“لا، لا. لا بدّ أنّني في مستشفى ما الآن. إذن، لا بدّ أنّهم تعاملوا مع غيابي بسبب المرض بطريقة ما.”
كان جسدها الأصليّ ضعيفًا أصلًا، والسقوط من ذلك الارتفاع—لا شكّ أنّه أدّى إلى كسر عظمة واحدة على الأقلّ.
أو ربّما… ‘هل أُغمي عليّ بسبب ارتجاج في الدماغ؟ ولهذا لم أعد بعد؟’
إذا كان هذا صحيحًا، فهل ستظلّ عالقة هنا حتّى يستيقظ جسدها الحقيقيّ في ذلك العالم؟
كان انتظارًا بلا أملٍ مضمون. لم تكن يوري تتوقّع العودة الفوريّة، بل أرادت فقط معرفة حالة جسدها “الحقيقيّ” الآن.
وأيضًا، هل كانت عائلتها بخير؟
‘العائلة.’
ومضت صورة أختها، واقفة أعلى الدرج، أمام عينيها مرّة أخرى، كومضةٍ مؤلمة.
هزّت يوري رأسها بقوّة، كمن ينفض ذكرى بغيضة عن كاهله.
كانت مرهقة جسديًا وذهنيًا، وكأنّ ذلك لم يكن كافيًا، بدأ اليوم حدثٌ صعبٌ آخر.
لقد وصلت ليليانثوس أخيرًا.
‘كما هو متوقّع، البطلة هي البطلة حقًا…’
فتحت يوري نافذة المكتبة باندفاع، واتّكأت بميلٍ خفيف على إطار النافذة الخشبيّ القديم بنقوشه المميّزة.
كانت ليليان، التي وصلت لتوّها في عربةٍ أنيقة، تعبر الحديقة الشاسعة.
“…”
كما وصفت الرواية، كانت ليليانثوس إيدن جميلة بحقّ.
ارتدت قبّعة حريريّة عريضة الحواف وفستانًا أزرقًا باهتًا متدفّقًا مزيّنًا بالدانتيل. كانت خصلات شعرها البيضاء كالزنبق، المتموّجة، ترفرف في نسيم الربيع المنعش.
كانت تموّجات فستانها الرقيقة تتناغم مع إيقاع خطواتها، فتبدو ليليان، المتألّقة أصلًا، أكثر إشراقًا.
إلى جانبها كان آرتشر، الرجل الثاني في شركة بلانكمير التجاريّة ومساعدها. بينما كانت ليليان تتحدّث معه وتبتسم ببريق، ظهرت غمّازتان على خدّيها، مُنبعث منهما سحرٌ عذب.
لم تستطع يوري أن تشيح بنظرها عن ليليان، التي كانت تتألّق تحت أشعّة الشمس الساطعة.
‘هي سبب خلق هذا العالم.’ .
‘بطلة القصّة، تفيض بحبٍّ إلهيّ.’
‘إذن، لياندروس مقدّر له أن يقع في حبّ فتاة مثلها…’
طارت قبّعة ليليان مع الريح وهبطت عند قدمي لياندروس.
التقطها، نفض عنها الغبار، وناولها إيّاها.
ابتسمت ليليان ببريق، مُظهرة أسنانها الأماميّة.
“…لا تقل لي إنّ هذا المشهد كان في الرواية أيضًا؟”
“نعم. إنّه لقاؤهما الأوّل، لذا وُصف بتفصيلٍ كبير. على الرغم من أنّه لم يُذكر أيّ شخص يتجسّس مثلنا الآن.”
‘يتصرّف بطريقة مختلفة تمامًا عمّا كان عليه معي.’ تدلّت شفتها السفلى بحزن.
كانت شركة بلانكمير التجاريّة، التي تنتمي إليها ليليان، قد أسّسها والدها، جايسون إيدن.
كان جايسون، الذي نشأ فقيرًا، رجلًا طموحًا رغم ولادته عاميًا. لتوسيع سوق تجارته بأمان، جاء إلى إقليم إتسينا قبل عشرين عامًا طالبًا الدعم.
رحّبت دار الدوقيّة بطلبه—لكن ليس مجانًا بالطبع.
كان عليه زيارة الإقليم كلّ أربع سنوات لتقديم السجلّات الماليّة ودفع خمسة بالمئة من أرباحه.
هذا كان الاتّفاق.
في الأصل، كان جايسون إيدن هو من يزور الإقليم كلّ أربع سنوات. لكن منذ انهياره الشتاء الماضي بسبب مرضٍ مزمن، جاءت ابنته وخليفته ليليان للمرّة الأولى.
“إلى أين أنتِ ذاهبة؟”
“لأحمل هذه الكتب التالفة إلى الماعز قرب البئر. مشاهدة المزيد من هذا ستجعلني أشعر بسوءٍ أكبر.”
“يجب أن تعودي بسرعة! بدونكِ، أشعر بالملل الآن!”
ومع ذراعيها مملوءتين بالكتب من العربة، لوّحت موافقة.
كانت الكتب القديمة جدًا أو المليئة بالأخطاء تُستخدم كوقود أو تُرمى للماعز.
سلكت يوري طريقًا طويلًا إلى البئر خلف القصر عمدًا لتجنّب لياندروس وليليان.
لكن في تلك الطريق، صادفت شخصًا غير متوقّع.
‘ذلك الرجل…’
كان سيلاس يقف في وسط حقلٍ عشبيّ، يرسم على حامل لوحة.
في تلك اللحظة، بدا منفصلًا تمامًا عن الضجيج الدائر أمامه.
تدفّق ضوء الربيع على شعره كالضباب. أحاطته سكينة هادئة مليئة بأنغام الطيور.
حاولت يوري رؤية ما كان يرسمه سيلاس، لكنّه كان بعيدًا جدًا لتتبيّنه بوضوح.
‘لوحة منظريّة…؟’
شعر سيلاس بوجود شخصٍ ما، فتباطأت يده.
ما إن استدار وتقابلت عيناه بعيني يوري، تجمّدت في مكانها.
‘هل… هل يجب أن أحيّيه؟’
عدّلت الكتب المنزلقة من ذراعيها وانحنت بأدب.
حدّق سيلاس فيها بتمعّن، ثمّ رفع يده فجأة وأشار بإصبعه.
‘ماذا…؟’ عبست يوري.
‘إنّه يطلب منّي أن أقترب، أليس كذلك؟’
أشار سيلاس بإصبعه مرّة أخرى.
لكن عندما ظلّت يوري ترمش كالغزال دون أيّ إشارة إلى الحركة، قام بحركة أخيرة.
تحوّل وجهه إلى تجهّم، كأنّه عضّ حجرًا.
“ما الذي تفعله هذه الخادمة؟ اقتربي بالفعل!”
انتفضت يوري، وقبل أن يزداد تعبير سيلاس سوءًا، أمسكت كتبها وهرعت إليه.
“هل ناديتني؟”
تفحّص الخادمة الواقفة أمامه من أعلى إلى أسفل، كأنّه يوبّخها بعينيه. ثمّ رفع حاجبًا وسأل:
“أنتِ الفتاة التي اصطدمت بي عند الفجر. والتي رأتني أُضرب من أخي الأسبوع الماضي. أليس كذلك؟”
أجابت يوري بابتسامة محرجة.
كان الخدّ الذي ضربه لياندروس قد خفّ تورّمه، وأصبح بالكاد ملحوظًا إلّا إذا دقّقت النظر.
رغم أنّهما توأمان متطابقان، كانت الفروق بينهما واضحة عن قرب.
أولًا، كان لون عينيهما مختلفًا.
كانت عينا لياندروس مزيجًا من الرمادي والأخضر، كغابة ضبابيّة، بينما كانت عينا سيلاس رماديّتين نقيّتين زاهيتين.
وكذلك شعرهما.
كان شعر لياندروس أشقرًا ذهبيًا لامعًا، بينما كان شعر سيلاس باهتًا، مائلًا إلى البنيّ الداكن، مع تجعيدات طبيعيّة وحجمٍ كثيف يشبه فراء كلبٍ كبيرٍ ناعم.
‘أتساءل كم هو ناعم؟’
شعرت يوري بالامتنان لأنّها تحمل كتبًا، وإلّا لربّما لم تقاوم رغبتها في مداعبة ذلك الشعر الجذّاب.
“إذن؟ أخبريني برأيكِ الصادق.”
“أنت وسيم.”
“بالطبع أنا كذلك. قصدتُ اللوحة.”
“آه.” أومأت يوري.
“سيّدي، أنا من النوع العلميّ بامتياز… لم أدرس سوى الرياضيّات، لذا ليس لديّ عين للفن.”
“من طلب نقدًا؟ سألتُ عن انطباعكِ الشخصيّ.”
كما توقّعت، كان سيلاس يرسم منظرًا طبيعيًا—حقلًا شاسعًا محاطًا بغابة خضراء مورقة.
لو كان عليها البقاء هنا للعمل، لربّما زيّنت كلامها… لكن بما أنّها ستعود إلى عالمها الأصليّ قريبًا، رأت أنّ القليل من الصدق لن يضرّ.
“هم… أنت جيّد، لكنّني لن أرغب في شرائها.”
“لماذا لا؟”
“حسنًا، إنّها جيّدة فقط. لا سحر فيها. هل تعرف الفرق؟ مثلما تُصوّر زقاقًا مظلمًا ليلًا—وجود قطّة تتربّص في الزاوية يصنع الفارق.”
“ماذا؟”
صحيح، الناس هنا لا يعرفون ما هي الصورة الفوتوغرافيّة.
تردّدت يوري، لكنّها لم تجد طريقة أفضل للشرح.
فوضعت الكتب على الأرض وأشارت إلى أكبر شجرة على اليمين.
“هنا، حاول إضافة زهور حمراء إلى هذه الشجرة.”
“هذا النوع من الأشجار لا يزهر زهورًا حمراء.”
“أعلم. أقول فقط، استخدم خيالك قليلًا.”
“هم.”
كان مشهدًا سحريًا حقًا.
بضربات قليلة من فرشاته المغمّسة باللون الأحمر، ملأ سيلاس الشجرة الخضراء بزهورٍ حمراء مزهرة.
حتّى رسم بتلات ترفرف في الريح، ثمّ تراجع وتأمّل اللوحة. أومأ برأسه وتمتم بهدوء:
“ليس سيئًا… حقًا، ليس سيئًا.”
ثمّ انحنى ليلتقط الكتب التي أسقطتها يوري وسأل:
“ما اسمكِ؟”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 12"
احس يحزن انهم تشوفه مع بطلة الرواية :((