5
كانت ليتسي، التي تحمل لافتة مكتب التحريات، منهمكة في الترويج لعملها حتى لم تنتبه إلى أن الجنية التي كانت على كتفها قد طارت بعيدًا في خفة وسرعة.
“نحل لكم كل شيء~ ليتسي جديرة بالثقة~”
كانت ليتسي تمسك بأحد المارة، تسألها إن كان زوجها قد هرب من البيت أو إن كان سلام بيتها بخير، حتى أدركت أخيرًا غياب الجنية، فمالت برأسها في حيرة.
‘أين ذهبت الجنية؟’
“كياااك!”
تسلل صراخ الجنية الحاد إلى أذني ليتسي.
“هييك!”
نظرت ليتسي المذعورة حولها، فاكتشفت الجنية التي كانت تصرخ بصوت مرتفع بينما يمسكها رجل عجوز من قفاها.
“جـ- جنية!”
اندفعت ليتسي نحوهم مسرعة، وفراء وجنتيها الباهت يرفرف في الهواء من شدة الخوف.
لكن حين اقتربت، وجدت صعوبة في طلب استعادة الجنية، فقد كان العجوز الذي يحمل الجنية بحجم كف يده يتمتع بهيبة غير عادية.
‘مخيف!’
نظرت ليتسي إلى ذلك العجوز ذي الشعر الأبيض، الذي يقف شامخًا دون أدنى انحناء في جسده، وهي تفرك أصابعها في توتر.
“أ-أيها الجد…”
نظر العجوز إليها من أعلى حين نادته بصوت متردد، فرفع حاجبيه الغليظين بسرعة.
“هل هذه الحشرة تخصك؟ إنها وقحةٌ جدًا.”
“لستُ حشرة!”
حاولت الجنية الاعتراض على كلام العجوز، لكنه لم يكترث لها أبدًا.
بذلت ليتسي جهدًا لتواجه نظرات العجوز القاسية بثبات.
‘ليتسي، لا تخافي! الجنية في خطر!’
“نـ- نعم…!”
نظر العجوز بين ليتسي التي أجابت بتوتر والجنية بالتناوب، ثم أطلق ضحكة ساخرة وكأنه لا يصدق ما يرى.
“على أي حال، يا لها من حشرة عجيبة. تندفع نحو محفظة الناس… كما لو كانت تنوي السرقة.”
بهتت فراء وجنتي ليتسي أكثر عند سماع رد العجوز.
‘يا جنية، ليتسي قالت إن السرقة ممنوعة!’
كأن الجنية سمعت أفكار ليتسي الداخلية، فقد أشاحت بنظرها وبدأت تُغني بصوت خافت.
“آ-آسفة… أخطأت.”
أرجوك لا تقتل الجنية!
كانت ليتسي تخشى أن يدوس العجوز على الجنية فجأة، معتبرًا إياها حشرة شريرة تريد سرقته.
حك العجوز ذقنه ببطء وهو ينظر إلى عيني الباندا الحمراء الصغيرة المتوسلتين باعتذار.
“وأنتِ أيضًا مخلوق غريب لم أره من قبل. هل أنتِ راكون؟ لا، تبدين أكثر استدارة من الراكون.”
أنا باندا حمراء!
شعرت ليتسي بالضيق من ظن العجوز أنها راكون، لكنها لم ترَ فيه سوء نية، فاكتفت بمد شفتيها في تذمر.
“لست راكونًا…”
“وما الذي تحملينه؟”
أثار فضول العجوز مظهر ليتسي الفقيرة التي تربي حشرة سيئة الأخلاق، فمد يده ليلمس اللافتة التي تحملها.
“نـ- نحل لكم كل شيء… ليتسي جديرة بالثقة.”
“حقًا؟ وبأي مهارة تحلين المشاكل؟”
سأل العجوز بحدة.
كان لحاجبيه الغليظين الكثيفين ارتفاع حاد، وأنفه المعوج قليلًا مرتفع وبارز، وعيناه الحمراوان الباهتتان تشبهان بركة دم راكدة، مما جعل ملامحه القاسية تبدو أكثر شراسة.
لا شك أنه كان وسيمًا جدًا في شبابه، لكن في عيني ليتسي، بدا كعجوز غريب الأطوار قد يفتح فمه الواسع ليبتلع طفلًا أو جنية في لقمة واحدة.
‘واضح أنه من ذوي الطباع الوحشية.’
“هيينغ…”
مخيف. مخيف جدًا.
“لماذا تبكين؟ سألتك فقط كيف ستحلين المشاكل.”
لم تستطع ليتسي الرد فورًا على إلحاح العجوز المرعب، فعضت شفتيها في تردد، بينما كان فراء وجنتيها المبلل قد بدأ يتدلى.
‘اهدئي ليتسي! عليكِ الذهاب إلى منزل الدوق الأكبر جريزلي!’
هناك سأعالج مرضي وألتقي بأمي.
نعم، أمي!
ما إن خطرت فكرة لقاء أمها في ذهنها، حتى استعادت ليتسي رباطة جأشها مرتبكة، وأجابت العجوز بكلمات واضحة.
“أ-أجد لكم الناس. أو أسترد الديون المفقودة.”
“همم، تجدين الناس، أليس كذلك؟”
ربما لم يسمع العجوز إضافة ليتسي الصغيرة عن استرداد الديون، فمال برأسه جانبًا وأطلق تنهيدة طويلة.
“حسنًا، لن يكون سيئًا أن أعهد بهذا للصغيرة. “
تمتم العجوز بكلمات خافتة، ثم فتح فمه موجهًا كلامه إلى ليتسي.
“إذن يا صغيرتي، هل يمكنكِ إيجاد الشخص الذي سأخبركِ عنه؟”
اتسعت عينا ليتسي بدهشة عند أول طلب عمل لها، ثم ابتسمت ببراءة وهي ترفع عينيها إلى العجوز، ممسكة يديها بفرح، كأنها نسيت خوفها.
“بالطبع يا عميلي العزيز! من تريدني أن أجده وكيف؟”
تذكرت كيف كانت أمها ترحب بالعملاء دائمًا بلطف وحنان.
***
[أنا أبحث عن ابنتي المفقودة.]
كان العجوز يقف باستقامة تامة، لولا شعره الأبيض ووجهه المجعد لما بدا في عمره الحقيقي.
وعندما تحدث عن البحث عن ابنته، بدا هشًا كمن قد ينهار في أي لحظة.
‘إنه مثل ليتسي، ينتظر عائلته.’
تذكرت ليتسي وجه العجوز الحزين، فضغطت بقدمها الأمامية على صدرها قرب قلبها.
شعرت بوخز مؤلم، كما لو أن كرة مليئة بالإبر استقرت في صدرها.
“ليتسي، تريد حقًا أن تجد ابنة ذلك الجد.”
عندما قالت ليتسي ذلك، كانت الجنية تطير حولها بخفة، ثم ضربت كتفها المشدودة برفق ونظرت إليها.
“ماذا؟ هل تنوين فعلًا إيجادها؟”
“نعم، لقد أخذنا المال بالفعل.”
أجابت ليتسي الجنية وهي تهز كيس النقود الصغير الذي أعطاه العجوز بصوت رنان.
“ماذا؟ ظننت أنكِ ستأخذين المال وتهربين.”
“تهربين؟”
“تأخذيه وتهربين. هذا المال يكفي لاستئجار عربة إلى عائلة الدوق الأكبر جريزلي، أليس كذلك؟”
قال العجوز إنه سيدفع ضعف المبلغ الأولي إن وجدت ابنته، لكن هذا المبلغ وحده كان كافيًا.
لكن ليتسي فتحت عينيها المستديرتين بذهول من وقاحة الجنية، وتجعد جبينها الصغير.
“يا جنية، لماذا تحاولين دائمًا فعل أشياء سيئة؟”
كانت ليتسي قد تحوّلت إلى شكلها البشري لتسهيل التجوال في القرية، وحدقت في الجنية بعينيها البنيتين اللامعتين.
‘تسرقين خفية ثم يقبض عليكِ، وتظنين أن بإمكاننا أخذ المال والفرار بعد قبول المهمة.’
“أنا الجنية الوحيدة السيئة؟”
وضعت ليتسي يديها على خصرها تقليدًا لأمها، ثم مالت برأسها في حيرة من كلماتها.
“همم، لكن لا توجد جنية سيئة مثلكِ …”
“…ماذا؟”
عندما همست ليتسي بصوت خافت، ارتبكت الجنية بشدة، وارتجفت حدقتاها كأن زلزالًا ضربها.
“يا جنية، أنتِ جنية حقًا، أليس كذلك؟”
“أ-أجل، بالطبع. أنا جنية تمامًا.”
أجابت الجنية بنبرة مترددة على نظرات ليتسي المليئة بالشك، ثم عبست فجأة كأنها أُهينت.
“أتشكين بي؟ من يشك في جنية؟”
“إذن أنتِ الطفلة السيئة!”
عبست ليتسي تجاه الجنية التي صرخت غاضبة كمن أطلق ريحًا ثم لام الآخرين.
“ليتسي ليست طفلة سيئة. الجنية التي تصرخ هي السيئة.”
“ربما لستِ جنية أصلًا.”
عندما رأت الجنية شكوك ليتسي المستمرة في عينيها، نقرت بلسانها.
“تسك، تسك.”
ثم طارت عاليًا بخفة.
“انظري! أنا جنية حقًا. ملابسي خضراء، وأجنحتي تلمع. تمامًا مثل ديز☆ني!”
“من غير الجنيات سيحمل أجنحة كهذه؟”
قالت الجنية ذلك وهي تدور حول رأس ليتسي، متفاخرة بأجنحتها الرقيقة التي تتساقط منها بريق النجوم، والتي بدت كزخرفة دانتيل ناعمة وجميلة.
“…حسنًا، هذا صحيح.”
فقدت ليتسي، التي كانت تشك في هوية الجنية، قدرتها على الرد أمام ثقة الجنية الواضحة.
‘هل شككتُ أكثر مما ينبغي؟ الجنية ساعدتني من قبل…’
تذكرت ليتسي كيف رمت الجنية كتابًا على لينغ لينغ بجسدها الصغير لأجلها.
‘الجنية الآن صديقتي. لا يجب أن أشك في صديقتي.’
هزت ليتسي رأسها نفيًا، ثم رفعت عينيها إلى الجنية التي كانت لا تزال تتذمر، وسألت.
“إذن يا جنية، ما اسمكِ؟”
ارتبكت الجنية أكثر من ذي قبل عند سؤال ليتسي، وتلعثمت.
“ا-اسمي؟”
“نعم.”
“آمم… ستار… لا، لا يمكنني قول هذا الاسم.”
“هاه؟”
تحت إلحاح ليتسي، فتحت الجنية فمها مترددة.
“إذن تينكر… انتظري. هل استخدام هذا الاسم مباشرة سيسبب مشكلة حقوق التأليف؟”
“ما هي حقوق التأليف؟”
مالت ليتسي برأسها في حيرة، غير قادرة على فهم كلام الجنية.
“هل اسمكِ تينكر؟”
“آمم، نعم. فقط تينكر، تينكر.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 5"