نظرَ يورغن إلى جانبه، محاولًا كبح عبوسه، ردًّا على السؤال المطروح بنبرة مُغيظة.
عندما تقابلت أعينهما، ابتسم الإمبراطور – فيراتير – ابتسامة عريضة. كان وجهه يشبه عمًا مرحًا ينوي إغاظة ابن أخيه.
كان يورغن دائمًا يشعر بعدم الراحة مع هذا الرجل. خاصة بسبب هذا الجانب المزعج منه.
“ألستَ تولي الأميرة اهتمامًا كبيرًا؟ هيا، أخبرني. ما نوع التنبؤ الذي تعتقد أنها تلقّتـه؟”
“…لو كنتُ أعرف ذلك، لكنتُ عرّافًا وليس جلاد جلالتكَ. وعلى أي حال، لا يهم نوعـه. لن يغيّـر ذلك شيئًا.”
“لم تنكر أنّـكَ توليها اهتمامًا كبيرًا.”
“…..”
تنهّـدَ يورغن أخيرًا و أدار رأسه بعيدًا عن الإمبراطور بعدم احترام. و مع ذلك، ظل فيراتير متسامحًا. لم يكن قوله إنه يعتبر يورغن كابنه كلامًا فارغًا.
“يبدو أن الأميرة تلومكَ لأنّـكَ لا تحترم رغبتها.”
“هل يجب احترام هدف الانتقام أيضًا؟”
“الانتقام… الآن عند التّفكير في الأمر، لقد تحدثتَ عن شيء مشابه عندما التقينا أوّل مرة.”
[“سأنتقم من الأشرار الذين دفعوني إلى القاع، من الذين تخلوا عني. من أجل ذلك، أنا مستعدّ لبيع روحي.”]
“لقد أكملتَ نصف انتقامـكَ. هل النصف الآخر من نصيب الأميرة؟ لكن يبدو أنها لا تعرف مَـنْ أنـتَ.”
“ربّما اعتبرتني شيئًا لا يستحقّ التذكر و نسيتني. أنا مجرّد نوع من هذا الوجود بالنّسبة لها.”
“يورغن، هل تتذكر اليوم الذي تلقيتَ فيه حماية فيوس؟”
“…أتذكره.”
كيف يمكن أن ينسى ذلكَ اليوم؟ كان اليوم الذي قلب حياته رأسًا على عقب. تعمقت عيناه الذهبيتان وهو يتذكر الماضي.
[“جئتُ لأرى طفلًا متسخًا حصل على تنبؤ، و يا لها من مفاجأة.”]
[“…مَـنْ أنـتَ؟”]
[“يا لك مَـنْ صغير قليل الأدب. ألا تعرف كيف تحترم مَـنْ هم أكبر منك؟”]
حتى عندما أُخذ بيد رجل غريب ظهر فجأةً وغُسل في الحمام، لم يدرك يورغن أنه الإمبراطور. لكن حتى لو عرف، لم يكن ذلكَ ليغير شيئًا.
[“يا لكَ من فتى لا يخاف! ألا تخافني؟ أنا إمبراطور كارتيس!”]
[“وماذا سيحدث إذا تصرفتُ بوقاحة؟ هل ستموت؟”]
[“عند النظر إليكَ مجددًا، لستَ فقط بلا خوف، بل مجنون. الآن أفهم لماذا تلقيتَ تنبؤ فيوس.”]
بعد ذلك، خضعَ يورغن لطقس التطهير في المعبد و تلقى حماية فيوس.
لم يعرف ماذا أراد حاكم الجنون منه، لكنه كان متأكدًا من أنه كان معجبًا بـه جدًا.
“لابد أن فيوس أحـبّ جنونك. بفضل ذلك، حصلتَ على حمايته و أصبحتَ مستخدم قوة و وصلتَ إلى مكانتكَ الحالية. أليس هذا ساخرًا؟ جنونـكَ هذا زرعته فانيسا لوينغرين.”
“…..”
“لو لم تلتقِ بالأميرة، ولو لم تتخلَ عنكَ، لما كنتَ موجودًا اليوم.”
“…ما الذي تحاول قوله؟”
كان صوت يورغن يغلي، و عيناه تتوهجان كالشمس، كما لو كان تنينًا غاضبًا تـمّ لمس نقطة ضعفه.
تنهّـد فيراتير بهدوء و سأل بنفس النبرة:
“ألا تعتقد أنه من الأفضل أن تكون صادقًا؟”
“صادقًا بشأنِ ماذا؟”
“ألستَ تواجه تناقضًا بالفعل؟ إذا كنتَ تريد الانتقام من الأميرة حقًا، كان يجب أن تقتلها يوم غزوتَ تيريفرون و دمّرتها. لم يكن عليـكَ إحضارها حيّـة.”
“اعتقدتُ أن قتلها بسهولة ليس انتقامًا.”
“إذن، لماذا لم تجعلها عبدة و تعذّبهـا؟ أنـتَ الذي رفضتَ كل عروض الزواج لأنها مزعجة، الآن تريد الزواج من الأميرة؟ يورغن، بصراحة—”
“توقّف هنا. الزواج ليس القضية المهمة الآن.”
كانت وقاحته في مقاطعة الإمبراطور هي نفسها منذُ طفولته حتى الآن.
أدار فيراتير عينيه بضجر و تنهّـد مرّةً أخرى.
حسنًا، افعل ما يحلو لك. لكن لا يمكنكَ إخفاء الحقيقة إلى الأبد.
“هل قررتَ عدم معاقبة مبعوث ملك لوينغرين في النهاية؟”
عندما أظهر فيراتير استسلامه، غيّـر يورغن الموضوع كما لو كان ينتظر ذلك. المبعوث الذي أحضره إلى العاصمة كان محبوسًا الآن في زنزانة تحت الأرض في القصر الإمبراطوري. قرار مصيره كان يعود بالكامل إلى الإمبراطور.
“جاء ديكلان و توسّل. قال إنه ‘شخص خفيف الفم و قصير التفكير، لكنه لم يقصد إهانة الإمبراطورية أو جلالتك’…”
“…..”
“كسيد هذا المبعوث، طلبَ معاقبته بنفسه، فوافقتُ. ديكلان طماع و شرير، لكنه لا يملك الجرأة لكي يتحدّاني. لا حاجة للقلق بشأن كل قضية صغيرة.”
كان ملل السنوات الذي عاشه لقرنين يتجلى في تعبيراته و حركاته.
أجابَ يورغن بنبرة هادئة “حسنًا”، ثم طرح موضوعًا أكثر أهمية:
“لقد تأكّدتُ من بقاء أرنو تيريفرون، أمير تيريفرون، على قيدِ الحياة. لكنه مختفٍ الآن.”
“…ماذا؟”
عدّل فيراتير، الذي كان يقف بتكاسل، وقفته، و سأل بدهشة:
“ألم تقل أنّـكَ قتلتَ كل أفراد عائلة تيريفرون الملكية؟”
“هكذا كنت اظن، لكن يبدو أنه هربَ باستخدام السّحر المحظور.”
“السّحر المحظور؟”
“وفقًا لفانيسا، من المحتمل أن يكون نوعًا يغيّـر الوجوه.”
“…آه… بالتأكيد، كانت عائلة تيريفرون الملكية مقربة من السّحر منذُ زمن طويل، و كثيرًا ما استخدموا السحر المحظور.”
على الرّغمِ من أن استخدام السحر المحظور كان مشكلة واضحة، إلا أن هذا لم يكن السبب الذي دفع فيراتير لتدمير تيريفرون.
ملك طاغية، نبلاء فاسدون، شعب يعاني و يُستغل، مشاكل داخلية و خارجية صاخبة، و مؤشرات حرب.
كان البلد يتعفن.
على الرّغمِ من أن تيريفرون كانت تُعتبر دولة غنية، إلا أن النبلاء الفاسدين فقط هم مَـنْ كانوا يجنون الفوائد.
إذا كان الداخل متعفنًا ولا أمل في إصلاحه، فيجب استئصاله. لذلك، أرسل جلاد الإمبراطور الأفضل لتدميره..
[“هل زرعتَ نبات الجيرانيوم، يورغن؟”]
[“…لستُ مهتمًا بالبستنة.”]
[“بالطبع. دعني أشرح. نبات الجيرانيوم، إذا كان الماء أو الشمس قليلًا جدًا أو كثيرًا، تتحول أوراقه إلى اللون الأصفر و تتعفّـن واحدة تلو الأخرى. يجب قطع الأوراق التالفة. هذا ما كنتُ أفعله طوال مئتي عام.”]
كان يؤمن أنه هذه هي العدالة الوحيدة، متبجحًا بكونه الإمبراطور.
لكن لم يكن هناك مَنٔ يجرؤ على معارضته.
لم تكن هناك طريقة لقتل رجل لا يؤثر فيه السم أو الخناجر.
حتى لو قُطع رأسه أو انتُزع قلبه، لن يموت فيراتير بارباروك.
و علاوةً على ذلك، كان يحمل حماية حاكم الشمس… فمَـنْ يجرؤ على إيذائه؟
لذلك، كانوا يتمنّون فقط. ألا يجن هذا الرجل.
لأن عالمًا تحت حكم إمبراطور مجنون لا يمكن لأحد مواجهته سيكون مرعبًا حقًا.
“نحن نطارد أرنو تيريفرون. …لكنه اختفى بمهارة، لذا لن يكون الأمر سهلاً.”
“اختفى بمهارة؟ كيف؟”
“ذلك…”
أضاف يورغن تفاصيل عن الساحرة ساسكيا، التي أقسمت بالولاء لعائلة تيريفرون.
بعد الاستماع للقصة، فرك فيراتير ذقنه بمظهر محير وقال:
“همم، هذا مثير للاهتمام… كان هناك شيء مريب بالفعل…”
“شيء مريب؟”
“تلقيتُ تقريرًا هذا الصباح. اختفى رأس ليروي تيريفرون، الذي كان معلقًا على بوابة العاصمة ليبينيو.”
تجمّـد يورغن للحظة، ثم بدأ جبينه يتجعّد تدريجيًا.
بعد لحظة، سأل بنبرة حائرة:
“مَـنْ سيأخذ رأس ذلكَ الطاغية؟ لا قيمة له.”
“بالضبط. إنّـه أمر غريب، أليس كذلك؟ كنتُ أفكر أن الأمر غريب جدًا… و بعد سماعي عن تلك الساحرة ساسكيا…”
وميض حادّ برزَ في عينيه الفضيتين، اللتين كانتا تبدوان هادئتين كالربيع و لكن مملتين.
“…بدأتُ أشـكّ. هل تستخدم هذه الساحرة رأس ليروي تيريفرون الميت للتخطيط لشيء ما؟”
* * *
انتشر خبر تلقي فانيسا للحماية عبر الكاهن الأعظم إلى الإمبراطور و يورغن، ومن يورغن إلى أتباع دريك.
كان الإمبراطور أكثر من قـدّم تهنئة هادئة.
ظهور شخص محمي بحماية جديدة لم يكن يبدو حدثًا خاصًا لهذا الشخص الذي عاش أكثر من قرنين، بل بدا متململًا.
أما يورغن، فلم يقدّم حتى تهنئة.
على الرّغمِ من أنه ليس بدرجة الإمبراطور، بدا أنه لا يعير تلقّـي فانيسا للحماية أهمية كبيرة. لم تتحمل فانيسا حتى هذه اللامبالاة منه.
ومع ذلك، تلقت تهانيَ لائقة من أتباع دريك. كان الكثيرون متفاجئين.
خاصّة غارسيا. كان ذلكَ الرجل المزعج يبالغ في رد فعله، غير مصدق، مما أثار أعصاب فانيسا بشدة.
كلما رأت غارسيا، شعرت برغبة في ضربه على رأسه، ليس لأنها عنيفة، بل لأن أي شخص يتعامل مع غارسيا سيفهم هذا الشعور.
“إذن، لم تستخدمي القوة بعد، أليس كذلك؟”
“هذا صحيح.”
على أي حال، كونها محمية بحماية من الحاكم كان شيئًا كبيرًا، و منذُ عودتها من البانثيون أمس، كانت تتعرض لوابل من الأسئلة و الاهتمام.
تغيرت نظرات أتباع دريك إليها تمامًا.
حتى أولئك الذين كانوا يظهرون نفورًا بدأوا ينظرون إليها بعيون مليئة بالـودّ و الإحترام.
“إذن… ماذا لو جربتِ استخدامها؟ نحن فضوليون جدًا بشأن قوة حاكمة الحياة.”
“نعم، إذا كان ذلكَ لن يرهق سمو الأميرة، فقط مرة واحدة…”
كانت النّظرات المتلألئة الموجهة إليها ثقيلة جدًا.
عبست فانيسا، و مضـت ببطء، ثم تنهدت و استجابت لتوقعاتهم:
“حسنًا. أنا أيضًا كنـتُ أشعر بالفضول.”
فور قولها ذلك، انفجرت هتافات بين الحشد المحيط بها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات