لم يكن برونهارت الوحيد الذي لاحظ التغيّر الغامض الذي حدث له.
“جدّي…”
اقتربت ليتسي بخطوات متسارعة منه وهو واقف في منتصف الرواق خارج قاعة الصقيع، وفتحت فمها بحذر:
“جدّي، هل أنتَ بخير؟”
قبل أن يجيب برونهارت، فحصت ليتسي يده الملوّثة بالطاقة السحريّة.
رأت أنّ أطراف أصابعه السوداء بدأت تتلاشى قليلًا، فتنفّست الصعداء مطمئنّة.
“يا صغيرتي، إذن أنتِ من فعل ذلك. أنتِ من استدعى أليسيا.”
أدرك برونهارت، من مشهد ليتسي، أنّ لقاءه بـ أليسيا كان بفضلها، ففتح فمه مذهولًا:
“…لقد وجدتِ مصباح الخلود. قطعة أثريّة لم يعثر عليها أنا ولا أيّ شخص من جريزلي، وجدتِها أنتِ.”
كان العالم مليئًا بالقطع الأثريّة للوحوش، ولكلّ منها قدرات فريدة وأداء استثنائي.
لكن بسبب قرار الإمبراطور الأوّل بأتباع سولاريس بدلًا من الوحوش وإتلاف القطع الأثريّة، كان معظم الناس يجهلون وجودها.
“مصباح الخلود قطعة تُذكر في النصوص القديمة فقط. كيف وجدتِها؟”
دارت عينا ليتسي لسؤال برونهارت.
لم تستطع الكشف عن أنّها دخلت الكهف الذي وجدت فيه تييرا القطعة في القصّة الأصليّة وأخذتها.
“حدث ذلك بالصدفة. كنتُ محظوظة.”
كانت القطع الأثريّة تُفعّل قوتها بنوع من العقود مع الشياطين القديمة، تنطبع على مكتشفها الأوّل.
لذا، شعرت ليتسي ببعض الذنب لأنّها استغلّت حظّ تييرا، لكنّها لم تندم.
“شكرًا لكِ. بفضلكِ، أدركتُ كم كنتُ أحمق.”
بدت ملامح برونهارت، بعد لقاء أليسيا، مرتاحة لأوّل مرّة.
‘إذا اتّهمت تييرا بالقتل لاحقًا بسبب عدم استخدامها لمصباح الخلود، سأكون شاهدة لها.’
استدعت تييرا شبح الضحيّة للعثور على القاتل الحقيقي لأنّه لم يكن هناك شهود.
عزمت ليتسي على زيارة جريزلي مجدّدًا في الوقت الذي تُصبح فيه تييرا بالغة، وهو وقت الحادثة، وأمسكت قبضتيها بقوّة.
“لا عجب أنّ النبوءة أشارت إليكِ كمفتاح لكسر لعنة جريزلي.”
نظر برونهارت إلى ليتسي بحماس، وضحك بهدوء وهو يمسح خدّيها الممتلئتين.
‘لكن ليتسي ليست مفتاحًا حقيقيًّا.’
شعرت ليتسي بوخز في قلبها من كلامه، فانكمشت أصابع قدميها.
“سيدي، لمَ غادرتَ الاجتماع فجأة؟”
خرج احد الشيوخ الشباب، السير رولز، من قاعة الصقيع بحثًا عن برونهارت.
اقترب منه في الرواق بسرعة، وتحدّث بقلق:
“لم نحدّد بعد من سيُمثّل جريزلي في الحرب، لذا عُد إلى الاجتماع.”
كان السير رولز، أحد الفرسان الذين قد يُضطرّون للخروج للحرب إن لم يتقدّم برونهارت، مرشّحًا محتملًا.
لكن رولز، رغم لقب “السير”، لم يتلقَ تدريبًا حقيقيًا، وكان جبانًا يفرّ إلى منتجعات الجنوب عند سماع أيّ خبر عن حرب.
“لمَ لا تختارون أحدًا غيري؟”
نظر برونهارت إلى رولز من رأسه إلى أخمصه، وابتسم بسخرية.
عندما ضحك، بدا مطابقًا لابن أخيه غريسيس.
بمعنى آخر، وسيم بمظهر قد يبدو مزعجًا.
“لقد أدّيتُ واجبي كفارس جريزلي مرّة. الآن، أنا عجوز، فليختار الشباب بينهم.”
تلوّن وجه رولز الأنيق بالذعر.
كان يفترض أنّ برونهارت، المحارب المخضرم، سيخرج نيابةً عنهم كالعادة.
“ماذا…؟ لكن، سيدي، إن لم تخرج، سيتعيّن على أحدنا الذهاب للحرب.”
لم يُرد رولز مغادرة أراضي جريزلي المغلقة لكن الآمنة.
كان يعلم أنّ القبائل الأخرى تتجنّب جريزلي بسبب اللعنة.
‘سمعتُ أنّ السيد برونهارت، رغم مهارته الكافية ليكون قائدًا، ظلّ يُرسَل إلى المناطق الخطرة!’
إذا عانى برونهارت لهذه الدرجة، فماذا عنهم وهم ليسوا بمستواه؟
“إن لم تخرج، سيكون الأمر صعبًا علينا، وأنتَ تعلم―”
“حسنًا، لا أعرف. سأذهب الآن.”
تجاهل برونهارت ذهول رولز، ونقر كتفه بلا مبالاة، ثمّ غادر دون تردّد.
“كفّ عن مضايقة جدّي الآن!”
وجهت ليتسي، وهي تحمل مصباح الخلود الذي خمد ضوؤه، كلامًا حادًا لرولز المذهول، ثمّ تبعت برونهارت بخطوات متسارعة.
***
بعد التأكّد من عودة برونهارت إلى غرفته، تذكّرت ليتسي لقاءها مع أليسيا، أوّل روح استدعتها عبر القطعة الأثريّة.
“أنتِ من استدعاني؟ لأتحدّث مع أبي؟”
كانت أليسيا، التي ظهرت أمامها، نصف شفّافة كشبح، لكن ليتسي لم تخف منها.
“هل أنتِ ابنة جدّي؟”
ضحكت أليسيا، التي وجدت ليتسي وهي ترمش وتمسك مصباح الخلود، بصوت نقيّ كخرير الماء:
“نعم. شكرًا. كنتُ محبطة من تصرّفات أبي، وحاولت زيارته في أحلامه، لكنّه يظنّها كوابيس ولا يصدّقني أبدًا.”
تنهّدت أليسيا بهدوء وهي تشكو من عناد برونهارت.
نادرًا ما يحلم، وحتّى لو ظهرت في حلمه، لم يصدّق أليسيا في الحلم.
“هاخ. من يستطيع إقناع ذلك العنيد؟”
تذكّرت أليسيا كيف استيقظ برونهارت يلوم نفسه، ظنًا أنّ ابنته ظهرت في حلمه لأنّه تمنّى ذلك بشدّة، فرجفت بجسدها الشفّاف نفورًا.
“بالمناسبة، عادةً لا يرى المتوفّى إلّا من يتمنّاه بشدّة عبر مصباح الخلود… لكن يبدو أنّكِ تستطيعين رؤيتي.”
فحصت أليسيا ليتسي بعجب من رأسها إلى أخمصها، ودارت حولها، ثمّ ابتسمت:
كانت شبحًا يشبه والدها برونهارت تمامًا بضحكتها الحيويّة.
“حسنًا! بما أنّكِ استدعيتني لمساعدة أبي، سأخبركِ بسرّ مفيد.”
نفخت أليسيا صدرها، وخفضت صوتها كما لو كانت ستقول شيئًا خطيرًا، وأشارت إلى ليتسي:
“في المستقبل، ستتمكّنين من لمس ما لا يستطيع الآخرون لمسه، ورؤية ما لا يرونه، وسماع ما لا يسمعونه. مثل الأشباح مثلي، أو مشاعر الناس، ذكرياتهم، واللعنات.”
أضافت أليسيا أنّ الأرواح، في النهاية، مجرّد بقايا ذكريات البشر، ونقرت جبهة ليتسي، التي مالت رأسها لأنّها لم تفهم.
“هذه قدرتكِ، يا ليتسي. إنّها أقوى من أيّ قدرة شفاء، لذا استخدميها جيّدًا.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات