تقدّمت سيان نحوه بخطوات بطيئة، حافية القدمين، تصدر صوتًا خفيفًا على الأرض.
و كان الظلام قد انقشع بالفعل، والشمس قد أشرقت، لكن بفعل الإعصار الذي يعصف بالخارج، ظلّ داخل المنارة غارقًا في عتمة زرقاء قاتمة.
صرير… صرير…
وعندما صعدت على السرير العتيق المغبر، رفع جوون طرف الغطاء.
“تعالي……هيا.”
اقتربت سيان دون تردد، حتى لامست صدره ملامسةً خفيفة، فيما أسندت كتفها إلى كتفه العريض المتين.
وكأنه كان ينتظرها، جذبها إليه ولفّها بغطاء السرير نفسه.
كان باردًا. فما إن اقتربت منه حتى شعرت وكأنها التحفت بكتلة جليد، فتبدّد على الفور التوتر الذي كان يملأ الجو قبل لحظات.
وخاصةً رأسه، الذي بدا وكأنه تجمّد تمامًا بعد أن ظلّ يتجول تحت الإعصار والمطر، حتى صار خطرًا عليه.
“أنزل رأسكَ.”
أجبرته سيان فورًا على إحناء رأسه لتحتضنه.
و حين غطّت خصلات شعره المبتلة ترقوتها، تسلّل إليها بردٌ قارس يبعث القشعريرة، لكنها تماسكت وأذابت برودته شيئًا فشيئًا بدفءها.
وبملامح متجهمة، عاتبته سيان،
“رغم هذا كله، كيف استطعت أن تتحمّل؟”
“هُوه……”
أطلق جوون زفيرًا مفعمًا بالارتياح، مستندًا بجسده إليها.
“أنا في الأصل إنسان كسولٌ جدًا……لكن……”
“…….”
“عندما أتذكر لي سيان، أجد نفسي أتحمّل على نحو غريب……حتى البرد، وحتى الكسل.”
“سأغطيكَ بالغطاء حتى رأسك.”
غطّت سيان رأسه بغطاء السرير الرقيق، ثم وضعت فوقه معطف المطر مضاعفًا.
كان هذا كفيلًا ببعض التدفئة، لكنه بالتأكيد لا يكفي.
“ضعي ذراعيكِ..…حول عنقي.”
همس جوون بصوت منخفض. و من دون أن تقول شيئًا، لفت سيان ذراعيها حول عنقه.
عندها، بدأت برودة جسديهما تنخفض شيئاً فشئاً وعندما تحركت سيان بحثًا عن مزيد من الدفء وهي تضم كتفيها، ألصق جبينه بجبهتها،
“أليس لديكِ قليلٌ من الحمى؟”
“سأنام قليلًا، وحين أستيقظ سأكون بخير.”
الآن، وهي مصابةٌ بالبرد، فكّرت أنه إن واصلت مقاومة النوم فسوف تفقد وعيها، لذا لا بد أن تنام قليلًا ولو لفترة قصيرة نومًا عميقًا.
“سأنام ثلاث ساعات فقط……ثم أستيقظ.”
“سأوقظكِ أنا، و الآن نامي.”
فأغلقت سيلن جفنيها، وقد ثقل عليهما النعاس.
قَرَع، قَرَع، قَررررَع…
في الخارج، كان الإعصار يعصف بلا هوادة. و البحر ما زال هائجًا، وقطرات المطر العنيفة كانت تضرب زجاج فانوس المنارة بقسوة.
ورغم ذلك، ربما بفضل دفءه، شعرت وكأنها ستتذكر هذا المنارة، في هذه الجزيرة التي لن تعود إليها أبدًا، من حين لآخر.
ورغم أن البرودة كانت ما تزال تدور بخفة في الجو، إلا أن تاي جوون وحده كان دافئًا على نحو يبعث على السرور.
***
الساعة العاشرة صباحًا.
حين فتحت سيان عينيها ببطء، كان جوون قد عاد، قائلًا أنه “مرّ على نقطة التفتيش قليلًا”، وناولها بعض الثياب الجافة.
بينما كانت سيان تبدل ملابسها، كان هو يضع الخاتم الماسي رقم 03 في جيبه.
هوووم… هوووم… هوووم…
كانت الرياح العاصفة ما تزال تهز زجاج فانوس المنارة بقوة، لكن خلال الليل هدأ هبوبها قليلًا، وبدا أن الإعصار الذي جاء أبكر من توقعات النشرة الجوية سيهدأ بحلول هذا المساء.
والأهم من ذلك، أن المطر كان في حالة توقف مؤقت.
بعد أن أخفى الملفات السوداء بعناية في زاوية المنارة وعاد، وضع جوون يده على جبينها وهو يقطب حاجبيه.
“حرارتكِ ما زالت مرتفعةً قليلًا……”
“هذا لا بأس به.”
فهي قادرةٌ على الحركة بشكل كافٍ، لذا بدأت الاجتماع فورًا.
“قالت الرئيسة أنها سترسل خفر السواحل بحلول السادسة مساءً، صحيح؟ قبل وصولهم يجب أن نخرج الأطفال من قاعة المؤتمرات ونضمن أنهم في حوزتنا.”
كان هؤلاء الأطفال قرابين حية نادرة للغاية—أجنة توائم وُلدت من أمهات كنّ أيضًا أجنّة توائم في أرحامهن. ومن المستحيل أن يتركهم سادان يرحلون.
لكن “خاتم الأفعى رقم 03” كان بحوزتهم الآن—الخاتم الذي يقدّره سادان أكثر من أي شيء في العالم، بل وأكثر من هذه الأرض التي يسميها الخلاص.
“حتى دون استخدام الخاتم كطُعم، فالآن على الأرجح أن الكوابيس لايزالون في قاعة المؤتمرات……”
وقبل أن يُكمل جوون حديثه، انطلق من خارج المنارة نباح كلب.
و ذلك النباح الحاد المليء بالتحذير……كان لينكون؟
نهضا في اللحظة نفسها وركضا هابطين الدرج الضيق للمنارة.
كان واضحًا أن المتعقبين الذين عادوا إلى القرية في الصباح الباكر قد خرجوا مجددًا، وهذه المرة متجهين نحوهم تحديدًا.
وكان الخصم مسلحًا ببندقية صيد. ومع طلوع الشمس بالكامل، كان عليهم الانسحاب قبل أن يراهم أحد.
“انتظري.”
ضيق جوون عينيه بتوجس، وكأنه لمح شيئًا غريبًا.
وحين التفتت لتنظر في الاتجاه الذي يحدق فيه، رأت أرواحًا واقفةً متفرقة على طول الساحل القاحل.
“الكوابيس.”
كانت جميعها كائنات كابوسية، والسبب في نباح لينكون كان تلك الكائنات بالذات.
لكن……لماذا؟ فالكوابيس أرواحٌ شريرة تولد من أعماق اللاوعي، وتظهر فوق النائمين. وهذه الشياطين لا تفارق البشر أبدًا، ولا تهيم على وجهها مثل الأرواح التائهة.
وفي اللحظة التي بدأت تتساءل فيها، خرج نحو عشرين كائنًا كابوسيًا فجأة إلى الساحل، يتحركون ببطء كأنهم زومبي.
“ما الذي……يحدث هنا؟”
بمجرد أن رأت ذلك الجمع الغريب من الكوابيس، تسارعت أنفاسها من شعورٍ قارسٍ بالخطر.
“ذلك الأحمق اللعين.”
أدرك جوون الموقف، فقبض على أسنانه وهمس بين فكيه،
“إن لم تكن قادرًا على التحكم بالأشباح، فما كان عليكَ أبدًا أن تطلق سراحها.”
_______________________
الفصل مب كأنه قصير؟ هيه وش صاير
بعدين يروحون ذا الكوابيس شفيهم صدقوا انهم بشر
المهم جوون وسيان يجننون🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 107"