن تجيب باختصار،
“لأن ذلك الخزّاف…..قاتل متسلسل.”
• “ماذا؟”
“لقد قتل بالفعل خمسة أشخاص، ويخطط لقتل السادس. والأدهى أنه قاتل بشع يصنع خزفياته بدماء البشر.”
• “هل أنتِ واثقة؟”
“واثقين تمامًا.”
تدخّل جوون وهو يقود السيارة، فأوضح أنه عثر في ورشة أون وو على روحين مقيدتين بالمكان، وأنهما ضُربا مرارًا بأداة ثقيلة شبيهة بالمطرقة حتى غطّى الدم رأسيهما، ثم قُطعت أوعيتهما الدموية في العنق ليُقتلا، ومن الواضح أن دماءهما استُخدمت في حرق الخزف.
المستهدف الذي على أوتيس أن تحميه مهما كلّف الأمر…..لم يكن سوى قاتل متسلسل.
استمعت الرئيسة إلى القصة كاملة، ثم لزمت الصمت بضع ثوانٍ قبل أن تعلّق بكلمة واحدة تلخّص الموقف،
• “حتى لو تعقدت الأمور…..فقد تعقدت إلى أقصى حد وبطريقة قذرة.”
___________________________
جوون قال لسيان اصمتي؟ شاهد قبل الحذف عقوق الزوج لزوجته
المهم شكل أون ذاه صدق رايح يصيد الضحية السادسة دامه مولم عفش مب حق واحد بيطق
وسيان على طول استوعبت انه من جلستها يضحك 😭 معليس بلا المجنون ذاه حساس بزيادة كله من جوون ليه مافقع عينه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 137"