كانوا يستدعون الأرواح للهو لحظة، لكن اللعب بالأشباح لا بد أن يجلب الضرر.
فاللعب مع الأرواح يشبه رقصة الشامان فوق شفرات السيوف.
خطأٌ واحد، ولن يكون هناك طريقٌ للعودة.
***
“لا! توقفي! لا يمكننا المضي أكثر.”
وحين ظهرت القرية أمامهما، أمسك جوون بها بحزم وأوقفها بصوتٍ حاسم.
“أوه!”
شهقت سيان وهي تلتفت هنا وهناك بعينين متسارعتين.
ما الذي يحدث بحق..…؟
القرية الصغيرة التي كان يسكنها 217 من أهالي الجزيرة بسلام، كانت مكتظةً بالكامل بأرواح الكوابيس.
عشرة آلاف؟ لا، بل أكثر بكثير—ربما ثلاثون ألفًا أو أكثر…..
لم تكن المباني وحدها، بل الطرق والحقول أيضًا مكتظةٌ تمامًا بأرواح الكوابيس. وحتى الطين الساحلي الذي اعتاد سكان الجزيرة الذهاب إليه لجمع الأصداف، كان يعج بها، وبعضها بدأ يتسلق الجبال.
“ذلك العجوز المجنون…..”
لأنه مُبجَّل كزعيم طائفة ويُعامل كأنه كائنٌ عظيم، ربما ظن أن الأرواح الشريرة ستنحني له أيضًا.
لو كان قد أعاد الصندوق الأسود إلى ختمه الأصلي فور أن شعر أن الأمر يفوق قدرته، لما حدث هذا. لكن لا شك أنه تمسّك بالأشباح بعناد أحمق.
في مقر الزعيم، كانت الأرواح مقيدةً بقوة ختم من مستوى “أوتيس”، ولهذا كانت تطيعه.
لكن في الخارج، الأمر مختلفٌ تمامًا.
بمجرد أن استشعرت قوة سادان وقررت أنها أقوى منه، بدأت تثور على الفور.
ليس عبثًا أن الكهنة المُطهِّرين يُصابون أثناء طقوس الطرد، وأن نجاري أوتيس يلقون حتفهم.
والمصيبة أن هذه الفوضى لن تنتهي داخل حدود القرية فقط، فقد كان هناك بالفعل عشرات الكوابيس تتجه نحو الساحل، في دليل واضح على أنها تتكاثر بلا توقف، وفي الوقت الحقيقي.
كودوكوت-
لقد أصبحت “جزيرة الأشباح”.
‘لا…..هذا…..’
مهما فكرت، لم أستطع أن أرى طريقةً للخروج من هذه الكارثة…..كان الموقف قاتمًا بلا أي بصيص حل.
***
“عندما غادرت القرية في الصباح رأيت سادان والذين يرتدون الثياب الصفراء يعيدون الصندوق الأسود إلى مقرهم، لذا إن وجدنا ذلك الصندوق وتعاملنا فقط مع الروح الشريرة المسببة للمشكلة، ألا يمكننا تهدئة الوضع؟”
طرحت سيان رأيها ببرود. لكن جوون قطع عليها الكلام بحدة.
“للتخلص من الروح الشريرة علينا دخول القرية، وذلك ليس إلا عملًا انتحاريًا، على أي حال نحن استخرجنا خاتم الأفعى رقم 03 وأهم الملفات السوداء، وبهذا حققنا هدفنا.”
“هناك أناسٌ داخل القرية.”
“وماذا في ذلك؟”
كان رد جوون شديد القسوة.
“ربما هناك بعض الأحياء، لكن الأمر مجرد فرق وقت، لقد تأخرنا على أي حال.”
“لقد غادرت القرية عند بزوغ الفجر، ورأيت في ذلك الوقت أشخاصًا يتحركون في قاعة الاجتماعات، ربما مات بعضهم، لكن قد يكون عددٌ غير قليل منهم نجا.”
“سيان.”
“عندما تقتل الكوابيس الناس قد يستغرق الأمر نصف شهر أو شهر كامل.”
“ذلك عندما تكون كابوسًا أو اثنين فقط! أما بهذا العدد، فقد مات أغلبهم بالفعل!”
ثم أوضح جوون الحقيقة بلا رحمة.
“ومن دون سلاح، ومعنا كلبٌ واحد فقط، فبماذا سنخترق صفوف ما يقارب ثلاثين ألفًا من تلك الكوابيس التي لا تزال تتكاثر باستمرار؟ ثم تظنين أننا سنتمكن من انتزاع البشر، وهو غذاءهم، من بين أنيابها والخروج؟”
“لكن..…”
“لي سيان.”
كانت نبرته حادة.
“كيف يمكن أن تنقذي ما يقارب مئتي شخص من بين تلك الكوابيس الهائجة؟ ثم أين سنقاتل ونصمد بهم على هذه الجزيرة حتى تصل فرقة الدعم عند السادسة مساءً؟”
لم يكن الوقت سوى العاشرة صباحًا تقريبًا. وقد بقيت ثماني ساعات كاملة حتى المساء.
وبالنظر إلى سرعة تكاثر الكوابيس المستمرة، فبحلول السادسة سيكون من المؤكد أن الجزيرة كلها قد غصّت بها حتى لا يبقى موضع قدم.
جزيرة شيطانية بحق…..وجزيرة مهجورة.
أمسك جوون بمعصم سيان بقوة، وأطلعها على خطته.
“فلنذهب إلى الرصيف، الأرواح تكره الماء و فالموقع مناسب، وقد سيطرتُ على نقطة التفتيش هناك فجرًا، لذا ما علينا سوى الوصول إليه.”
“….…”
“إن اندفعت الكوابيس نحو ذلك الاتجاه، لنستغل الجسر الضيق عند الرصيف للقتال، ثم نصعد مباشرةً إلى القارب وينتهي الأمر، فقد أنجزنا بالفعل هدف مهمتنا. حصلنا على خاتم الأفعى، ووضعنا يدنا على الملف الأسود أيضًا. على أي حال، في الوضع الحالي لا يمكننا انتزاع أي معلومات من سادان، فقد نالت منه الكارثة أثناء استدعائه للأشباح، إما أنه مات بالفعل أو أن عقله انهار بسبب الكوابيس.”
لذلك، فإن ما يقوله جوون هو في الوقت الراهن الحكم الأكثر منطقية.
‘لكن، لا…..لا.’
حدقت سيان مباشرة في عينيه.
“تلك الكوابيس…..كم سيكون عددها بعد مرور هذه الليلة؟ مئة ألف؟ مليون؟”
“….…”
“غدًا، حتى أوتيس لن يستطيع التعامل مع ذلك العدد. لهذا، علينا القضاء عليها الآن بينما الشمس لا تزال في السماء.”
إن تُركت على حالها، ستنتشر تلك الكوابيس المجنونة حتى تصل إلى البرّ.
ستصبح وباءً لا يمكن لأحد إيقافه، وستستغل السفن التي تدخل هذه الجزيرة لتنتشر على اليابسة انتشارًا واسعًا.
كان تخيل ذلك المشهد كان كفيلًا بأن يقشعر له الجسد.
لا يمكن أن يحدث هذا.
واصلت سيان حديثها وهي تحدق في عيني جوون.
“الآن هو وقت الظهيرة حيث تكون قوة الروح الشريرة في أضعف حالاتها، وكل ما نحتاجه هو العثور على الصندوق الأسود، ولا يمكننا أن نقضي الساعات الثماني المتبقية حتى السادسة مساءً ونحن نقضم أظافرنا بانتظار لا طائل منه.”
هذه الجزيرة كانت بؤرة الانطلاق لكل الكوارث التي قد تحدث لاحقًا، وإن كان بالإمكان منع تلك المأساة المتوقعة بوضوح، فلن يكون ذلك إلا “اليوم فقط”.
لا مجال للهروب. كما أن رجل الإطفاء لا يتراجع أمام ألسنة اللهب، والشرطي لا يغض الطرف عن مسرح جريمة بشعة، فإن عمل أوتيس هو مواجهة الأرواح الشريرة.
“لي سيان!”
جذبها جوون بعنف من ذراعها، لكن سيان لوت معصمه بسرعة لتتحرر، ثم أصدرت أمرها.
“لنقسّم العمل، سأتحقق أولًا من قاعة الاجتماعات، ثم أذهب إلى مقر الزعيم لأقضي على الروح الشريرة المسببة للمشكلة أو أستعيدها.”
على أي حال، الاستمرار في الجدال معه لن يجلب إلا إضاعة الوقت، ولم يكن هناك أي نقطة اتفاق.
وفوق ذلك، كان لا بد أن يبقى أحدٌ في المؤخرة لتسليم خاتم الأفعى رقم 03 والملفات السوداء إلى الرئيسة.
“جوون، عد إلى نقطة التفتيش، واطلب من الرئيسة أن ترسل أدوات طرد الأرواح الضخمة على متن قارب السادسة.”
***
تسللت سيان إلى داخل القرية، تتلوى بجسدها بحذر بين الكوابيس التي وقفت ساكنةً كأنها نائمة.
كانت قد أوصت لينكون مسبقًا ألا ينبح أو يزمجر. فلو كان الليل حالكًا، لما فكرت حتى في محاولة الدخول…..
وكحال معظم الكائنات الروحية، كانت الكوابيس أيضًا بطيئة الاستجابة تحت أشعة شمس النهار، كأنها في سبات عميق، فلا خطر ما لم يصدر صوت مرتفع.
لكن هذا لا يعني أن الخطر قد انعدم. فالوحيد من الأماكن الآمنة تمامًا على الجزيرة كان مقر الزعيم، المحمي بختم من مستوى أوتيس. ولحسن الحظ، كان “الصندوق الأسود” قد أُعيد بالفعل إلى هناك.
لذلك، إن تمكنت من الوصول إلى ذلك المبنى، فربما يمكن حل هذه الأزمة…..
لكن الكوابيس أمامها كانت متجمعةً بكثافة، كحشود مهرجان في قلب المدينة، حتى أنها لم تستطع التقدم دون الاصطدام بها.
هل أجرب الالتفاف بالكامل والدخول من الجهة الخلفية للقرية؟
“أوه!”
فجأة، امتدت يد أمام بصرها ودَفَعت رأس أحد الكوابيس بعيدًا بقوة.
في لحظة المفاجأة، تقدم جوون بخطوات واسعة إلى الأمام، ودفع ثلاث أو أربع كوابيس جانبًا بلا اكتراث.
ولدهشة سيان، لم تُظهر الكوابيس المدفوعة سوى نظرةٍ خاطفة نحوه، دون أي رد فعل هجومي يتجاوز إظهار الأنياب أو الزمجرة.
فهمست سيان بدهشة،
“لماذا تبعتني؟”
“أتظنين أنني سأدعكِ تخوضين هذا الجحيم وحدكِ؟ في الحياة أو الموت، يجب أن نكون معًا حتمًا.”
“لكن..…”
“شش.”
واصل جوون السير بلا تردد، محذرًا،
“الكوابيس تعتمد كليًا على قاعدة القوي يسيطر على الضعيف. لا تتجاهليها أو تُشيحي بنظرك، بل حدقي مباشرة في عيون كل واحد منها. نظرة تقول: رأيتكَ، لذا تنحَّ.”
“….…”
“يجب أن تدهسيها بالهيبة وتدفعينها بلا تردد.”
ثم دفع بظهر يده بعض الكوابيس التي اقتربت منه كما لو كان يصفعها بعيدًا.
“تحكمي بأعصابكِ، لا تنفعلي، وتصرفي بحزم.”
لم يكن رجلًا يمكن إقناعه بالعودة بمجرد الكلام.
فاستنشقت سيان نفسًا عميقًا، ثم فردت كتفيها بثبات.
خطوة…..ثم خطوة أخرى. كانت تمشي بوجه بارد، وعينيها تحدقان مباشرةً إلى الأمام.
كلما تجاوزت مبنى النزل وتوغلت أكثر نحو وسط القرية، ازدادت الكوابيس كثافة حتى كاد ضيقها يخنق الأنفاس.
كانت هالتها الداكنة الكثيفة تسبب دوارًا يكاد يسقطها.
وبعضها كان يزحف على الأرض كالوحوش، متحينًا فرصة للإمساك بكاحليهما، وكأنهما سيلتهمانها في أي لحظة.
إن أُمسكت، فالنهاية محققة. وبمجرد أن تُسحب وسط ذلك الحشد، سيكون الخروج شبه مستحيل.
حدقت سيان ببرود في أعين الكوابيس التي كانت تتسلل نحوها بخطوات مترددة.
“تنحوا.”
كان بريق عينيها الهادئ يجمد حركتهم للحظات.
واصلت سيان السير ببرود جليدي. حتى بدا في الأفق مبنى قاعة الاجتماعات، وكان بابها لا هو مغلقٌ تمامًا ولا مفتوحٌ تمامًا، بل مواربًا بقدر الثلث تقريبًا.
ببطء… وببطء شديد…
صرير…
اقتربت بحذر ودَفعت الباب ليفتح بالكامل، لتكشف عن داخل القاعة الذي غرق في عتمة خافتة بعدما احترقت الشموع بالكامل.
“أخ..…”
ثم وخز أنفها مزيجٌ مقزز من رائحة الجثث العفنة والدماء المعدنية النفاذة.
فحبست سيان أنفاسها للحظة.
الأحياء والأموات، البشر والأرواح، كانوا مختلطون عشوائيًا، يرتجفون معًا في مشهد هو بحق لوحةٌ من الجحيم.
ثم…
‘الزعيم.’
على المنصة هناك، فوق قمة هرمٍ شكله الكوابيس بأجسادها، كان زعيم طائفة السنابل، سادان، معلقًا في الهواء كأنه قربان.
“ههه….هنييغ….سنف..…”
ثم لفت انتباهها صوت بكاء صغير، فالتفتت بسرعة، لترى في ركن حيث دُفعت الكراسي جانبًا، ستة أطفال من جوقة الصباح متجمعين متلاصقين.
كانوا يراقبون بخوف وحيرة الكبار وهم يتلوون ويتأوهون على نحو غريب. وبدت وجوههم الصغيرة منتفخةً حمراء، وكأنهم قضوا الليل كله في البكاء.
تنفست سيان ببطء وهي ترخي التوتر في كتفيها.
عادةً ما تبدأ الأرواح الشريرة بافتراس الأضعف أولًا داخل البيت…..حيوانات أليفة، ثم الأطفال، فالمسنين، ثم البالغين.
لكن الكوابيس كانت عكس ذلك، تبدأ بالبالغين الذين يمكن أن تثير غيظهم ومخاوفهم، ثم المسنين، وأخيرًا الأطفال. ولهذا بدا أن الأطفال بخير، بلا إصابات.
“أواااه..…”
رأى بعض الأطفال سيان و جوون سالميْن، فشعروا بالارتياح ووشكوا على البكاء فرحًا.
و في الوقت نفسه، رفع بعض الكوابيس رؤوسها نحوهما بسرعة.
“شش.”
أسرعت سيان بوضع سبابة إصبعها على شفتيها لتنبه الأطفال للصمت، ثم التفتت نحو جوون.
“سأنقل الأطفال فورًا إلى مقر الزعيم.”
______________________
اشوا اهم شي البزران
وعسا الي صار الصراحه كل ذا المجانين فطسوا؟ واو
المهم الزعيم فطس ولا توه؟ ابي اصفق
وجوون جنتللله ماخلا زوجته هاهاعاعاهتهاهاهاهاها
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 108"