الوصف الشعوري المرتبط بـ “لون فان جوخ الأزرق” يشير عادة إلى حالة مزج بين الحزن العميق، الغموض، والتأمل الهادئ.
يمكن أن يُفهم “لون فان جوخ الأزرق” على أنه مزاج قاتم وغامض، مشحون بالتوتر، لكنه يحتوي على تركيز حاد ووضوح في المراقبة والفهم.
وبس عنه الفصل✨
_________
في تلك الليلة، وكانت ليلة يوم الإثنين، قال راعي بقر بكلمة قصيرة:
“لقد جاء.”
• ملك كُرَمفو، روبو، سيتن.
***
في قاعة الإحاطة الثانية التابعة لـ”أوتيس” لم يكن هناك سوى الرئيسة و جوون و سيان.
و كانت نظرات الثلاثة أكثر حدّةً من المعتاد، لا سيما الرئيسة التي عادت لتوّها من جيجو، فكانت أشدهم قتامةً وهيبة.
فقد كانت هذه أول مرة تشاهد فيها بنفسها الفيديو بعد أن تلقت من سيان تقريرًا مختصراً مفاده: “عرفنا وجه الأفعى السوداء.”
وقد تركّزت أنظارهم جميعًا على شاشة المراقبة التي عُرض عليها التسجيل.
• طَق.
فُتح باب عربة صغيرة مظلمة، فدخل منها شخص إلى الداخل. و كان يلف جسده بعباءة طويلة ويغطي وجهه بقناع أبيض، إنه أفعى جلجامش.
بل كان هو نفسه “الأفعى السوداء” إذ يضع في إصبع يده اليسرى الخنصر خاتمًا ضخمًا مرصعًا بجوهرة سوداء.
وكانت دقة الفيديو مذهلةً لدرجة تستحق الشكر لمين كي شيك.
فمع أن داخل العربة كان معتماً إلى حد كبير، إلا أن ثنيات العباءة السوداء بدت واضحة، بل حتى شكل الأظافر ظهر جليًا.
غير أن غطاء الرأس المسدل بعمق على وجهه جعل من المستحيل تمييز ما إذا كان رجلاً أم امرأة.
كانت سيان تحدّق في شاشة المراقبة دون أن ترمش بعينيها.
دق، دق…
بينما كان نبض قلبها يتسارع.
رغم أنها شاهدت هذا الفيديو من قبل في قاعة العزاء الخاصة بالسيدة كيم، إلا أن قشعريرةً باردة راحت تتصاعد على ذراعيها.
الأفعى السوداء لم تتخيل قط أن هناك كاميرا مخفية بالقرب منها، فجلست بجوارها تمامًا، ثم أزاحت ببطء قلنسوة المعطف الكبيرة عن مؤخرة رأسها.
و تلا ذلك أن نزعت ببطء القناع الأبيض الناصع عن وجهها.
“إنها امرأة.”
تمتمت الرئيسة بصوت أجش مبحوح.
التي ظهرت في التسجيل كانت امرأةً في أوائل الثلاثينات من عمرها، شعرها ملفوفٌ بإحكام ومثبت عند مؤخرة رأسها.
هذه المرأة خلعت العباءة السوداء تمامًا، ثم أخذت تلتقط الثياب المعدّة مسبقًا وترتديها قطعةً قطعة؛ وقد كانت تنورةً سوداء وبلوزة بلون الماء.
المسافة في الفيديو بدت قريبةً جدًا. كأن الأفعى السوداء كانت أمامه بحيث لو مدّت يدها لتمكّنت من لمسها.
وما إن انتهت من ارتداء ملابسها حتى أمسكت بحقيبة يد فاخرة، ثم نهضت بحركة أنيقة وغادرت المركبة.
طن-
أُغلق باب السيارة وتلا صوته انتهاءَ الفيديو.
ثم نهضت سيان مباشرةً من مقعدها وتقدمت بخطوات حازمة لتقف أمامهم.
بينما ظلّ جوون بوجه جامد بلا تعبير، أما الرئيسة فقد تجمّد وجهها بملامح جادة ثقيلة.
وقفت سيان أمام اللوح الأبيض المعلّق بجانب شاشة المراقبة، وقد كانت عليه مسبقًا عدة صور لأشخاص. و أشارت بيدها إلى الصورة المثبتة في أسفل اللوح.
“الرجل الذي قتل يون مين يونغ في السجن كان بلقب زمرد، أي الثعبان رقم 124.”
ثم رفعت أصابعها على امتداد الخط المرسوم.
“أما رئيس منظمة UM في قضية أطفال أونغجو فكان يُلقّب بالماس، رقم 08.”
وأعادت يدها تتحرك إلى أعلى حيث الصور مرتبةٌ بشكل هرمي.
“كذلك زعيم طائفة السنابل المدعو سادان كان أيضًا ماس، رقم 03.”
وفوق صورته مباشرة في قمة الهرم كان ملصقٌ عليه ورقتان سوداوَان. كانت تلك أماكن الأفاعي السوداء مجهولي الهوية حتى الآن.
ثم ألصقت سيان صورة المرأة التي ظهرت في الفيديو قبل قليل على الورقة المكتوب عليها اسم “تشوي دال سو”.
“هذه المرأة هي بالضبط ’تشوي دال سو‘. لا نعرف بعد إن كانت الثعبان 01 أو 02.”
“تشوي دال-سو……لم يكن رجلًا إذاً. كم عمرها؟”
“غير محدد بدقة. لقد غيّرت أسماءها مرات عديدة: تشوي دال سو، تشوي جانغ يي، تشوي هي آه، وآخر اسم تستعمله الآن هو تشوي ليندا.”
كان يُظن أنها رجلٌ بسبب اسم “تشوي دال سو”، لكن في العادة كان من الشائع أن تُمنَح النساء أسماء رجالية طلبًا لطول العمر أو البركة، وأن يستعمل الرجال أسماء نسائية.
ضغطت سيان على جهاز التحكم عن بعد لتجعل الصور تتوالى على شاشة المراقبة بوتيرة ثابتة.
“هذه تشوي دال سو، عندما حاولت العميلة “G” تتبّعها عبر ملامح وجهها، و تبيّن أنها كانت مختبئةً في شتى مواضع التاريخ الكوري.”
“في شتى مواضع التاريخ الكوري؟”
“لقد عاشت زمنًا طويلًا جدًا. إذا نظرت إلى صور الحرب الكورية……هنا، هنا، وهنا أيضًا. بل وحتى هنا، تظهر كما لو كانت جزءًا من الخلفية. و هناك كذلك بعض الصور التُقطت لها مع الجنود الأميركيين في ذلك الوقت.”
“….…”
“بل إن هذه المرأة ظهرت حتى في فترة الاحتلال الياباني. هنا، وهنا، وهنا أيضًا. في هذه الصورة الملتقطة في السوق التقليدية……تراها متخفيةً صغيرة في الزاوية.”
كان الأمر يبعث على قشعريرة.
“حتى في صورة موكب جنازة الملك غوجونغ……ها هي، وجهها التُقط بوضوح.”
تشوي دال سو كانت امرأةً في الثلاثينات، بوجه أنيق رصين وبنية صغيرة لا تتجاوز 156 سنتيمترًا.
و في معظم الصور كان تسريحة شعرها متشابهة: مرفوعةٌ بشكل دائري ومثبت عند مؤخرة الرأس. وكانت هذه التسريحة نفسها هي ما جعل ظهورها في الصور التاريخية القديمة مرعبًا، إذ بدت مختبئة هناك على نحو غريب.
في صفوف الجماهير التي هتفت بعد إعلان بيان استقلال الأول من مارس. في صور لاجئي الحرب الكورية، و في تلك الصورة بالأبيض والأسود حيث وقفت بجانب ضابط أميركي، بملامح مترجمة.
بل وحتى في السبعينات، وسط الحشود التي احتفلت بتتويج كوريا بطلة آسيا في كرة القدم، تحت وابل القصاصات الورقية والبالونات الملوّنة، كانت الأفعى السوداء واقفةٌ هناك.
“إذاً، لا يمكن تقدير عمرها……”
“نخمّن أنها قد تقترب من مئتي عام.”
“حقًا إنها خالدة، لا تشيخ ولا تموت.”
تمتمت الرئيسة بصوتها الأجش، لكن جوون قاطعها بحدة،
“لا تشيخ نعم، لكن أما عن الموت……فهذا ما علينا أن نتأكد منه بأنفسنا.”
لأومأت سيان برأسها، ثم التقت عيناها بعيني الرئيسة.
“تشوي دال سو أطلقت في عام 1981 ما يُسمّى بـ مجلس السلام الأزرق، والاسم الذي تستعمله الآن، تشوي ليندا، هو بالضبط اسم رئيسة ذلك المجلس. و هذا المجلس يُقدَّم كمنظمة تعمل من أجل السلام العالمي……”
“وبأي طريقة بالضبط؟”
“يذهبون إلى مناطق النزاع ليتحاوروا مع الساسة هناك، ويقيمون اجتماعاتٍ لإنقاذ الأمة في دول مختلفة، كما يلتقون برجال أعمال عالميين ورجال دين مشهورين، ويتناولون معهم الطعام. ثم أيضًا……”
لقد كان شعورًا أكيدًا بأنها واحدةٌ من الأفاعي السوداء العليا. فلم يكن من الممكن أن تكون شخصيةً عادية.
“مجلس السلام الأزرق لا يعتمد على عامة الناس، بل يُدار فقط بتبرعاتٍ ورعاية المشاهير ورجال الأعمال. الأموال تتدفق إليه من جميع أنحاء العالم، وتُصرف إلى جميع أنحاء العالم. وحتى حين اكتفت العميلة “G” بلمس السطح فقط، اكتشفت أن حجم هذه المنظمة هائلٌ للغاية.”
فضحك جوون ساخرًا بخفة.
“بالفعل…..حياةٌ تستحق أن يرغب المرء أن يعيشها إلى الأبد. شهرة، وسلطة، ومال. وليس من عامة الناس التافهين، بل من نخبة النخبة في العالم ممن يحترمونها ويجالسونها. وهل هناك ما يدعوها للموت أصلًا؟”
هكذا هو الأمر. لا شك أنها تريد أن تعيش أبديًا وهي تنعم بكل هذه العظمة.
ثم عرضت سيان بعض الصور وقارنت بينها.
“لكن مع ذلك، ليست خلودًا كاملًا. هذه تشوي دال سو، صحيحٌ أنها تكاد لا تشيخ على نحو مريب، لكن…..في صور الحرب الكورية كانت تبدو في منتصف الأربعينات من العمر.”
“صحيح. الصور الحديثة تُظهرها أصغر سنًّا.”
“إنها تزداد شبابًا مع مرور الوقت. أعتقد أن السبب يعود إلى أنه في الماضي كان من الصعب العثور على توائم جنينية، لكن مع تطور الطب والعلم صار العثور عليهم أسهل.”
واصلت سيان الإيجاز ببرود وهي تنظر إلى الشخصين أمامها.
“تشوي دال سو هذه تنشط غالبًا في الخارج، ويُرصد دخولها إلى البلاد نادرًا جدًا. بل وحتى نشاطها الخارجي…..لا أحد يعرف في أي بلد هي الآن، حتى العميلة “G” لم تتمكن إطلاقًا من اكتشاف ذلك.”
“إنها أفعى شديدة الحذر.”
“في غاية الحذر حقاً. التحقيق كشف أنها لا تفصح مطلقًا عن جدولها لأي أحد. لا يعرف أحدٌ أين ستذهب اليوم أو أين ستكون غدًا، سوى تشوي دال سو نفسها.”
“أراهن أنها موجودةٌ في كوريا بالفعل.”
قال جوون ذلك بيقين وكأنه رآها بعينيه.
“فهي تحتاج بشكل دوري إلى دم القرابين كي تحافظ على صحتها وشبابها، والمخزن فارغ تمامًا الآن.”
نعم…..ربما فعلًا تكون تشوي دال سو قد جاءت إلى كوريا.
فكرت سيان لبرهة قصيرة، ثم تابعت مؤيدة لكلام جوون،
“لقد أخذنا كل الأجنة التوائم المخبّأة في أراضي الخلاص، فلم يعد لدى الأفاعي أي قربان الآن. وبالطبع لن يكون لهم فيما بعد أيضًا، لأننا استحوذنا على الشيطان.”
من دون الشيطان لا يمكن إحداث حمل بتوائم جنينية.
وبات عليهم الآن أن يعيشوا على القلق والانتظار، مترقّبين مثل الماضي البعيد، متى وأين سيولد توأم جنيني جديد.
ثم أكملت سيان كلامها بوجهٍ بارد متجمّد.
“كما تعلمين يا رئيسة، وفقًا للمعلومات التي وُجدت في حاسوب تشوداي تو في أراضي الخلاص، كانت الطقوس الدورية للأفاعي تُقام مرتين في السنة.”
“في مارس وسبتمبر.”
“نعم. ونحن الآن في سبتمبر. ويجب أن يكون لديهم قربانٌ واحد على الأقل قبل حلول ليلة يوم الخامس عشر. إذاً، المدنيون الذين يمكن أن تستعملهم الأفاعي كقرابين حاليًا هم..…”
ضغطت سيان بجهاز التحكم لتنتقل الصورة على الشاشة. فانقسمت شاشة المراقبة إلى نصفين وظهرت على كل نصف صورة شخص.
“امرأة في السادسة والعشرين، تدير متجرًا إلكترونيًا. ورجلٌ في الخامسة والثلاثين، فنان. لكن المرأة أُصيبَت بالسرطان، لذا لم تعد مطابقةً لمعايير القربان.”
ثم عرضت سيان صورةً أخرى. و هذه المرة امتلأت الشاشة بوجه الرجل وحده.
“إنه خزّاف، اسمه جانغ أون وو. توأم جنيني بصحة جيدة دون أي عِلّة. إنه القربان المثالي للأفاعي.”
الرئيسة، وقد شرعت في التفكير لبرهة، نظرت إلى الاثنين بالتناوب قبل أن تصدر أوامرها.
“حسنًا. سيان، جوون، ستتنكران كزوجين يرغبان في شراء أعماله، وتتواصلان مع جانغ أون وو. بعد أن تتعرفا إلى طباعه، تقرران ما إذا كان من المناسب إخباره بمشكلة الأفاعي التابعة لجيلجامش أم لا.”
وافق جوون فورًا، وسيان كذلك لم يكن لديها ما يدعو للرفض.
“سأتواصل معه اليوم فورًا، وأحدد موعدًا للقائه.”
ثم نقرت سيان بجهاز التحكم، لتُعرض هذه المرة أعمال جانغ أون وو الفنية على الشاشة.
“جانغ أون وو خزّافٌ ذو شهرة أوسع في الخارج أكثر منها في الداخل، وألوانه في غاية التفرّد. فهو لا يستعمل سوى تدرجات الأزرق المختلفة، لكن كيفية التعبير عن هذا الأزرق….”
“الأزرق على طريقة فان جوخ.”
قيّم جوون على الفور هذا الأزرق المضطرب.
ثم رفع ذقنه قليلًا، وحدّق في الأعمال بعينين يملؤهما الاهتمام وهو يضيف،
“جنونٌ خالص. جنون وغضب. أزرق الأرق.”
____________________
واو تفسير جوون للون نايس🤏🏻 هاهتععععتاتااهتهاعاعاعا
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات