سيان جعلت لينكون يُبقي الطريق إلى مدخل القاعة الكبرى مفتوحًا، ثم نهضت مع واحدٍ تلو الآخر بستة أطفال من جوقة الترنيم.
في تلك الأثناء، طرد جوون الكوابيس التي كانت ملتصقةً بأربعة من المراهقين.
كان المراهقون يترنحون بذهول، لكنهم كانوا أفضل حالًا من البالغين، فاستطاعوا السير بخطى متعثرة.
حسنًا، المجموع عشرة. لقد تم تأمين جميع الأطفال.
ألقت سيان نظرةً دائرية على داخل القاعة الكبرى.
كانت ترغب في إنقاذ المزيد من الناس، لكن…..إذا حاولت وضع عدد كبير من البيض في السلة فقد يسقط الكل ويتحطم. و كان عليها أولًا إرسال هؤلاء الأطفال إلى مكان آمن.
أشار جوون برأسه نحو باب القاعة الكبرى ببرود، في إشارة إلى أن عليهم المغادرة…..أو بالأحرى، أنه لا بد من المغادرة الآن.
أومأت سيان، وجعلت الأطفال يمشون بهدوء. ببطء… ببطء… دون أن يُصدروا أي صوت، وعلى أن يسيروا في الأماكن التي يسطع فيها الضوء.
بينما كان الأطفال المذعورون يرمقون أطراف القاعة بنظرات خاطفة.
“هـ….أ….آ….آ….”
في ظلام رمادي كئيب تغشاه سحب الدخان المتصاعد من الشموع، كان من تبقى على قيد الحياة يطلق أنينًا مخنوقًا، ويتلوى بحركاتٍ واهنة.
نصف سكان الجزيرة كانوا قد ماتوا بالفعل، أما النصف الآخر فكان بلا وعي.
و بسبب أن أشعة الشمس لم تصل بقوة إلى عمق مبنى القاعة الكبرى، كانت الكوابيس لا تزال تعبث بالناس هناك. بل إن بعض الجثث المتهدلة كانت ترتجف من الألم.
كان مشهدًا كابوسيًّا بحق.
الأطفال، الذين لا يستطيعون رؤية الأشباح، لم يفهموا لماذا كان الكبار يتلوَّون بتشنج، ولماذا كانوا يطفون في الهواء كأكياس محشوة ثم يُقذفون هنا وهناك، فارتعبوا وهم عاجزون عن إدراك السبب.
أدارت سيان رؤوس الأطفال بهدوء نحو الجدار، وواصلت التحرك بهم.
أما الزعيم، فكان لا يزال ممددًا كالأضحية فوق قمة هرم الكوابيس على المنصة.
وحتى في تلك اللحظة، كان عدد الكوابيس يزداد باستمرار، إذ أسفل الهرم الذي عليه الزعيم، كان هناك فُوَّهة سوداء قاتمة بشكل استثنائي…..
حفرة بلا قرار تؤدي إلى عمق اللاوعي، ومنها كانت الكوابيس تزحف ببطء نحو الخارج.
إنه باب الأشباح…..بوابة الأرواح.
كما توقعت، كان فحص القاعة قرارًا صائبًا.
بعيدًا عن “الصندوق الأسود”، بدا أن إغلاق تلك البوابة هو السبيل لإنهاء هذه الكارثة.
“آه..…”
فجأة، انطلق أحد الصغار من الصف بلا إنذار. و قبل أن تتمكن سيان المذهول من الإمساك به، ركض بخطوات سريعة نحو شابة و عانق عنقها.
كانت ترتدي ثوب السكان الأخضر الفاتح وقد انزلق عنها تقريبًا، وبجانبها مباشرة كان أكثر من عشرة كوابيس تمتص حياة أشخاص آخرين.
ثم ذرفت عينا الطفل دموعًا غزيرة وهو يتوسل.
“أمي…..دعونا نأخذ أمي معنا أيضًا.”
لا، مستحيل! إذا علقنا هنا الآن فسنهلك.
هؤلاء الأطفال لا يرون الأشباح، لذا لم يكن لديهم أي إدراك لمدى خطورة الوضع.
نادته سيان من مكانها، محاولةً أن تحافظ على هدوئها قدر المستطاع.
“لنخرج من هنا أولًا، وأمكَ ستلحق لاحقًا. أعدك…..سأُنقذ أمكَ حتمًا.”
