قالت الرئيسة ذلك وهي تنظر إلى سيان و جوون، مصرحةً بلهجة يملؤها الأسى،
“لكن انتحار الرئيس السابق مؤكد.”
“و هذا ما يجب التحقيق فيه أولًا..…”
“الشرطة فتّشت المكان بدقة وهي على وشك إغلاق القضية كحادثة انتحار. ثم…..هااه…..كانغ وان غيو بنفسه لمح لي أنه أفعى، بل أفعى سوداء.”
“الكلام المنطوق ليس بالضرورة الحقيقة. الإنسان حين ينهار من المفاجأة قد يكذب دون أن يدري. وربما الرئيس السابق-”
اعترضت سيان برفق، لكن الرئيسة هزّت رأسها نافية.
“لا. كانغ وان غيو لم يكن من ذلك النوع.”
‘هممم…..’
في أهم نقطة، كان هناك اختلاف واضح في الرأي مع الرئيسة. فهي مقتنعة بأن كانغ وان غيو هو أفعى جلجامش، بينما سيان و جوون متأكدان أنه ليس كذلك أبدًا.
ثم أكدت سيان النقطة الجوهرية،
“الأفاعي لا تتمنى الخلود بجسد مريض. فالأولوية المطلقة عندها هي الصحة، هذا هو الشرط الأساسي.”
“…….”
“والخطوة التالية هي تحويل ذلك الجسد الصحي إلى شاب، والحفاظ على هذا الشباب، أما الهدف النهائي فهو تجنّب الموت.”
على سبيل المثال…..الجسد الذي يشبه الرئيسة، متقدّم في السن، معاق، ومريض، لا يمكن أن يكون ثعبانًا.
فالأفاعي لا تمرض أبدًا ولا تشيخ. حتى لو أصيبت بإعاقة نتيجة حادث، فإنها تستطيع تجاوز ذلك بلا عناء.
فقد شاهدت بنفسها تلك الطاقة السحرية العظيمة؛ و الذي يفعل ذلك كان يكرر طقوسًا مروّعة مثل انتزاع قلب الضحية وتقديمه.
وتجاوز الأمر إلى الجنون حتى بتربية ذبائح في أراضي الخلاص.
الأجنّة التوأم في الخلاص كانت “أبقار المذبح”. وتلك الأبقار هي التي تُربّى بعناية لتُقدّم كذبيحة في الطقوس.
تلك الأبقار المدللة في المزارع، التي تتغذى يوميًا على وجبات عضوية وتضحك وترقص وتغني، وتُبرمج على تقديم نفسها بسعادة.
و تمامًا كما لم يُرسل أي مريض من الماشية إلى السوق، كذلك لم يكن الثعبان ليستخدم أي ذبيحة مريضة.
لذلك كانت جميعها صحيةً تمامًا.
وبالطبع، الرئيس السابق كانغ وان غيو، الذي قضى وقتًا طويلًا في مصحّة جزيرة جيجو بسبب المرض، لم يكن أفعى جلجامش، ناهيك عن أنه أفعى سوداء؛ هذا غير منطقي تمامًا.
“منطقياً، نعم، سيان، كلامكِ صحيح.”
اعترفت الرئيسة، لكنه في الوقت نفسه لم تقتنع تمامًا.
فالرئيسة كانت شخصًا صارمًا وباردة التفكير، ولن تدلي بادعاءات بلا سبب، لذا يجب أن يكون لديها يقينٌ خاص استمدته من حديثها مع كانغ وان غيو.
الآن بعدما عرفنا اسم أفعى سوداء واحدة وهي تشوي دال سو، فإذا أضفنا كانغ وان غيو الذي كان زعيم أوتيس، فسيكتمل الأفعَيان السوداوان معًا…..
‘لا…..’
فكون كانغ وان غيو أفعى هو مجرد رأي الرئيسة فقط.
ومهما كانت رئيستها في العمل وشخصًا وثقت به منذ زمن طويل، فإن سيان لم يكن توافق على أمر لا تقتنع به.
لكن جوون، الذي كان يتابع جدالهما، قدّم حلاً بسيطًا للغاية.
“لماذا لا نذهب مباشرةً إلى ذلك البيت؟ إن وُجدت روح كانغ غيو هناك فهو ليس أفعى، وإن لم توجد روحه فهو إذاً أفعى.”
صحيح. قيل أن الأفاعي لا تملك أرواحًا. فبعد موت سادان زعيم السنابل، لم يخرج أي روح من جسده.
عندها طلبت سيان فورًا من الرئيسة.
“لنقم باقتراح تاي جوون. يبدو أنه أسرع وأضمن طريقة. دعينا ندخل ذلك البيت.”
في الأصل، لا يُسمح حتى لعائلة المنتحر بدخول الموقع قبل انتهاء التحقيق وتشريح الجثة، لكن بما أنها رئيسة أوتيس، يمكنها إدخال “محققين”.
فوافقت الرئيسة بسرور.
“حسنًا، هذا أفضل. فلنذهب معًا.”
“لا…..”
قطعت سيان الأمر بنبرة لينة.
“سأذهب مع تاي جوون فقط. فربما إن رأت الروح الرئيسة، سترفض التحدث تمامًا.”
“…….”
“احتمال أن يظهر الكيان الروحي بانفعال عاطفي مرتفع جدًا أيضًا.”
“هُوه..…”
أطلقت الرئيسة تنهيدةً ضيقة وهي ترفع بصرها نحو السماء التي بدأت تخفُق بضياء الفجر الأزرق.
كان عند أطراف السماء المظلمة لا يزال يلوح ضوء أزرق داكن، ذلك الضياء الذي لا هو بالمعتم تمامًا ولا هو بالمشرق.
فثبتت الرئيسة بصرها عليه وهي تضبط مشاعرها.
لم تكن سيان قد رأت من قبل الرئيسة على هذه الحال، مرهقةً إلى هذا الحد.
لا بد أن هذه الليلة الطويلة كانت مريرةً ومرهقة عليها بالفعل.
“من الأفضل أن يُحسم الأمر بهدوء حين لا يوجد متفرجون. انطلقا حالًا.”
***
في الساعة الثانية فجرًا. كان شريطا الشرطة الأصفران كانا معلقين على البوابة. فانحنت سيان بجسدها لتنفذ من بينهما.
الفناء بدا نظيفًا للغاية، لم يكن فيه سوى عشب أخضر. و بالنسبة لبيت مستقل، لم تكن هناك حتى أزهار مزروعة، ولا أي أثر لحيوانات أليفة.
بييييب-
أدخلت هي الرقم السري للباب الذي حصلت عليه من الشرطة ودخلت إلى داخل المنزل المظلم.
و تبعها جوون على الفور وأغلق الباب خلفه بصوت معدني مكتوم.
كان المكان مظلم…..ومليءٌ برائحة الدم.
لأن جميع النوافذ والأبواب كانت محكمة الإغلاق، فقد كان بيت الرئيس السابق كانغ وان غيو يعج برائحة الدم النفاذة.
و في عتمة الفجر تلك، تسللت الرائحة الثقيلة كأنها تتشرب في مسام الجلد، لتثير نفورًا غريزيًا.
سارت سيان بخطوات ثابتة دون أن ترمش عينها وأشعلت مصباح غرفة المعيشة.
وكما تفعل دائمًا عند دخولها أول مرة إلى مسرح الجريمة، لم تلجأ إلى عين البصيرة، بل اكتفت بنظرها الطبيعي، تلتقط بوعيها الانطباع الأول وكل ما يلفت بصرها وتحتفظ به في ذاكرتها بعناية.
‘نظيفٌ جدًا.’
رغم أن ممرضةً مؤقتة تقوم أيضًا بأعمال التنظيف كانت تدخل خمسة أيام في الأسبوع، إلا أن المكان لم يمنح أبدًا شعورًا بأنه بيت شيخ مريض.
الأدوات الخاصة بالمريض كانت مرتبةً بعناية في الغرفة الملاصقة لغرفة النوم فقط، بينما ما تقع عليه العين في سائر أرجاء البيت لم يكن سوى كتب وإطارات صور.
منزلٌ أرضيٌ بمساحة متوسطة بدا أنيقًا ودافئًا.
مباشرةً توجهت سيان نحو الحمام الذي قيل إن الرئيس السابق انتحر فيه.
“أوه..…”
فاندفعت نحو وجهها رائحة دم قوية، رطبة، تمامًا كما يفوح الدخان عند احتراق أوراق الخريف اليابسة.
و ما إن أضاءت المصباح حتى انكشف المشهد—الحمام كان بحرًا من الدماء.
حوض الاستحمام الأبيض الممتلئ بالدوامات كان غارقًا بالدم، بل وحتى البلاط غمرته برك الدم التي سالت حين أخرجوا الجثة من الحوض.
‘الآن أفهم لماذا استبعدت الشرطة الرئيسة مباشرة من دائرة المشتبه بهم.’
فمن يرى مسرح الجريمة لا يمكنه أن يظن غير ذلك.
لو كان هذا فعلُ قتل، لكان الجاني قد جرّ الضحية فاقد الوعي إلى الحمام وسجنه في حوض الاستحمام ثم شقّ معصميه هناك.
ومهما يكن، فحتى لو مات الرئيس السابق كانغ وان غيو وهو ما يزال مرتديًا ثيابه، فمن المستحيل أن يتمكّن رجلٌ في السابعة والستين، مشلول النصف السفلي، يعتمد على كرسي كهربائي متحرك، من القيام بمثل هذا.
اقتربت سيان من الحوض، لكن استرعى انتباهها الصمت المفاجئ، فالتفتت إلى ما وراء كتفها.
كان جوون واقفًا شامخًا في وسط غرفة المعيشة، يتأمل المكان ببطء.
بدا بمظهره المعتاد، غير أن في عينيه الحادتين شيئًا من الغرابة يوحي بالريبة.
“ما الأمر؟ هل لفت شيء انتباهكَ؟”
انتظرت قليلًا قبل أن تسأله، فالتفت إليها جوون بابتسامة خفيفة.
“لا، لا شيء.”
“لم تكتشف شيئًا إذاً؟”
“ليس حقًا. لكن بالمقارنة مع من يخفي أسرارًا عفنة في الداخل، أشعر أن أثاث المكان وزينته تبدو منفتحةً على نحو غريب.”
هل يقصد أن الروح لم تعد موجودةً هنا؟ أم أن روح كانغ وان غيو لم تكن موجودةً أصلًا؟
بدا وكأنه غير متيقن هو الآخر.
فمرّرت سيان لسانها بخفة على شفتها.
لا وجود للروح؟ هل هو كما قالت الرئيسة فعلًا…..أن الرئيس السابق كانغ وان غيو كان أفعى جلجامش؟
لكن كيف؟ كيف يمكن أن يكون أفعى؟
فإذا كان ذلك الجسد العجوز المريض لم يتلقَّ دماء قرابين حيّة طوال تلك المدة….فكيف له أن يظل محسوبًا ضمن الأفاعي؟
“تراجعي قليلًا.”
قال جوون ذلك، وكأنه يتلقى تقريرًا ما من الكوابيس، ودفعها للخلف.
ثم طوى كُمَّي قميصه الأسود حتى المرفق، ومد أصابعه ليلامس الدم الفاتر الذي بقي في قاع الحوض.
ببطء… ببطء شديد…
راح يُحرّك الدم المتخثر بأصابعه ويرسم على أرضية الحوض خطوطًا تتخذ هيئة نقوش سحرية. فاشتدّت رائحة الدم الكثيفة حتى بلغت حدّ الاشمئزاز.
لكن سيان لم تُبدِ أي رد فعل، وظلت تحدّق فيه بوجه جامد دون أن ترفّ لها عين.
ثم ما لبث جوون أن تمتم بتعويذة بصوت خافت، ورفع يده عن الحوض.
“آه..…”
اقتربت سيان من الحوض دون أن تشعر.
فإذا بالدماء الرقيقة التي كانت تغطي قاع الحوض تصعد ضبابًا باهتًا كالدخان، ثم تمتد في الهواء حتى تجمعت في نقطة لتتشكل في هيئة خط قانٍ مستقيم يشبه شعاع الليزر.
كان ذلك الخط الدموي الرفيع يبدأ من علو صدر إنسان، عند جانب حوض الدوامة تمامًا، ويمتد بخط واحد مستقيم نحو نافذة الحمام.
“هذا…..مسار الرصاصة.”
فأدركت بسرعة معنى ذلك الخط.
“شخصٌ ما أطلق النار هنا، أمام هذا الحوض.”
***
دقّ-
تغير إيقاع نبض قلبها. فالخط الدموي الممتد أمام عينيها لم يكن سوى الأثر الذي يخلّفه “المسدس المخصص لإزالة الكيانات الروحية”
بعد إطلاقه. عندما تُصاب الروح برصاصة فضية، تبقى هذه الآثار لبعض الوقت قبل أن تختفي تدريجيًا، تمامًا كما تبقى بقع الدم ودخان البارود في موقع إطلاق النار العادي قبل أن تزول.
يا لها من لحظة فارقة. فقد كانت الآثار بالفعل في طور التلاشي، شبه باهتة إلى حد الاختفاء.
لو أنهم وصلوا إلى هذا البيت بعد ثلاث دقائق فقط، لما استطاع حتى جوون أن يلحظ بقايا هذه الجريمة.
حولت سيان بصرها نحو نافذة الحمام.
النافذة الآن موصدةٌ بإحكام، لكن على الأرجح كانت مفتوحةً حين أُطلقت الرصاصة.
لقد أجلسوا الرئيس السابق فاقد الوعي في الحوض، وفتحوا صنبور الماء الساخن، ثم شقّوا معصميه بالسكين وفتحوا النافذة.
بعد ذلك، وبحركة متمرسة، ثبّتوا كاتم الصوت على المسدس، وما إن انفصلت الروح عن الجسد حتى— طاخ!
“قُتل.”
قُتل على يد من؟ بالطبع على يد الأفعى.
قتلوا الإنسان ليمحوا السر، ثم قتلوا الروح أيضًا لتسكت حتى فم الشبح.
سرت قشعريرةٌ باردة على مؤخرة عنقها، والشعر الدقيق وقف.
“لم يكن انتحارًا..…”
تمتمت سيان بصوت مبحوح.
“إنها…..جريمة قتل.”
________________________
لحظه! يعني الافاعي بعد يتعاملون مع الارواح! ماتوقعت
المهم اهم شي الرئيسه تدري انه ماكان افعى
بس ضحكني جوون شقومه مفهي من يوم دخل كله من ذا الكوابيس الي رجعت🥲
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 120"