فيوووووووه-

 

كان صوت الرياح هائجًا، كأنها ستهدم العالم من شدتها.

 

بينما سارعا سيان و جوون بتبديل ملابسهما داخل الكهف المظلم. فقد انخفضت حرارة جسديهما بعدما تسلقا الجبل وسط المطر والرياح.

 

“الجو باردٌ للغاية……هل تشعرين بالبرد؟”

 

“قليلاً.”

 

“الجزيرة لا تحتوي حتى على دواء للزكام، سيكون الأمر مزعجًا إن مرضتِ……”

 

كروووووم-

 

تجاهلته سيان بينما مسحت الماء عن جسدها بسرعه، ثم ارتدت الثياب الجافة التي أحضرها جوون.

 

لقد كان رجلًا يعرف ما يفعل فعلًا، فإحضاره للملابس الطويلة كان شيئًا ممتنّة له بصدق.

 

وبعد أن لبست فوقها معطف المطر، صار الحفاظ على حرارة جسدها أسهل.

 

جلس الاثنان في مكان مناسب داخل الظلام. ثم بدأ جوون في تقشير البطاطا النيئة بسكين نجارة، وناولها إياها.

 

ثم تحسّست سيان بحسّها حركة لينكون الذي كان يقوم بدورية قريبة، و بدأت الحديث وهي تقضم البطاطا النيئة.

 

“الأفاعي……لا يحصدون من هذه الجزيرة سوى الثمار السليمة……”

 

ففهم جوون مغزى كلامها بسرعة.

 

“كان هناك فتاةٌ مريضة في الجوقة……أعتقد اسمها كان ماري؟”

 

“ماري تلك……على الأغلب سيتخلصون منها خلال أيام. فقد اكتشفوا أنها تحدثت معي على انفراد.”

 

رغم أنهم يدّعون أنهم سيُرسلونها لإجراء عملية في مستشفى على اليابسة، إلا أن هذا، طبعًا، كذبٌ واضح.

 

بل في الحقيقة، كانوا يخططون لـ”إتلافها” لأنها مريضة. وعلى الأرجح، لطالما تخلصوا من أمثالها في نقطة التفتيش على الجزيرة.

 

واليوم تحديدًا، أخبرتها ماري بمعلومات سرّية للغاية……فلا شك أنهم سيسرعون إلى قتلها لإسكاتها قبل أن يتفشى أي شيء.

 

تحدثت سيان بنبرة باردة، وقد حسمت أمرها،

 

“علينا إنقاذ الطفلة.”

 

“طفلة واحد فقط؟”

 

“لا، بل جميع أطفال الجوقة الستة، بالإضافة إلى المراهقين الأربعة……فأولئك المراهقون، من المؤكد أنهم سيُقتلون خلال سنواتٍ قليلة.”

 

“آنسة سيان……”

 

ابتسم جوون ابتسامةً خفيفة من داخل الظلام.

 

“نحن على جزيرة، لوحدنا.”

 

“أعرف. ونحن مطاردون أيضًا……”

 

“ولا يمكن الوصول إلى الميناء إلا بعد عبور نقطة التفتيش المحاطة بأسلاك شائكة، وحتى القارب الذي يربط الجزيرة باليابسة……هو يختٌ مملوك بالكامل لطائفة السنابل، وميناء اليابسة يسيطر عليه أتباعهم بالكامل.”

 

بل والأسوأ من ذلك، أنه لم يكن هناك أي وسيلةٍ لطلب الدعم من “أوتيس”، وحتى الرئيسة لم تكن قادرةً على مراقبة الوضع عبر الأقمار الصناعية بسبب الإعصار.

 

سيان بلا سلاح، و جوون عاجزٌ عن استخدام كوابيسه……وضعٌ أقرب ما يكون إلى كارثةً مكتملة الأركان.

 

ورغم ذلك……

 

أصرّت سيان بعزم لا يتزعزع،

 

“عندما نهرب، علينا أن نأخذ الأطفال معنا.”

 

“نأخذهم؟ هل تظنين أنهم سيتبعونكِ طواعية؟”

 

“لكن……”

 

“هل تعتقدين حقًا أن الأطفال سيتخلّون عن الزعيم ويغادرون هذا الخلاص؟”

 

“سنجبرهم على الخروج إن اضطررنا! إن تركناهم هنا، سيموتون بنسبة مئة في المئة! ولن تكون حتى ميتةً عادية، بل سيُذبحون وهم أحياءٌ كقرابين!”

 

في الحقيقة، هذه كانت الفرصة الوحيدة لإنقاذ أولئك الأطفال. 