“لكن أمي لا تتحرك..…”
قال الطفل ذلك وهو يهز رأسه باكيًا، ثم عانق المرأة بقوة أكبر.
“أمي مريضة جدًّا على ما يبدو…..أرجوكِ، ساعدي أمي.”
بصراحة، لم أتوقع أن يطلب المساعدة لأمه بدلًا من الزعيم.
لكن كلمة “أمي” كانت كفتيل يشعل القنبلة.
فالأطفال الذين ظلوا طوال الليل منكمشين تحت وطأة الخوف، بدأت شفاههم ترتجف، ثم انفجروا جميعًا في بكاء حاد.
“وااااه!”
“أمِّي! أمِّي! أمي…..هااه…..أمِّي!”
فارتجت القاعة الكبرى كلها من صخب بكائهم.
‘تباً…..’
شعرت سيلن بشعر مؤخرة رقبتها يقف مع فورة الخوف التي اجتاحتها.
في اللحظة التي دوى فيها بكاء الأطفال، رفعت الكوابيس، التي كانت قبل لحظات تتمايل بحركات خليعة، رؤوسها فجأة.
بل وحتى تلك التي كانت تشكل الهرم توقفت عن الحركة تمامًا، مثل تماثيل، وحدقت نحونا بثبات.
دق… دق…
بينما كانت سيان تسمع دقات قلبها تدوي بعنف، كانت عيناها تتأملان بريق عيون الكوابيس التي تلألأت بياضًا في أرجاء القاعة الكبرى.
ظلت الكوابيس بلا حركة قرابة ثلاث ثوانٍ، ثم فجأة، اندفعت جميعها في وقت واحد، وفي اتجاه واحد….نحوها.
“اركضي!”
قال جوون ذلك وهو يتقدم نحوهم.
“اركضوا!”
ثم أمسك بعنق الطفل المتمسك بأمه بعنف وانتزعه قسرًا، و ألقاه نحو سيان وهو يأمرها.
“هيا!”
“لينكون!”
ـ غَرر! غَرر! غَرر! غَرر!
انطلق لينكون فورًا وهو يزمجر بشراسة، ثم اندفع وحده وسط الكوابيس. و راح يمزق كل كابوس يقترب منه، جاذبًا انتباه الأرواح الشريرة إليه.
وفي لحظات، كان شعر جسده واقفًا بالكامل، وقد حاصره الكوابيس حتى اختفى عن الأنظار.
“أسرعوا، أسرعوا!”
أخذت سيان تدفع الأطفال الباكين بعنف نحو باب القاعة الكبرى، وهي تزيح بجنون الكوابيس التي تعترض الطريق لتفتح ممرًا.
“أسرعوا أكثر، هيا!”
بينما كان المراهقون يترنحون خلفها بوجوه شاحبة كالورق.
صرير…..صريييير.
دفعت سيان باب القاعة الكبرى بيد واحدة بكل قوتها…..
لا……هذا سيئ.
كل ما امتد إليه بصرها كان مكتظًا برؤوس الكوابيس. لقد اندفعت جميع الكوابيس في القرية إلى هنا بعدما سمعت بكاء الأطفال.
قفزت سيان بلا تردد إلى مقدمة الصف، واخترقت حشود الكوابيس، تدفعهم وتضربهم بإصرار لتشق طريقًا.
“أسرعوا! أسرعوا أكثر!”
ثم حثّهم جوون الذي كان يتولى الحماية من الخلف.
المسافة الآن إلى مقر الزعيم كانت: 170 مترًا.
“لينكون!”
وفي الحال، انطلق لينكون كعاصفة بيضاء وهو يزمجر، يتوحش كالكلب المسعور، شاقًّا طريقًا حتى مقر الزعيم.
لكن لم يستمر الأمر سوى ثانيتين، قبل أن تعود الكوابيس المتجمعة بكثافة لقطع مجال الرؤية.
“أه..…!”
أمسكت الكوابيس بها من كل جانب.
واصلت سيان القتال بجنون وسط تلك الفوضى العارمة. و عندما بدأ شيء غير مرئي يشدهم ويسحبهم بقوة، أطلق المراهقون صرخات فزع.
“آاااه!”
وأخيرًا، تعثرت طفلةٌ كانت تجري بخطوات صغيرة وسقطت أرضًا.
كانت تلك ماري، الفتاة ضعيفة البنية منذ البداية بسبب مرض في رئتيها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 109"