كان واضحًا أنها حين تكون بمفردها تنهار حتى تكاد تذوي، لكنها أمام سيان و جوون كانت تتظاهر بالتماسك.
جلست الرئيسة معتدلة القامة وبدأت مكالمةً مع سكرتيرها، تأمره بنشر خبر وفاة الرئيس السابق “كانغ غيو” داخل منظمة “أوتيس”، وتقديم كل التسهيلات الممكنة حتى يتمكّن أقارب “كانغ وان غيو” من الحضور بسهولة
. كان ذلك إكرامًا يليق بمقام القائد الراحل.
“اشربي.”
وضع جوون كوب قهوة ورقي أمام الرئيسة، ثم أنزل كوبًا آخر أمام سيان.
وكانت سيان فعلًا بحاجة إلى القهوة، فشعرت بامتنان كبير.
“شكرًا لكَ.”
قالت ذلك وهي تنظر إلى جوون ممتنة، ثم التفت مجددًا نحو الرئيسة، لكنها ما لبث أن نهضت فجأة واقفًا.
“يا رئيسة، القهوة!”
اندفعت القهوة الساخنة متسربةً على الطاولة ثم انسابت فوق ساقَي الرئيسة.
وبما أن يدها اليسرى ما زالت مرفوعةً قرب الكوب، بدا واضحًا أنه أثناء مكالمتها الهاتفية حاولت الإمساك به فاصطدمت به وأسقطته.
أبعد جوون الطاولة في لحظة، وفي تلك الأثناء كانت سيان تلتقط الكوب المنقلب و تعيده إلى وضعه بسرعة.
كان الرئيسة يحدّق نحو قاعة الجنازة، لكنها عندما رأت ما حدث نظرت إلى ساقيها وأطلقت صوتًا مرتبكًا،
“آه……يا إلهي، لقد فقدت تركيزي تمامًا. لم أشعر حتى بأنني سكبتها. لا بأس، مجرد بلل بسيط.”
“إنها ساخنة! ارفعي يدكِ بسرعة!”
“لا تقلقا، لا تقلقا. فأنا لا أشعر بساقي على أي حال. صدقاني، لا شيء يضر. مجرد أن أنفضها هكذا يكفي.”
وحين حاولت الرئيسة أن تربّت على فخذها بخفة غير مبالية، انفجر جوون غاضبًا بسخرية،
“أيتها العجوزة العنيدة. إذا كان سكب ماء يغلي لا يعني لكِ شيئًا، فلنقطع هاتين الساقين ونرتاح!”
تراجعتا سيان والرئيسة بدهشة من جوون، مذهولتين من حدّة كلماته.
والحقيقة أن جملة “مجرد أن أنفضها يكفي” أثارت غضب سيان أيضًا، فحتى لو كانت ساقاها مشلولتين ولا تشعر بالألم، فالحرق يبقى حرقًا.
ثم تبادلت النظرات مع جوون، مشيرةً إليه بعينيها أن يكفّ عن الجدال.
فأخذ جوون نفسًا خشنًا وعميقًا، ثم تحدث بلهجة باردة،
“سآخذكِ الآن إلى غرفة الطوارئ.”
***
ظنّت سيان أن جوون والرئيسة بحاجة إلى حديثٍ يخصّهما وحدهما، لذلك تركتهما يذهبان معًا إلى قسم الطوارئ.
وبعد أن رتّبت الطاولة، تأملت المقعد الذي كانت الرئيسة تجلس فيه.
كانت تعرف طبعًا أن الرئيسة مصابة بشلل نصفي في الجزء السفلي من جسدها، لكنها شعرت وكأنها لم تدرك ذلك حقًا إلا اليوم فقط.
و ربما كان جوون قد شعر بالشيء نفسه.
فمن الطبيعي أن ينتفض المرء لو لامسته قطرة ماء ساخنة، فكيف إذا كان سيلٌ القهوة الساخنة يتدفق على ساقيه دون أن يشعر به؟
ساقا الرئيسة لم تكونا بالنسبة لجوون سوى مصدر للذنب.
فالرئيسة، التي كانت في الماضي محققةً ميدانية نشيطة، انتهى بها الحال موظفةً إدارية عاجزة عن النهوض أو السير مجددًا، وذلك بسبب الإصابة التي تلقتها أثناء إنقاذ جوون الصغير.
ومهما لم تبدِ الرئيسة أي لوم، ومهما أظهر جوون أنه غير نادم، فإن ثقته بالرئيسة ومحبته له لا بد أن تجعل جذور الإحساس بالذنب تتعمق أكثر فأكثر.
***
ولحسن الحظ، لم تكن إصابة الرئيسة خطيرة. فالكوب الورقي كان مغطّى بغطاء، كما أن قاعة العزاء كانت ملحقةً بالمستشفى، فتمت معالجة الأمر بسرعة.
وحين اطمأنت سيان، فتحت شفتيها بحذر،
“على ما يبدو لم يتم العثور على وصية، أليس كذلك؟”
كانت الرئيسة تحتسي قهوة مثلّجة قدّمها لها جوون حين أجابت،
“صحيح. الانتحار واضح، لكن بما أنه لا توجد وصية، فسوف يُسجَّل مؤقتًا كحادثة وفاة غامضة ويُجرى تشريحٌ للجثة.”
“وماذا عن عائلته؟”
“كان للرئيس السابق ابنٌ واحد، لكنه توفي قبل سنوات بورم في الدماغ وهو في الثالثة والأربعين من عمره. و لم يبقَ له سوى حفيدةٍ تعيش في إنتشون.”
“هل الحفيدة قادمةٌ إلى هنا؟”
“لا. كانت حالتها مضطربة فلم أستطع محادثتها طويلًا……لكنها قالت أن طفلها في قسم الطوارئ الآن. مع ذلك وعدت أن تأتي في أقرب وقت ممكن.”
“وهل تلك الحفيدة هي أقرب شخص متبقٍ للزعيم الراحل؟”
“نعم، هي قريبه الوحيد. كان سعيد الحظ في حياته، عاش مع زوجة متفاهمة، وكان على علاقة طيبة مع ابنه وحفيدته……في منظمة أوتيس كان من النادر أن يحظى أحدنا بعائلة طبيعية متماسكة مثله. لذلك كنت أظن أنه سيكون أسعدنا وأكثرنا استقرارًا.”
تأملت سيان عبارتها بصمت قليلًا، ثم سألت عن تفاصيل ما جرى لحظة الحادث.
“كيف كانت الظروف بالضبط؟”
“لقد……ضغطتُ عليه بقسوة بالغة. لم يكن عليّ أن أنفعل عاطفيًا. لكنني لم أستطع تصديق ما جرى، واشتعل غضبي……”
“إذاً، هل تشاجرتما؟”
“في البداية، لا.”
“….…”
“تهريب الشيطان……لم يخطر بباله مطلقًا أن أحدًا قد يكتشف هذا الأمر.”
“طبيعيٌ أن لا يتوقع ذلك.”
فمن كان ليتخيل أن الشيطان المهرّب، المخفي في غرفة سرية داخل مقرّ زعيم طائفة دينية على جزيرة نائية، بل ومدسوسة في زينة سرير، سيعثر عليها أحد؟ أو ينجح في إخراجها؟
تابعت الرئيسة بلهجة صارمة،
“حين بدا متعجبًا من وصولي إلى هناك، حاولت أن أجعل الحديث يبدو عابرًا. قلت له إن ’عفريت الاحلام‘ الذي سُرّب قد عاد مجددًا، لكنه كام مسجَّلٌ بالفعل في الأوراق على أنه أُعيد للمخازن، وهذا غريب. وعندما تحققت، اكتشفت أن من صادق على إخراجه هو الرئيس السابق نفسه. فسألته: لأي سبب خطير أذنت بتهريب ذلك الكيان الروحي؟”
“وماذا أجاب؟”
“لم يستطع الإجابة. بل على العكس، نظر إليّ بدهشة وسألني: ’أهناك أمرٌ كهذا؟‘……هه. كيف لرئيس أوتيس أن يجهل كيانًا روحانيًا قام بنفسه بتهريبه؟”
قبضت الرئيسة بقوة على كوب القهوة الذي تحمله، فتهشّم الكوب الورقي المليء بالثلج بين أصابعها.
“حتى تلك اللحظة…..في الحقيقة كنت آمل بشدة أن يكون هناك خطأ ما.”
“…….”
