“هل لي أن أسأل عن السيدة كيم؟ هل ربّت كلبًا لفترة طويلة؟”
سألت سيان عن ذلك وهي عائدة، تحمل بيدها وعاءً مملوءًا بطعام خاص بالكلاب المسنّة.
فرفعت ربة بيت في الستينات من عمرها، التي كانت لا تزال جاثمة في حقل الأعشاب، عينيها نحوها بحدة، ثم نهضت وهي تنفض يديها متقدمة باتجاهها.
مظهرها الجاف كان يوحي وكأنها على وشك أن تنفجر غضبًا، مطالبةً بتركها وشأنها وعدم إزعاجها أكثر.
“طبعًا، لقد ربّته طويلًا، أخذته وهو جروٌ صغير، وربّته تسعة عشر عامًا كاملة.”
لحسن الحظ، كان أسلوب كلامها هادئًا ومسترخيًا. فاطمأنت سيان، ودخلت في دور “مربية الكلاب” لتتابع الحديث.
“لابد أنه كان فردًا من العائلة حقًا.”
“كان بمثابة ابنها تقريبًا. حتى إنني حين كنت أسافر مع صديقاتي في الرحلات الجماعية كنت أترك قطتي لديها أحيانًا، وكنا نعتني بحيوانات بعضنا بعضًا بالتبادل. لماذا؟ هل قال أن الكلب لا يحتاج للطعام؟”
بدا من تصرفها أنها على وشك أن تذهب حالًا إلى بيت عمة مين كي شيك. لكن هذا أمرٌ غير ممكن، فهناك جثة في ذلك البيت.
جثتان في الواقع: واحدةٌ لإنسان، وأخرى لكلب. ولو عثرت هذه السيدة عليهما وأبلغت الشرطة، فسيصبح من الصعب تفتيش البيت بدقة.
تصرّفت سيان بتلقائية وهي تعيد إليها وعاء طعام الكلب.
“لا، لقد أخبرني السيد مين كي شيك أنه قد اهتم بالأمر بالفعل.”
“حقًا؟ ذلك لا يشبهه أبدًا……”
تذمّرت ربة البيت بنبرة غير راضية، ثم ارتسمت على وجهها ملامح الاستغراب.
“لكن، لماذا عدتِ إليّ إذًا؟”
“لقد كان من المفترض أن ألتقي السيد مين كي شيك في بيت عمته اليوم، لكنني وجدت الباب مقفلًا، ولم أتمكن من الاتصال به أيضًا.”
“هاه، هذا يشبهه تمامًا. أجل، هذا ما يفعله دائمًا.”
هزّت ربة البيت رأسها موافقة، ثم واصلت حديثها.
“إنه مجرد نذل. أتدرين كيف ربّتْه السيدة شيم؟ ومع ذلك لم يحضر حتى جنازتها. وبعد ثلاثة أشهر تقريبًا من دفنها، ظهر فجأة، و ألقى نظرةً سريعة على البيت لم تتجاوز خمس دقائق ورحل. لا بد أنه كان يريد فقط التأكد من قيمة المنزل. يا له من عديم المروءة. ألم يقولوا في الأمثال القديمة: ’الحيوان ذو الشعر الأسود لا يُربّى‘؟ لم يكذبوا في ذلك. فالإنسان لا يجوز له أن يكون على هذا القدر من الحقاره.”
وقبل أن يطول تذمّرها أكثر، بادرتها سيان بالكلام.
“الكلب بدا وكأنه يحرس المنزل جيدًا.”
“أجل، هذا صحيح.”
أومأت ربة البيت برأسها.
“منذ أن رحلت السيدة كيم عن الدنيا قبل عام، أخذت الكلب إلى بيتي. لكنه كان يقطع الحبل بعناد ويعود إلى منزله القديم. وإذا شددت وثاقه بحبل غليظ، كان يرفض الطعام ويظل يئن ويبكي طوال اليوم.”
“…….”
“ربما لأن البيت الذي نشأ فيه منذ كان جروًا لا يزال يحمل رائحة السيدة كيم……على أي حال، تركته هناك ليعيش كما يشاء، واكتفيت أنا بالاعتناء بطعامه فقط.”
“ومتى كانت آخر مرة رأيتِ فيها الكلب؟”
“ذلك الكلب؟ همم……رأيته قبل أربعة أيام حين قدمت له إفطاره. ومنذ ذلك اليوم غيّر كي شيك حتى الرقم السري للباب، فلم أعد أستطع رؤيته. اذهبي أنتِ فقط إلى بيتي، فالجو حار، ولا تقفي هنا تحت الشمس.”
كانت نبرة كلامها تقول بوضوح: “في الحقيقة جئتِ لتطالبي بدَين، ولهذا لم يسمح لكِ بالدخول، أليس كذلك؟ أعرف الأمركله.”
فابتسمت سيان بخفة وهي تجيب،
“شكرًا لكِ، لكنني سأنتظر قليلًا حتى يعود السيد منين كي شيك، وسأدخل معه. فالكلب الآن ينبح بشراسة.”
“ينبح؟”
“نعم.”
“غريب، فهو عادةً كلبٌ هادئ……عجبًا.”
لقد كانت تتابع ذلك الكلب منذ تسعة عشر عامًا، فمع أنه مجرد كلب بيتٍ مجاور، إلا أنها بدت متعلقةً به حقًا. فارتسم القلق على وجهها وهي تعقد حاجبيها.
“إنه كلبٌ مسن، يعاني من التهاب المفاصل والخرف. ربما لهذا السبب؟ لكن لم يحدث قط أن نبح عبثًا طوال حياته……إنه ذكي، منذ كان جروًا وهو يعرف كيف يقضي حاجته في مكانه دون خطأ.”
“هل لي أن أعرف اسم الكلب؟”
“مين جونغ هو.”
“مين جونغ هو؟”
“أجل.”
“يبدو أن السيدة كيم كانت تعتبره ابنًا لها بالفعل. فحتى لقّبته بـ(مين) على اسم عائلة السيد مين كي شيك.”
“أوه، لا.”
ولوّحت ربة البيت بيدها نافية.
“السيدة كيم كانت تعشق مسلسل جوهرة القصر أكثر من أي شيء آخر. تعلمين، المراقب مين جونغ هو الذي يظهر فيه.”
“آه.”
“كانت تنادي الكلب دومًا: ’هويا، هويا.‘”
***
كان الغسق قد مدّ ساقيه السوداوين فوق الأرض، معلنًا بدء الليل.
وكما هو الحال مع البيوت التي يُقال أنها مسكونة بالأشباح، بدا بيت عمة مين كي شيك أكثر كآبةً وبلون رمادي قاتم منذ أن غربت الشمس.
ربما لأن مصابيح الشوارع في القرية نادرةٌ مقارنة بالمدينة، فزاد ذلك من شعوره بالكآبة.
وقف كلٌ من سيان، و جوون، ولينكون مصطفّين جنبًا إلى جنب في فناء البيت الأمامي.
ثم سألت سيان بنبرة جافة،
“هويا، هل ما زال ينبح الآن؟”
“لا ينبح، لكنه في حالة تأهب قصوى.”
كلب مسن، ومع ذلك……لا يبدو أنه مات ميتةً طبيعية.
حين جاؤوا الأفاعي للتخلص من مين كي شيك، لا بد أنهم وجدوا الكلب نائمًا فبدأوا به أولًا. فلو استيقظ ونبح بصوت عالٍ، لكان الأمر مزعجًا لهم.
لكن بعيدًا عن مسألة هويا، كان ثمة سؤالٌ يثير الريبة في هذا الموقف.
“من دون كاميرات مراقبة، ولا حتى نظام أمني بسيط، لماذا يا ترى اختار مين كي شيك الهرب إلى هذا البيت بالذات؟”
لا مصابيح في الشوارع، ولا منازل مجاورة سوى واحد فقط، وكل ما في المكان مجرد كلب مسن واحد لا غير.
لو أنّ مين كي شيك فرّ إلى الخارج لكان أكثر أمانًا بما لا يقاس، لكن ما الذي دفعه في تلك اللحظة الحرجة إلى المجيء فجأة إلى بيت عمته؟
كان هذا حقًا مثيرًا للريبة.
طرحت سيان فكرتها بصوتٍ عالٍ،
“ألا يحتمل أن مين كي شيك كان يملك شيئًا……عنصرًا يمكنه أن يعقد به صفقة معهم؟ كلما فكرت في الأمر، لا أظنه كان هاربًا حقًا. ولم يكن مختبئًا أيضًا. أظنه جاء إلى هنا كي يعيش، و كي يحمي نفسه.”
فأجابها جوون ساخرًا ببرود،
“لكنه في النهاية مات وانتهى أمره.”
“لا بد أنه كان يحتفظ بشيء أساسي يتعلّق بـ(أفعى جلجامش)، وتحديدًا الأفعى السوداء، وكان ينوي أن يستخدمه كضمانة لبقائه حيًّا.”
فهو لم يكن سوى أحد أذرع الأفاعي وأدواتهم. و قد رأى بعينيه كم من الناس لقوا حتفهم على يدهم، ولا شك أنه احتفظ بسر مهم واحد على الأقل ليكون درعًا يحمي حياته.
ثم تذكّرت كلمات ربة البيت،
“بعد الجنازة بثلاثة أشهر، ظهر فجأة، وألقى نظرةً عابرة على البيت لم تتجاوز خمس دقائق ثم رحل.”
لابد أنه أخفى شيئًا في ذلك البيت وقتها……
بالطبع، مهما كان ما حاول مين كي شيك أن يستخدمه كورقةٍ للمساومة، فالأرجح أن الأفاعي قد قلبوا المنزل رأسًا على عقب حتى لم يتركوا فيه ذرة غبار لم يفتشوها.
تحدثت سيان وهي تزيح خصلة شعر عن وجهها وتتنهد بخفة،
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 118"