استلقت سيان على السرير ممددةً على بطنها ومدّت يدها بحركة متثاقلة.
لكن بسبب الوهن الذي اجتاحها لم تستطع حتى جذب الهاتف الموضوع على الطاولة الجانبية نحوها بسهولة.
وفي تلك الأثناء كان جوون يوزّع قبلات صغيرة من كفها للأعلا. ثم ضغط شفتيه على كتفها قبل أن يرفعها ويضع الهاتف في يدها.
مررت سيان يدها بين خصلات شعرها وألقت نظرةً على الهاتف.
على الأرجح أنها سجلت دخولها إلى هذا الفندق قرابة العاشرة صباحًا. لكن الوقت الظاهر على شاشة القفل كان الثامنة واثنتين وخمسين دقيقة صباحًا.
وبينها وجدت مكالمتين فائتتين من الرئيسة، ومكالمتين من العميلة “G”، وخمسة رسائل.
<~: لا يوجد أمرٌ غير طبيعي صحيح؟ أخبرتني الرئيسة أنكِ لم تردي على اتصالها، فأخبرتها أن تترككِ بحالكِ، لكن..…>
دفنت سيان وجهها المتعب في الوسادة بأنين.
لم يكن بوسعها أن تجيب بأنها انقطعت عن العالم يومًا كاملًا لأنها كانت غارقةً مع جوون حتى فقدت الإحساس بالوقت.
صرير… صرير…
ومع صوت انضغاط المرتبة، أسند جوون راحتيه على جانبي كتفيها وانحنى بجذعه.
كان شبه عاري لا يرتدي سوى منشفة استحمام.
حقًا، كان رجلًا يقف شامخًا دائمًا. وفوق ذلك كانت قوته الجسدية أشبه بالوحش.
استدارت هي بخضوع بجسدها، ثم أخذت بارتياح الماء البارد الذي ناولها إياه.
انحدرت قطرات الماء البارد من بين شفتيها لترطّب نبضات عنقها.
ثم ضغط جوون عليها بثقله يواصل إغراءها.
“ارمي الهاتف هذا بعيدًا ولنسترح يومًا آخر فقط.”
“إنه اقتراحٌ مغرٍ حقًا، ولكن……”
أجابته بصوت أجش مبحوح، وهي تدير شاشة الهاتف نحو وجهه.
“لقد عثروا على آثار حذاء القاتل.”
***
كانت قلقةً لأن ثيابها في حالة مزرية، لكن بينما غفت قليلًا عند الفجر، خرج جوون واشترى مزيدًا من الأغراض وسلم ملابسها لخدمة التنظيف الجاف في الفندق.
ارتدى الاثنان ملابس أنيقة وتوجها إلى مبنى فرع أوتيس في جيجو.
كان الفرع يشبه مكتب تحقيقاتٍ قديم، حتى أن اللوحة تلاشى منها الحرف الأخير فلم يبقَ سوى كلمة “أو”.
وعلى الباب الخشبي السميك المصنوع بعناية من خشب السرو الأحمر، عُلّقت مرآةٌ برونزية جعلته يبدو للوهلة الأولى كأنه بيت عرّافة.
دفعت سيان الباب الثقيل ودخلت إلى الداخل. و استقبلها ضجيجٌ صاخب يملأ المكان.
فالداخل الذي كان عادةً يقتصر على مدير الفرع مع فريق نجارين واحد ومدير للأرواح، لكنه كان اليوم مكتظًا برجال استدعتهم الرئيسة، يتحركون جميعًا بانضباط تام.
ثم توجّهت سيان مع جوون مباشرةً إلى مكتب مدير الفرع في الداخل.
طَرق… طرق.
و ما إن فتحا الباب حتى جذب انتباههما وجه الرئيسة الحازم كالنمر.
كانت قد استحمت و ارتدت بدلةً أنيقة، فبدت في هيئةٍ في غاية النظافة والاتقان.
وبعد أن صرفت مساعديها، أشارت لهما بالاقتراب.
“حسنًا، سيان. هل أنجزتِ الأمر؟”
شعرت سيان أنها قد قرأت ما فعلته خلال اليوم وكشفتها بوضوح، لكنها أجابتها بوجه جاف.
“نعم. أعتذر لعدم تواصلي مباشرة.”
“لا بأس. لم يكن أمرًا عاجلًا على كل حال. اتصلت بكِ لأن هناك بعض الأمور التي يجب إبلاغكً بها.”
“تلقيت اتصالًا من العميلة “G”. قالت أنكم عثرتم على آثار حذاء القاتل.”
“صحيح. وُجدت آثارٌ باهتة بجانب سور الحديقة الخلفية، ورأي رئيس قسم التحليل أنها تعود إلى حذاء رجالي رسمي. المقاس 280. والطول المتوقع للمجرم يتراوح بين 175 و185 سنتيمترًا. والوزن يقارب 68 كيلوغرامًا.”
ناولتهم الرئيسة صورةً لآثار الأقدام وهي تشرح.
كان جوون بطولٍ فارع يبلغ 197 سم، و سيان 173 سم، أما الرئيسة فآخر فحص طبي أجرته في مارس سجّل طولها 178 سم.
إذاً، فالمشتبه به بدا للوهلة الأولى شبيهًا بالرئيسة في الطول والبنية……
حتى أن مجرد ارتداء حذاء رسمي رجالي لا يعني بالضرورة أن الفاعل رجل.
“ثم إن وصية المتوفى وُجدت.”
“وصية؟”
“نعم. بالنظر إلى التاريخ والوقت، فقد أرسلها عبر البريد الإلكتروني إلى حفيدته قبيل وفاته مباشرة. وقالت الحفيدة أنها لم تنتبه لرسالة البريد إلا الآن، لأنها كانت على عجل تنقل طفلها إلى غرفة الطوارئ.”
فهل هذا يعني أنهم سيتجاوزون التشريح إذًا؟
“وما مضمون الوصية؟”
ناولتهم الرئيسة جهازه اللوحي كإجابة.
وعند الاطلاع على النص المخزن فيه، كان مكتوبًا،
<حين حدثني ابني أول مرة عن أعراض ورم دماغي، كنت منشغلًا في العمل وتجاهلت الأمر بخفة، وما زال هذا يثقل قلبي. والآن وقد تعذّر عليّ إعادة الزمن، لا أرغب إلا في إنهاء هذا العذاب.>
“وصيةٌ مزيفة.”
جزم جوون بذلك، فسارعت الرئيسة إلى الموافقة.
“صحيح، وصيةٌ مزيفة. من الواضح أنها كُتبت على الهاتف في الحال بعد قتل المتوفى. على أي حال، نحن ننصح الحفيدة، بصفتها من العائلة، أن تطالب بالتشريح. ثم إننا حللنا آثار الطلقات على الشجرة……والرأي المؤكد أنها تعود إلى رصاصات فضية من نوع أوتيس، التي تُستخدم لإزالة الأرواح.”
‘كما توقعت.’
تحقق أسوأ الاحتمالات بالفعل.
ثم أكملت الرئيسة بوجه متجهم،
“من بين النجارين الحاليين، لم يتخلَّ أحدٌ عن موقع مهمته خلال الأيام الأربعة الماضية. لذا على الأرجح أن القاتل أحد النجارين المتقاعدين.”
فعند التقاعد يجب إعادة السلاح، لكن يمكن تعديل سلاح ناري عادي واستخدامه. بل قد يكون صنع مسدسًا كاملًا بطابعة ثلاثية الأبعاد.
والمهم في إزالة الأرواح هو الرصاصات الفضية المعالجة خصيصًا، وهذه بطبيعتها مستهلكة، لذا يسهل تهريبها إن أراد أحد ذلك.
لا. ربما كان أفعى جلجامش متخفّيًا داخل قسم تطوير الأسلحة في أوتيس. وربما كان مطوّر الأسلحة “SWD” مرتبطًا بالأفاعي.
ومن يدري، لعل الأفعى السوداء “تشوي دال سو” مختبئٌ فعلًا داخل أوتيس.
وبالرغم من أن التحقيق في هوية جميع موظفي أوتيس لم يُظهر شخصًا بهذا الاسم……إلا أن تغيير الأسماء أمرٌ يسير.
كانوا حتى الآن يظنون أن العدو بالخارج، وأن أوتيس وحده مكان آمن……لكن لم يعد الأمر كذلك.
فالعدو قد تسلل بالفعل إلى الداخل، متخفّيًا بوجه مجهول.
زززز… زززز…
اهتز هاتف الرئيسة، فنظرت سريعًا إلى شاشتها ثم وجّهت أوامرها إلى سيان و جوون،
“لقد وصلت حفيدة الرئيس السابق. قد يكون لدى مين كي شيك مفتاحٌ آخر، عودا وأنهيا أمر مين كي شيك.”
***
على أية حال، لم يعد هناك ما يفعله فريق النجارين المكوَّن من سيان و جوون في جيجو.
فالذي كان مطلوبًا الآن هو التحقق من جميع الأسلحة الخاصة بالنجارين العاملين والمتقاعدين، إضافةً إلى جرد شامل.
أما جرد الأرواح التي أسرتْها أوتيس للتأكد من بقائها في أماكنها، فكان قد بدأ بالفعل، وكل ذلك مما يجب أن تتولاه الرئيسة بنفسها.
خرجا سيان و جوون من مبنى فرع جيجو وتوجها إلى السيارة. ثم فتحت سيان باب المقعد الخلفي ونادت على لينكون، الذي ظل طوال الأمس بجوار الرئيسة يحرسها.
“لينكون، شكرًا لأنكَ اعتنيت بالرئيسة. هيا بنا.”
لكن لينكون بقي جامدًا كتمثال، لا يتحرك. وقد بدا مصدومًا مذهولًا وهو يحدق في سيان، وكأنه أدرك على الفور أنها أقامت ليلةً مع جوون.
أطبق جفنيه ببطء، بوجهٍ منهار كأن العالم قد سقط فوقه من هول خيانة حبيبٍ عاش معه طويلًا. ثم انحنى حتى كاد أنفه يلامس الأرض، وسار بخطوات متثاقلة إلى المقعد الخلفي.
لم يغضب، ولم يحتج. فهو يعرف جيدًا أن قلب سيان صار مع جوون. ومع ذلك، لا بد أن وقع الصدمة كان شديدًا.
وحين جلست سيان في المقعد الأمامي وربطت حزام الأمان، التفتت إلى الخلف فرأته وقد أدار جسده نحو مسند المقعد وغاص برأسه بين ذراعه الوحيدة.
لقد عاش معها حتى الآن في سعادة حنونة، فكان طبيعيًا أن يشعر وكأنها سُلبت منه فجأة على يد رجل لم يمضِ على ظهوره سوى تسعة أشهر.
نظرت سيان إلى لينكن الممدّد بحزن، وأطلقت زفرةً صغيرة مكتومة.
“لحظة من فضلكَ، قف هنا.”
وحين مرّت السيارة أمام متجر صغير، سارعت سيان إلى الطلب بالتوقف.
وما إن توقفت حتى نزلت مسرعةً إلى المتجر، واشترت دميةً حيوانية طرية لا يُعرف إن كانت دبًا أم كلبًا.
***
شششش…
تناثرت قشورٌ ذهبية فوق زرقة البحر الصافية، وكانت الأمواج المتلألئة تتراقص بنور بديع.
جلست سيان على مقعد خشبي يطل على البحر، و وضعت الدمية الكبيرة بجانبها ثم التفتت إلى لينكون لتقترح عليه التلبّس بها.
“إن أردتَ……هلّا تدخل في هذه الدمية؟ وإن لم يعجبكَ فلا بأس.”
كان التلبّس عادةً من أفعال الأرواح الشريرة. ولهذا لم تعرض سيان على لينكون من قبل أن يجربه، وهو بدوره كان يملك من الكبرياء ما يمنعه من التفكير بمثل هذا.
غير أن لينكون، الذي ظل يحدق بالدمية بتركيز، بدا أنه اتخذ قراره، فتقدّم بخطوات حاسمة وانساب داخلها.
ثم احتضنت سيان الدمية التي أصبح لينكون ساكنًا فيها بكلتي يديها برفق.
“لينكون.”
شعرت سيان بارتجافةٍ تسري في لينكون.
صحيحٌ أن الجسد كان مجرد دمية زائفة، لكنه الآن امتلك جسدًا يَشعر به،و كأنه بعد إحدى وعشرين سنة كاملة منذ أن لامسته سيان لأول مرة وهي في السادسة من عمرها، يستعيد دفء حرارتها من جديد.
أغمضت سيان عينيها، وضمت الدمية إليها بقوة أكبر كي يصل إليها خفقان قلبها ودفء جسدها كاملين.
ورغم أن الدفء لم يكن سوى حرارة جسدها المتسربة إلى القماش، إلا أن الدمية كانت دافئةً حتى بدا الأمر وكأنها تحتضن لينكون حقًا.
ولعله هو أيضًا شعر بنفس الإحساس.
وضعت سيان شفتيها قرب أذن الدمية وهمست باعتراف صادق،
“أنا أحبكَ يا لينكون. أحبكَ حبًا حقيقيًا.”
فارتجف ذيل الدمية الصغير بخفة، لكن ما إن تابعت سيان كلماتها حتى تجمّد الذيل في مكانه.
“وأنا أحب تاي جوون أيضًا.”
“…….”
“في البداية كان مجرد شعور بالتشابه، كأننا نتشارك اللون نفسه……لكن في لحظة ما، أصبحت أشعر بالطمأنينة حين أراه، و أصبح خفقان قلبي مختلفًا. تاي جوون هو الوحيد الذي أريد أن ابقى بقربه دومًا…….”
“…….”
“لكن كوني أحب تاي جوون لا يعني أن مشاعري تجاهكَ قد تضاءلت.”
والكلب بطبيعته كائنٌ يعلي قيمة الترتيب الهرمي، فلا بد أن هذا الكلام لن يكفي لإرضائه.
ومع ذلك، مدّت سيان يدها لتربت بحنان على وجه الدمية، ثم طبعت قبلةً على جبينها.
“وبالطبع، فأنت يا لينكون أحب شخص إلى قلبي في هذا العالم، وتاي جوون سيظل دومًا يأتي بعدكَ.”
رفرفة… رفرفة…
عاد ذيل لينكون يتحرك بخفة من جديد.
فنظرت سيان إلى عينيه المختبئتين خلف عيني الدمية البلاستيكيتين السوداوين، ثم قطعت وعدًا جازمًا،
“بالنسبة لي، لينكون دائمًا الأول. هذا شيءٌ لن يتغير أبدًا حتى يوم موتي.”
____________________________
ياعزتي لجوون خسر ضد كلب!
الظاهر لينكون يعتبر بطل ثاني ولا أول بعد 😭
جوون لو سمعها يمكن يتمنى يصير كلب على ذا الحال 😂 لأنه مايقدر يسوي شي للينكون وكذا سيان تكرهه بيروح عاد للخطة ب
المهم واو الرئيسة طويلة عسا ماشر كلهم طوال لايكون محد قصير غيرنا؟
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
الرئيسة راجل بجد كانت مرسومه علي شكل راجل فا غيري كلمة الرئيسة للرائيس 👌🏻