“كنتُ أتمنى أن يكون مجرد سوء فهم. وحتى إن لم يكن سوء فهم، فربما لم يكن الرجل سوى أداة بريئة يعمل دون علم، وأن شخصًا ما استغلّه بدهاء. لقد ظللت أتمسّك بهذا الاعتقاد طوال الرحلة بالطائرة.”
لكن من ملامح ارتباك الرئيس السابق سرَت قناعةٌ مريرة لا مفرّ منها. أنه كان حقًا مرتبطٌ بأفعى جلجامش.
ومع انهيار الثقة التي كانت تضعها فيه، ارتفع صوتها غاضبة ودخلا في جدال حاد، ثم بعد أربعين دقيقة خرجت وحيدةً إلى الشاطئ لتهدّئ نفسها.
وحين عادت إلى منزل الرئيس السابق…..وجدته في الحمام وقد شقّ معصمه داخل حوض الاستحمام.
“هاه..…”
ابتسمت الرئيسة ابتسامةً واهنة، أقرب إلى الضحك القصير المليء بالخيبة.
ثم ابتلعت ريقها الجاف مرتين بعنق متيبس قبل أن تتكلم،
“هل يمكن أن يكون هو نفسه أفعى جلجامش..…”
الأفعى.
ومنصب رئبس أوتيس يجعل الأمر ممكنًا تمامًا. فهو الموقع الذي يُشرف على إدارة ومراقبة والتصرّف في تلك الأرواح الخاصة، والأسرار السحرية القديمة، ومختلف الديانات، والألغاز المفقودة، والطقوس الغامضة.
ومع ذلك…..
“ما هذا الكلام؟”
قاطع جوون الحديث بنبرة جافة وهو يستمع منذ البداية بوجه خالٍ من التعابير.
“حتى لو فقدتِ صوابكِ من شدّة الخيانة، فلا ينبغي أن تفقدي عقلك معه.”
“ماذا تقول؟”
“الرئيس السابق لم يكن الأفعى. ربما كان مجرد عميل داخلي أُجبر على التحرك بعدما استُغلت نقاط ضعفه.”
قال ذلك بلهجة قاطعة، واثقًا بما يقول.
“أي كلام هذا؟ في مثل هذا الموقف، كيف لا يكون هو الأفعى نفسه؟”
صرخت الرئيسة عابسةً وهي تعترض، لكن جوون ردّ بصرامة قاطعة، دون ترك مجالٍ للتهويل،
“بل العكس تمامًا. الرئيس السابق، كانغ وان غيو، كان مريضًا بشدة ويخضع للعلاج في جزيرة جيجو.”
هزّت سيان رأسها موافقةً على كلام جوون، ولم يمضِ سوى بضع ثوانٍ حتى أطلقت الرئيسة صوتًا متردّدًا، كأنها تائهة بين الشك والتسليم،
“آه…..”.
لو كان أي عميل آخر في مكانهما، لظنّ بلا شك أن الرئيس السابق هو “الأفعى”…..
لكن كلًّا من سيان و جوون، ما إن سمعا عبارة “يتعافى من مرضه في مصحّة”، حتى رسما في داخلهما خطًا حاسمًا: مستحيل أن يكون هو.
انحنى جوون بجسده إلى الأمام قليلًا، ونطق كلماته بوضوح شديد، مشدّدًا على كل لفظ،
“الأفاعي لا تريد جسدًا عليلًا يذوي ويموت ببطء. أولويتها المطلقة هي الصحة، يليها الشباب. أما الغاية النهائية فهي الخلود.”
“صحيح.”
أكدت سيان ذلك بلهجة باردة وعقلانية.
“صحيحٌ أن جثة الرئيس السابق وُجدت في حوض الاستحمام وقد شُقّ معصمه، لكن حتى الآن لا نملك سوى كلمة ’وفاة‘. وما إن كانت هذه الوفاة انتحارًا أم جريمة قتل، فهذا ما يجب أن نكشفه فورًا.”
______________________
احا يعني امدى الافاعي يجون يمسحونه؟
المهم تكفون احب اهتمام جوون وسيان بالرئيسه😔🤏🏻
سيان يوم قعدت عندها ومسكت يدها لين تنتبه لها🤏🏻
وجوون يوم جاب لها كاس بارد بدل الحار عشان لايصير شي☹️
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات