ألقت سيان نظرةً خاطفة نحو مخزن الطين لحوالي ثانيتين، ثم أدارت رأسها إلى أون وو مبتسمةً بخفة.
“قرأت في مقابلة أنكَ تقوم باستخراج الطين بنفسكَ.”
و بشكل غير متوقع، بدا أن زوج لي سيان لا يولي أي اهتمام لمخزن الطين، حتى أنه لم يرمقه بنظرة.
فما دام الباب مفتوحًا، فلا بد أنه رآه فور دخولهما الورشة. ومع ذلك، كان يمكنه أن يسأل بشكل طبيعي بعض الأسئلة حول المخزن، حتى سيان أبدت لا مبالاةً تامة، إلا بما طلبه من طقم أواني الطعام.
“قلتَ أن الحرق الأولي قد انتهى، صحيح؟ أنا متشوقة جدًا لمعرفة بأي لون وصوت ولمس سيخرج طبقي.”
كان ذلك بالفعل رد فعل زبون عادي تمامًا.
‘هل أنا…..أشك بلا داعٍ؟’
نهض أون وو أولًا من مقعده وأحضر طقم الأواني الذي خضع للحرق الأولي.
كما طُلب، كان يحتوي على جفوة كبيرة، وطبق تقديم، ووعاء جانبي، وصحنين صغيرين، وثلاثة أطباق جانبية لتقديم المقبلات.
“تفضلوا، يمكنكم التحقق فقط من الشكل، الوزن، والحجم.”
فالأواني بعد هذا الحرق تحتاج أن يُطلى سطحها بالطلاء الزجاجي ثم تدخل الحرق الثاني حتى تكتمل.
“إنها جميلة.”
أشرق وجه سيان بابتسامة.
كان باديًا على ملامحها أنها أُعجبت كثيرًا بالطريقة التي صُمِّم بها طرف الطبق العلوي حادًا وراقيًا كحد السكين.
“إنها مثالية تمامًا. همم، بهذا الإحساس فحسب…..”
وأثناء تفحص الأواني، رمقت سيان زوجها بنظرة. ورغم أنها لم تقل شيئًا بعد، فقد بدا وكأنه يعرف ما أرادت قوله ووافقها الرأي.
“لنقم بذلك. لنطلبها اليوم نفسه.”
“بما أن لديها دائمًا كؤوس كونياك تستعملها، فسأطلبها كأكواب شاي. سأقدمها مع وصية أن تشرب كوب شاي كل صباح.”
في مثل هذه اللحظات، يبدوان كزوجين عاديين تمامًا…..
“هل من ستهدونه من الذين يشربون الكحول كثيرًا؟”
فسأل أون وو وقد أدرك أن الأمر يتعلق بطلب إضافي، فأوضحت سيان بشأن الزبون.
“إنها امرأةٌ في أواخر الستينيات تعشق الكونياك كثيرًا. منصبها رفيعٌ للغاية، وذوقها راقٍ جدًا. لذلك لا تملك الكثير من الأشياء، بل تقتني فقط ما يعجبها بشدة لتحتفظ به طويلًا.”
بدأت ملامح شخصيتها تتضح. لا بد أنها امرأةٌ ذات حضور مهيب، بعيون حادة، ترتدي بذلةً فاخرة أنيقة.
“وأي لون تفضلون لها؟”
و عندما سأل عن اللون، مالت سيان بجذعها تمامًا إلى الوراء على الكرسي ذي المسند الضيق، والتفتت لتشير إلى المعروض خلفها.
كانت هناك لوحاتٌ خزفية زرقاء مستطيلة مرصوصة بعناية وكأنها قوالب شوكولا.
“تلك الجمالية المكبوحة، وتلك القسوة العاقلة. أظن أنها ستُعجب بها.”
ذلك المعروض كان يثير نفور معظم الناس، لأنهم شعروا أنه كئيبٌ ومشؤوم ويبعث على القلق. بل إن بعضهم قال أنه قبيح إلى حد لا يُطاق، وسأل إن كان بالإمكان إبعاده عن نظره حين يتواجد.
حتى أن هناك من ادّعى امتلاكه قوى روحية، وزعم أن في ذلك العمل شبحًا عالقًا.
لكن نادرًا جدًا ما وُجد أشخاصٌ سُحروا به من النظرة الأولى، وقالوا أنهم لن يستطيعوا نسيانه ما عاشوا.
و كان أولئك هم الذين تغلغلت في أعماق قلوبهم جذور الموت والفقدان.
“الآن وأنا أنظر، أرى أن عدد لوحات الخزف الأزرق في المعرض قد ازداد.”
انخفض بصر سيان نحو الزاوية السفلى اليسرى.
سابقًا، كان من بين ستة رفوف عرض مملوءةٍ أربعة وفارغ اثنان، أما الآن فقد امتلأت خمسة بلوحات خزفية زرقاء، وبقي رفٌ واحد فقط شاغر.
ثبتت سيان نظرها مسحورةً على اللوحة الزرقاء الخامسة وتابعت كلامها.
“اللوحة الأولى هي الأكثر شراسة وجاذبية، لكن هذه الخامسة التي صنعتها مؤخرًا…..إنها الأجمل. إنها أوضح وأجلى بكثير من الأربع التي سبقتها.”
من البداية، أعجبته نبرة صوت هذه المرأة. وخاصةً حين نطقت بكلمة “أجلى” كان وقع صوتها جذابًا بشكل خاص.
“لكن قلتَ من قبل أنكَ لا تعمل على مثل هذا الطراز للبيع، صحيح؟”
سألت سيان وهي تعيد جذعها إلى الأمام على الكرسي الضيق المسند.
فارتعش. في ثانيتين قصيرتين، اتسعت حدقتا أون وو ثم ضاقتا من جديد.
دقّ… دقّ…
لم يتغيّر وجهه المتجمد قيد أنملة، لكن نبض قلبه الذي ازداد قوة اهتز في جسده كأنه إنذار.
أون وو، بعينيه الحادتين كذئب، حدّق في المرأة طويلًا، ثم حوّل نظره خلسةً إلى زوجها الجالس بجانبها.
وبعدها عاد ببرودة عينيه ليثبت بصره في عينيها المتلألئتين بلون التوباز.
“نعم. ذاك غير ممكن.”
***
ظل أون وو يحدّق صامتًا في المكان الذي غادره الزوجان. و أعاد في ذهنه لحظةَ التفاف المرأة نحوه وهي جالسة على الكرسي الضيق.
كانت حركة شخص اعتاد حمل جراب مسدس عند خاصرته اليمنى. أقرب لتصرّف تلقائي يصدر عن من يحمل سلاحًا ناريًا باستمرار.
ربما لم تدرك هي ذلك، لكن حين التفتت في المكان الضيق، خلقت لا شعوريًا حيزًا بسيطًا للمسدس، وأخفت حركتها بيدها كأنها تستره.
كان يتذكر أن عمّه، المحقق المخضرم صديق والده، اعتاد أن يقوم بنفس الإيماءة أحيانًا، وقد وجدها أون وو أنيقةً عندما كان صغيرًا فحاول تقليدها.
إذاً…..هل هما شرطيان؟
على أي حال، لم يستطع مؤخرًا التخلص من شعور المراقبة المستمرة.
تمامًا مثل المرة الأولى التي جاء فيها زوج سيان إلى الورشة، حين حدّق طويلًا في مخزن الطين…..وكذلك سيان، التي لم تكف عن النظر إلى لوحات الخزف الأزرق المعروضة، ربما لأنها تعرف أصلها بالفعل.
دق… دق…
أون وو، وهو ينصت إلى نبض قلبه، أخذ يفكر ببرود إن كان يبالغ في الشك الآن.
لا. إنهما أبدًا ليسا أشخاصًا عاديين.
خصوصًا زوج سيان، كان يتحرك كصياد محترف متمرّس، فلا يُصدر أي صوت لخطواته، إلا حين يتعمد أن يدوّي وقعها ليُشعر بالهيبة والضغط.
إذاً، صحيحٌ أنهما عاشقان، لكن من شبه المؤكد أنهما شرطيان متنكران في هيئة زوجين.
لقد أخفى الأمر بإتقان طوال أربع سنوات…..فكيف إذاً انكشف الخيط؟
استقرّ في صدره شعورٌ خانق من التوتر العنيف والقلق الجارف ككتلة تثقل أنفاسه.
لو أنهم أجروا فحص “لومينول” (الضوء الأزرق) على مخزن الطين غدًا أو بعده، فسينكشف القتل لا محالة.
ما العمل؟
هل يحطّم حوض الاستحمام الآن ويمحو كل لوحات الخزف الأزرق؟
لا…..لو تصرف هكذا بشكل مريب، فسيبادرون لاعتقاله بحجة منعه من إتلاف الأدلة.
ولو قبضوا عليه بتهمة القتل، فلن يستطيع حينها أن يُكمل اللوحة الأخيرة المتبقية من الخزف الأزرق.
أغمض أون وو عينَيه الضيقتين قليلًا، ثم أسرع متوجهًا إلى غرفة النوم.
و أخذ كوبَي شاي لم يخضعا إلا للحرق الأولي، ولفّهما بعناية بطبقات من غلاف الفقاعات الهوائية. ثم التقط مفتاحًا صغيرًا ووضعه في جيب سرواله العسكري.
بعد ذلك حشر في حقيبة ظهر ضخمة حاسوبه المحمول، وهاتفًا غير مسجّل، ومطرقة ثقيلة، وسكين حفر حادة، وسلكًا معدنيًا رفيعًا كالخيط، وأخيرًا كُتلة طين مختومة داخل أكياس بلاستيكية سوداء محكمة لا يتسرب إليها الهواء.
وضع القبعة على رأسه بعمق، وحمل حقيبته على ظهره، وفي لحظات كان كل شيء جاهزًا.
فأطفأ مصابيح الورشة. و رمش ببطء بعينيه الثلاثيتين الجفن الباردتين، ثم وقف ساكنًا في عتمة حالكة قبل أن يخرج ويغلق الباب خلفه بصرامة.
***
“لقد بدا أن الفخاري جانغ أون وو أصبح فجأةً حذرًا جدًا منا، أليس كذلك؟ برأيكَ يا جوون، هل بدر مني ما يثير الشك؟”
سألت سيان بعبوس، بينما كان جوون يقود السيارة مجيبًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات