و نظر إلى جوون بنظرة الزوجة الأولى نحو جارية، ثم اجتازه بعين متعجرفة، ودخل بخطى مهيبة من الباب الخلفي للسيارة الفاخرة وجلس بثبات في المقعد الخلفي.
كان يرفع رأسه متعالياً، وكأنه الزوجة الأولى المتعالية حقًا.
فضحك جوون بخفة كأنه وجده ظريفًا، ثم سرعان ما تظاهر بأنه لم يضحك.
بينما وضعت سيان بجانب لينكون دميةً كبيرة كانت قد اشترتها من المتجر، فأخذ لينكون يتأملها برضا ويفحصها من كل جهة……مما جعلها تفكر: يجب أن أستحضر روحه فيها أكثر فأكثر لتعانقه دائمًا.
وعلى الطريق عائدين إلى المطار، بدأت حديثًا متعلقًا بالعمل.
“ماذا عن صورة أثر القدم التي قيل أنها للقاتل؟”
“لابد أنه تركها بالخطأ وهو يهرب على عجل. أو ربما……”
“أو ربما ماذا؟”
كما توقعت……
“أنه ترك ذلك الأثر عمدًا لغرض ما.”
كانت هي الأخرى تحمل نفس الفكرة. فقاتلٌ حريص بما يكفي ليسترجع الطلقات والرصاصات، من الصعب تصديق أنه لم ينتبه لأثر قدمه.
من المؤكد تقريبًا أنها بصمة متروكة عمدًا.
غير أن ما أزعجها قليلًا هو أن طول ووزن المشتبه به المفترض من أثر الأقدام، يتوافقان بشكل مقلق مع صفات الرئيسة.
أما الطول فمقبول، لكن ما أقلقها أن وزن الأثر يكاد يتطابق مع الرئيسة، رغم أنها أنحف بكثير من الآخرين.
على أي حال، كان من المؤسف أنها لم تحصل على مكاسب تُذكر من قضية الرئيس السابق كانغ وان غيو.
لا، بل كشفت أمرًا مهمًا بالفعل: أنه لم يكن انتحارًا بل جريمة قتل.
لكن هناك شيئٌ ما……كان يلوح وكأنه في متناول اليد، ثم يتفلت، لذلك بدا لها أن مغادرة جزيرة جيجو هكذا أمرٌ يبعث على الأسى.
راجعت سيان موعد الطائرة ثم عدلت جدولها قليلًا.
“عند التقاطع القادم انعطف يسارًا. قبل أن أغادر جيجو، هناك شخصٌ أريد مقابلته.”
***
“آه، أنتم موظفو المكان الذي كان يعمل فيه الأستاذ كانغ؟”
ما إن سمعت الممرضة الخاصة بالرئيس السابق كلمة “الموظفين” عند المدخل، حتى خففت حذرها من الزوار الغرباء.
“ما هذا، حتى أنكم أحضرتُم هدايا غالية كهذه……تفضلوا بالدخول.”
“لا، للأسف جئنا على عجل خلال العمل. نحن مضطرون للصعود إلى سيول حالًا، وسنعود في الجنازة.”
“آه……إذاً لماذا تكلفتم عناء المجيء……؟”
“بما أن طفل حفيدة الأستاذ كانغ مريضة، يبدو أننا سنتولى مساعدتكم في إعلان خبر الوفاة.”
“صحيح. يوم رحيل الأستاذ كانغ، اتصلت حفيدته مذعورة وقالت أنها كانت في قسم الطوارئ، أليس كذلك؟”
بحسب ملفات العميلة “G”، كانت تلك الممرضة التي تعمل أيضًا كخادمة منزلية تؤدي عملها خمسة أيام في الأسبوع، من العاشرة صباحًا حتى الرابعة عصرًا، في منزل الرئيس السابق.
ثم تابعت سيان كلامها بأسف.
“أن يختار شخصٌ قوي الإرادة مثل ذلك الخيار……كان صدمةً كبيرة فعلًا.”
“صحيح……”
وافقتها الممرضة وأكملت،
“الأستاذ كانغ، رغم ما كان به من وهن، كان يقوم بكل شيء بنفسه……يستيقظ في الخامسة فجرًا، يغسل وجهه جيدًا، ويحلق ذقنه، ويمارس بعض التمارين. و حين أصل أنا عند العاشرة، أكون قد وجدت أنه أعد إفطاره بيديه وغسل الصحون أيضًا. و كان يمازحني كثيرًا كذلك.”
“يمزح؟ يبدو أنه كان أكثر بهجةً مما كان عليه في عمله.”
“بالطبع، الحياة مختلفة عن جو العمل. لقد كان رجلًا مهذبًا ونبيلًا حقًا.”
صحيح. لهذا السبب أرادت سيان أن تحادث الممرضة.
فالإنسان المليء بالأسرار، الملاحَق بالقلق، لا بد أن تنضح حياته بسمات الهوس أو الوسواس القهري.
لكن منزل الرئيس السابق كان مشبعًا بجو مريح، كمن يستمتع بطمأنينة شيخوخته.
كان إحساسًا وكأنه يكشف عن كل شيء فيه بصفاء واعتدال، مثل شجرة دُردار خضراء لا أثر في جذورها لظلال الأسرار أو الرطوبة الكامنة.
كان هذا غريبًا، وأحدث فجوة في الصورة.
سألت سيان الممرضة بتلميح عن “الزوار”.
“أخشى أن نسهو عن أحد ونحن نُبلّغ بخبر الوفاة……ونحن لا نعرف أصدقاء الأستاذ كانغ في جيجو. ألم تكن له زياراتٌ من معارف أو ضيوف هنا؟”
القاتل أطلق النار على الروح في الحمام ليقتله، و استرجع الرصاص بسهولة، وهذا يعني أن القاتل كان شخصًا يعرف مسبقًا هيكل منزل الرئيس السابق.
“آه، نعم! كان له ضيفٌ واحد فقط……”
“ضيفٌ واحد؟”
“نعم. لقد خدمته نحو ست سنوات، وخلالها كان يأتي ضيفٌ محدد، مرةً في الصيف ومرةً في الخريف. في نفس التواريخ تمامًا. يمكث ساعتين تقريبًا ثم يغادر سريعًا.”
“يا له من أمر يبعث على الرومانسية. هل كانت امرأةً يا ترى؟”
سألتها سيان متظاهرة بالفضول، لكن الممرضة لوّحت بيديها نافية.
“نعم، لكن قيل أنها كانت زميلته التي خلفته في العمل. أي أنه كان رئيسًا للضيفة في السابق. إنها المديرة هي وون التي جاءت أول أمس على كرسي متحرك. امرأةٌ ذات ملامح وقورة وصوت رائع.”
“آه.”
كان “هي وون” اسم الرئيسة، وفي خارج أوتيس لم تكن تُنادى بالرئيسة بل بالمديرة.
ثم تابعت سيان الحديث كأنها فوجئت.
“إذاً كانا يلتقيان على هذا النحو دائمًا……أجل، حتى في مقر العمل كانا على علاقة طيبة على نحو استثنائي. كان له أيضًا بعض المقربين غيرها……فهل زاره أحدٌ غير المديرة هي وون؟”
“أبدًا. سوى عائلة حفيدته حين يأتون في العطل.”
تنهدت الممرضة.
“إذا فكرت في الأمر……فلا زوار، والأقارب بعيدون……حتى لو لم يُظهر ذلك، فلا بد أن العجوز المريض كان يعيش وحيدًا وفي عزلة.”
“…….”
“على أي حال، في ذكرى وفاة زوجته وذكرى وفاة ابنه، كانت المديرة هي وون لا تتخلف عن الحضور.”
“في الصيف والخريف.”
“نعم نعم. تقول حفيدته إن الأستاذ كانغ كان يلعب أحيانًا البادوك مع ابنه الراحل. لعل هذا هو السبب؟ فقد كان يلعب مع المديرة هي وون وهما يشربان الشراب الذي تجلبه معها. و يتبادلان بعض ذكريات الماضي، ثم تغادر بعد ذلك مباشرة.”
توقفت الممرضة قليلًا وأمالت رأسها متفكرة.
“لكن قبل يومين جاءت في غير موعد ذكرى الوفاة، ففوجئت قليلًا. وأظن أنها هي أيضًا بدت متفاجئةً برؤيتي.”
“متفاجئة؟ المديرة هي وون؟”
“نعم. جاءت حوالي الرابعة والنصف……ربما كانت تظن أنني لن أكون موجودة. وقد فتحت لها الباب، فارتبكت قليلًا، لأني في ذلك اليوم تأخرت عن موعد عملي المعتاد بسبب تنظيف مروحة الغاز في المطبخ. على كل حال، ابتسمت بعد لحظة، وتبادلنا التحية وسألت إن كنت بخير.”
“لابد أن الأستاذ كانغ قد تفاجأ هو الآخر.”
“طبعًا! ما إن رآها حتى تهلل وجهه سرورًا وأبدى فرحًا كبيرًا.”
فرِح؟ لكن الصحف كلها كانت تضج بمسألة السنابل، ثم إن الأفاعي كانوا قد علموا بالفعل أن الشيطان الذي كان مخبئًا في مقر الزعيم قد اختفى.
أليس من الطبيعي أن يُفزع ذلك شخصًا من الداخل؟
ثم إن ما قالته الممرضة عن “فرح وسرور” يناقض تمامًا ما حكته الرئيسة بنفسها عن أنه “تساءل بدهشة عن سبب مجيئها”.
ابتلعت سيان شعورها بالانقباض وسألت للمرة الأخيرة.
“هل بدا على الأستاذ كانغ مؤخرًا أي قلق أو اضطراب؟”
“أبدًا. كان الدواء مناسبًا له، فصار مزاجه أكثر إشراقًا.”
“…….”
“آه……”
تنهدت الممرضة طويلًا، واغرورقت عيناها بالدموع.
“لم أتصور أبدًا أن يرحل الأستاذ كانغ بتلك الطريقة……”
***
في السيارة المتجهة إلى المطار، لاذت سيان بالصمت. و بدا أن جوون هو الآخر غارق في التفكير.
جلست سيان تحدق في بحر جيجو الأزرق الصافي، تعيد في ذهنها تفاصيل الحوار مع الممرضة.
“المديرة هي وون هي أيضًا فقدت زوجها. وكان أستاذنا كانغ يرسل لها دائمًا هدية في ذكرى وفاته. زجاجة كونياك وزجاجة عطر. موعدها دائمًا 26 ديسمبر، مباشرةً بعد الميلاد، فأستدعي خدمة التوصيل السريع لإرسالها.”
“في السادس والعشرين من ديسمبر؟”
“نعم. وذلك العطر متوقف إنتاجه منذ زمن……فكان الأستاذ كانغ يطلبه قبل سبعة أشهر من ورشة عطور في الخارج.”
“قبل سبعة أشهر كاملة؟”
“نعم، لأن مكوناته نادرةٌ وصعبة التوفير. وأذكر أنه عانى كثيرًا بسبب ذلك العطر، فسألته مرة إن لم يكن من الممكن استبداله بعطر آخر مشابه……”
“وماذا أجابكِ؟”
“قال لي: ما دام عطره باقٍ، فلن يزول الحب أبداً……”
“…….”
“زوج المديرة هي وون توفي وهي في الثامنة والعشرين، صغيرة جدًا……ربما لهذا انقطع حبل المودة فجأة. آه، أحيانًا حين أراهما معًا أشعر بمرارة كبيرة.”
شخصات مسنّان فقدا من أحبّا، يعيشان في الظاهر كأنهما نسيا، كأن شيئًا لم يحدث، ثم يجلسان معًا ساعتين يلعبان البادوك، ويشربان، ويتبادلان الحديث عن أولئك الذين رحلوا……
كم في ذلك من حزن، وكم من شوق، وكم من بهجة صغيرة؟
كانت سيان يعرف جيدًا شعور الوحدة ذاك، حين تبقى الجثة حيّة لكن الروح رحلت مع من تحب.
عودا إليّ. عودا إليّ من جديد.
لو أستطيع أن ألقاكم مرة أخرى……كم سيكون ذلك رائعًا؟
كم سيكون……كم سيكون جنونًا من الفرح.
أشتاق إليكم. أشتاق إليكم. أشتاق إليكم.
أتمنى فقط أن أراكم ولو لمرة واحدة أخرى.
ومع أنهم يعرفون أن ذلك مستحيل، فإن هذه الأمنية التي لا يستطيعون كبحها كانت تذيب قلبهم حيًّا. شوقٌ مغمور، و مزيجٌ من الحزن و الحنين.
‘الحب.’
حين استمعت سيان إلى كلمات الممرضة قبل قليل، قفزت كلمة “الحب” فجأة في ذهنها. وعلى الفور برز في رأسها استنتاجٌ مروّع.
‘ماذا لو كان دم التضحية التي يتلقاه الرئيس يمكن أن يُستخدم لشخص آخر غيره؟’
ماذا لو أن دم هذه التضحية النادرة الحية لم يُسخَّر له، بل لمن بحب بكل كيانه؟
الحب كان كفيلًا بأن يجعل ذلك ممكنًا. أن يتمنى المرء أن يتألم هو بدلًا من أن يتألم من يحب، وأن يتخلى بطيب خاطر عن فرصة وحيدة لا تتكرر ليمنحها للآخر…:
هذا شعورٌ لا يولده إلا الحب.
كان الحب جنونًا طاغيًا قادرًا على جعل الإنسان أنانيًا إلى أقصى حد، وفي الوقت نفسه مضحيًا حتى أقصى حد.
لذلك، حتى لو عاش مريضًا متعلّقًا بالأدوية في ألم دائم، يمكن لجسد الابن البالغ من العمر ثلاثة وأربعين عامًا، الذي مات بورم في الدماغ، أن يُشفى تمامًا بدم التضحية الحية……بل وربما، في النهاية……
أن يُعاد الميت حيًا؟
‘لا.’
كانت الاستنتاجات تتحول إلى أوهام.
كانت تفكر في كانغ وان غيو، الرئيس السابق، لكن فجأة امتلأ ذهنها بصورة الرئيسة القاسية، مرتديةً خاتم الزواج في خنصر يدها اليسرى، كأن زوجها ما زال على قيد الحياة.
دق… دق…
ارتجف قلب سيان فجأة ينبض بقوة وسرعة.
وأخذت نفسًا عميقًا وهي تحدق عبر نافذة السيارة في سطح البحر الأزرق اللامع المتوهج بشدة.
ومع ذلك، ظلّت شوكة شك مؤلم تخزها مع كل نبضة عنيفة.
هل كان الاسم الذي رأته الرئيسة وحدها عبر نظارة الواقع الافتراضي……حقًا “الرئيس السابق كانغ وان غيو”؟
_________________________
احا ؟ يمه طيب الرئيسة ماتمشي ولا؟ حتى يوم انكبت القهوه ماحست بشي ولا كان تبي تثبت لهم؟ يمااااه لا تكفون
بطني آجعني تخيلوا يطلع صدق؟ مب على كيفهم كله من سيان لاعاد تفكرين😭
الظاهر الافاعي متعمدين عشان يخلونهم يشكون ثم يصرفون الرئيسة بنفسهم؟ حتى جايبين نفس طولها وعارفين انها هي الوحيده الي تزوره يعني كل ذاه من الافاعي
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 125"