تسللت سيان إلى غرفة تحضير الشاي بأقصى قدر من الحذر.
كانت تسمع أصواتًا خافتة تتبادل الحديث من غرفة الاستقبال المجاورة. فنظرت من طرف الباب و رأت ثلاثة رجال مفتولي العضلات يرتدون الأصفر مجتمعين هناك.
بما أن جميع سكان الجزيرة قد نُقلوا إلى قاعة الاجتماعات، وحتى الزعيم و تشوداي تو توجها إلى هناك، يبدو أن هؤلاء الثلاثة بقوا للحراسة والمبيت في مقر الزعيم.
ثلاثة فقط، حتى لو اندلع شجار، يمكن السيطرة عليهم بسهولة.
ولحسن الحظ، لم يكن هناك سوى ضوء الشموع، مما جعل الداخل معتمًا أيضًا.
“لو تغافلنا قليلًا، سيتسلل الجواسيس بسهولة. ألا يمكننا التوقف عن استقبال مزيد من الأتباع؟”
“مستحيل. يجب أن نملأ الجزيرة بالكامل بأربعة وأربعين ومئة ألف من حبوب القمح الطيبة. عندها فقط سيمحى هذا العالم القذر بالدمار، وبعد ذلك سنجد الأرض الجديدة للخلاص الأبدي.”
“ألم يقلوا أن أولئك الدخلاء الذين تسللوا مؤخرًا حرّضوا الناس على قتل الزعيم؟ أولئك الأوغاد الشياطين، مثل سنابل فاسدة وعفنة!”
كانت سيان قد مرت سريعًا بغرفة تحضير الشاي في زيارتها السابقة لهذا المبنى.
و تذكرت أن أنواع الشاي المخصصة للزعيم في ذلك اليوم كانت مكتوبةٌ على اللوح الأبيض، وبجانبها، فوق الخزانة المعدنية، كان هناك مصباحٌ يدوي.
رائع، ما زال هنا.
عندما تعيش جماعةٌ معًا، يجب دائمًا إعادة كل شيء إلى مكانه.
أمسكت سيان المصباح اليدوي بكل هدوء.
“علينا حماية الزعيم. ألا تعرفون من هو؟”
كان الثلاثة المرتدون الأصفر يكررون الكلام ذاته وكأنهم يتنافسون في إظهار ولائهم. و أجسادهم كانت تتمايل في ضوء الشموع القاني المتراقص.
ربما لا يمكنهم رؤيتها من هناك، لكن مع ذلك…..ببطء….ببطء شديد…..
خفضت سيان جسدها واختبأت في الظلام تنتظر اللحظة المناسبة، ثم استغلت دوي الرعد واندفعت بسرعة عابرة أمام غرفة الاستقبال.
تم الأمر.
واصلت طريقها بخفة، مخففة وقع خطواتها، واجتازت الطابق الثاني لتصل مباشرةً إلى مدخل الطابق الثالث.
دلك-
أضاءت المصباح اليدوي ولوّحت به ببطء، فظهرت أمامها ثلاث أبواب.
و وضعت أذنها على أقرب باب وانتظرت قليلًا، ثم كيييي…..فتحته بحذر وتفقدته.
كانت هذه غرفة الحمام والمرحاض الخاصة بالزعيم. والباب الآخر كان مكتبًا ومكتبةً شخصية للزعيم، أما الباب الأخير، فكان غرفة نومه.
ولحسن الحظ، لم يكن أيٌ من الأبواب الثلاثة مغلقًا. و في الواقع، لم يكن لشيء اسمه “قفل” وجود في هذا الخلاص. فكل الأبواب كانت دائمًا مفتوحة للجميع.
“هاه..…”
ما إن رأت غرفة نوم سادان حتى انفلت منها ضحكةٌ ساخرة.