 

فأوتيس هي منظمة خاصة ظلت تعمل في الظل لما يقارب الألف عام. ومقرها الرئيسي في روما لن يتورط أبدًا علنًا في أمر هذه الجزيرة.

 

كما أنه لا يمكن مطالبة الحكومة الكورية بتفتيش الجزيرة أو إنقاذ الأطفال، إذ لا توجد أي أدلة جنائية واضحة حتى الآن.

 

وأي تدخل غير محسوب قد يُتهم بكونه اضطهادًا دينيًا ضد مجتمع صغير يعيش بسلام وسعادة.

 

وما إن ييهربا سيان و جوون، من المحتمل جدًا أن يتم تهريب جميع الأطفال إلى مكان آخر على الفور.

 

‘لا……لا يمكن السماح بهذا.’

 

“علينا أن ننقذ أولئك الأطفال من هذا الجحيم المجنون.”

 

***

 

“هناك طريقتان……”

 

بدأ جوون حديثه بنبرة خفيفة لا تخلو من اللامبالاة.

 

“هل سمعتِ من قبل بشخص يُدعى ‘رامبو’؟”

 

“لا. إطلاقًا. من يكون؟”

 

“رجلٌ أسقط طائرةً مروحية بمفرده مستخدمًا رشاشاً فقط. الفكرة أن نفعل مثلما فعل، بكل بساطة. نقوم بالقضاء على جميع أتباع طائفة السنابل وعددهم 223 شخصًا، ثم بعد ثلاثة أيام، نسيطر على اليخت الذي يأتي يوم السبت، ونغادر بسلاسة إلى اليابسة برفقة الأطفال.”

 

حدّقت سيان إليه بصمت لثلاث ثوانٍ، ثم تحدثت بصوت جاف،

 

“وما الخطة الثانية؟”

 

“غدًا مساءً، أو صباح بعد غد، ستهدأ العاصفة. وفورًا بعد ذلك، سترسل الرئيسة فريق دعم إلى هنا. تعرفين كم تلك العجوز حادة البصيرة.”

 

“هذا صحيح……إن كان الأمر يتعلق بالرئيسة.”

 

أومأت سيان موافقة، ثم بدأت فورًا في رسم خطة التحرك.

 

“في هذه الحالة، لنبدأ بتحقيق الهدف الأساسي من تسللنا إلى هذه الجزيرة.”

 

“علينا اقتحام مقر الزعيم وتفتيشه بدقة، والعثور على أي معلومات سرّية تتعلق بالأفاعي.”

 

“بالضبط. وبعدها، نُخرج الأطفال من القاعة الكبرى وننقلهم إلى الرصيف. كل شيء يجب أن يكون متزامنًا مع وصول فريق الدعم صباح بعد غد……لكن لحظة.”

 

رفعت سيان يدها اليمنى، لتوقف الحديث، ثم خفّضت صوتها وهمست،

 

“المطاردون دخلوا ضمن نطاق الـ300 متر. عددهم سبعة وعشرون.”

 

“وما الخيار؟”

 

سأل جوون، فأجابته على الفور،

 

“الخطة الثانية.”

 

الخطة الأولى كانت غير منطقية تمامًا، أما الثانية فكانت تعتمد على الثقة في الرئيسة.

 

و لابد أن الرئيسة الآن تحترق قلقًا ولم يغمض لها جفن، رغم أنها مريضة……

 

جهاز الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية الذي تملكه سيان لا يعمل، وحتى المراقبة عبر الأقمار مستحيلة في هذه الظروف.

 

لذا، كما قال جوون، فبمجرد أن يهدأ الإعصار، سواءً في مساء الغد أو صباح بعد الغد على أبعد تقدير، من المؤكد أن الرئيسة سترسل فريق دعم عاجل.

 

حتى ذلك الحين، كان لا بد من الحصول على معلومات متعلقة بأفعى جيلجامش من مقر الزعيم، وجمع أدلة غريبة وفاضحة يمكن من خلالها فضح السنابل إعلاميًا، كما كان عليهم إخراج الأطفال من قاعة الاجتماعات وتأمينهم بشكل منفصل.

 

“في هذه الحالة، ما نحتاجه فورًا هو……طُعمٌ نجرّ به أولئك الأوغاد.”

 

وافقت سيان على ما قاله جوون.

 

“صحيح.”

 

كان على سيان و جوون أن يستمرا في التظاهر بالهرب لخداعهم، حتى يتمكنوا من تفتيش مقر الزعيم بسهولة أكبر.

 

“سأكون أنا الطُعم. السيد جوون، عليكَ أن تتولى مهمة تفتيش المقر والاستطلاع في قاعة الاجتماعات.”

 

مدت سيان يدها طالبةً سكينًا صغيرًا، لكن جوون أطلق صوتًا متردّدًا ثم رفض.

 

“لا، لنبدّل الأدوار. الآنسة سيان هي من ستتولى التفتيش.”

 

“لكن دون وجود كوابيس، كيف تنوي التخلص من ملاحقة سبعةٍ وعشرين شخصًا؟”

 

“في الواقع، القيام بدور الطُعم أسهل بكثير. فالليل حالك، وهناك إعصارٌ عارم كما ترين. سأكتفي بترك بعض الآثار وأتوارى عن الأنظار. أما التسلل إلى القرية خفيةً والتحرك فيها، فالأفضل أن تتوليه بما أن لينكون معكِ.”

 

صحيح……

 

“المطاردون باتوا على بعد 200 متر. لنبدأ بالتحرك.”

 

نهضت سيان فجأة رافعةً جسدها.

 

في هذه الجزيرة الصغيرة، أماكن الاحتماء من الإعصار معروفةٌ ومحدودة. وكانت تتوقع أصلًا أنهم لن يستطيعوا البقاء مختبئين هنا طويلًا.

 

فوووووووووووووم-

 

ما إن خرجات من الممر الضيق حتى دفعتها الرياح العاتية بقوة إلى الأمام. 

 

كان معطف المطر يرتجف بعنف، ومن السماء التي التوت بشكل مرعب، كانت قطرات المطر الثقيلة تنهال بعنف لتضرب جسدها.

 

حتى الأغصان التي كانت تصدر صريرًا مزعجًا انكسرت بعضها وراحت تتطاير في الهواء.

 

يبدو أنها ستكون ليلةً شرسة.

 

“حسنًا، سأعود إلى القرية. أما أنتَ يا تاي جوون……”

 

لوّح جوون بيده بلا مبالاة وكأنه يقول: لنلتقي لاحقًا.

 

فخفضت سيان قبعة المعطف حتى أنفِها وحيّته.

 

“أيًّا كان ما سيحدث، لنلتقِ عند المنارة الجنوبية الغربية مع طلوع الفجر.”

 

شششششش-

 

ثم تحركت سيان بسرعة بوضعٍ منخفض وهي تختبئ في الظلام. بينما كان لينكون يرشدها باستمرار نحو الاتجاه الذي لا يوجد فيه أحد. 

 

و بما أن أصحاب السترات الصفراء يتولّون الحراسة داخل القرية، فقد كانت خطتها أن تتجنب الاصطدام بهم قدر الإمكان. 

 

فأيّ ضوضاء ستؤدي مباشرةً إلى زيادة عدد الحراس المراقبين لمقر الزعيم بشكل كبير. لذا، عليها أن تنفّذ الأمر بهدوء وسرّية قدر ما تستطيع.

 

***

 

خلع جوون معطف المطر. وقد كانت الأمطار الغزيرة تهطل بعنف فوق جسده. فمسح شعره إلى الخلف بنظرة تفحّص فيها محيطه.

 

لقد قيل له إن سبعةً وعشرين من المطاردين يقتربون من هذا الاتجاه…..لكن صوت المطر والرياح كان صاخبًا إلى درجة أنه لم يتمكن من تمييز خطوات الأقدام البشرية.

 

وبما أنه لا توجد كوابيس معه، لم يكن يعرف حتى من أي اتجاه يقتربون.

 

27 ضد 1.

 

الجزيرة صغيرة ولا يوجد مكان مناسب للهرب، والمطاردون السبعة والعشرون كانوا يفيضون بعقيدة دينية متطرفة، وبعزيمة وغضبٍ لا يستهان به.

 

حتى لو استمر في الدوران والمناورة، فمصيره في النهاية أن يُقبض عليه. ولهذا السبب، أرسل سيان إلى جهة القرية.

 

فسيان لا ترى أولئك المتعصبين كـ”أعداء”، بل كـ”مدنيين”.

 

نظر جوون بلا تعبير إلى سكين النجارة في يده.

 

الطعن به قد يؤدي إلى انكساره، لذا عليه أن يضرب بضربة واحدة حاسمة.

 

تَك-

 

ثم أخرج من الشفرة الحادة جزءًا واحدًا فقط.

 

_____________________

 

جزء وش؟ المهم شكله ناويهم صلخ ✨ عشان كذا بعد سيان مايبيها تشوفه يقىّل؟ يحليله 

 

المهم ان عسا الرئيسة صدق تجي يخوف لو يصير لها شي وهم مايدرون😔

 

Dana