الجزء الذي فتحته ليتسي كان ممزّقًا في بعض الأماكن، لكن مقارنةً بالفصول الأخرى، كان بحالة جيّدة تكفي لفهم المحتوى إلى حدّ ما.
【 …مقطع محذوف…
وهكذا،
استخدمت تييرا “مصباح الخلود” لاستدعاء الضحيّة المتوفاة،
وتمكّنت من تبرئة نفسها من التّهم الباطلة. 】
كانت القصّة تدور حول ظهور شخص يدّعي أنّ تييرا، بعد بلوغها بقليل، قتلت زوجها، ليتمّ اتّهامها ظلمًا.
“هنا، هنا يقول إنّ بإمكانك التحدّث مع شخص ميت!”
قرأت تينكر النصّ الذي أشارت إليه ليتسي بأصابعها الصغيرة.
‘صحيح. كيف نسيتُ هذا الفصل؟’
كانت القطع الأثريّة للوحوش عنصرًا مهمًا في عالم 《 بانميونل 》، تترك أثرًا كبيرًا أو صغيرًا في كلّ مرّة تظهر فيها، و”مصباح الخلود” كان أحدها.
مع ذلك، لم تتذكّر تينكر المشهد الذي استخدمت فيه البطلة هذه القطعة لاستدعاء شخصٍ ميت، فأصدرت أنينًا.
‘حتّى لو تأثّرتُ كشيطان الكتاب بسبب تلف الكتاب، هذا ليس مجرّد ضباب في الذاكرة، بل محتوى لا أعرفه تمامًا.’
شعرت تينكر وكأنّ أحدهم عبث بعقلها، فعبست بشدّة.
اقتربت ليتسي ونقرت كتف الجنيّة:
“لكن، يا جنيّة.”
“نعم؟”
“هنا يبدو أنّ تييرا كانت تعرف من البداية مكان القطعة. لمَ لم تستدعِ ابنة جدّي؟”
“…حسنًا.”
مالت تينكر رأسها لسؤال ليتسي.
كما قالت الطفلة، استخدمت تييرا “مصباح الخلود” بسهولة وكأنّها كانت تعرف مكانه مسبقًا، وبطريقة قد تبدو أنانيّة لمن لا يعرف شخصيّتها، حيث استخدمته لمصلحتها فقط.
‘هل هناك قصّة مخفيّة في هذا الجزء الملتصق؟’
حاولت الجنيّة بجهد فصل الصفحات الملتصقة، لكن الصفحة التالية ظلّت مغلقة كما لو كانت ملطّخة بسائل لزج.
‘إذا كانت شخصيّة تييرا قد تدهورت بسبب تلف الكتاب… فهذا خطأي بالكامل.’
شعرت تينكر بذنب عميق إزاء تصرّفات تييرا، التي بدت مختلفة تمامًا عن البطلة التي تتذكّرها.
بدى وكأنّ العالم قد انحرف بسبب إهمالها للكتاب.
‘لا بأس. إذا منعتُ والدة ليتسي من الخلاف مع البطلة، سيعود الكتاب وتييرا إلى طبيعتهما.’
هدّأت تينكر خفقان قلبها، وطارت حول وجه ليتسي:
“المهم الآن ليس تييرا، أليس كذلك؟ ألا تريدين مساعدة ذلك العجوز على لقاء ابنته؟”
نظرت ليتسي إلى الجنيّة، التي حاولت تغيير الموضوع بدافع الذنب، بنظرة غريبة، ثمّ أومأت برأسها:
‘قالت أمّي إنّ إجبار شخص لا يريد البوح بسرّه على الكلام فعل سيّء…’
أدركت ليتسي أنّ تينكر تخفي شيئًا عن الكتاب، لكنّها قرّرت التغاضي عن أسرار الجنيّة الصغيرة.
“إذن، يا جنيّة، سأذهب إلى الكهف المذكور هنا.”
أشارت ليتسي إلى الكهف الذي وجدت فيه تييرا “مصباح الخلود”، ونفخت صدرها بحماس.
عبست تينكر على طموح ليتسي بالذهاب إلى الكهف بمفردها:
‘غريب. عادةً ما يحلّ الأبطال المنتقلون الأحداث باستخدام معرفتهم بالقصّة.’
هل قرأت ليتسي الكثير من كتبها المجمّعة؟
‘أم أنّها طيّبة جدًا…؟’
ربّما رغبة ليتسي في مساعدة برونهارت جعلتها تتصرّف كبطلة.
أومأت تينكر برأسها وطارت مع ليتسي نحو الكهف حيث ترقد القطعة الأثريّة.
***
عندما خفت صوت حديث ليتسي وتينكر تدريجيًا، عمّ الهدوء غرفة نوم ليتسي.
كانت دولوريس قد رتّبت الغرفة مبكرًا، فلم يكن هناك خدم يدخلون أو يخرجون.
في تلك اللحظة، تحرّك الكتاب المفتوح في الغرفة بهدوء.
قلّبت الريح، التي تسرّبت من شقّ النافذة، صفحاته.
كشفت الصفحة التي لم تتمكّن تينكر من فتحها، رغم محاولاتها، عن محتواها:
【 “أليسيا، دعني ألتقي بـ أليسيا ولو مرّة واحدة.”
رمشت تييرا ببطء لتوسّل برونهارت اليائس.
“أعتذر، لكنّ مصباح الخلود يمكن استخدامه مرّة واحدة فقط. أنا آسفة، يا سيد برونهارت.”
لم تكن هناك قطع أثريّة للوحوش تُستهلك بعد استخدام واحد، لكن تييرا كذبت بلا مبالاة ورفضت طلبه.
‘إذا التقى بـ أليسيا وحلّ سوء التفاهم، ستنكسر لعنة برونهارت.’
وهذا قد يقلّل من قيمتها لدى عائلة جريزلي.
أرادت تييرا أن يعاني أفراد جريزلي من اللعنة لأطول فترة ممكنة.
‘هكذا سيشعرون بقيمتي. ولن يشتاقوا لتلك الطفلة بعد الآن.’
هبّت الريح مجدّدًا، فرفعت الصفحة، وبدأت الحروف السوداء التي ملأت الورقة البيضاء تتلاشى تدريجيًا.
كما لو كانت تنفّذ عزم تييرا على محو أثر شخص ما.
***
في قاعة الصقيع، حيث تُعقد الاجتماعات الدوريّة لعائلة الدوق الأكبر.
كالعادة، كانت القاعة مظلمة وهادئة، لكن الجوّ كان ثقيلًا بشكل غريب اليوم.
تبادل شيوخ جريزلي وأتباعهم النظرات بحذر، متردّدين في كسر الصمت.
‘من سيتحدّث إلى السيد برونهارت؟’
‘لقد تكلّمتُ آخر مرّة! أليس دورك الآن؟’
كان الأتباع، المطالَبون بطلب خروج برونهارت للقتال، يتناقلون المسؤوليّة بنظراتهم.
كان الإمبراطور قد طالب جريزلي بالمشاركة في حرب استعماريّة مجدّدًا.
لم يجهل أحد أنّ برونهارت محارب عظيم، لكن الجميع كانوا يعرفون أيضًا أنّه محارب مخضرم متقاعد.
لم يكن أحد يرغب في تحمّل مسؤوليّة طلبه الخروج للحرب مجدّدًا.
‘لكن إن لم يخرج برونهارت، سيتعيّن على آخرين المخاطرة بحياتهم…’
لم يُسمِّ الإمبراطور برونهارت تحديدًا، ولم يكن على الفرع الرئيسي تحمّل الواجب، لذا لم يكن عليه الخروج للحرب.
لكن لم يكن هناك من الفروع الثانوية من يرغب في الخروج دون مكافأة مناسبة.
فوق ذلك، لم تكن هذه الحرب ضدّ قبائل الشرق الصغيرة، بل ضدّ دولة ماركيز الكبيرة، ممّا جعلها أكثر خطورة.
“تردّدت أخبار عن تدهور الأوضاع الحربيّة مؤخرًا. وطالب جلالته بالخروج مجدّدًا.”
أخيرًا، تقدّم أحد الشيوخ، كان ابنه المرشّح التالي بعد برونهارت، وبدأ الحديث.
تنهّد بثقل وأشار إلى برونهارت:
“لكن إذا تقدّم أقوى رجل في جريزلي، ألن يتحسّن الوضع قليلًا؟”
ابتسم برونهارت بخفّة لنواياه المبطّنة، ناظرًا إلى أصابعه.
كانت يداه، الملطّختان بسواد سموم غابة الضباب، لا تبدوان بشريّتين بعد الآن.
“السيد برونهارت معتاد على ساحات القتال، وجسمه قوي…”
“صحيح، لا يزال في قمّة عافيته. أليس هذا ما يُقال عن تجاوز السن؟”
“فضلًا عن أنّ السيد برونهارت مخلص يستعدّ دائمًا للتضحية من أجل جريزلي.”
لكن الناس بدأوا يمدحونه وكأنّهم لا يرون حالته.
“هه.”
ضحك برونهارت باختصار.
لم يجهل نوايا الشيوخ والأتباع، فلم يسعه إلّا الضحك سخرية.
“إذن، تقولون إنّ عليّ الخروج للحرب مجدّدًا والموت من أجل جريزلي؟”
سكت الجميع، الذين كانوا يتحدّثون، لكلامه المباشر.
بعد صمت ثقيل، رفع برونهارت زاوية فمه:
“حسنًا، لا بأس. سأذهب.”
لم يكن تصرّفهم مقبولًا، لكن برونهارت تفهّم إنسانيًا رغبتهم في تجنّب الحرب.
من يريد الموت دون مكافأة؟
‘لكنّني الآن مستعدّ للرحيل.’
إذا تمكّن من سداد دينه لجريزلي، ربّما يبتسم براحة أكبر عندما يواجه أليسيا مجدّدًا.
في تلك اللحظة، بينما كان برونهارت، بجسده المسنّ، يتعهّد بالخروج للحرب مجدّدًا، رنّ صوت ما:
“أبي، هل جننت؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "17"