“ما هذا، هل نحن في زنزانة أم ماذا..…؟”
على الجدار، كان هناك لوح خشبي مُثبت على شكل حرف X، مخصصٌ للتقييد، تحيط به أصفادٌ معدنية، ومجموعة من ادوات التعذيب، وسياط.
كان مكانًا مثيرًا للاشمئزاز، يفيض برائحة الدم.
هل كانوا يتفاخرون وهم ينظفون هذه الغرفة يوميًا قائلة، “أتعرف من يكون زعيمنا العظيم؟”؟
بدأت سيان في التفتيش ببرود.
خاتم الأفعى الخاص بمنظمة UM كان مخفيًا في مكان سرّي من قبل، ومن الطبيعي أن خاتم الأفعى لسادان لم يُخفَ في موضع يمكن لأحد من المرتدين الأصفر أن يصل إليه أثناء تنظيفه.
خاتم الأفعى، رمز الخلود. من المؤكد أن سادان أخفاه في مكان لا يعرفه أحدٌ من أتباعه، وفي أقرب نقطة ممكنة منه، حيث يمكنه حمايته بنفسه.
لم يكن هناك وقتٌ لتضييع ثانية، فبدأت تفتح الأدراج في غرفة النوم بسرعة، وتفحصت المرتبة، والجدران، والأرضية، والإطارات المُعلقة.
كان هذا المبنى مزودًا بختم من مستوى أوتيس، يمنع أي كيان روحي مثل لينكون من الدخول. لذا، كانت تتوقف بين الحين والآخر، تنصت بحذر لأي صوت يأتي من خارج غرفة النوم.
وفي غرفة الملابس، وجدت بدلًا فاخرة وساعات وخواتم باهظة الثمن مكدسة، ما يعني أن الزعيم كان يغادر الجزيرة أحيانًا.
حسنًا، لا بد أنه يخرج لحضور طقوس الأفاعي.
لكن بخلاف ذلك…..لا شيء مهم.
خرجت من غرفة النوم بصمت، وبدأت بتفتيش المكتبة التي كانت تُستخدم أيضًا كمكتب.
الرفوف لم تكن مليئةً بالكتب، بل بملفات كثيرة محشوة بإحكام.
سحبت واحدًا منها وبدأت تتصفحه بسرعة…..فوجدت صورًا لعدد كبير من التابعات، التُقطت على ما يبدو بعدسة الزعيم نفسه.
أعادت سيان الملف الأصفر إلى مكانه، ومررت ضوء المصباح عبر الملفات المرتّبة، ثم سحبت واحدًا أسود اللون من الأعلى.
كان هذا الملف يحتوي على شجرة عائلات الجزيرة. من أنجب من؟ وفي أي عمر؟ ومن تفرّع عنهم؟
وكانت جميع الأوراق التي تخص الأفراد مختومةٌ بالختم الأحمر الخاص بالزعيم. ما يعني أن الزعيم راجعها واحدةً واحدة وختم عليها بنفسه.
‘يبدو أنه ملفٌ سري للغاية.’
رفعت سيان يدها وبدأت تتحسس أطراف الملفات بيدها، حتى وصلت إلى آخر ملف أسود في الصف، يبدو أنه أُضيف مؤخرًا، فسحبته وفتحه.
وكان هو الآخر ملفًا عن الأشخاص. بل وكان عن وجه مألوف.
فالمرأة في الصورة، كانت واحدةً من الأرواح السبعة التي ظلّت تتبع سيان منذ أول يوم وصلت فيه إلى الجزيرة.
‘توأمٌ رحمي.’
كانت تلك العبارة مكتوبة بوضوح في بطاقة التعريف الخاصة بها. والمثير أن الطفل الذي أنجبته هذه المرأة مسجّل تحت اسم…..ماري.
وضعت سيان صورة الأم وابنتها جنبًا إلى جنب، وسلّطت عليهما الضوء وهمست،
كان الطابق الثاني بالكامل عبارةً عن مكتبة، وقد امتلأت رفوفه حتى الاختناق بملفات تتعلق بأتباع طائفة السنابل، مرصوفةً كأنها كتبٌ في مكتبةٍ حقيقية.
طائفة السنابل لا تستخدم الحواسيب، بل تسجّل كل شيء ورقيًا. وكانوا يقولون أن جميع المعلومات الشخصية حول الأتباع — كالعلاقات العائلية، والعمل، والتحصيل الدراسي، والممتلكات — تُرسل إلى “الزعيم المقيم في أراضي الفردوس”.
والآن اتضح أنهم جمعوا كل شيء هنا.
أما غير ذلك، فلا شيء يُذكر.
مررت سيان يدها بتعب على شعرها، وقد بدا على وجهها الإرهاق.
‘لا يمكنني فضح مسألة التوأم الرحمي علنًا…..’
لكن إن كان هناك ما يمكن إثارة الرأي العام به من أمور غير قانونية…..ربما تلك الرسائل التي تُرسل إلى عائلات الأتباع المتوفين، وكأنهم لا يزالون على قيد الحياة، يطلبون المال بكلمات تشبه أسلوبهم تمامًا؟
حتى والد كيم يون وو ما زال مقتنعًا بأن زوجته السابقة وابنته تعيشان حياةً جماعية على هذه الجزيرة.
ثم هناك افعال الزعيم المنحرفة. وجثث الحوامل، التي لا شك أنها مدفونةٌ في الساحل الصخري.
قضيةٌ تلو الأخرى، مثيرة للاشمئزاز ومروعة…..لكنها، من يدري؟ هل يكفي هذا فعلاً لإسقاط طائفة حصاد الحبوب من البحر؟
هناك طوائفٌ أشد فظاعة استمرت رغم ضجيج الفضائح، وما زالت تجذب الأتباع وتزيد نفوذها حتى الآن.
“هاه..…”
أطلقت سيان زفرةً مكتومة من الضيق وتفقّدت الخارج من النافذة.
كووادانغ-! تانغ تاننغ-!
كان صوت التحطيم والتطاير لا يزال صاخبًا. و واصلت الأشجار سقوطها محدثة صوتًا خشنًا كـ”باداداداداك”.
رغم أن الإعصار أربك الإحساس بالوقت، فقد بدا أنه حوالي الساعة الرابعة فجرًا.
و لا بد أن جوون لا يزال وسط ذاك الإعصار، مرتديًا مجرد معطف واقٍ من المطر فقط…..
اشتد قلقها وتوترها، لكنها هزت رأسها بسرعة وعادت تركّز على مهمتها. فقد كسبت هذا الوقت الثمين لأن جوون شتّت انتباه المطاردين.
و لا بد من العثور على دليل يثبت أن زعيم السنابل المعروف بـ سادان هو نفسه ثعبان جلجامش، قبل شروق الشمس.
لكن لم يكن هناك أي معلومة تتعلق بالثعبان في أي مكان من مقر الزعيم.
“آه..…”
فجأة رفعت رأسها. و عادت مسرعة إلى غرفة نوم الزعيم.
تذكرت الآن أنه أثناء طلاء المبنى، لاحظت أن الجهة الخلفية من الطابق الثالث لا تحتوي على أي نوافذ، فاحتفظت بهذه المعلومة في ذهنها.
وقفت سيان أمام الجدار الشمالي داخل غرفة نوم الزعيم. و كان ذلك الجدار مزينًا بسنبلة قمح ذهبية، وهي رمز طائفة السنابل.
أخذت تتفحّص سنبلة القمح المتلألئة بعناية تحت ضوء المصباح اليدوي، ثم قامت بالضغط على السنبلة الذهبية التي يبلغ طولها 31 سم، ثم حاولت سحبها أيضًا.
لكن لم يحدث أي رد فعل…..
عندها، أدارت سيان السنبلة باتجاه عقارب الساعة، ثم أعادت تدويرها بعكس الاتجاه.
ترررق-
و هذه المرة، تحرّكت سنبلة القمح. فواصلت سيان تدوير السنبلة الذهبية حتى انقلبت تمامًا رأسًا على عقب.
تشالك-
‘تم الأمر.’
مع صوت فكّ القفل، انفتح الجدار الطويل الذي كان يعرض أنواعًا مختلفة من ادوات التعذيب وكأنه خزانة عرض، بانسيابية تامة، دون أن يصدر عنه أي صوت.
“وجدتها.”
***
كوووورررر…..كواااارغ-!
كانت الأمواج، كأنها تسونامي، تضرب اليابسة بعنف. و كان بحر الليل الغاضب مخيفًا، متوحشًا، كأنما يسكنه وحش.
كانت الأمواج السوداء تتصاعد وتندفع بعنف كما لو كانت ستحطم الرصيف، وكانت الأسلاك الشائكة المحيطة بمركز التفتيش قد سقطت تمامًا بالفعل.
أخذ جوون يكسر نصل السكين القاطع وهو يضعه على الحائط، ثم نزع قطعةً واحدة فقط. بعدها تحرك نحو الجهة الخلفية لمركز التفتيش، حيث كانت الأضواء مشتعلة بشدة.
كان هذا المركز هو المكان الوحيد في الجزيرة المتصل بالعالم الخارجي. وكان هناك ثلاثة رجال وامرأة واحدة في الداخل.
انتظر جوون قليلًا، ثم، عندما دوّى الرعد بقوة في السماء، أنزل القاطع الكهربائي.
“آااااه! ما هذا؟!”
فجأة، ومع انطفاء المصباح، تعالت أصواتٌ مذعورة من الداخل.
بينما اختبأ جوون بسرعة في الظلام وظل في وضع الاستعداد، ولم يمض وقتٌ طويل حتى خرج رجلان يرتديان معاطف المطر من مركز التفتيش.
ترك جوون الرجل الأول يمر، ثم أمسك بفم الثاني الذي كان يتبعه على الفور، وتعامل معه بسرعة وخفة.
و ترك من كان يصلح القاطع الكهربائي، ودخل إلى الداخل.
تشق…كيييييي-
“آآه!”
حين سمعت صوت الباب يُفتح، استدارت امرأة في منتصف العمر كانت بالداخل لتتفاجأ وتتجمد من الذعر. فرفع جوون يده المبللة تقطر ماء، ووضع سبابته على شفتيه.
“شش.”
كان يحدق فيها بثبات دون أن يرمش. و كان يقف في ظلام دامس، و طوله يقترب من مترين، وعيناه الباردتان المتألقتان ببريق يشبه الشياطين.
فارتجفت المرأة بشدة حتى كادت تتوقف عن التنفس من شدة الرعب. بينما هو تفحّص المكان بهدوء، ثم وقف ملتصقًا بالحائط بجوار الباب.
وما إن عادت الإضاءة وامتلأ المكان بالنور من جديد…..
تشق-
لم تمضِ ثلاثون ثانية حتى فُتح الباب، وعاد الرجل الذي رفع القاطع وهو يهز رأسه مبللًا.
“آه، هذا الإعصار المزعج.”
رفع رأسه، وفور أن رأى المرأة المتجمدة بوجه شاحب، بدت عليه علامات الحيرة.
“لِمَ ترتجفين إلى هذا الحد…..كخ!”
تصرّف جوون مع الرجل كما لو كان شبحًا، بهدوء تام وبسرعة قاتلة. ثم أصدر أمرًا للمرأة التي انهارت جاثية على الأرض من الذعر.
“هاتفي المحمول…..أحضريه حالًا.”
____________________
شفتوا حنيته ماقتل الحرمه 😔🤏🏻
المهم سيان ياقلبو تكفين خذوا ماري معكم وانتم طالعين😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 104"